الأخبار
أول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026الأردن: كارثية الوضع في غزة تستدعي تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات(فاو): 4.6% فقط من أراضي قطاع غزة صالحة للزراعةالوزير برهم: امتحانات الثانوية العامة ستُعقد في غزة رغم كل التحدياتوزيرا خارجية مصر وقطر يبحثان جهود وقف إطلاق النار في غزة"الأخطبوط" بونو يحقق إنجازاً تاريخياً غير مسبوق في مونديال الأندية
2025/7/1
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المعطف

تاريخ النشر : 2023-01-14
المعطف

بقلم: ماهين شيخاني - سوريا

كانت الاحتفالات والمسيرات بين فترة وأخرى من المناسبات الحكومية إجبارية، بالرغم من أنف الموظف للخروج ورفع شعارات أو لافتات داعمة للنظام الحاكم، كتب عليها من قبل الجهات المعنية ورؤساء الدوائر المرغمون خوفاً أو تملقاً للنظام في الدولة ولا يعفى أحياناً حتى المريض منها، الجميع ملزمون بالحضور وإثبات وطنيتهم حسب المفهوم المخابراتي.
باستثناء إحداهن وهي زوجة أحد الشخصيات الغير مرحب به من قبل الأمن فاسم" آراس " كان كافياً لإعفاء والدته المربية من المشاركة الإجبارية.

ذات شتاء، وفي الفرصة الأخيرة اجتمع المدير " العميل " مع المدرسين وبكلمة مقتضبة حماسية عن الوطن والوطنية وبأسلوبه الخطابي المميز باحترافيه والمتمكن بضخ كميات هائلة من الطاقة الثورية، لحثهم بالتحضير للخروج إلى المسيرة بانتظام وعدم التنصل والهروب أثناء المسيرة بعد عدة خطوات والاختباء بين الواقفون على الأرصفة. والانسحاب خلسة من بين الجماهير إلى البيت، وأن عليهم الالتزام بالأوامر الصادرة من الحكومة الرشيدة، وأية ملاحظة أو غياب سوف يتحملها الشخص وقد تصل التحقيق إلى عقوبة السجن والفصل من وزارة التربية.

- أعيد وأكرر، عليكم أيها الرفاق، ايتها الرفيقات، البقاء إلى نهاية الاحتفال، وأنت أم آراس بإمكانك التريث قيلاً، ريثما يحين استعدادنا، يمكنك الانصراف بهدوء، فأولادك صغار وهم بحاجة إليك، أدار بوجهه الى جهة ثانية وهو يعدل نظارته السميكة قائلاً:
الاهتمام بالصغار ايضاً من صلب رسالتنا، يصب في خانة النضال ضد التخلف والاستعمار، علينا جميعاً النضال بشتى الطرق والوسائل ضد الاستعمارية والإمبريالية، ثم أدلق كأس من الماء.

انتصبت أم آراس لتتحرك نحو الباب للخروج، استوقفتها زميلتها وطلبت منها المعطف الذي ترتديه ..وهي تلوك اللبانة التي في فمها قائلة:
- الجو في الخارج لساعات لا يحتمل، زمهرير، انا لا أطيق البرد، لو سمحتي لي بارتداء معطفك، أنت محظوظة على ما يبدو مدعومة من قبل المدير، اما نحن المساكين ملتزمون، نحن في جبهة واحدة كما تعلمين، قالتها بابتسامة: يعني غصباً عنا....؟!!!!.
- تكرمي، أيتها الرفيقة المناضلة والمشاكسة، قالتها ضاحكة، لقد أخرجته من الخزانة و ارتديته اليوم، ثم خلعت المعطف على عجل وسلمتها لها، استودعتها ملوحة بيدها ...ثم أخذت دربها واتجهت صوب الدار ...

أما الباقون بعد لحظات خرجوا الى الشارع يصفون التلاميذ للتوجه والوصول إلى المسيرة حسب التوقيت ...كان الضجيج والهتافات التي القنوها للتلاميذ تشق عنان السماء في المدينة، بالرغم من الجو القارس وترافقه صفير الهواء كموسيقى صاخبة تتراقص أسلاك الكهرباء بعشوائية والسحب تتسابق، تظهر الشمس بين الفينة والأخرى باستيحاء ثم تختفي، الشوارع موحلة وبرك المياه منتشرة، تتسلل البرد إلى جوف الحضور والمارة، الهواء تلسع الوجوه فتحمر الخدود وتخرج من الأفواه والأنوف أبخرة تشكل سحابة على رؤوس الجميع...

لا شعورياً دست ( الرفيقة المشاكسة) يديها في جيب المعطف لتقي يديها البضتين من البرد وهي تسير بخطى ثابتة ضمن صف منتظم ...كانت محط الأنظار لدى الذكور، لخفة دمها وحلاوة كلامها وروحها إضافة إلى جمالها الأخاذ، كانت بيضاء البشرة، كنسمة لطيفة في قيظ ملتهب، تكسو خديها صبغة وردية ، ناعمة، ملامحها في غاية الدقة، صنعت بأنامل فنان بارع،
تلمست بوجود ورقة في الجيب الداخلي للمعطف، سحبتها بفضول وحين فتحت الورقة، وبدأت تقرأ المضمون، تنحت جانباً، اضطربت، تغيرت ملامحها الى الصفرة ذابت الحمرة من خديها بلحظات، نشفت ريقها، ارتجفت خائفة وجلة، تسرب الرعب في اوردتها...

- يا للهول، ما هذه المصيبة التي بين يدي، كيف أنقذ ذاتي من هذا المأزق ...نشرة حزبية معارضة، ومن جهة حزبية كوردية ...سيتهمونني بالعمل لصالحهم، ربما يتهمونني مثلما يتهمون الكورد التحريض على اقتطاع جزء من الدولة وإنشاء كيان منفصل، عليَّ بتمزيقها فوراً وإلا التحقيق والسجن لا مفر منه....لكن كيف امزقها بين هذا الحشد الجماهيري...فلو مزقتها لقطع جد صغيرة، سيأتي ابن حرام ما وما أكثرهم و يتلقفها ، ظناً منه بأنني مزقت رسالة غرامية، ولو رأى كلمة مناهضة للنظام سيكون التهلكة الحتمية من مصيري...عليَّ الخروج حالاً من الصف والولوج بين الناس بأية ذريعة، ثم التوجه الى إحدى الشوارع الجانبية، وأن رآني أحدهم او سد طريقي مخبر ما، سأتجنبه وأن اضطررت للوقوف والمسائلة ، سأقول بأنني ذاهب إلى بيت قريب من هنا لأداء حاجتي، وامري لله...
تسللت شيئاً فشيئاً وبخطى راجفة وخرجت، لكن كان حدسها صادقاً فهناك عين تراقبها....
راقبها من حارة إلى حارة ومن شارع إلى شارع، ومن منزل إلى منزل ومن ثم تأكد على اي باب تدق .
- هزَّ " الرقيب " رأسه منتشياً، بالصيد التي وقعت بالفخ.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف