الأخبار
2024/7/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أَضْغاثُ أَحْلامٍ

تاريخ النشر : 2022-11-30
أَضْغاثُ أَحْلامٍ
أَضْغاثُ أَحْلامٍ

قِصَّةٌ قَصِيرَةً

بِقَلَم: أ . خالد الزبون - كاتب فلسطيني

أَمَامَ عَيْنَيْهِ كأطيافٍ جَمِيلَة، اِرْتَدَى مُلَابَسَة وارتشف فِنْجانَ
الشَّاي وغادرَ لِيَتَقَدَّم لِوَظِيفَة قَرَأ إعْلَانَهَا فِي جَرِيدَةٍ
الشعب ، لَكِنَّهُ كَانَ متفاجئا مِنْ الْمَكَانِِ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ
الِامْتِحَان مَسْرَح اللُّؤْلُؤَة، عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ سَاعَةٍ
فِي الْمَكَانِ الْمُحَدِّد للِتَّأكُّدِ مِنْ وُجُودِ اسْمُك عَلَى قَائِمَةِ
الْمُتَقَدِّمَيْنَِ وَفِي الشَّارِع يَنْتَظِر أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ ساعَةٍ
فِي انْتِظَارِ الحافِلَة فِي أَجْوَاء مِن بِدَايَتِهَا تَزِيد حَرَارَة
الطَّقْسِ مِنْ التَّوَتُّرِ وَالِانْفِعَال، وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ
يتبرم كَثِيرًا سَائِقٌُ الحافِلَة، مُعْرَبًا عَنْ غَضَبِهِ عَلَى
الْمُشَاةِ بِأَنَّهُم يَعَبُرُون الشَّارِعَ كَمَا يَحْلُو لَهُمْ وَهَذَا
لَمْ يَلْتَزِمْ بِالْإِشَارَة وَإِعْطَاء حَقِّ الأَوْلَوِيَّةِ ، يَا لَهُ
مِنْ يَوْمِ عَصِيب مُنْذ بِدَايَتِه حَتَّى المذياع لَمْ يَعْمَلْ مِمَّا
زَادَ مِنْ ضِيْقه وَتَبَرُّمِه , أَمَّا الرِّكَاب حَدَثْ وَلَا حَرَجْ
أَحَدُهُم ذَاهِبٌ للمحكمة لِلشَّهَادَةِ فِي قَضِيَّةِ اعْتِدَاء وَآخَر
يَتَّهِم جَارَه بالاعتداء عَلَى أَرْضِهِ وَأَخْذ مِسَاحَة مِنْهَا بِغَيْرِ
حَقٍٍّ ، وَامْرَأَةٍ تَحْمِل مَعَهَا كَثِيرًا مِنْ النَّعْنَعِ لِبَيْعِه ،
وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَمْتَهِن التَّدْخِينَ فَكُلّ مَمْنُوعٍ فِي الحافِلَة
مَرْغُوبٌ بِه ، وَمَن شُبَّاك النَّافِذَة الْأَرَاضِي الوَاسِعَةِ عَلَى
مَرْأًى الْبَصَر تَتَلأْلأ بِاللَّوْن الْأَصْفَر فَهِي مَزْرُوعَة
بِالْقَمْح . وَيطلق خياله بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ فَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلًا
وَزَوْجِة وَأَوْلَاد ، وَحَيَاة كَرِيمَة تُحَقِّقِهُا لَه الْوَظِيفَة ،
الَّتِي طَال انْتِظَارُهَا ، وَصَلَ إلَى مَيْدَان السَّلَام وَيَعْلُو صَوْت
بَائع الْجَرَائِد.. فَجْر . . شَعَب . . عَوْدَة . . وَرَائِحَة الفلافِل
مِنْ مَطْعَمٍ أَبُو عَلِي يَكْثُر النَّاسُ حَوْلَهُ ويزدحمون مِثْل زَحَمَة
الْمُتَقَدِّمِين لِلْوَظِيفَة، حَيْث تَفاجَأ مِنْ كَثْرَةِ الْحُضُور ورقمه
عَلَى الْكَشْفِ خُمْسُمِائَة وَسِتِّين ، عَدَدٌ كَبِيرٌ عَلَى أَرْبَعَةِ
وَظَائِف ، وتبدأ المنادة عَلَى الْأَسْمَاء مُحَمَّد سَعِيد ، نَعَمْ أَنَا
هُنَا ، هَيَّا أَسْرَع ، لَكِنْ كَيْفَ الْوُصُولُ إلَى مَدْخَلِ الْمَسْرَح
أمَام هَذَا الْعَدَد الْكَبِير ، سأحاول ، وَبَعْد مَشَقَّةٍ دَخَلَ إلَى
القاعَة الْكَبِيرَة بَعْدَ أَنْ تَمَّ التَّأَكُّد مِنْ شَخْصِيَّتِه،
فَحْصٌ للبطاقة أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَبَعْدَ أَنْ أَنْهَى الِامْتِحَانَ
عَادَ إلَى مَنْزِلِهِ بِكُلّ إحْبَاط وتشاؤم فَقَد تبخرت أحلامه
بِالْوَظِيفَة وَالْمَنْزِل وَالزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف