وبكت الدالية
- ناس حدهوم أحمد
وقف محمد نادل مقهى المواعيد أمام داليته الجميلة التي يحيطها دوما بكامل عنايته الفائقة. ولم يكن يعلم بأن نظرته الحالية هي الأخيرة. فقد كان يحدق فيها بإمعان غير معهود منه ودون أن
يدري أنها نظرة وداع.
الدالية كانت تتأهب لموسم ولادتها خلال الصيف الذي لاح على الأبواب. لتجود بعناقيدها الفريدة وبظلالها الرائعة فتضفي على باحة المقهى بهاءً ورونقاً من فوق رؤوس الرواد خلال كل
المساءات الدافئة والمقمرة. الجميع كان في انتظار هذه الولادة أسوة بالولادات الأخرى المنصرمة. لم يبق سوى برهة زمنية قصيرة حتى تطل تلك العناقيد الرضيعة مشرقة كنجوم خضراء تكاد تهتف بألحان الربيع والصيف الذي يليه وقد تزامن مع حلول شهر رمضان الكريم . ليخلو الرواد لسهراتهم إلى غاية ميعاد دق الطبول إعلانا لوقت السحور.
هاهي الدالية قد أورقت ونشرت براعيمها الورقية الخضراء فتحولت إلى غطاء نباتي باهر. وكان النادل محمد مسرورا وفخورا بها في آن . فهو الذي لم يتخل يوما عن إروائها بالماء الزلال الصافي والنظيف فكان يزيد في إحيائها وبعث الحياة فيها لتجود هي أيضا على فضاء المقهى بعناقيدها المثقلة بحبيبات العنب ليتذوقها الفقراء والمعجبون بعد الفطور خلال الشهر المقدس.
الرواد يثنون على الدالية وخيراتها التي تكون دائما في متناول الجميع بدون استثناء .إنها محط إعجاب وحب وحنان .
فجأة وبدون سابق إعلام هجمت وحوش الإسمنت لتمزق الأوراق بلا رحمة أو ضمير وذلك قبل استئناف الأشغال الوهمية فكأن بينهما ثأر وانتقام . لم يبق سوى أعواد الشجيرة مغروسة
بثبات في الحوض المسيج الذي بناه لها محمد بكل شغف واعتزاز. وبعد الهجوم أصبح الفضاء كأنه أصيب بزلزال.
لاحظ الرواد قطرات مائية صافية لامعة مثل الضوء تنبثق عن رأس الجدع المقطوع والمتفرع من الحوض. كانت دموع الدالية شبيهة بدموع أم ثكلى فقدت فلدات أكبادها. هذا المصاب
أحدث تصدعا وجلبة داخل المقهى وخارجها. ولم يعد هناك من حديث إلا عن نكبة الدالية. الأم المفجوعة.
وقف الجميع يملؤهم الغيظ والحزن وهم يتأملون تلك القطرات من الدموع تسيل قطرة قطرة بدون انقطاع لأيام. والرواد يرددون
- إنها تبكي
- الدالية تبكي
- إنها تبكي عناقيدها التي أجهضت
الحزن خيم على الجميع ودموع الدالية تقطر في هدوء منكسر.
الترقب لعودة وحوش الإسمنت لاقتلاع جذور الشجيرة يرتعش في عيون الرواد. ستختفي تلك الهالة الخضراء من الساحة.
ولن يبقى سوى الذكريات
هذا ما جاء من أجله وحوش الإسمنت أعداء المناطق الخضراء.
- ناس حدهوم أحمد
وقف محمد نادل مقهى المواعيد أمام داليته الجميلة التي يحيطها دوما بكامل عنايته الفائقة. ولم يكن يعلم بأن نظرته الحالية هي الأخيرة. فقد كان يحدق فيها بإمعان غير معهود منه ودون أن
يدري أنها نظرة وداع.
الدالية كانت تتأهب لموسم ولادتها خلال الصيف الذي لاح على الأبواب. لتجود بعناقيدها الفريدة وبظلالها الرائعة فتضفي على باحة المقهى بهاءً ورونقاً من فوق رؤوس الرواد خلال كل
المساءات الدافئة والمقمرة. الجميع كان في انتظار هذه الولادة أسوة بالولادات الأخرى المنصرمة. لم يبق سوى برهة زمنية قصيرة حتى تطل تلك العناقيد الرضيعة مشرقة كنجوم خضراء تكاد تهتف بألحان الربيع والصيف الذي يليه وقد تزامن مع حلول شهر رمضان الكريم . ليخلو الرواد لسهراتهم إلى غاية ميعاد دق الطبول إعلانا لوقت السحور.
هاهي الدالية قد أورقت ونشرت براعيمها الورقية الخضراء فتحولت إلى غطاء نباتي باهر. وكان النادل محمد مسرورا وفخورا بها في آن . فهو الذي لم يتخل يوما عن إروائها بالماء الزلال الصافي والنظيف فكان يزيد في إحيائها وبعث الحياة فيها لتجود هي أيضا على فضاء المقهى بعناقيدها المثقلة بحبيبات العنب ليتذوقها الفقراء والمعجبون بعد الفطور خلال الشهر المقدس.
الرواد يثنون على الدالية وخيراتها التي تكون دائما في متناول الجميع بدون استثناء .إنها محط إعجاب وحب وحنان .
فجأة وبدون سابق إعلام هجمت وحوش الإسمنت لتمزق الأوراق بلا رحمة أو ضمير وذلك قبل استئناف الأشغال الوهمية فكأن بينهما ثأر وانتقام . لم يبق سوى أعواد الشجيرة مغروسة
بثبات في الحوض المسيج الذي بناه لها محمد بكل شغف واعتزاز. وبعد الهجوم أصبح الفضاء كأنه أصيب بزلزال.
لاحظ الرواد قطرات مائية صافية لامعة مثل الضوء تنبثق عن رأس الجدع المقطوع والمتفرع من الحوض. كانت دموع الدالية شبيهة بدموع أم ثكلى فقدت فلدات أكبادها. هذا المصاب
أحدث تصدعا وجلبة داخل المقهى وخارجها. ولم يعد هناك من حديث إلا عن نكبة الدالية. الأم المفجوعة.
وقف الجميع يملؤهم الغيظ والحزن وهم يتأملون تلك القطرات من الدموع تسيل قطرة قطرة بدون انقطاع لأيام. والرواد يرددون
- إنها تبكي
- الدالية تبكي
- إنها تبكي عناقيدها التي أجهضت
الحزن خيم على الجميع ودموع الدالية تقطر في هدوء منكسر.
الترقب لعودة وحوش الإسمنت لاقتلاع جذور الشجيرة يرتعش في عيون الرواد. ستختفي تلك الهالة الخضراء من الساحة.
ولن يبقى سوى الذكريات
هذا ما جاء من أجله وحوش الإسمنت أعداء المناطق الخضراء.