الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في الموقف العربي من القضية الفلسطينية

تاريخ النشر : 2023-02-02
قراءة في الموقف العربي من القضية الفلسطينية

بسّام عليّان

قراءة في تحولات الموقف العربي من القضية الفلسطينية

بقلم: بسّام عليّان - كاتب اجتماعي وباحث سياسي - دمشق

في قرار للبرلمان العربي (يوم 22-1-2023)؛ (يعني مؤخرا)، أكد على مركزية القضية الفلسطينية واحترام شرعية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، ودعم التحرك القانوني والدبلوماسي الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، ونيل الاعتراف بدولة فلسطين. وأشاد البرلمان العربي؛ بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار مؤيد للفلسطينيين لإحياء الذكرى الــ  75 للنكبة من خلال تنظيم حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة خلال شهر أيار المقبل. وأكد البرلمان العربي على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام لمصلحة الشعب الفلسطيني داعيا المجالس والبرلمانات العربية إلى تشكيل لجنة فلسطين البرلمانية إن أمكن وذلك دعما برلمانيا عربيا للقضية الفلسطينية.

ونريد بهذه المقالة قراءة التحولات في الموقف العربي من القضية الفلسطينية؛ والتذكير بوقائع وأحداث نتصوَّر أنها ستساهم، بصورة أو بأخرى، في حصول تحولات في الوعي السياسي العربي. وإذا كانت الوقائع التي يُراكمها الزمن خلال تعاقُب سنواته تبدو، في مظهرها العام، مجرّد أحداث عابرة، إلا أن بعضا منها تكون له نتائج صانعة لجوانب من خياراتنا ومواقفنا في السياسة وفي الثقافة.

كما أننا؛ سنحاول التطرق لمسارات التطبيع العربية – الإسرائيلية، وكيف تحولت مواقف الدول العربية من مسألة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي. وماهية الرؤية الإسرائيلية - الصهيونية للتطبيع عربيًّا، وكيف تستغل ذلك لتحقيق الأهداف الإسرائيلية المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين واحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

وبالتأكيد فإن التطبيع كمشروع مملى على العرب إنما يستهدف تحقيق شرعية الكيان الاسرائيلي - الصهيوني وضمان هيمنته في المنطقة العربية، من خلال تفكيك الثقافة العربية وإضعاف مؤسسات العمل العربي القومي و استبدالها بمؤسسات إقليمية يكون لهذا الكيان الصهيوني فيها نفوذ مهيمن، حيث نشأ تيار عربي براغماتي يقيم توجهاته إزاء المشروع من منظار نفعي خالص دون النظر إلى الرموز القومية في الثقافة و الحضارة و الهوية. ونحن – هنا -  أمام فعلٍ يملك القدرة على وَقْف مسارات في السياسة وإطلاق أخرى. وهذا الأمر يعمل على اجهاض المشروع الوطني الفلسطيني، كما أنه يتعلق بصور التصلب التي تملأ المشهد السياسي في بلدان عربية عديدة وبمآلات المشروع الوطني الفلسطيني، في ضوء التوسُّع الذي ترسمه خريطة التطبيع الجديدة مع الكيان الصهيوني، وما أصبح يترتب عنها اليوم من نتائج وآثار في البلدان العربية المطبّعة، والدول التي تنتظر دورها في عملية التطبيع، ما نفترض أن تكون له نتائج على مختلف مآلات القضية الفلسطينية.

وهذا الأمر؛ وللأسف يرتبط بأنظمة عربية تقوم اليوم بأدوار ترتبط أساساً بمصالح قِوَى أخرى، تاركةً مختلف الطموحات والآمال العربية جانباً؛ خاصة بعد ارتفاع مؤشرات التطبيع مقابل الانخفاض الملحوظ في أسهم المساندة الفعلية للقضية الفلسطينية، فقد تَمَّ السكوت على الاختراق الصهيوني الحاصل في عدة بلدان عربية، بفعل معاهدات التطبيع الجديدة، وقد انتقلت، بسرعة كبيرة، إلى تنفيذ خُططها المتمثلة في ما سمّيت "صفقة القرن"، تمهيداً لمشروع "الشرق الأوسط الجديد".. حيث تتواصل خيوط شبكة تعميم التطبيع. وهذا تجسد اكثر وبشكل اكبر في ما سمّي "ملتقى النقب العربي الإسرائيلي"؛ وهو مؤشر على الصورة المكبَّرة لخطة تسريع وتائر التطبيع. فقد اجتمع في مارس/ آذار 2022 وزراء خارجية كل من مصر والبحرين والمغرب والإمارات وإسرائيل في منطقة النقب، بغرض نقل فعل التطبيع من أفقه السياسي إلى مجال التعاون بين الدول المطبّعة. وقد اجتمع المطبّعون في أرض فلسطينية تستوعب اليوم ثكنات عسكرية ومستوطنات زراعية إسرائيلية. وجرى التداول تحت إشراف دولة الكيان الصهيوني، وبحضور الولايات المتحدة، في برامج التعاون، وقد شملت موضوع الأمن الإقليمي والغذائي. وعُقد اجتماع ثان في المنامة وثالث افتراضي، الأمر الذي يُفيد بأن الاجتماعات تمت بإيقاع متواصل خلال أشهر متتالية، وتَمّت فيها، أيضاً، برمجة لقاءات أخرى خلال السنة الجديدة، حيث يستعد المشاركون في ملتقى النقب لعقد لقاء في شهر مارس/ آذار المقبل في المغرب، حيث تعمل الولايات المتحدة الأميركية جاهدة لإلحاق الأردن والسلطة الفلسطينية بملتقيات النقب، بحسابات تتوخّى دمج الكيان الصهيوني في المحيط العربي.

ونحن متأكدون أن الشعوب العربية كشعوب؛ فهي ما تزال شعوب نقية من الشوائب؛ فتبقى فلسطين هي القضية المركزية التي توحد الشعب العربي بأكمله، منتظرين من حكوماتهم إعادة تفعيل مشروع العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والفكري في دعم القضية الفلسطينية. وخاصة بعد البطولات والتضحيات التي يصنعها ويسطرها  الشباب الفلسطيني في هبة مدن ومخيمات الضفة الغربية؛ منذ أكثر من سبعة أشهر؛ مما يستوجب السرعة في العمل والحزم في معالجة عمليات التعطيل التي توضع أمام فعاليات شباب المقاومة الفلسطينية.

ويبقى المطلوب من الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، ألا يتدخل أحد منها لتغيير مسار الشباب الفلسطيني المقاوم. لأن التدخل يعني القضاء على دينامية هذا العطاء الفدائي المقاوم لتبقى الساحات على امتداد أرض فلسطين ساحات مواجهة نشيطة. وكذلك على الانقساميين على الأرض الفلسطينية؛ وهي الأرض التي ما تزال إلى الآن تحت الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني، عليهم أن يفهموا جيداً أن انقسامهم وتماديهم بإثارة نزعة الانقسام وجعل هذه الانقسامات وهذه التشرذمات؛ الشغل الشاغل في أولويات الشعب الفلسطيني؛ مما يعني الاستمرار في تنفيذ المخطط الإسرائيلي القديم نفسه بصراع فلسطيني – فلسطيني يتيح للعدو الاسرائيلي الصهيوني، استكمال برنامجه باستيطان كل الأرض الفلسطينية والهيمنة والاستيلاء على كل فلسطين. وعليهم أن يفهموا –أيضاً- أن سياسات الوضع الراهن الفلسطيني وعدم التدخل بشأن هبة الشباب المقاوم أو الحياد، أو (….. المراقبة والتعاون الأمني مع العد ضد شباب المقاومة)؛ هو المطلوب إسرائيليا وأميركياً.

وعلينا التأكيد أن المنطقة برمتها وعلى الصعد كافة، تمر بمنعطف خطير وظروف حساسة ودقيقة، وتتطلب قراءة عميقة وواعية لتداعياتها وأهدافها وآثارها القريبة والبعيدة، المرحلية والاستراتيجية، على الواقع العربي السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ولعل من أهم القضايا التي تحتاج إلى إعادة نظر، هو طبيعة عمل المؤسسات العربية المشتركة.. إذ اننا نجد ان هيكلة هذه المؤسسات وطبيعة عملها وأدائها لا ترقى إلى مستوى الحدث اليومي أو التحدي الذي يواجه الواقع العربي.. بل في الكثير من الأحيان يكون طبيعة عمل هذه المؤسسات، احد أسباب الاختلاف العربي – العربي.

فبدل ان تتحول هذه الدول العربية إلى حاضن حقيقي لكل الأطراف والقوى الفلسطينية؛ من أجل النهوض بالعمل العربي المشترك، وقضيته المركزية، تحولت وذلك لأسباب ذاتية وموضوعية إلى عبء على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. فالتطورات التي تشهدها المنطقة اليوم متسارعة وخطيرة، إلا ان الاداء العربي الدبلوماسي والسياسي لا يرقى إلى مستوى التحديات التي تطلقها هذه التطورات.. وردود الأفعال التي يقوم بها النظام العربي الرسمي، لا تمتلك امكانية التأثير النوعي في مجريات التطورات والتحولات..؛ حتى وصل الأمر عند بعضهم إلى “شيطنة” الفلسطيني في وقت تمر فيه مسيرتنا الفلسطينية الوطنية بمنعطف مصيري في ضوء الطريق المسدود الذي انتهت إليه القضية الفلسطينية، وتعمق مأزق الحلول المطروحة بفعل حكومة نتنياهو المتطرفة فهي الحكومة الأكثر تطرفاً وعنصرية في هذه المؤسسة العسكرية الاحتلالية.

ونرى يوميا كيف أن هذه الحكومات العسكرية العنصرية الاحتلالية للكيان الصهيوني تمارس كل صنوف القتل والتدمير والتهجير بحق الشعب الفلسطيني وبحق أرضه ومقدساته وممتلكاته؛ وحكومات الوطن العربي بمؤسساتها وأطرها تتفرج وتتعامل مع هذه الوقائع وكأنها نتيجة طبيعية لسوء الخيارات وعقمها التي تتبناها القيادة الفلسطينية، دون ان تكلف حكومات الدول العربية نفسها عناء البحث عن رؤية مشتركة وارادة قومية ووطنية توظف كل الامكانات والقدرات المادية والسياسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ والتي في النهاية هي حقوق عربية عربية.

فأصبحت طبيعة عمل وصلاحية هذه الدول، لا يجعلها بمستوى الحدث أو التطور الذي تشهده المنطقة على مستويات عديدة.. لذلك نجد ان التأثيرات السياسية والنفسية والاقتصادية لما يحدث في فلسطين وسورية واليمن؛ هي تأثيرات ســـلبية في المحيط العربي مع عدم توفر مشروع عربي جدي وفاعل لمعالجة كل هذه التأثيرات التي أضعفت الواقع العربي كله.. وهذا الكلام ينطبق وبصورة عميقة فيها بالمسألة الفلسطينية ومجريات الصراع الصهيوني – العربي/ الفلسطيني.. حيث يمارس الكيان الصهيوني كل صنوف القتل والتدمير والتهجير، ودول الوطن العربي بمؤسساتها وأطرها الوطنية والقومية تتفرج وتتعامل مع هذه الوقائع وكأنها نتيجة طبيعية لسوء الخيارات وعقمها التي تتبناها القيادة الفلسطينية، دون ان تكلف حكومات الدول العربية نفسها عناء البحث عن رؤية مشتركة وارادة قومية توظف كل الامكانات والقدرات المادية والسياسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ والتي في النهاية هي حقوق عربية عربية.

إذن؛ إننا أمام واقع مرير وعاجز، حيث إن كل تطورات المنطقة وتحولاتها المتسارعة، تجعلنا نعتقد اعتقاداً جازماً، أن حكومات الدول العربية، وذلك لعوامل موضوعية وذاتية مرتبطة بطبيعة العلاقات العربية وجوهر التحالفات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية واتجاه الرهانات السياسية التي تعقدها هذه الدول، وحجم الصلاحيات والقوة التنفيذية التي توفرها الدول العربية لمؤسسات العمل العربي المشترك.. نقول هذا، ونحن نتلمس الأوضاع لهذه المؤسسات بوضعها الحالي، وهي لا تستطيع ان تقوم بوظيفتها الاقليمية والقومية. حيث نجد ان واقعنا العربي ينحدر إلى المزيد من التجزئة والتشظي والخلافات العميقة التي تتعدى بعض الأحيان الجسد الرسمي لتصل إلى الجسد الشعبي. وهذا الأمر يفاقم من أزمات الواقع العربي ومشكلاته، ويساهم في تباعد الخيارات والسياسات، مما يوفر لأعدائنا الفرصة السانحة للانقضاض علينا والاستفراد بنا.

وتثبت لنا الأيام؛ أننا نعيش في عالم لا يرحم، ولا مكان فيه للضعفاء، ولذلك إذا أردنا ان يكون لنا موقع تحت الشمس ونتمكن من الدفاع عن قضايانا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين؛ وهي قضية الأمة العربية بأسرها؛ وانجاز تطلعات وطموحات شعوبنا، نحن أحوج ما نكون اليوم إلى تفعيل دور المؤسسات العربية المشتركة.

وفي اطار استعادة الاعتبار إلى المؤسسات العربية المشتركة على الصعيد الوطني والاقليمي والقومي، لابد من التأكيد على النقاط التالية:

من الضروري بيان حقيقة سياسية ودولية وإنسانية، وهي ان استمرار حالة التجزئة والتشظي والتشتت العربي، يكلف جميع الدول العربية الكثير من الاثمان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية. إذ أن العالم الإنساني اليوم وبكل شعوبه وأممه يتجه بخطى متسارعة نحو التكتل والاندماج وزيادة وتائر التعاون والتضامن. وإننا كعرب إذا لم نخط الخطوات النوعية في هذا السبيل، فإن هذا يعني على المستوى العملي المزيد من الضعف والعجز وضياع الفرص والحقوق؛ بل سيؤدي إلى ضياع هويتنا العربية وعنوانها الاســـلامي أمام العالم.

وهذا التطوير بطبيعة الحال، لا يتحقق دفعة واحدة، وانما هو بحاجة إلى عمل متواصل ومتراكم، يتجه إلى تعزيز كل ما يفضي إلى المزيد من التفاهم والتعاون والتضامن في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات.

كما أنه لا يمكن أن تتقدم المصالحة الوطنية الفلسطينية قيد أنملة، والتنسيق الأمني يشكل الشغل الشاغل للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ولا يمكن للمصالحة الفلسطينية، في الوقت ذاته، أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ما لم تغير السلطة القائمة في قطاع غزة من أولوياتها.

إننا نعيش ظروفاً استثنائية على مختلف المستويات، وهذه الظروف تستدعي منا جميعاً العمل النوعي والاستراتيجي، الذي يعيد ترتيب واصلاح البيت العربي والفلسطيني على الصعد كافة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف