الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تجليات العتعت والفالوجة

تاريخ النشر : 2023-04-17
قصة قصيرة: تجليات العتعت والفالوجة

بقلم: د. فـــرج الجطيلاوي


ما يقع فيما بعد ربما يكون برهانا على صحة تجليات ما سبق
(1 )
عندما كانت النخب المدجنة تفضي باسرار الدولة في الحدائق الخلفية لمقرات هيئة الأمن الخارجي في مكانه وموقعه المعروف وقتئذ بالقرب من المنطقة المعروفة"بالمشتل".في طرابلس بينما سفيرإمبراطورية الشر يصول ويجول في ربوعها ويستجوب أشجار حديقتها بصحبة رئيس تلك الهيئة التي كنا نعتقد إنها الحصن المنيع في الجغراسيا الليبية.
كانت الخيمة في "العتعت" المثبتتة ألأطناب والركائزلآ تأبه حتى بفحيح ألأفاعي التي تحاول بين الفينة وألأخرى الولوج من تحت ستائرها الزاهية . وكان سيد الخيمة"الوضاح" يسافر بافكاره وذاكرته هناك متفقدا وسابرا كل عذابات شعوب المعمورة . غير أن ألتوجه الحميم نحو المدينة الريفية البعيدة الرابضة على احد فروع الرافدين وشقيقاتها هيمنت في هذه ألأونة على كل مشاعره. المدينة التي تستلقي على شاطيء الفرات منذ ألأزل تطل كل معالمها أوتتسلل كما يتسلل الماء في الترع أو الدم في العروق . توغلت كل تضاريس تربتها الخصبة المتفلجة وتدلت عراجين رطبها دفعة واحدة في ذاكرة الرجل "الوضاح" . الحضور الثابت لكل شوارعها تمتد متجاورة مع المجرى الفسيح لوادي العتعت . يبتهج الوضاح بهذه التوءمة التي ليس لها مثيل. هاهو نهر الفرات يمد مياهه إل الوادي الذي يلقبه المغرضون حاملو رايات ألأطماع والضغائين بوادي"قرارة جهنم " أندهش مغبوطا الرجل من هذا التلاقي برغم المسافات الشرسة والشاسعة التي تحاول ان تكتسح جسور ألملاذات ألأمنة بينه وبين رجال أقتحموا ستائر الخيمة العريقة.تتعالى اصواتهم وقد سيطرت على فضاء الليل : ياوضاح ...ياوضاح : "الفالوجة تستغيث ". وجد الرجل نفسه وسط كوكبة من الفرسان وقد أمتشقوا سيوفا مخضبة بدماء بعد معركة كانت تبدو طاحنة . لتنطلق صيحات مرددة: ياوضاح : "العتعت ستهاجمه الطائرات ألأباتشي" . كما لا حقت زمرة من الكلا ب البرية الرجال المندفعين لحمايته . تصدى الرجال لهذه الزمرة فولت ألأدبار. عندما هدأت نفوس الرجال ذوي القامات الشامخة . تحلقوا حول الوضاح . هدأ من روعهم . طمانهم إنه بخير. علت الوجوه تحت أضواء الخيمة الثابتة مظاهر ألإبتهاج استقبلهم مبتسما بزهو . صافحهم واحدا واحدا وهو يتطلع إلى ماسوف يفصحون عنه وما هي دوافع مغامرتهم في هذا الليل لتحط خيولهم المسرجة هنا بهذا الوادي الذي يكتنفه الحذر وتتجسس عليه دوائر ألإستكبار العالمي . رددا ضاحكا: الحمد لله على سلامتكم كيف حال الرافدين بعد أن شحت المياه في قنواتها. ؟ . كيف أخترقتم الحصار الذي طوق كل الجغرافيا من طنجة إلى جاكارتا ؟ أجاب رجل منهم وقد كان يتفحص ملامح الوضاح وتكاد نظراته تخترق أحاسيسه ." الوادي" يا أخي الوضاح لا تحاصره إلا النفوس المحشوة بالحقد التي تحيط بك. استلته هذه العبارة من خضم عالمه كما يستل النائم من نوم عميق وهو مشدوها باسئلة التاريخ والحدود وقد أنطلق كالذي يبحث عن شكوك يحاول إجتثاتها من اعماقه ليجد الفرسان خيالات ضاعت في الظلمة. ولم تفارقه سطور أخذ يرددها في سره لكي لا يتسنى للحراس أن يلتقطوها" إذا الفلوجة وليست بغداد هي التي كانت تنغص علي فضاءات ذاكرتي المترعة بكل تفاصيل التاريخ من جلجامش مرورا بالمغول ونكبات ألأمة المتوالية وحربي الخليج وصولا للنفط مقابل الغذاء.كيف تجرأ هؤلاء الأشاوس على جسرالهوة بين العتعت والفالوجة.وأردف محدثا نفسه :وإن قلبي والله يعتصره حزن "دماء كربلاء ،وصمت قباب النجف، "وضريح جدي الكاظم ؟ ثم لماذا الفالوجة؟وليس بغداد؟ أه يالله.
(2)
لم تفارق ذهنه صيحات الفرسان "الفالوجة تستغيث" والعتعت ستاهجمه الطائرات ألأباتشي ". التفاصيل التي عاشها حلما أوواقعا إفتراضيا الليلة الماضية قوضت كل مساحات ذاكرته . تجولت في مخيلته اسئلة يدرك ألإجابة عليها جيدا لكنه يبتغي الجموع القريبة أن تنصت إليه وهو يرويها في خطب أو حلقة نقاش. أوهل يحدث بها الحراس أم الحراص. غير أنه خشي ان يتهم بتهمة كشف الحجب.أستقر به المقام إلى ألإستغفارمن الله رب العالمين".لم يفصح لأحد بهذا الحلم أوالصحو القادم من عالم الغيب .
طفحت ألأمنيات في عقله وذاكرته . بل في كل حواسه .تمنى أن يجد قوة خفية تنقله من هذا الوادي ليلحق بهؤلاء الفرسان الذين أختفوا على نحو اسطوري منه ولم يشف قلبه ويسألهم عن سر ركوبهم المخاطر من الفالوجة ليحلوا عنده ضيوفا معبأة أحاديثهم ونظراتهم بالعتاب في خيمة بوادي يسمى "العتعت". الوادي الذي كان نسيا منسيا بالرغم من انه يمتد من مغرب الشمس ليحتضن مدينة سرت المدينة التي تحيا بين وضوح الصحراء وغموض البحر ألأبيض المتوسط.

(3)
ظل يحاصره التوجس حتى بعد أن صلى صلاة الصبح وخيالات الزوار الذين يعرفهم ويعرفونه د ون سابق لقاء ولم تكن هناك ترتيبات .ترك لعقله الباطن الخوض كما تخوض ألأمواج في خضم البحر.عندما أشرقت على العتعت الشمس وتحلق حوله الحراس وبغض من ورجالات الحرص كاد أن يحدثهم عن الفرسان الذين ترجلوا عن خيولهم كما كان يفعل الفاتحون عند إستطلاعهم على مكانات قبل دخولها بالجيوش الفاتحة. غير أنه أندفع مارقا من الخيمة على نحو مفاجيء ولم يتناول طعام إفطاره. ركب السيارة التي أنطلقت تجوب دروب الوادي وكأنه يبحث في سرت وأديتها عن القواسم المشتركة المطابقة للفالوجة ونهرها الرقراق حتى بان عليه البحر ألأبيض . عندما توقفت السيارة لم يأبه للحراس الذين يلاحقونه. ترجل وغاصت رجلاه في الرمال التي ظللت بعضا من كثبانها شجيرات الطلح والرتم وعلى مبعدة من شاطيء البحر وفي تلك ألأثناء تسللت فجأة أفعى رقطاء متجهة نحوه . تقدم الحراس لقطع رأسها . منعهم . وهو يبتسم رابط الجأش: اتركوها وشأنها. تذكر قول الرجل" الوادي يا أخي الوضاح لا تحاصره إلا النفوس المحشوة بالحقد التي تحيط بك". لم يأبه لهذا الهاجس وتظاهر بالنظر بعيدا نحو زرقة البحر وأسرع الخطى متجها صوب ذلك العالم ألأزرق ولم تفارق مخيلته تدفقات نهر الفرات الذي تحاوره الفالوجة وهو يتصفح وجوه الفرسان الفالوجيين المترعة بالقلق والترقب، وأصبح يتسأل مالذي زج بهؤلاء ويتكبدوا المعاناة ويطلقون عبارت تحذير ملحاحة فيها الكثير من الغموض والغوص في ألأسرار .
(4)
عندما غربت الشمس وسمحت للمساء أن يتخلل شفقها الغارب وبدأ الليل يخيم على وادي العتعت كان على موعد مسبق مع وفود يستقلبهم في رحاب الخيمة . تمنى أن تؤجل هذه المواعيد لولا حرصه على الوفاء. لعله يحظى بأستقبال أولائك الرجال المفعمة أحاديثهم بالوجل والتوجس وقد عانقهم وتحسس صدق نواياهم رغم إنه لم يسبر أغوار نفوسهم . لقد تركوا غصة في ذاكرته وأمطروه بوابل من الريب .لاسيما أن الوفود الرسمية والشعبية لم يتوقف زخمها حتى منتصف الليل. مما زاد في معاناته كان ينتظر فض هذه الجمهرة من الزوار. غادرت الوفود الوادي، وسمحت لإشارت ألإنعطاف في عقله الباطن أن تركن إلى غفوة بعد صلاة الفجر والسجود الطويل .هاهي الفالوجة بنخلها وحاراتها وشوارعها تكتسح هذه المرة بحرائقها لا بزهوفراتها عالم ذاكرته. هذه المرة ليس كما عهدها في الليلة البارحة . المدينة تتعرض لقصف مركز من كل ألإتجاهات والإنفجارات . شاهد عددا من الفرسان الذين التقاهم في الليلة البارحة يقتادون للسجون والمشانق. وتعالت ألأصوات المستغيثة وسيطر على ألأجواء صخب ألأباتشي. انتشلته الذاكرة من ألإغفاءة بين حلم الرؤية وحلم اليقظة وهو يهم بقطع رأس تلك ألأفعى التي هاجمته في الصباح السابق لكنه لم يتمكن إذ أنها مرقت مختفية هذه المرة وسط أشجار"المشتل" وليس وسط كثبان رمال "العتعت". مثلما أختفى الفرسان الفالوجين في ظلمة الليلة البارحة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف