الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ليتيتيا لاندون "لا تنساني"

تاريخ النشر : 2022-12-10
ليتيتيا لاندون "لا تنساني"

ليتيتيا إليزابيث لاندون (14 أغسطس 1802 - 15 أكتوبر 1838) شاعرة وروائية إنجليزية ، اشتهرت بالأحرف الأولى من اسمها LEL

بقلم: محمد شحاتة حسين - شاعر وكاتب جمهورية مصر العربية 

ربما أثناء تصفحي للشعر، توقفت طويلا عند عنوان هذه القصيدة أولا، فقد كان أول بيت شعر قلته في حياتي وأذكره هو "يا قمر الليالي لا تنساني"

لذا قررت القراءة دون أي معرفة عن هذه الشاعرة أو أي من قصائدها من قبل حتى وجدت ما يستحق أن أكتبه من أجلها

تقول ليل في قصيدة ترجمتها إلى العربية بعنوان "لا تنساني"

هل هذا هو الدافع الطبيعي للقلب

وعيه بالخلود!

الذي يجعل سعادته في أن يُتذَكَر؟

الذاكرة_ يشتريها البطل بدمه

والوطني بتضحيته الفخورة بنفسه

والشاعر بموسيقى عوده العذبة

والتي منها مشاعره التي هي أوتاره الخفية

كلا، حتى الأثرياء العبثيون يبنون القصور

ليجعلوا أسماءهم خالدة

فهل منها واحدة مبهجة في الذاكرة

مثل حياة العاشق الصغير؟

الآملُ أن تُعرف صورته مطمئنة

تُستدعى كل الأفكار الحلوة في قلب مغرم واحد

الصورة التي تقع أمامي الآن

أيقظت هذه الأفكار على العشب

منتعشة مثل مشاعره الجديدة تجثو على ركبتيها

بينما من خلال أغصان شجر الزان الخضراء الغامضة

تسقط أشعة الشمس كالمطر

وفي الخلف، وعلى سحابة مشرقة اشتعلت باللون الأرجواني

من بريق جناحيه

يطفو الإله الصبي (كيوبيد تقصد)

الذي يبتسم ويتنهد ويُدمع

والذي رغم ذلك حكمه من حديد

أعار الشاب سهما ذهبيا من جعبته

والذي تلقفته يد الشباب المتلهفة لتنحت على اللحاء

هذه الكلمات الرقيقة للغاية

"لا تنساني"

متذمرا بإحدى تلك الأغنيات الرقيقة

التي لها صدى في قلب كل عاشق

الموجة التي تتجول في الغناء

تحمل أوراق الشجر والزهور معك

لسيدة قلبي

نفثة دعاء مني

الرياح التي تطوف حول البستان

وتقبل كل زهرة ليلا

سأبعثها إليك

مقترنا حبي بتنهدي

القشرة التي تظهر كلماتي المحفورة

التي قد تلبيها عين عذراء

تناديها "لا تنساني"

بهذه الكلمات تدفقت الشاعرة الإنجليزية ليتيتيا لاندون لتصف فعلا من روائع الفعل البشري، ألا وهي سمة البحث عن الخلود، وكيف يحاول كل إنسان أن يفعل ذلك على طريقته حسب قدرته. وأن هذه السمة ربما هي الدافع الطبيعي للقلب، لفعل القلب. الذي لا يعرف سعادة كسعادة أن يتذكره أحد.

لقد فكرت ليتيتيا لتجد أن الفعل البشري لا دافع له سوى صنع الذكرى، أن يدوم ليتذكره أحد.

وأن كل أفعالنا مدفوعة بهذا الوعي القلبي.

وبعد مرورها على الشعراء والأغنياء والوطنيين الذين يضحون بحياتهم. وجدت أن الرغبة المجردة في الخلود قد تجلت في قلب العاشق..

الذي وفي ظروف رأت بحسها الشاعري وصف مشهدها الذي بدا مشهدا أسطوريا، من غيوم فضية وأشعة شمس متساقطة كالمطر من بين أغصان شجر الزان الضخمة، لتصنع لنا صورة أسطورية للحظة التي يهم فيها العاشق بتلبية نداء قلبه في إيجاد وسيلة للخلود. وليس للعاشق سوى أن يحفر بسهم ذهبي أعاره إياه الإله الصبي ليحفر به كلماته، وهو يترنم بكلمات أغنية ، لا نعلم إن كانت حقيقية سبقت الشاعرة أم من اختراعها داخل القصيدة، وهو يشعر بالتنهد والتذمر، على جذع شجرة وعلى أغلب الظن جذع من جذوع الزان المنتشرة في القصيدة.

حافرا على اللحاء كلمات بسيطة رقيقة ، وهو مملوء بالشجن " لا تنساني".ودافعه أن ربما ترى تلك الكلمات عين عذراء فتلبي نداء الكلمة " ألا تنساه"

هذه المشاركة الوجدانية بين العاشق ومعشوقته ورغبته في أن يعرف الآخرين أن هناك عاشق عاش وأحب وأنه يعاني ويرجو ألا ينساه أحد.

نرى في حياتنا اليومية وكذلك أفعالنا، رغبتنا في أن يعرف الناس أننا نحب، بالطبع ليس كل البشر لديهم هذا الفعل، لكن كثير منا لديه تلك الرغبة العارمة في أن يعرف كل من يهمه الأمر أو لا يهمه من الشهود أو الغائبين أن هناك إنسان أحب وسجل من قصة حبه ما يراه يستحق البقاء.

ولعل كلمة "لا تنساني"

هي خلاصة التجربة الحسية للعاشق، خوفه من أن يُنسى ، خوفه من أن يضيع حبه بلا معنى.

نرى في كل مكان ، في الأتوبيسات، في القطارات، وعلى الصخور، وعلى الأعمدة والجدران و في الشوارع، وعلى ورق العملة، تلك العبارات المليئة بالحب والتي يذكر فيها الكاتب أحيانا اسمه واسم حبيبته أو لا يذكر، وكل هدفها هو تخليد الذكرى.

وكأن الوعي البشري لا يهمه حامل الذكرى قدر ما تهمه الذاكرة نفسها، أو أنه يؤمن أن الذاكرة هي الإنسان وعليه فكل من سيتذكر ما قال صار جزءا منه، صار فيه شيء يشبهه، فأيا من يكون الذي سيقرأ هذه الكلمات فهذا لا يعني العاشق إنما يعنيه أن هناك من قرأها بالفعل. وبذلك فقد ترسخت في الذاكرة العامة دون تحديد أشخاص، وبذلك تحقق فعل الإستمرارية في التذكر والذي بدوره سيؤدي إلى الخلود، في تلك اللانهائية من تناقل الذكرى!

إلا أن العاشق في قصيدة ليتيتيا تخيل شرطا، عسى أن تلبي نداء الكلمات عين عذراء، فهو يتخير من الذاكرة العامة عذراء، ربما لتصوره أن الكلمات حين تصادف عين عذراء فذلك أدعى لها بفعل الشعور الذي يريده من حب وشجن وحنين، وذلك ما يريده العاشق من الخلود.

إن الذكرى المكتوبة هي نوع من صنع وامتصاص مشاعر كل من يقرأ هذه الذكرى، هي أشبه بالطلسم، أو السحر العابر للأزمنة، فكلما فكر العاشق الكاتب أن هناك من سيقرأ كلماته زاد شجنه وحنينه إلى محبوبته، بل إلى الحب نفسه، متجاوزا المحبوبة بشخصها.

إننا أمام حالة من التشابك الروحي، حالة من التخاطر بين الموجودات، يستقي من خلالها العاشق أحاسيس يتوهمها قاصدا أو يؤمن بحدوثها، حين يتصور اللحظة التي سيقرأ أحدهم فيها كلماته، فبماذا سيشعر القارىء يا ترى؟ بالتأكيد ، كما سيتصور العاشق، سيشعر بالشجن والحب والحنين ..، وحينها يحدث السحر، سيشعر العاشق بمزيد من الشجن والحنين، وشعوره أن هناك قضية يعيش من أجلها وشاركها غيره من البشر ويحب أن يشعر الناس بما شعر به.

ربما أحيانا يتجاوز الشعور لزومية وجود البشر، لتبقى الكلمات المحفورة وحدها هي المسؤولة عن فعل الخلود.

إن قضية هذا النوع من الخلود، مرتبطة كل الإرتباط بمعرفة كامنة فينا وإن لم نكن قادرين على وصفها بدقة، منظومة متكاملة من التخاطر الشعوري، التواصل، تكمن في الوجود، ولعل المحبين دون غيرهم عرفوها على سجيتهم واشتغلوا تبعا لها، دون أن يعرفوا كيف يحدث ما يمكنه تسميته بالسحر!

إن ليتيتيا نفسها وقعت في شرك هذه الشبكة الوجودية، لقد شعرت بأن شيء ما هناك يحدث، وحاولت تفسيره بنصها الذي رأيت ترجمته وشرحه تبعا لتصوري، لقد ردت كل هذه الشبكة إلى القلب بدافعه في الخلود، وإلى الذاكرة لتكون محلا لهذا الخلود.

إن وعي ليتيتيا بهذه المفاهيم أظن جادا أنه يحتاج إلى دراسة حقيقية، فهذه القصيدة ليست قصيدة مرت صدفة أمامي، بل هي هبة جاءت في وقتها.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف