الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في كتاب "قبس من نور المسيرة.. الشيخ المجاهد بسام السعدي يتذكر"

تاريخ النشر : 2022-12-25
قراءة في كتاب "قبس من نور المسيرة.. الشيخ المجاهد بسام السعدي يتذكر"
قراءة في كتاب "قبس من نور المسيرة.. الشيخ المجاهد بسام السعدي يتذكر" .. تحرير عصري فياض

بقلم: حماد صبح
 
هذا كتاب يرصد سيرة الشيخ المجاهد بسام السعدي، سليل أسرة فلسطينية مجاهدة، من أشهر أبنائها الشيخ فرحان السعدي، قسيم الشيخ عز الدين في تفجير ثورة 1936 الفلسطينية الكبرى. وكانت الأسرة تقيم في قرية المزار التي هجرت منها إلى جنين بعد حرب 1948 حيث ما زالت تقيم في مخيمها الذي سمي في البداية "مخيم العودة" تفاؤلا وأملا بالعودة إلى الوطن الذي اغتصب، و"مخيم المحطة" لقربه من محطة القطار العثماني.

ولد بسام في 23 ديسمبر 1960، وحصل بعد الثانوية العامة على دبلوم محاسبة من الأردن. ومثل أي فتى فلسطيني، تفتحت عيناه ووعيه على مآسي شعبه وبطولاته الفذة المقاومة والمصادمة لاحتلال استيطاني استئصالي لا روادع إنسانية أو قانونية لجرائمه. وتأثر بسام بالانتفاضة الأولى تأثرا شديدا، وشارك فيها مثل لِداته من الفتيان والشبان الفلسطينيين الذين نسبت تلك الانتفاضة إليهم، وإلى وسائلهم فيها، فسميت "انتفاضة أطفال الحجارة".

وانتهى به مطاف قناعاته إلى الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي التي انطلقت في مايو من عام الانتفاضة الأولى 1987، وانبهر بثلاثية نظريتها التربوية الجهادية " الإيمان والوعي والثورة، وطرحها القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمتين العربية والإسلامية. واتصف بحبه الحماسي الجاد للقراءة ، فكان يقرأ أحيانا عشر ساعات في اليوم ، وأحيانا خمسا. وترأس جمعية " الإيمان " الخيرية التي كانت تقدم المعونات لأسر الشهداء والأسرى والمطاردين وسواها من الأسر الفقيرة. 

ولم تخف نشاطاته الجهادية والاجتماعية عن عيون مخابرات العدو، فقبضت عليه، وعذبته، وتميز بصبره وقوة تحمله لقسوة تعذيبها رافضا الإقرار بنشاطاته في مقاومة الاحتلال. إنه القائل صادقا عن نفسه: "الخوف رحل من حياتي مبكرا بعد التكرار والممارسة "، وتميز في كل مواقف الخطر والشدة بالهدوء والتحكم في ردات فعله. وهو من الذين أبعدتهم إسرائيل إلى لبنان في 1992 واستقروا في مرج الزهور؛ في جنوبه. 

وشهدت معركة مخيم جنين في 2022 ذروة دوره الجهادي. ولمع اسمه في قدرته الفريدة على التوفيق بين المتخالفين من عناصر الفصائل الفلسطينية في السجون التي دخلها، وفي خارجها، وكان لا يظهر أي تحيز تعصبي للحركة التي ينتمي تنظيميا إليها. كان طائرا يحوم متفحصا ما تحته، ويحط على نقطة الوفاق المضيئة بين أولئك المتخالفين، فيرضى الجميع بحكمه اطمئنانا لحكمته وثقة في طهارة نيته من أيما شائبة تحيز، ولم " يسلم " حتى العدو من الإعجاب بنصاعة خلقه ونقاء نزاهته. قال أحد إداريي سجن عوفر الذي كان من بين عدة سجون أدخل إليها: " والله إننا نخجل منه ونحن أعداؤه . ". 

واشتهر ببراعته في التخفي خلال مطاردات قوات الاحتلال ومخابراته التي دامت 15 عاما، وكثيرا ما نجا من القبض عليه أو من قتله، ويمتدح ضابط مخبرات كنيته اسمه التمويهي " فيصل " تلك البراعة، فيقول: " لقد مر علينا الكثير من المطاردين، لكن لم نرِ أذكى وأشطر منك ، فهل تذوب كالملح؟ ". وبلغت سنوات سجنه التي تخللها الإفراج عنه 13 سنه. 

وفي سنوات المطاردة والاعتقال استشهد ولداه التوأم إبراهيم وعبد الكريم، وسجنت زوجته عامين. وفاجأ كل أقاربه وأصدقائه ومحبيه بتقبله لاستشهاد ولديه بصلابة لم يسكب فيها دمعة على أي منهما احتسابا لهما عند الله _ تعالى _ ورجاء أن يكونا بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. وفي مخالفة صارخة لصبره على استشهاد ولديه ؛ بكى فياض الدمع على استشهاد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الذي اغتاله اثنان من عملاء الموساد في مالطا في 26 أكتوبر 1995 . وفي الكتاب أن أحد القاتلين التهمه تمساح في مالطا، والثاني سحقته سيارة في تل أبيب ، ومعروف مآل رئيس الوزراء رابين الذي أمر باغتيال الشقاقي انتقاما لعملية بيت ليد التي قام بها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شاكر، من غزة، في 22 يناير 1995، وقتل فيها 19 جنديا إسرائيليا، وجرح 62. 

وللشيخ المجاهد مواقف صدام وتحدٍ لمخابرات العدو ، يستبين منها ذكاؤه وسخريته وسعة ثقافته. قال له ضابط مخابرات إسرائيلي لحظة إطلاق سراحه من إحدى سجناته : " إن شاء الله يعم السلام، وآتي لزيارتك في جنين ! "، فرد : " إذا قدمت إلى جنين فإنك ستكون سببا في تحرير نصف الأسرى ! "، ولمح الضابط ما في رده من توعد ، ونظر إليه مغيظا متكدرا. 

وفي يوم قال له ضابط مخابرات كنيته " أبو شريف ": " أربع حروب مع الجيوش العربية لم تكن مثل ما يحدث الآن . لا يستطيع أحد من مواطنينا أن يدخل سوبرماركت، أو يركب الحافلة ، أو يذهب إلى مطعم . "، وفي كلامه بيان جلي لخطورة انتفاضات الفلسطينيين ومقاومتهم على سير الحياة في الكيان الغاصب المبيد لكل ما هو فلسطيني. وتأثيرات انتفاضة الضفة الحالية عليه شاهد على هذه الخطورة التي أرغمته على الدفع بنصف جيشه لمواجهتها مثلما صرح وزير الدفاع بني غانتس. وفي الكتاب آيات روائع ل "جنون " قدرة الفلسطيني على التحمل. 

المجاهد العضو في حماس، جمال أبو الهيجا أحد أبطال معركة جنين، تقطع إحدي يديه بشظية، فيحملها ويذهب إلى المستشفى، والزوجة حنان أبو الرب يدهمها المخاض وتنزف، ويعرض عليها ضابط إسرائيلي تعويض دمها النازف، فترفض، وتواجه عدة نسوة من قريباتها وجاراتها الأهوال والموت لنقلها إلى المستشفى.

وفي الكتاب صور من براعة الفلسطيني للإفلات من مخالب المصاعب والمصائب التي تنقض عليه انقضاض الصواعق المواحق دون توقف ليلتقط أنفاسه، وفيه أفانين للاختفاء الشخصي وإخفاء السلاح. هذا المجاهد الشهيد إياد أبو الليل يخفي سلاحه في حفره، ويغطيه بالبصل حتى لا تشم كلاب الإسرائيليين المدربة رائحته. وكان كلب ألماني من الفصيلة الذئبية يعوي عواء الذئاب متى جاءت القوات الإسرائيلية، فيتهيأ المجاهدون لمقاومتها، واكتشف الإسرائيليون دوره التحذيري للمجاهدين فأعدموه.
 
وتفاجأ ضابط بسعة اطلاع الشيخ بسام على سير قادة إسرائيل، وسأله عن أعقلهم في رأيه، فاقترح شمعون بيريز. وفي الكتاب أن جولدا مائير كانت تمقت بيريز مقتا متطرفا، وتقول عنه إنه ليس في قلبه مكان للرب. ونقرأ متمهلين متألمين ما ينقله الكتاب على لسان شارون في مذكراته، وكل قادة إسرائيل لهم مذكرات فيها دروس وعبر لمستوطنيهم، يقول: " كنا ننتصر عندما تتوقف الجيوش العربية عن حربنا بعد أن نكون على وشك الهزيمة، فتتحول هزيمتنا إلى نصر ".

ومعلوم أن إسرائيل اعتقلت الشيخ بسام في مايو الماضي، ومازال معتقلا، وتسبب اعتقاله في معركة الأيام الثلاثة مع حركة الجهاد التي سمتها " معركة وحدة الساحات " الكتاب في أحد عشر فصلا، في 236 صفحة، واستهل بمقدمتين كتب أولاهما محمد جرادات، وكتبت ثانيتهما وليد الهودلي، وختم بملحق توثيقي من الصور عن حياة صاحب السيرة، وحرره عصري فياض بأسلوب ممتع أخاذ روائي السمات تمازجت فيه الأحداث والأفكار والأشخاص في تيار متدفق يحفز القارىء على متابعة قراءته مستمتعا بكل سطر فيه.

أصدرت الكتاب منذ أيام مؤسسة "مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى" في غزة.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف