الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية "نساء في الجحيم"

تاريخ النشر : 2023-02-12
رواية "نساء في الجحيم" للكاتبة عائشة بنور

بقلم: السيد الهبيان

من خلال إبداعات الكاتبة الجزائرية "عائشة بنور".. قدمت روايتها "نساء فى الجحيم".. أهدتها "إلى الذين عطروا الأرض بدمائهم فى الجزائر وفلسطين "دلال المغربى،مريم بوعتورة،غسان كنفانى،شادية أبو غزالة،ناجى العلى"..،وكل شهداء الحرية..وما كتبه الشاعر"محمود درويش" فى رثاء "غسان كنفانى"،،الذى أنهاه"ياصديقى غسان لم تتناول طعام الغداء الأخير، ولم تعتذر عن تأخرك،تناولت سماعةالتليفون لألعنك كالمعتاد،،الساعة الثانية ولم تصل،كف عن هذه العادة السيئة. ولكنهم قالو لى:قد انفجر"،،وقول "غسان كنفانى":"إن الشىء الوحيد الذى اردته فى حياتى لا أستطيع الحصول عليه، لقد تبين لى أن حياتى جميعها كانت سلسلة من الرفض"،،وقدمت من خلالها مااستخلصته من معارك المقاومتين الجزائرية والفللسطينة..فى مزج تداخلت فيه الأحداث والبطولات..التى بدت فيهما بتنوع .. جسد مأساة الشعبين الجزائرى والفلسطينى....معتمدة على النهج الواقعى للأحداث ..التى احتلت مساحات مضيئة من صفحات التاريخ المعاصر ..بدا فيها استمرأر الاحتلال الفرنسى للجزائر طوال قرن كامل ..واكثر من ثلاثة عقود..بحسبان أن بدايته كانت فى 5 يوليو سنة 1830 ..وانتهى فى 5 يوليو سنة 1962.. تاريخ استقلال الجزائر ..بينما بداية الاحتلال الاسرائيلى لفلسطين ..كان بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى..قبل اعلانه من خلال وعد "بولفر"فى 2/11/1017الذى نص على إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين..وقامت الثورة الفلسطينية ضد الحركة الصهيونية..وخلالها صدر قرار الأمم المتحدة فى 15/5/1948 بدعم امريكى وبريطانى..بتقسيم دولة فلسطين الى دولتين ــ يهودية وعربية ومن ثم تم اعلان دولة اسرائيل.

بدأت مسيرة "عائشة بنور"الأدبية "عضو رابطة إبداع الثقافية"،،فى نهاية الثمانينات من القرن الماضى..وهى فى العشرين من عمرها،،بحسبان أنها من مواليد الجزائر 1970 ودرست بجامعة "بزريعة"الجزائرية " علم النفس" ،،وتنسب رواية "نساء فى الجحيم إلى إبداعاتها الأدبية،، التى تنوعت بين الرواية ،،"السوط والصدى"،،"اعترافات امرأة" التى نالت جئزة الاستحقاق الأدبية فى مسابقة "ناجى نعمان" الأدبية فى لبنان..عن روايتها "سقوط فارس الأحلام"ز..وفى القصة القصيرة قدمتين مجموعتين هما"الموؤدة تسأل"و"مخالب"،،والدراسات الأدبية حول"نساء يتنقن الإسلام"و"قراءات سيكلوجية فى روايات وقصص عربية"و دراسات حول قضايا المرأة والطفل ..بالإضافة إلى ممارستها الكتابة الصحفية و مشاركتها فى العيد من الملتقيات الأدبية،،ونالت العديد من الجوائز العربية والأجنبية،،وتم تكريكمها من قبل"بلدية بئر التوتة"و"الصالون الدولى للكتاب".

ومن خلال عدة محاورات أجريت معها..عن روايتها "نساء فى الجحيم"..أبدت "عائشة بنور" أنها تسعى إلى الارتقاء بالنص الأدبى،،وحاولت من خلال روايتها ـــ نساء فى الجحيم ـــ "تجسيد واقع المرأة العربية والفلسطسنية التى تعانى من واقع مؤلم وفظيع،،وهى تئن تحت وطأة ةالحروب والشتات والتهجير،،وتعانى من التشرد والجوع"،،وأنها" محاولة منها لإيصال صوتها المبحوح الذى الذى يرفض هذا الدمار الكاسح للمدن ولذاتها ولأبنائها ولموروثها الثقافى"..ووصفتها "بشلال متدفق من الشجون والذكريات على الوجع العربى"،،وصورة الشخصية القتالية المناضلة المقاومة للاضطهاد والقمع".. تماثلت لها من خلال ذاكرتها المشروخة..والتى ارتعدت فرائضها منها ..وانتابها إحساس بالمرارة..عبر أحد شوارع المدن التى زارتها..وهى تبكى فى صمت قاتل أشعرها بالفقد والضياع الموحش".

تذكرت عائلة عمها "العكاوى" التى تعددت هجرتها من بلد إلى بلد..إلى أن حطت الرحال بدمشق..وتساءلت حينها عما فعله "غسان" بها..هل عرفها بكل مافيها..ونسى الضيعة ومن فيها..وصار يتجول بين معالمها الأثرية..وماذا تفعل عائلة "سى الأشرف" بعد مادفنت أباها وتركت قبره فى الضيعة ..ولا تعلم أن الجرافة رمت برفاته تحت حفر المستوطنات الجديدة..هل عاد "ناجى" إلى بيته وترك مخيم"عين الحلوة"فى لبنان..أم مازال يبحث عن وطنه الذى اعتقله الاحتلال وهو لم يتجاوز عشر سنين..وهل مازال يذكرها وراء القضبان..هى لم تنس رسوماته الكاريكاتورية على جدران بيتها..ولم تنس قريبة أمها"غادة"العاشقة الجريحة..وأصدقاء الطفولة "يافا ورولا ونابلس بنت جدها اليعقوبى وأندريا اليهودى وكلبها تيو وارضها وجراحها وذراع أمها المقطوعة"..وتذكرت قول جدهااليعقوبى الذى لم تفهم قصده"ألأرواح تسكن الأمكنة ياصغيرتى "أيلول".
هكذا جمعت الكاتبة فى البداية معظم الشخصيات التى انتقتها لتقدم روايتها من خلالها..قبل أن تقف أمام خيمتها بمخيم عين الحلوة ..لتطل على مدينتها البعيدة "عكا"حال غيابها عن الوطن بكل الألم الذى يسكنها..واسترجعت من خلال ذكرياتها عنها..ماجمعتها بهم الأقدار. واهتمت بالأشياء والتفاصيل..والتى كانت تبحث عنها فى ذاكرتها. . حال غيابها عن الوطن..فتوقفت مع ذكرياتها المؤلمة..وأشياء كثيرة بدت فيها وهى تجرها إلى الوراء..

تبدو عبر رحلة مريرة وفاجعة ..تلوذ بعدها بالصمت..وترى أنها سترمى بظلالها على حياتها القادمة..وتهتم بعصفورها الذى حبسته فى قفصها الصغير..وتثير تغريدته الصاباحية شجون الحبيس "أبى سالم"فيتوعدها بأنه سيطلق سراحه..مؤنبا لها "خلق الله الإنسان حرا"..فتقول له أمها "فدوى" .."إنها صغيرة على هذا الكلام يارجل"..فتسترق السمع وتلوذ بالصمت إلى أن يخرج..لأنها لم تكن تريد أن تفهم شيئا سوى البقاء مع عصفورها تحت شجرة الزيتون..وتركض معه فى البرارى حتى تتعب من ركضها الجامح..وحال عودتها تمر بالقرب من بيت صديقها "أندريا"..الذى ينتظرها بحبات الحلوى مع صديقاتيها "يافا"و"رولا"..وترى ذات يوم "أبا سالم"وهو يتودد إلى أبيها ليرمى له قطعة من الخبز..لكن أبقاها لاينتبه لذلك ..ومضى يراقب العصافير فى انتظار جدها "اليعقوبى" الذى يناهز عمره السادسة وثمانين عاما..ورغم ذلك لايزال يتمتع بقدراته العقلية والجسدية..بينما أبيها يعانى من أمراض العصر..كانت تركض طول النهار فى المزرعة..وكل خميس تذهب ضمن جماعات لاصطياد السمك..وتقوم أمها بتقسيمه..أما "أندريا" وصديقه"أوليفر"عاشق كرة القدم..كانا يجمعا أكياس الحلزون على شواطىء عكا.

كانت صغيرة حينذاك ولم تكن لها علاقة بالألم..جمعتها الطفولة مع "أيلول"ابنة "فدوى القاسم"و"سالم البكرى" و"أندريا"ابن "اولفيا البريطانية" ..وتشاركوا فى ألعابها حتى كبروا..ثم افترقوا بعد التهجير إلى أن التقوا فى مخيم "عين الحلوة"..وجدت "أيلول" تسكن فى الملجأ بعد قصف بيتها..ويزورها""أندريا" ليساعدها بعد أن فقدت كل عائلتها فى غارة جوية..وعرفته هى من خلالها..وذات خريف قال لها مازحا وهو فى طريق عودته ألى بيته.."أندريا أنا وأيلول هى أيلول وأنت صديقتنا "يافا" التىأثرثر معها"..ورغم أنها كانت تستمع إليه بانبهار..إلا أنها لم تستطع أن تذكره بأنه ابن"اولفيا"البريطانية..وأن أحلامه مجرد أوهام..حتى كبر الثلاثة.

كانت "أيلول" مدرستها الأولى فى مدارس اللاجئين..علمتها الحب والسلام..وحدثتها عن النضال والحب والثورة..وبطولات الثورة الجزائرية..وعن الخراب الى خلفته المعارك الطاحنة..اغتصبت براءتها وأحلامها يوم قصف بيتها..وباتت "جسد أوردته متفحمة..وانكسارت أنثى طلقت روحها الفرح"..وقالت لها "طفح الكيا يا "يافا" وهى تقبض على العلم الفلسطينى "..كانت تلعب مع أبناء الجيران..وتتلقى قبولات"أولفيا "فاتنة وقوية.. تحب الأطفال لحرمانها منهم".. ومازالت فاتنة رغم كبر سنها.وكان "بنيامين" والد "اندريا"رجل فظ.. وبعد سفرها واختفائها لسنوات .. عادت ومعه طقلا صغير ابن عامين ..ادعت أنه ابن أختها "صوفيا"..وبعد أن كبر التحق بالجيش "ليدافع عن وطنه الموعود"..لكنها كانت تحس" أنها لاتنتمى إلى عالمها الأوربى"..وتحب المجتمع الفلسطينى بطقوسه وحياته الشعبية وتعلمت اللغة العربية.

عام النكبة 1948 طردوا" مكرهين من بيوتهم وأراضيهم وخسروا وطنا إلى الأبد"..وكلما استشاطت غضبا كانت "يافا" تقول ل "أيلولط: :أنا "يافا" ابنة النكبة..وأنت "أيلول" ابنة "عكا".. و"اندريا "ابن الوطن المهزوم بداخله"..و"غسان وغادة"" ووجوه أخرى ستجمعنى أرواحهم لحظة بلحظة"..وترد عليها "أيلول" بحسرة:"النكبة حولتنا إلى لاجئين ومجانين فى مخيمات الضياع.."..حدثت فيها عشرات المذابح .."ونحولت القرى إلى مدن يهودية..وتبدلت أسماءها بأسماء عبرية..وزادت "فيروز" من هم الوطن.."لماذا نعيش مشردين فى أوطاننا..وكيف لنا العيش بلا نضال"..إننا نحمل فى داخلنا شعلة من الحب والنضال لاتفارقنا.."هكذا كان "غسان كنفانى"و "محمد بوديه" الجزائرى.. الذى يذكرنا "بعملية أولمباياد ميونخ"..و"ليلى خالد" خاطفة الطائرات..التى اتخذت من اسم "شادية أبو غزالة" اسمها الثورى.."والتى كانت تقول: "مافائدة الشهادة التى أنالها إن لم يكن هناك جدار فى بيتنا أعلقه عليه"..دنت من "دلال مغربى" فى بيت ملأته النسوة وهن يبكين أربعة شهداء ..كانت تعرف كل الوجوه الحزينة..وتعبر مع العابرين إلى الضفة الأخرى..تريد أن تمحو عار الهزيمة والانكسار..وترفض الموت وتنتظر فرحتها وهى تزف إلى عريسها وهى تحمل الراية كعربون محبة..واكتسبت ثقة عالية بالنفس من الثورة الجزائرية.. التى عرفتها من خلال كتب التاريخ والافلام..

ومن رواية " الحريق "ل "محمد ديب"..ونضال"جميلة بوحيرد"و"حسيمة بن بو على"و"جميلة بوعزة" وأخريات..ممن تم تعذبهن داخل السجون الفرنسية.. فتحولت من "امرأة مهزوزة ومكسورة..إلى امرأة صلبة مثل "جميلة بوحيرد" ..وقوية مثل "مريم بوعتورة" ..وذكية مثل "زبيدة ولد قابلية"وحازمة مثل "فضيلة سعدان"..فقد عرفت حكاية كل منهن..وما تعرضن له من تعذيب..وأخبرتها بما قاله الشاعر"نزار قبانى" فى حق كل بطلات الجزائر ..كما عرفت بطلات أخريات مثل"مريم بوعتورة"و"زهور زرارى"..التى كانت تكتب أشعار الحب والسلام والوطن فى سجن فرنسا.. وهى تحلم بجزائر الحرية..كما تحلم هى بذات الوطن فى فلسطين..وقالت لها "دلال" "لايختلف الاستيطان اليهودى فى فلسطين..عن الاستعمار الفرنسى فى الجزائر".

واختارت من ذاكرة التاريخ بطلتين..الأولى الجزائرية "مريم بوعتورة"..والثانية الفلسطينية "دلال المغربى".."مريم"عاشت بين أحضان أسرتها..وكبرت وبداخلها معاناة وآلام شعبها..هجرت عالتها مدينة"نقاوس" إلى مدينة"سطيف"الجزائرية..وسمعت من والدها عن" بطولات سكان الأوراس ..فامتدت "بداخلها جمرة اللهب ضد الاستعمار الفرنسى"..وبعد أن أنهت دراستها بتفوق..رفضت عروض الزواج..لتلتحق بالثورة وتدافع عن الوطن..كما قالت "دلال المغربى": أنا تزوجت الوطن"..قامت "مريم" بمهمة التمريض بعد تشكيل الخلية الأساسية من الطالبات.."حورية مصطفى و مليكة خرشى وفاطيمة بن سمرة"..وكانت أختها "ليلى" تزودهم بالجرائد والمناشير..وتوسع حلمها النضالى ..لكن باءت محاولاتها الاتحاق بالثوار بالفشل..إلى أن جاءها اتصال من جبهة التحرير الوطنى..بتوجيه من الطبيب"بوسديرة" ..فالتحقت بالثورة ..وكانت خطواتها "نحو الجبل تتسم بالفرح..مثل "دلال المغربى" وهى تلتحق بالثورة الفلسطينية.

خضعت "مريم" لإشراف مجموعة من الثوار..وتميزت باسمها الثورى "ياسمين"..وتدربت على جميع الأسلحة وحرب العصابات..وكان لها دورها فى انشاء المستشفيات التى لم تنج من تدمير الفرنسيين لها.. وتعمل على رفع معنويات المصابين..وصارت رائدة فى الطب العسكرى..ورفضت الذهاب إلى تونس لتبقى فى وطنها مفضلة الاستشهاد بين اخوانها المجاهدين ..ووسط أبناء شعبها فى الجزائر..واستشهدت بفعل حقنة مسمومة ..بعد أن باءت كل المحاولت معها للحصول منها على معلومات..ولفظت أنفاسها فى عمر الزهور ..ورفض قائد القوات الفرنسية تسليم جثتها..لأنها قتلت أحسن ضباطه..قائلا "لن يرى أحد جثتهاأو يعرف قبرها"..الذى مازال مجهولا كجثمان "دلال المغربى" حتى الآن..

تتذكر "أيلول" أحد أيام طفولتها ..شهد فاجعتها فى أمها وأبيها وأخيها "صابر".. بعد أن قصفت الطائرات بيتها..وتناثرت الأشلاء أمامها..وحاول جدها التخفيف عنها.."مازال جدك حيا..أنا هنا معك..لاتخافى"..لكنها استرجعت من خلال ذاكرتها ماعاشته وسط عائلتها التى فقدتها وتركتها وحيدة فى العراء..كما أن "الأوضاع فى المخيمات مؤلمة ومزرية"..وأصبحت ضمن "مشاريع اللاعودة والبحث عن وطن بديل"..تعيش مع جدها اليعقوبى التى ماتت زوجته..وبقى له "|اياد" الذى سافر إلى سورية لاستكمال دراستهه..كانوا مطمئنين عليه..لكنهم أصبحوا يخافون عليه.."من الغوص فى قاع مايسمى بالحرية..وشعارات الجهاد..وأن تجرفه آلة الموت"..بينما هى بين الجرافات..وبين سنين من الحروب والألم ونساء تندب نائحة وهى تلملم جثث أطفال يغتسلون بأنهار من الدماء..وتفتيش عن المقاومة من قبل وجوه تقبض على خيرة الشباب..ومن بينهم عمها "زكريا" الذى بقى وحيدا مع جدها اليعقوبى بعد هجرة "إياد"وسجن "ياسر"..وانهالوا عليه بالضرب رغم شيخوخته..ودفعوه داخل سيارة ولم يعرف له أثر بعدها..ولازال يعيش فى السجون الإسرائيلية منذ عشر سنوات يترقب الفجر الجديد..كما عانت حبيبة عمرها"نابلس"..من فقد أمها وأخويها وآلام والدها وجدها اليعقوبى..وقبل ترحيلها بعد شهور من القصف وقفت تبكى على اطلال العمر..ومرت عليها سنوات لم تشعل فيها شمعة الميلاد فى المخيم..ولم تعد "عكا" مدينتها.

كانت تعى منذ الطفولة مايدور حولها..من خلال حوارات أبيها مع جدها اليعقوبى..عن القضايا الوطنية..ولم تنس ذكريات الطفولة مع من أحبتهم قبل أن يرحلوا وبقيت تحمل صورهم فى ذاكرتها المشروخة..عندما كانت تعيش معهم فى "عكا" التى "سقطت كورقة خريف ذابلة..لم تنس شيئا رغم الشيب الذى غزا مفرقها..ووضعت مابقى من عمرها بين يدى وطنها..رغم انكساراتها..وابتسامتها الباهتة لتى بدت مثل الابتسامة المرسومة على شفتى "دلال المغربى"..بينما مدينتها حبلى بالقبور ..التى تدفن فيها رفات أهلها..مما جعلها تفتش عن الحقيقة فى دفاتر التاريخ..الذى تحبه وتكرهه..وعرفت مرارة الاعتقال من رسائل "ياسر"إليها..الذى كان يرى فى السجن الموت البطىء..بعد أن قضى حياته كلها فيه..كما حدثهم عن عذابات النساء الكثيرات المعتقلات داخله..ومنهن "لينا النابلسى وورسمية عودة ومريم الشخشير وراندا النابلس وايمان ابو عيشة ولطيفة ابوذراع" و اخريات عانين مرارة السجون مع أطفالهن الصغار حتى كبروا بين القضبان..ومن أنجبن صغارهن فى الزنزانات الموحشة..فتذكرت "المناضلات الجزائريات وسجن سركاجى"..الذى جعلها تتذكر المجاهدة "فاطمة خليف" التى وضعت مولودها فى السجن..وتم قطع صرة وليدها بموس حلاقة..وقد حملت به فى الجبل من زوجها..وحكم عليها بالسجن ست سنوات خفض منها سنتين بسبب ولادتها فى السجن..وعرفت من رسالة "ياسر" انه"لم يعد يقوى على الكلام..لسانه ثقيل لاطعام ولانوم وعار فى زنزانة باردة"..وتصل اليهم الرسائل مهربة..فلم تستطع أن تكمل قراءتها.

لم تشا التوغل فى التفصيلات المؤلمة..وتأثرت بشخصية "نابلس" التى أرغمتها على حب الوطن ونسيان الماضى..لكنها وجدت أن من الصعب الفصل بين الماضى والحاضر..
حدثها جدها اليعقوبى عن نكبة 48وعن التقاليد..وكل "تراكمات الزمن حملتها الجدات والأمهات"..وأن الثوار كانوا يلثمون وجوههم أثناء مقاومتهم للقوات البريطانية خشية اعتقالهم.."واستمر لبس طاقية الإخفاء او الكوفية رمزا للثورة..لكن بسبب اعتقال القوات البريطانية كل من يضع الكوفية على رأسه..أصبح الجميع ملثمين..وحدثها عن ثياب الرجال والنساء والعروس ..فى المناطق الجبلية والبادية والساحل..وشاهدت ذلك بنفسها فىحضورها عرس جارتهم..الذى كان بهيجا وحزينا لاعتقال ابن الجيران..واغتيال آخر تطاول على فرقة عسكرية..كانت تستفز المارة..وأرغم هو وأسرته على التهجير..هاربة من دير ياسين الى مخيم عين الحلوة..حتى فقدوا ارواحهم فى قصف جوى ولم يبق منها غير طفل..عاش مع مربيته التى اختفت منذ ذلك الحين.

ومضت الأيام بها حتى استوى حلمها الطفولى الذى جمع بينها وبين "أندرو" ابن الجيران الصحفى المميز وابن "أولفيا" البريطانية....الذى أحبته..ولم تهتم بنصائح اسرتها فى الابتعاد عنه..رغم انه لم يحمل بداخله هموم الوطن..ولم يشبه ابن عمها..الذى الذى ذاق كل مرارة النزوح والاغتراب..كانت تراه مسكينا لأنه يهودى..وهى فلسطينية بلا أرض..وأحبها ناسيا أن أهله اغتصبوا أرضها..وقالت له .."سجل بطاقة هوية وأننا سنعود على صفحات جريدتك..وعندما التقت به فى غفلة من الزمن..صافحها بحرارة..لكن عندما حاول أن يتودد إليها صدته بابتسامة باردة..عندماذهب لزيارتها فى مخيم عين الحلوة ليودعها..قبل أن يدخل الجيش..وبدت على ملامحه التجهم والغضب..وعرفت منه أن والده عبر عن سعادته وفخره به..لأنه سيدافع عن وطنه..وأن أمه ابتسمت كالعادة..سألته بابتسامة ماكرة عن شعوره هو.. أجابها بأنها كانت الفرحة الأولى لأبيه.."والطعنة الثانية له لدخوله الجيش ليدافع عن الوطن الموعود الذى تربى على الحلم به"..بدا لها مهموما ..لكنه عندما حاول احتضانها وتقبيلها..انسحبت فجأة عندما تذكرت ذراع أمها المقطوعة..رغم أنها تمنت أن يضمها ولو للحظة..ثم انصرفت عنه إلى المخيم وهى تلعن فى نفسها الحروب التى سرقت أحلامهما..ولم يكن أقل سخطا منها على الحروب..وحاول أن يخبرها عن حقيقته..لكنه كتم ذلك فى نفسه..وفى الصباح حزم حقيبته وتوجه إلى المعسكر دون تردد..وحاول التكيف مع حياته الجديدةدون جدوى..بسبب انقطاع أخبارها عنه..وفى أحد الاشتباكات لم يستجب للتعليمات الصادرة إليه..بإطلاق النار على المقاومين..بدت يداه مكبلتين ولم يستطع الضغط على الزناد..وشعر بالرعشة والحنين المشترك الذى يشده إليهم..وشدد الضابط العقوبة عليه..ووضعه فى زنزانة وحيدا..إلى أن يعرضه على طبيب نفسى..وستمر معه الحال عدة شهور لم يستطع فيها إطلاق النار على الفلسطينيين..وأحس بالسعادة والنشوة لما يفعله..وانتهت التحقيقات معه بخروجه من الجيش..انهارت أمه لحاله..وأبدى والده عدم الاكتراث..مرددا عليه أن عليه أن يدافع عن وطنه..حاول أن يسأل أمه عن حقيقته..عتدما طاردته مقولة أنه ليس ابن "أولفيا" و"بنيامين"..وتلاحظ له تدليل أمه له..والصراع بينه وبين أبيه..الذى كان يحدثه كثيرا عن الوطن..بينما تقف أمه حائلا بينهما..إلى أن عرف أنه"ياسين" ابن""اسحاق عبد الستار"..وأن من رأته عرفته بالشامة التى على جبينه .. وذكرته بماشاركته اللعب أيام الطفولة..ثم اختفت بين الزحام..واجتاحته ألأفكار حول ماعرفه منها..وهو يبحث عنها..ليعرف حقيقة ما قالته عنه..وعرف بعد شهور أنه سلب من أسرته التى ماتت تحت الغارات..وأخذته فرقة من الجنود الإسرائيليين..فحزم حقائب الترحال وذهب بعيدا..يبحث عن شىء يعيد إليه الطمأنينة.

فكرت "أيلول" بالسفر إلى أسبانيا ..للقاء "غادة" بنت جدها اليعقوبى ..التى ماتت أمها وهى صغيرة..لكنها تؤجله بسبب حنينها إلى "أاندريا"الذى يزداد يوما بعد يوم.. لانقطاع أخباره عنها..منذ أن وطأت قدماهالمعسكر.. من توترها وقلقها..لكن "نابلس "ابنة جدها اليعقوبى بعثت التفاؤل فى نفسها.."عند غادة قد تتغير حياتك..وسوف تلتقين ب "غسان" ابن عمى العكاوى.."فلبست آثار الألم وأعلنت الرحيل".

جمعت الصدفة بين غادة وغسان صاحب القلم المناضل. الفتى العكاوى...الذى لم يكن ""كريستوف كولمبس" مكتشف البر الأمريكى..ونسى التاريخ أن يذكر صاحبه "بنزون"..ربان البحر الشجاع..وفقا للمعلومات التى قرأتها عنه فى المدارس..وتعرض "غسان للنسيان مثله..لكنه عاد إلى الذاكرة فى "عائد إلى حيفا"..فلم تسقط ورقته من التاريخ,, رغم أنه أجبر هو وأسرته على مغادرة "عكا" وهو طفل سغيرعام 1948..واحتسب نفسه حنظلة "ناجى العلى"..الذى اخترعه ليرسم عوالم مجهولة لواقع مؤلم..إلى أن اغتيل ورحل مع من رحلوا إلى بيروت ثم صيدا تلاحقهم مجازر دير ياسين ويافا وحيفا..الى ان استقر بها المقام فى دمشق.. واعترتها الدهشة لمعرفته لشخصها..فكشف لها صديقها "ابو المظفر" ..أنه أعلمه بحضورها..ومن خلال لقائها به .. خفق قلبها..ولاحظت غضبه وقلقه كلما تذكر القضية بدت"ابتسامته الخفيفة تكشف عن إنسانية معذبة"..وذكره وجهها بطفولتها ومدينتها..وتكرر اللقاءات بينهما ..يشرب قهوته الساخنة على عجل ثم يمضى" .. وتبادلا الرسائل ..عن "الأحلام والوجع والانكسارات ولوعة الفراق"..حتى رحل عنها فى هدوء..و صمت فى رحاب التاريخ..

وخلال زيارة "ايلول" لأسبانيا..جمعت الصدفة بينها وبين "أندريا"..بعد هجرته هاربا من حقيقته المفجعة..التى كشفت عن أنه "ياسين" الطفل الفلسطينى المفقود..فاض منها دمع الحنين للذى مضى,,وتساءلت عما إذا كان أقد عرفت حقيقته..التى اكتشفتها مربيته.. من خلال رسالة كتبتها له..وأعطتها ل "نابلس" فجاء إلى أسبانيا ليبحث عنها..مما جعلها تسترجع ذكرياتهما معا..وانتظرته فى مكان كانت تترقب فيه لقائها بغسان بعد أسبوع كما قالت لها "غادة"..التى جمعتها به قصة حب..قبل أن يغيب عنها فى عام 1972 ..يوم كانت تنتظره ولم يحضر..وعندما أخبرها "ابو المظفر " بأنه قتل..نزل عليها الخبر كالصاعقة..وصمتت مذهولة عندما فتح القبر فاه واحتضنه..ثم سافرت بمخيلتها لتعيد شريط ذكرياته معه..فلم يكن بالنسبة لها كمحارب لطواحين الهواء..بل رمز أمة..جمع بين حبها ..وحب الوطن..وهذا ما جعل الكاتبة تنهى روايتها برسائل حب كتبها لها "غسان".

هذا الإيجاز لمضمون الرواية حاولت لملمته من خلال الأحداث التى عرض لها..ولم يكن ذلك بالشىء الهين..بفعل التداخل الذى بدا به.. لكننى حاولت قدر الإمكان أن أبديه متسلسلا..ليكون وقعه مقبولا حال قراءة الرواية..التى اعتمدت فيها الكتابة..على تناول أحداث عرفتها من خلآلأ اطلاعها التاريخى عليها..ولم تعاصر منه غير القليل من المقاومة الفلسطينية..بحسبان أنها من مواليد الجزائر سنة 1970 ..وبدأت مسيرتها الأبدية فى الثمانينات من القرن الماضى..وأبدت موروثها الثقافى الذى حصلت عليه من خلال قراءاتها التاريخية..وإبحارها فيها..ويبدو استكشافه جليا فى عرضها الروائى ..الذى جمعت فيه بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة الجزائرية..مع مقاومات حدثت فى دول أخرى..بإشارات سريعة إليها..ولذلك لايبدو المضمون محكما فيما عرضه من خلال فصول الرواية البالغة ثمانية عشر فصلا..بأسماءالتى "عصفورى طائر المحنا"..وتلاه "الحنين" و"النكبة"و"الحب والنضال"و"اللحظة الخرساء"و"تلال الرمال"و"الذاكرة المشروخة"و"عطر الماضى"و"بطاقة هوية"و"جمع الانتماء"و"الرحيل"و"دهشة اللقاء"و"الفتى العكاوى"و"أيلول فى مدريد"و"الرجل الظل"و"بين تلافيف الذاكرة"و"تبكى السماء"و"العمود الأخير".

وعبر تلك الفصول بدت المناضلات الفلسطينيات والجزائريات..وبعض الذين شاركهن النضال من الرجال..فمن المنضلات الفلسطينيات..سطرت ماتعرفه عن بعضهن فى روايتها..وارتأيت أن أضيف مالم تذكره وهى تتحدث عنهن..لإيضاح ماتحملنه خلال انخراطهن فى مسرة المقومة.."دلال المغربى" ابنة اسرة من "يافا".. انتقلت إلى لبنان عام 1948 عقب حرب ..لم تجد ثمة اختلاف بين الاستيطان الصهيونى لفلسطين..والاستعمار الفرنسى للجزائر.. انتقلت إلى لبنان عام عقب حرب1948 ..التحقت بالحركة الفدائية أثناء دراستها وتم تدريبها على مختلف اواع الأسلحة .. وحرب العصابات .. تميزت بجرأتها وحسها الوطنى..

شاركت فى عملية"كمال عدوان "الذى اغتيل مع "كمال ناصر"عام 1978 والتى خطط لها "أبو جهاد" بعد أن تعرضت مخيمات "لبنان" لمذابح..وكان هدفها ضرب اسرائيل فى قلب عاصمتها..وكانت "دلال المغربى"ابنة العشرين حينها ..على رأس عشرة فدائيين فلسطينيين كانوا منتسبين لفرقة "دير ساسين" قاموا بتنفيذ هذه العملية الانتحارية.. فى 11 مارس "آذار" عام 1978 ونجحوا فى عملية انزال على الشاطىء والوصول إلى شارع عام متجها الى "تل أبيب"..واستولوا على "باص"بما فيه من جنود.. وأطلقوا النار على السيارات التى تمر بالقرب من "الباص" ..وبسبب كثرة الإصابات فى صفوف الاحتلال ..قام "يهود باراك" بقيادة فرقة خاصة لقتل أو اعتقال الفدائيين..وعندما فرغت الذخيرة منهم أمر "باراك" بحصدهم بالرشات فاستشهدوا على الفور..,اوصت "دلال" التى عرفتت الثورة الجزائرية من خلال بطولات أجدادها فى كتب التاريخ..والأفلام السينمائية..

ورواية "الحريق" للكاتب الجزائرى "محمد ديب"..رفاقها بالمقومة حتى تحرير فلسطين ..وبدت صورة "باراك:" وهو يشدها من شعرها بعد استشهادها بعد ان عرفها..ولم يعلن عن مكان جثتها حتى الآن.."فاطمة غزال"..اسمها الحقيقى "فاطمة خليل غزال".. استشهدت فى معركة "وادى عرون"التى قامت بين الثوار الفلسطينيين والقوات البريطانية عام 1936..ونسبت إلى اسم زوجها "احمد غزال سويدان"..الذى شاركها النضال..واستشهد ابنهما "محمود غزال" فى ثورة 1936 التى قامت بين الصهاينة والاحتلال البريطانى..بعد استشهاد أمه بثلاث سنوات..حيث اعدمته الحكومة البريطانية لقتله عميل عربى.."شادية ابو غزالة" ولدت فى "نابلس"عام 1948..وانضمت الى حركة القوميين العرب بعد حرب 1967..وشاركت والدها فى العمليات العسكرية ..كما قامت بعمليات عسكرية تابعة للجبهة الشعبية..واستشهدت عام 1968 بسبب قنبلة انفجرت بين يديها وهى تعدها لتفجير عمارة اسرائيلية ..فكانت اول شهيدة فى الجبهة الشعبية وفى تاريخ المقاومة الفلسطينية.."لينا النابلسى" ولدت عام 1959 فى مدينة "نابلس"..شاركت فى هجوم للجناح العسكرى للجبهة الديمقراطية عام 1975..استشهتت فى تظاهرة بمدينتها..بعد ان تعقبها جندى اسرائيلى ..فكانت ثانى شهيدة فى "نابلس" عقب نكبة عام 1967بعد "شادية ابو غزالة".."رسمية عودة"مواطنة فلسطينية وامريكية..عرفت باسم رسمية عودة ورسمية ستيف ..حكم عليه بالسجن بالسجن المؤبد لمشاركتها فى عمليتين فدائيتين بالقدس عام 1969..لكنها خرجت بعد عشر سنين فى عملية تبدل اسرى بينها وبين جندى اسرائيلى تم اسره فى لبنان.."مريم روحى الشخشير"مواليد "نابلس" عام 1954 ..

اتهمت بمقاومة الاحتلال التى بدأتها عقب حرب يونيو 1967..تم اعتقالها عام 1968وتعرضت لأنواع شديدة من التعذيب إلى أن حكم عليها بالمؤبد..وأودعت سجن الرملة.. وتم اطلاق سراحها بعد عشر سنوات فى عملية تبادل أسرى عام 1979,,"لطيفة ابو دراع"من مخيم "بلاطة" بنابلس..اعتقلت عام 2003 وحكم عليها بالسجن خمسة وثلاثون عاما..وعانت من امراض كثيرة داخل السجن دون اهتمام بعلاجها..الى ان تم الافراج عنها فى صفقة تبادل اسرى مع الجندى الاسرائيلى"شاليط".

ومن المناضلات الجزائريات "جميلة بوحيرد"ابنة أب جزائرى وأم تونسية..وكانت الفتاة الوحيدة بين إخوتها الذكور..انضمت إلى جبهة التحرير الوطنى الجزائريةعام 1954وتم القبض عليهاعام 1957 بعد إصابتها فى أحد المعارك.. تعرضت لأبشع أنواع التعذيب..وأثناء محاكمتها فى فرنسا ..دافع عنها محام فرنسى..لكن صدر ضدها حكما بالإعدام..تم تعديله إلى السجن مدى الحياة..لكنها خرجت من السجن بعد تحرير الجزائر عام 1962..وتزوجت من محاميها الفرنسى الذى دافع عنها..غنت لها فيروز أغنية "جميلة"ونظم "نزار قبانى" قصيدة باسمها.."مريم بوعتورة"ولدت عام بمدينة "نقاوس"الجزائرية1938..أطلق عليها اسم ثورى "ياسمين"عملت كممرضة..وانضمت إلى الثوار كمسعفة..حتى استشهدت عام 1960.."زيزى مسيكة" ولدت عام 1934 وانضمت إلى صفوف المجاهدين كممرضة ..وعرفت بشجاعتها..استئهدت عام 1959 .."زهور زرارى"كتبت أشعار الحب والسلام والوطن وهى فى سجن بفرنسا..إلى أن أزهرت فى الجزائر بعد استقلالها"مريم سعدان"ولدت عام 1932 وانضمت لصفوف الثورة الجزائرية عام 1956 .. وتم القبض عليها عام 1958 وأودعت مركز التعذيب والاستنطاق وتعرضت للتعذيب الجسدى والنفسى .. وقبض عليها مرة ثانية فى نفس العام بعد ان اطلق سراحها.. مع مجموعة من زملائها بمستشق "قسطنطينية"..

واستشهدت فى نفس العام أيضا من أثر التعذيب الذى تعرضت له.."فاطمة خليف" أطلق عليها اسم الشهيدة التى لم تمت..فتحت عينيه على بطش المستعمر الفرنسى بالجزائر بدت كرمز رموز الثورة الجزائرية..شبت من صغرها على حب وطنها..وانضمت هى وأسرتها إلى صفوف المجاهين..وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب على أيدى الجنود الفنسيين..كما تعرض جسدها للتشويه..ووضعت حملها داخل السجن..كما استشهد والدها وأغلب أفراد عائلتها عام1958 خلال عملية كبيرة استمرت ثلاث ايام بقتلهم بالرصاص وحرق منزلهم..وقد قتل فى المعركة 200 من الجنود الفرنسيين واستشهد 45 مجاهدا..وقبض عليها فى نوفمبر عام 1956 هى ومن بقى من أسرتها على قيد الحياة..وقامت القيادة الثورية لجبهة التحرير الوطنى بتهريبها ليلا ..وعندما فشل الجنود الفرنسيين فى العثور عليها اصطحبو معهم اختا التى لم تبلغ خمسة عشر عاما..وحاولوا استنطاقها دون جدوى..وظلت هاربة إلى أن قبض عليها بعد إصابتها فى أحد المعارك..وكانت فى الشهر الثامن من حملها..وتعرضت للإجهاض بسبب تعذيبها..وتعرضت للمحاكمة هى ووليدها الذى لم يتجاوز خمسة عشر يوما وفى حالة هروبها سينفذ بحقها عقوبة الاعدام.. وظلت فى السجن حتى تم استقلال الجزائر.

ومن الرجال الفلسطينيين "غسان كنفانى"ولد سنة 1936 فى "عكا" وعاش فى "يافا" ..وفى عام 1948 أرغم على النزوح عنها تحت ضغط الاحتلال الصهيونى..ورأت فيه "يافا" و"عكا" و|البروة"(قرية هدمها الإسرائيليون عام 1949 و"يافا" وآلاف الشبابيك المغلقة..اعتقل لمرات عديدة.. فى قضايا وطنية ثورية فلسطسنية..واستشهد فى عام 1972 وعمره ستة وثلاثون عاما بعد انفجار عبوة ناسفة فى سيارته..بينما أعدم "لوركا" فى عامه الثامن والثلاثين.وكان"غسان" معروفا بإبداعته الأدبية والتى قدم من خلالها الكثير من الأعمال الروائية..وكان ذكر بعضها ورسائل حبه للكاتبة" غادة السمان فى نهاية الرواية مما أثبت أنه المقصود من قبل الكاتبة..وأضافت أنه دفن فى داخله الأحلام التى اكتشفها..لكنه لم يكن مثل "كريستوف كولمبس" مكتشف امريكا..الذى نسى التاريخ أن يذكر "صاحبه "بنزون"ربان البحر الذى عرف بشجاعته..وعندما أرادوا إسقاط "غسان"من الذكرة عاد إليهم فى "عائد إلى عائد إلى حيفا" .."ناجى العلى"ولد فى قرية "الشجرة" الواقعة بين "طبريا"و"طرابلس"..واشتهر بشخصية "حنظلة" التى ابتدعها..وهى شخصية صبى فى العاشرة من العمروعقد يديه خلف ظهره..ظهرت أول مرة فى جريدة "السياسة"الكويتية عام 1967..تم اغتياله فى "لندن" عام 1987ولا تزال عملية اغتاله غامضة لوقوف عدة جهات وراءها..منهم الموساد الإسرائيلى..ومنظمة التحرير الفلسطينية لرسمه رسومات تمس قيادتها حينذاك..السعودية بسبب انتقاده لها..المخابرات العراقية..ومن ثم لم تعرف هذه الجهات على وجه القطع..ولا زال اغتياله فى لندن يكتنفه الغموض..والذى قام به شاب عربي أطلق عليه رصاصة استقرت تحت عينه اليمنى ..وتم دفنه فى مقبرة "بروك وورد" الإسلامية فى لندن.

ومن الرجال الجزائريين "احمد مصالى الحاج"ولد بفرنسا ..ابن أب اسكافى تركى الأصل.. بدأنشاطه السياسى سنة1925 وعمره خمسة وعشرون عاما ولد فى فرنسا..شارك فى كثير من المظاهرات ضد الفاشية ..أسس حزب الحركة الوطنية الجزائرية..وحزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية ..واطلق جملته الشهيرة "ارض الجزائر ليست للبع"..واستمر فى كفاحه حتى وفاته فى 3 يليو عام 1974.

بالإضافة إلى هؤلاء..ماعرفته من أبيها وجدها الكثير من المعارك التاريخية..قبل انهزام رجولته بسبب صعوبة العودة.."حدثها عن "صلاح الدين الأيوبى" وانتصاره فى معركة حطين على جيش الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد..وعن "الحجاج بن يوسف الثقفى" الذى تمنت أن تكون مثله فى قسوته ووحشيته..والتى لازالت أشباح موتاه تطارده..رغم أنها أنها تريد أن تعرف "هل هو ظالم أم مظلوم"..و تستدعيه.."أين أنت ياحجاج؟..لتمسح دمعنا وتكسر انهزامنا..وتفك قيود الأسرى فى السجون..وتخرجنى من لحظتى الخرساء..وتعيد أبى وأمى وأخى صابر من تحت الركام..و الماضى الذى كان يتحدث عنه أبى وجدى اليعقوبى بكل فخر واعتزاز"..

واستشهدت الكاتبة فى روايتها بأغنية اسمه شادى للمطربة فيروز "فيروز"..ولم تنس أن إسمها الحقيقى "نهاد حداد""التى زادت من هم الوطن الجريح فى داخلها"..ويرن فى مسمعها دائما أغنيتها "سنعود"..وتستحضر تأكيدها لها.." سنعود "لأعراسنا ولألحاننا الحزينة ومواويلنا وأهازيجنا"..ولم تنس قولها "لأندريا"..الذى عرف منها أن مذبحة" دير ياسين" تشبه مذبحة مملكة "غرناطة" فى أسبانيا..لطرد الأغراب منها..كما عاش فيها أمراء المسلمين فى قصر الحمراء.."بعد أن دخله المالكان فى جو بهيج عام 1492 .. وخرج منها "ابو عبد الله "الصغير مهزوما.. "سجل بطاقة هوية..وسجل أننا سنعود".. وتردد قصيدة "سجل أنا عربى" للشاعر الفلسطينى "محمود درويش"..الذى لم يكن وحده التى استدعت شعره ..فأضافت إليه شعر "ابو الطيب المتنبى"و"ابن الخطيب".

كما يتلاحظ أن الكاتبة اختارت لبطلتها الرئيسة فى الرواية.. والتى بدت باقى الشخصيات من خلاله..ا اسم"أيلول" وهو الشهر الذى سمى ب "أيلول الأسود" بسبب ماحدث فيه.. من مذبحة للفلسطينيين على يد القوات الأردنية عام 1970..لوضع نهايا للمنظمات الفلسطينية..التى رأى فيها الملك "حسين" أنها تشكل خطرا عليه.وتشكلت بعدها منظمة أيلول الأسود" التى قامت بتنفيذ عملية " استاد ميونخ" عام 1972التى قتل فيها عددا من الرياضيين الاسرائيليين..كما استشهد فيها عددا من الفدائيين الفلسطينيين..رغم أنها لم تذكر ما حدث فيه فى الرواية..بينما الإسمين الآخرين لهما دلالتهما ف "نابلس"هو اسم مدينتها و"عكا"التى شهدت عمليات النزوح عنها ..وأنها اهتمت بتعدد مسارح أحداثها ...التى جمعت فيه بين فلسطين وسوريا ولبنان والجزائر وفرنسا وأسابانيا..مستحضرة خلالها ما عرضت له لكل ما ماتراه مرتبطا بالمقاومة الفلسطينة والمقاومة الجزائرية..ونصر المسلمين وهزائهم..وانتقت ذلك بجدية بدا اهتمامها بها من الأحداث التاريخية ..التر عرضت بعضها كإشارات بدت فى روايتها..التى حملت إسما لايتوافق مع مضمونها ..السارد لصور المقاومة على وجه القطع ..لأنه يميل إلى إيحاء آخر يشبه الإعلانى فى الأساس.. كما يبدو منه ..رغم أنها لو أضافت إليه كلمة " المقاومة"إليه..لما قلل من دلالته..رغم كل هذا الانتقاد البسيط ..استطاعت الكاتبة رغم سرد وقائعها المتناثر ..والذى اهتمت فيه بانتقاء كلماته بعناية أن تضيف إلى أدب المقاومة عملا روائيا يحتل مكانه فيه..

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف