الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وداعاً "هنا لندن" هيئة الإذاعة البريطانية

تاريخ النشر : 2023-01-31
وداعاً "هنا لندن" هيئة الإذاعة البريطانية

بقلم: عصام صولجاني - دمنات -  المغرب

في يوم الجمعة 27 يناير 2023 ،على الساعة الواحده ظهرا بتوقيت جرينتش. دقت ساعة بيغ بن اللندنية، ورن صوتها للمرة الأخيرة. عبر أثير هيئة الإذاعة البريطانية. 

وقرأ المذيع محمود المسلمي بصوته الشجي،خبرا ينعي فيه القسم العربي من إذاعة بي بي سي. بعد 85 عاما من البث المتواصل. كانت فيه هذه الإذاعة سلطان الأثير .ومارد الإعلام الذي يأتي بالأخبار من أصقاع الدنيا فور وقوعها. 

وبسبب التطور التكنولوجي، وانتشار تقنيات التواصل الحديثة، التي استقطبت بشكل كاسح جمهور المستمعين، اتخذت إدارة هذه الإذاعة العتيدة قرارها بالتوقف. لتضع بذلك نقطة النهاية لرواية طويلة عنوانها: هنا لندن هيئة الإذاعة البريطانية. بوش هاوس دبليو سي تو فور بي ايتش.
 
وارتبطت هذه الإذاعة، بوجدان أجيال متعاقبة من الجمهور العربي، ممن عاشوا متعة البث الإذاعي عبر اجهزة الراديو. فكانت بي بي سي قبلتهم المفضلة لاستقاء الأخبار، وتعلم المهارات والترفيه.
 
وواكبت البي بي سي الواقع العربي في الحرب والسلم. وكانت بمثابة مرآة يرى فيها السياسيون، والفنانون، والمواطنون البسطاء وجوههم. فاستحقت بذلك ان تكون شاهدا على العصر. وكانت قادرة على قلب الدنيا رأسا على عقب بخبر واحد، أو تعليق واحد. وكانت لتحرض الناس إيجابيا أو سلبيا. أو أن تألب الرأي العام، لترجيح كفة سياسية على أخرى. وتميزت إذاعة البي بي سي باختيارها لأجود الأصوات الإذاعية. وأفضل الكتاب و المحررين.

وهنا استحضر ذكرى المذيعة المرحومة مديحة رشيد المدفعي. صاحبة الصوت الشجي والعميق والشرس، الذي يتفجر عبر الأثير مثل الماء الرقراق من بين الصخور. وهي تقول سيداتي سادتي جاءنا الآن هذا الخبر. أو المذيع المرحوم ماجد سرحان. وهو يقدم برنامج العالم هذا المساء، بصوته القوي وفصاحته الممميزة. ولائحة الإذاعيين والإذاعيات، من أصحاب الخامات الصوتية الرفيعة طويلة. 

نذكر من بينها: هدي الرشيد/ سحر قرة عين/ ندى المهتدي / فاطمة عزوز /رولا خرسا / سهام الكرمي / حسام شبلاق/ نور الدمرداش/ رشاد رمضان /جورج مصري/ عدنان الشريف/ جميل عازر / اسماعيل طه/ سامي حداد/ نبيل اسكندر/ فؤاد عبد الرازق / أيوب صديق/ محمد الأزرق/ ومحمد ذو الرشاد/ ونور الدين زوركي/ أفتيم قريطم/ عارف حجاوي/ ومن المراسلين وفيق رمضان/ وحافظ الميرازي/ ومحمد منير سراج / واميل خزعل/ والشيخ البكاي /سلامة نعمات/ وبنعيسي الفاسي/ وسليمان نمر/ ومن القدس اليكس برودي /كورين متفولد /وكومار مالهوترا/ وبوب سيمبسون/ وعزة محي الدين/ ورندة حبيب /هاشم علي مندي..

ومن البرامج القوية المبتكرة لهذه الإذاعة. برنامج حديث شؤون الساعة، الذي كانت تقدمه الصحافية البريطانية جاكي رولاند. هذا البرنامج الذي كانت ترتعد له فرائص السياسيين ورجالات الدول. وبرنامج السياسة بين السائل والمجيب الذي كان يشبع فضول الجمهور العربي. ويجيب عن مختلف الاسئلة المتعلقة بالسياسة والسياسيين. ولا ننسى برنامج قول على قول، للهرم الإذاعي الكبير، المرحوم حسن الكرمي. الذي كان عن حق موسوعة أدبية. ومرجعا لشتى صنوف الأدب.
 
وقد استمدت إذاعة البي بي سي قوتها بفعل قسم الترجمة الي يضم جيشا من المترجمين المحترفين. الذين كانوا ينقلون الأخبار والثقافات من مختلف لغات العالم. وكان لهم الفضل في انفتاح الجمهور العربي على تقاليد وثقافات باقي شعوب المعمورة.
 
وعلى المستوى الشخصي أذكر أنني اكتشفت هذه الاذاعه بفضل برنامج ندوة المستمعين. الذي كانت تقدمه الإذاعية المقتدرة ندى المهتدي، رفقة المذيع الأديب صاحب الصوت الهادئ نور الدمرداش. وكنت أحمل المذياع في حقيبتي المدرسية وأذهب رفقة أصدقائي إلى أحضان الطبيعة. لنستمع لهذا البرنامج الشيق.الذي يجمع بين الموسيقى والثقافة العامة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الإذاعة ساهمت في تكوين الوعي عند الجمهور العربي. ووجهته إلى ما تريده على جميع المستويات. كما ساهمت أيضا في غسل الأدمغة. ودس السم في العسل في المواد الاخبارية. لتوجيه الرأي العام العربي في بعض المحطات التاريخية. خدمة لسياسة الحكومة البريطانية.
 
ويؤاخذ على هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي. جحودها ونكرانها لمجهودات بعض مراسليها. مثل ما حدث لمراسلها بالمغرب المرحوم الصحافي بنعيسى الفاسي، مع مدير البي بي سي نيكولاس بالام .مطلع العشرية الأولى من القرن الحالي. هذا المدير الذي قام بتهميش المذيع بنعيسى الفاسي وذلك بمصادرة مواده الإخبارية، التي كان يرسلها من المغرب. متهما إياه بتحريف الحقائق، والانحياز إلى حكومة بلاده. وعاقبه بتوقيفه عن العمل. مما أصاب المذيع بالاكتئاب والمرض .ومات متحسرا حزينا بعد شهور قليلة من ذلك. ورغم ان فريقا من هيئة الإذاعة البريطانية زار عائلة هذا المذيع لتقديم واجب العزاء. إلا أن ذلك الظلم الذي لحق بذلك المذيع الطيب بقية عالقة في اذهان الكثير من الناس بالمغرب.

رحم الله من رحل من المذيعين. وأطال الله في أعمار من بقي على ظهر هذه الفانية. وستبقى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي شعلة مضيئة في الذاكرة. وأتمنى من إدارتها نشر ثمرات برامجها المميزة على شبكة الإنترنت. ولا يستبعد أن تعود هذه الإذاعة إلى البث من جديد إذا مادعت الضرورة لذلك خاصة وقت الأزمات العصيبة..

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف