الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حرب السلطة

تاريخ النشر : 2023-05-28
حرب السلطة

د. الطيب النقر

حرب السلطة

بقلم: د. الطيب النقر

حتى نخرج من التعميمات المبسطة، والاختزال المعتسف، لهذه الهيجاء التي لم تأتي مصادفة، تلك الكريهة التي تبيح طائفة من المحظورات التي يمتعض منها الدين، وتأباها الفطرة السليمة، وتنكرها الأخلاق، وتتحرج منها المؤسسة العسكرية، التي أجبرتها مليشيات البطش، والخطف، والاغتصاب، لخوض غمار هذه الحرب، حماية للدولة، وصوناً لها من مخاطر التشرذم والضياع، ورغم أن القوة هي أخص ما تحرص المؤسسات العسكرية على أن تمتاز به من المظاهر، إلاّ أن هذه المؤسسة التي لم تؤثر عليها المداورة والالتواء، ما زالت تؤثر القصد والاعتدال في اظهار هذه القوة، رغم سماجة المليشيا التمردة وكيدها، هذه المليشيا التي ساء حالها، واضطرب أمرها، وأوشكت البلبلة أن تفسدها، لم تكن تعيش على نحو متبعثر متناثر قياساً على ما نعرفه عنها اليوم، فمن الحق أن نسأل أنفسنا لماذا تقصتد قواتنا المسلحة في اظهار قوتها، ولماذا تمضي مسيرة معاركها مع مليشيا الدعم السريع التي أوهت المروءة، وأخلقت أديمها، وطمرت الحياء وعفت آثاره في سوداننا بأفعالها المخزية، لماذا يحملنا الجيش على ما نكره؟ ويسوسنا يما لا نحب؟ ولماذا تمضي وتيره هذه الحروب في بطء بطئ، وثقل ثقيل؟ لماذا لا يجهز جيشنا على طغمة السوء هذه ويريحنا من كل هذا العناء؟

إن جيشنا صاحب الذكر الجميل المأثور، والثواب الجزيل الموفور، له مجد لا تهتدي الأيام إلى فسخه، ولا ترتقي الليالي إلى نسخه، حتماً نحن نروم أن يمحق جيشنا المليشيا المتمردة محقاً، ويمحو الأوباش محواً، وأن ينكل ما استطاع إلى التنكيل بها سبيلاً، وألا يؤثر هذه الهدنات بالعناية أو الرعاية،  فالشئ الذي يجب أن يحتفظ به جيشنا ويمضي فيه هو وأد هذه المليشيا، فما نعرفه ونستطيع أن نستنتجه بالظن، والحدس، والتجربة، أن أي هدنة تفرضها تلك الدول التي اشتهرت بولعها الشديد بمصانعة الغرب ومواددته، والحرص على أن تحتفظ بتقاليدها الراسخة التي تفضي في مجملها حول تأثيل مكانتها، فيسوء مثل هذه الدول أن يلحق باسمها وريادتها اهتضام، أو أن تنال أبهتها ومظاهر فخامتها نقص أو اخترام، كما أن بعض نخبها وحكامها يسعى جاهداً أن يخفي مظاهر الصحوة في السودان، لأجل ذلك فهو حريص ألاّ تظهر تقاطيع هذه الصحوة إلا ضئيلة غائرة خليقة ألا ترى،  لا يريد هذا الشيطان أن نكون أحرارا في بلادنا، يريد هذا المسكين أن يرسم لنا قوام نظامنا الديمقراطي، رغم أن الديمقراطية ليس لها صدى في دولته التي لا تفكر في مدلول هذه الكلمة، أو تلتفت إليها، لنفاذ شمولية الفرد واستبداده، إن الصورة التي صنعها هذا الشيطان باتقان، وحرفية عالية، هي مشاهد هذه الحرب التي تدور رحاها الآن في سوداننا المنكوب، والذي طمحت فيه ثلة طالما اعترض الشجى في حلوقها، والقذى في عيونها، إلى الحكم، وحتى ينتبه الساهي، ويتذكر اللاهي، ويتعظ المسرف، نسوق حديثنا هذا إلى فئات ستلاقي عباراته بشئ غير قليل من الانكار له، والازورار عنه، لا لشئ إلا لأنها تبغض الحركة الإسلامية التي لم يبقى لها رأي ولا مشهد، وترى أنها من ابتدأت المنازعة، وتخطتها إلى المنازلة، وأنها هي من أجهضت الحكم المدني، وأهدت شعبها على مدار الأربعة أعوام المنصرمة القهر والفقر والفاقة والجهل والمرض، ولم تكتفي هذه الجماعات التي شملها الفتور، وأخذ يشيع فيها الفناء بكل هذه التهم الجزاف، بل نسبت هذا الجيش العظيم برمته إلى الحركة الإسلامية، هذا الجيش الصامد على عرك الشدائد، والذي تحمل الميسور وغير الميسور من الجهد والتضحية في سبيل حمياتهم من العاديات، في مخيلة هذه الفئات أن الحركة الإسلامية وجيشها اللجب هم من أشعلوا أوار هذه الهيجاء، وأن مليشيا الخزي والعار التي تضيف لها محاسن تزعم أنها لا تتوفر في غيرها، وجدت نفسها مضطرة للدفاع عن وجودها وبقاء جرثومتها، وأن الجيش و”الكيزان” لم يحاربوا قوات” الدعم السريع” إلا لأنها ألحت واشتدت في الالحاح باقامة صروح الحكم المدني الذي يعيد الجيش إلى ثكناته، إذن هذه الناجمة تعتقد أن مليشيا “آل دقلو” إذا نجحت في مسعاها، وهزمت الجيش وحيدته، أنها ستمضي حتماً في تنفيذ بنود الحكم المدني دون تردد ولا إبطاء، وأن هذه القوات البربرية الهوجاء  التي رمت دارفور بنصالها المتصلة، وسهامها المتتابعة حتى أفنتها، هي من سترسي دعائم الحكم العادل الخالي من شوائب الظلم والطغيان، نقول لهذه الجماعات الحالمة أن طموح “الفريق أول خلاء حميدتي” هو ورهطه تخللته مقاومة ومعارضة مجتمعية سعت دول محور الشر مع طغام الأمم المتحدة، ويعاونهم زعيم تلك الدولة الخليجية التي نقدر شعبها ونحترمه ونغالي في بغض شيطانها منخوب الفكر، فهو من أثار الشهوات، ودفع الأهواء إلى الجموح، كما أنه هو وإخوته من سعوا لتذليل مناهضة شعبنا لتوغل آل دقلو بتطوير تحالف مع أقزام قحت  الذين أظهروا في سيرتهم وأحاديثهم من خروج على الثوابت ما جعلهم محل بغض السودانيون واستيائهم.

إن الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن قروم “قحت” الذين يؤثرون لذة العمالة على كل شي، هم من زينوا بحبوحة الحكم للمأفون “حميدتي” وأن الحكم في متناول يده، ما عليه إلاّ يبسطها ليأخذه متى شاء وكيف شاء، والمخبول “حميدتي” صدق كل ترهات “أوغاد قحت” وخطرفتهم، وأنه حينها سيضم أرضاً إلى أرضه، ومالاً إلى ماله، وأنه أيضاً سيرد الكيزان فقراء بعد غنى، وأشقياء بعد سعادة، ولم يسئ “حميدتي” الظن بنفسه حينما صدق أضاليل “ياسر عرمان”، ولم يطيل التفكير أو يقلب الرأي في مزاعم “غراب البين” فليس للرجل حصاة أو أداة للفهم، كما أنه كان مأخوذا بفكرة الحكم التي أوردته الآن المهالك.

نعود الآن بعد هذا الاستطراد لأسئلتنا التي طرحناها، لماذا لا تستخدم قواتنا الباسلة القوة المفرطة التي تكفل طي ملف “الدعامة” وتجعل عكارتهم أثراً بعد عين، لأنها ببساطة تخشى عاقبة هذه القوة على أفراد شعبها، ولأنها تسعى لتضييق الخناق على هذه المليشيا التي تحدث نفسها الآن بالانصراف عن هذا القبر التي وضعت نفسها فيه، إن الظفر الذي يبتغيه “جرذان حميدتي” هو أن يفلتوا من العين اللصيقة التي ترقب تحركاتهم وترصد كل سكناتهم، قبل أن تحيلهم فوهات بنادقها إلى مصارع الردى، كما أن تكتيكات الحرب وخططها تقتصي الصبر والأناة، نحن نعرف حنكة هذا الجيش، ونعجب بدرايته ودهائه أشد الاعجاب، ونرى في مسيرته وعزمه فخراَ وأي فخر، وامتيازاً وأي امتياز.

بقي أن نقول أن هذه الصور الدامية ستتلاشى، والأصوات المزعجة ستختفي، والأطياف المروعة ستتداعى، وستبقى تلك الأسئلة التي ما زالت تؤرق مضجعنا، من الذي مكّن “لحميدتي” حتى يمتد ويستطيل؟ ومن الذي أخفق في أن يريه ما يروعه؟ وأن يسمعه ما يخيفه؟ ويحذره من عواقب تحدي القوات المسلحة السودانية التي كانت تنظر إليه هو وجيشه في حب، وتنتظر اندماجهم في مكوناتها في أمل، بعد أن منحته من التأييد ما يجعله يمضي في سبيل تحقيق العزة والكرامة والأمن لهذا الوطن الكبير العاتي، ولكنه كعادته تمرد وخان فالخيانة طبعاً مؤثلاً في شخصه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف