الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التكنولوجيا الرقمية في عالم السياسة: تغيير لمصلحة من؟ وسلطة من ضد من؟

تاريخ النشر : 2022-11-24
التكنولوجيا الرقمية في عالم السياسة: تغيير لمصلحة من؟ وسلطة من ضد من؟

بقلم: صابر رمضان 

برزت وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي ومختلف شبكاتها، لتكون محرك جديد للتاريخ البشري إلى جانب الحروب ومختلف التفاعلات البشرية على امتداد رقعة عالم اليوم بكل معانيه الجيوسياسية والاجتماعية والحضارية والفكرية. ومما زاد من قوتها وفاعليتها وانتشارها أنها مجانية وسهلة الاستخدام وشعبية وعالمية ،ومتعددة الوسائط . 

تزايدت الأحداث التي عكست هذا الدور الفعال بشكل حرج ومثير، من حادثة جورج فلويد في ايار 2020، وباتريك ليويا ابن 26 عاما والذي اطلقت النار على رأسه  وانتشر بفعل مقطع فيديو، إلى فضيحة شركة يونايتدايرلاينز عام 2017 التي ارغمت مسافر على النزول من إحدى طائراتها في مقطع فيديو اخر ، نتج عنه انهيار للبورصة بنسبة 4% ، إلى الهجمات التخريبية على محلات ملابس تابعة لشركة اتش آند إم السويدية عام 2018 بسبب عنصرية ونشر صور مثيرة لطفل على قميص يعود للشركة كتب عليه (اروع قرد في الغابة).وليس نهاية حادث مقتل الشابة الكردية الايرانية (مهسا اميني) ابنة 22 عاما في 13-9-2022 ولغاية الآن خلقت ربيعاً فارسياً ما زالت ايران تعيش تداعياته في المظاهرات والاحتاجاجات، وانعكاساته على برنامجها النووي وتدخلاتها في اوكرانيا ، ولبنان والشرق الاوسط بشكل كبير،جعلته يسير وفق مسار وعلى غرار الربيع العربي بفعل حادثة الشاب التونسي محمد البوعزيزي في التي شكلت أول موجات التغيير الرقمي في عالم السياسية والمجتمع عام 2010 فقد استطاعت الحادثة ان تجعل من عربة خضار بؤرة لتغيير وجه تونس ، وتفاعلاتها حتى الان بلا نهاية واضحة. بينت هذه الاحداث وتكرار شبيهاتها اليومية، أن عالم السياسة بات محكوما لسلطة التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل والشبكات الاجتماعية، والنشطاء والمؤثرين على نحو غير مسبوق.

على وقع هذه الاحداث ونتائجها وتداعياتها، يتبادر للاذهان عمق الاسئلة التي يمكن ان تطرح لتدق عالم السياسية بشكل قوي. هل يمكن لوسائل التواصل والشبكات الاجتماعية حقيقتا ان تحل محل البرلمانات المنتخبة والمؤسسات؟ التكنولوجيا الرقمية أهي أداة للتواصل أم للتخريب والدمار ومتى تكون هذا او ذاك الخيار؟ كيف يتم بلورة محتوى وسائل التواصل والشبكات إلى مادة تنتج الاحتاجاجات والمظاهرات والتوتر وتؤطره بشكل مخيف؟ كيف يعمل وعي المجتمعات وثقافتها وحضارتها لكي تكون فاعل ايجابي مقابل أداة من ادوات الشبكات ، والفاعلين الخارجيين لتحقيق أهداف سياسية مما يجعلنا أمام ظاهرة " الارهاب الرقمي "؟ . كيف وقعت الدول والحكومات فريسة سهلة أمام هذه التكنولوجيا المغيرة ؟. كيف تعمل الولايات المتحدة الامريكية زتستغل وسائل التواصل والشبكات الاجتماهية كما بقية الدول لكن بشكل منظم وفاعل أكثر ؟.

أزعم انه حتى نفهم كل ذلك ، يجب أن نضعه في سياقه التطوري. تسيطر الليبرالية او الليبرالية الجديدة على عالم السياسة اليوم، وتمثلها الولايات المتحدة الامريكية بقوة. محور الليبرالية هي الهيمنة بكل مضامينها، وهي قائمة بالاساس على تحرير كل شيئ من هيمنة وسلطة الدول والحكومات لصالح اليد الخفية الليبرالية. في لااقتصاد يتم تحرير الاسواق والمنشأت والمؤسسات التجارية وخصصتها، وكذلك يتم تقييد سلطة الدولة في مجال الطاقة والموارد والطرق والموانئ والحدود البحرية والتضييق على قرار الدولة هنا ايضاً، وذلك بمنظمات اقليمية مخترقة لصالح الييبرالية !. في القضايا الأخرى يتم رفع يد الدولة والحكومات عن المجتمع وهويته وثقافته وقيمه عبر خلق عالم موازي تماماً إسمه المجتمع المدني او منظمات المجتمع المدني، شئنا أن أبينا. وفي سياقات أخرى لجأت الولايات المتحدة الامريكية عام 2011-2012 بانشاء مبادرة تحت مسمى مبادرة الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الارهاب أو ما يطلق عليه أحياناً (استار كوم). هذه المبادرة والشبكت الاجتماعية في قلبها تهدف إلى إحداث تغلغل غير مسبوق في المجتمعات وثقافتها ومناهجها وقيمها وسلوكها ،تحت مسمى او شعار مكافحة الارهاب. 

وفي هذ الاطار تجري عدة تدريبات امريكية تعقد بشكل حثيث لتعليم الافراد على كيفية توظيف واستخدام وسائل التواصل والشبكات الاجتماعية من الناحية الاجنماعية والفنية والتقنية مثل الفيديو ، ونقل الرسائل وتعميم االخبار ونشرها بصورة درامية مثيرة تحقق ما رسم لها من أهداف. لكل ذلك لا يمكن فهم التكنولوجيا والرقمنة بعيداً عن السياق الليبرالي والهيمنة والفوضى الخلاقة والمنظمة على نحو دقيق. هذا جانب يتغافل عنه المنتفعون  ويجهله الجاهلون، زالواعين بارادة او بدون، وهنا يبرز سؤال أخر ، ما هي الضمانات لعدم استخدام هذه الشبكات وسائر الادوات مثل المجتمع المدني ضد ثقافة بلد او مجتمع وادخاله في عالم الغيب ؟؟.

قد يستفز ذلك العاملين في حقل الحقوق والحريات في نطاق اقيلمهم الضيق، ويزعمون انهم يعملون بنزاهة ، ولا اريد اتهامهم انهم اجندات اجنبية أو غير ذلك. وهنا يتحتم على الدول ان تكون ذات المعية في التغيير واحتوائه وذات مصداقية واستراتيجية واضحة ورؤية محددة حتى لا تقع فريسة للانهيار وليس فقط التغيير. هل بات الانفتاح المدروس والمتدرج سبيل الدول لمنع الانهيار؟ اشك في ذلك . فمخطط الربيع العربي وهو بالاساس مخطط مدروس ما زال ماثل أمامنا ، وايرن دخلت رحلة الربيع بلا عودة !. وبات الافراد وليس فقط الدول تنادي بالتطبيع والعيش المشترك مع العدو قبل الصديق، ولنا في الخليج نماذج واضحة. وعلينا ان نسأل انفسنا لماذا المستفيد الوحيد من التكنولوجيا هو الفرد والمجموعات او المنظمات وليس الدول؟.

الدول منظمة أكثر وتحمل بالعادة فكرا أو توجها ما معروف وربما معادي للتغيير ، أما الافراد والمجموعات المتنوعة في تصنيفاتها تحمل افكار شتى واهتمامات وأولويات مختلفة ، وغالباً ما تكون ضد هيمنة الدولة وسياسات الحكومات. وهذا يجعلها مادة للشبكات الاجتماعية والتغيير الخطر. لذلك إذا نظرنا حول الية عمل الولايات المتحدة الامريكية في هذا النطاق التكنولوجي، سنرى وهنا اقتبس من كتاب بعنوان "خيارات صعبة " لوزيرة الخراجية الأمريكية هيلاري كلنتون، أن هناك تركيبة واليات عمل واضحة تقودها وزارة الخاراجية الامريكية ، وغرفة العمليات فيها والمكونة من وزيرة الخارجية ومجلس الامن القومي ، والرئيس الامريكي، ووزارة الدفاع، وضباط الارتباط التابعين للمخابرات الامريكية، وهؤلاء يعملون على الشبكات والمؤثرين والنشطاء بطرق مباشرة وغير مباشرة !

وهم قادرون على تغذية الاحتجاجات والمظاهرات واثارتها في اي بقعة كانت، والتحكم بوتيرتها لأبعد حد ممكن، فمثلا كل الدول تستخدم ، وتوظف تلك الشبكات لكنها تكون بالعادة لاهداف محدودة وبقدرة متدنية، وهذا يبرز سؤال التفاوت، بمعنى لماذا تكون في بعض الدول فاعلة ومؤثرة اكثر من دول اخرى مع انها بنفس المنطقة وتواجه ذات الاحداث؟ مثل ايران – البحرين،ليبيا القذافي وتسريبات ويكليكس،الباكستان وموقفها من الحرب الروسية -الاوكرانية واسقاط رئيس وزرائها، الاضطبرابات في سوريا ومحاولات قلب النظام كليتاً،وخلق الثوار والمتمردين وهندسة توجهاتهم السياسية وترحكاتهم الميدانية، لماذا لا تجد الشبكات الاجتماعية والاضطربات في- الكيان الاسرائيلي المحتل- ذات الدعم والتوجيه والتكوين والتوجيه في قضايا العنف والقتل واحتجاجات الشارع العربي هناك مع أنها قضايا توازي في المعاناة والاصابات أكثر من غيرها؟.  زلماذا دعمت الشبكات المنشقين في الصين وبورما؟.

لماذا تنجح الولايات المتحدة في ذلك لدرجة ان وزبرة الخارجية هيلاري وصفتها على انها ثورة امريكية ضد حالة الركود السياسي العربي او الستاتيكو العربي؟ ولم تبالغ عندما وصفت التكنولوجيا على انها فن الحكم في القرن الحادي والعشرين. إن الولايات المتحدة الامريكية تستخدم الشبكات الاجتماعية والنشطاء والمنظمات ضد كل من يناهض او يعارض سياساتها او مواقفها،وفي ذات الوقت المنطقة تواجه ازمة المنبرين للدافع عن الحقوق الفعلية والوطنية في سياق مضطرب ومتعثر وجدلي للغاية. وذلك يوقعهم في شرك الهيمنة الامريكية والتوجيه عن بعد لمجمل القضايا،ليكون التغيير مثار جدل بين الداخل للداخل وبين الخارج من اجل الخارج، لكن تبقى هذه الجدلية بلا مخرج ولا حل . وكم نحتار في سؤال  كيف يمكن لحدث في أصغر زقاق في أقصى ريف او قرية في اي بلد أن يقلب الاوضاع راساً على عقب ويقلب أنظمة برمتها بعد أن كان الانهيار  والتغيير من ضروب المستحيل؟. نحن أمام منظومة من الاسئلة والاسئلة المضادة في سبيل الوصول لمنطق يحكم المعادلات ويفسرها. 

إن العالم بموجب ذلك دخل مرحلة الارهاب الرقمي والتكنولوجي لعصر ما زال في عالم الغيب، وتغيير لا يحمل أهدافاً سوى تلك التي يسعى اليها صانعوها. في النهاية،  التكنولوجيا حقيقة قائمة ومستمرة ، وتحتاج إلى سلسلة عمليات سياسة واجتماعية واقتصادية وثقافية وتربوية لبناء سد منيع على الاقل أمام تداعياتها السلبية على المجتمعات. هل نحن جاهزون لذلك،وهل نحن على مستوى هذه المعضلة الشريرة؟.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف