الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شيخة ذلك الحي.. اُرقدي بسلام

تاريخ النشر : 2022-11-23
(رثاء والدة صديقي المهندس أستاذ حامد عن لسانه لمرور عام على وفاتها )

بقلم: أحمد جابر محمد

كان ركن بيتنا لطيفاً تزوره النسمات من كل حدب وصوب تسمع صوت طرق الباب منذ الصباح الباكر كان مضيفاً عامراً لشيخ مختلف عن كل شيوخ الارض لاترد عنده حاجة ولا تعرقل أمامه قضية انها ( اُمي) شيخة ذلك الحي كما كان يسمونها امراة حكيمة وقوية تستند دوما على نفسها لاجل الجميع تقف على ثوابت الاخلاق والتقاليد والشرع ولا تحيد عنها هي لطيفة، لدرجة أنها تنسى الاساءة ولا يعرف جوهرها حقداً أو تحمل غلاً لأحد بثت في ذلك الحي روحاً كانها تنثر بذوراً للطيب والمسك ينمو وينثر عطره بمجرد أن ترفع قدمها من باطن الأرض يلجأ إليها الكهل قبل الصغير رجالاً ونساء طلبا للمشورة معطاءة حد الاعفاء تنثر عبق الكلام الطيب اينما حلت وجلست وفي اي بيت وطأت قدمها كانوا يعتبرونها طائر السعد او (البخت) على لسانهم لاتقبل بالخطأ أبداً تقف عليه حتى تصححهُ.

ثُلمت في حياتها بفقد اخي لكن كانما السماء لم تهون عليها زعلها لطيب قلبها وعطفها موزعا كرحمة الله ع عباده تفيض به على محيطها في ذلك الحي فمنحني الله لها كجبر لخاطرها بذات العام حتى اصبحت تناديني (جبارة) كانت ترى فيّ عوض الله احبتني واغدقت علي بالاهتمام لديها قدرة ربانية عجيبة تشعر بي دون ان تراني من مخارج حروفي تعلم بأنني لست بخير رغم انني امسك نفسي كثيراً كي لاتعلم، ولكن في كل مرة افشل في اخفاء ذلك عليها كنت دائم اللجوء اليها، فهي موطني وذاتي واركض كطفل صغير نحو أواني الطبخ هذه هي عادتي متيقنا بأن شيئا من بين اصابعها ينساب على ذلك الطعام، فيضيف له نكهة خاصة ربما شبيهة بفاكهة الجنة.

وإن مرت من امامي تبقى روحي تتحسس عطرها كي يلامس أنفي ويعيدني بذاكرتي لحضنها حينما كنت صغيراً فلاتتوه عن مخيلتي كل المواقف معها ولاصورتها بفرحها وحزنها وألمها ومرضها ولها من البصمات ما لاتعد ولا تحصى طُبعت على جبيني لايمكنني نسيانها كانت تنتظر عودتي وانا احمل شهادتي من الثانوية خوفاً في داخلها لئلا اخفق ويكون التجنيد الالزامي طريقي فدخلت عليها وانا احمل شهادتي ونجاحي على كفي لكن قلبها كان يقف على اعتاب الباب يستقبلني ومن فرط فرحتها بكت وغطت على مرضها وقالت لي ( انت دواية) حتى ملئت تعابير وجهها فرحاً وانا اعلم هي ذات الفرحة وهي بمثواها حينما اجتازت الان ابنتاي الثانوية وليتها كانت معنا بجسدها وروحها.
 
إنها جميلة كالبلورة ولامعة كالماس داخلها النقي يشع لخارجها فتبرق وتنشر الضياء بكل مكان امراة لا مثيل لها بمجرد ان تلامس اطراف اصابعها جسدي ينسلخ الهم ويتلاشى وتزهر روحي بكلماتها التي ارق من النسمة وكانني تخلصت من حمل ثقيل لكن عمر الزهور بديهيا ليس طويلاً وليس بيدنا شيء شاء ربها ان تُقطف وحال بيننا وبينها اللقاء من جديد سوى في الاحلام.
 
لم تكن أيادي ابناؤها فقط تضع التراب على قبرها مودعين وانما اكتظ التراب بالأيادي والعويل لان الكل كان يراها امه من زاوية اخرى ومنهم من علا صوته ( مودعة بالله سيقف لكِ الحسين) وكأن راية ذلك الحي انتكست بفقدها واختفى الضياء وساد الحزن والظلام كسرت نفوسنا واحدثت شق بأرواحنا وخيم على وجوهنا الشحوب فالخيمة التي اجتمعنا تحت سقفها وكنفها واحتمينا بها سقطت وانهارت وماعاد يحتوينا شيء و فقدانها كان علينا كهول انهيار الجبال فاليد التي تطبطب قد رحلت.. واللسان اللاهج بالكلام الطيب قد رحل... والحضن الذي نترمي بيه طلبا للامان قد رحل... والعين التي تفيض شوقا وسعادة تنتظر قدومنا خلف الباب قد رحلت.. ولا معنى وطعم للحياة بدون رؤية وجهك الباسم حتى البيت حيث تسكنين انطفأ كأرواحنا التي ودعتكِ ولم ترتوي منك بعد.

أسفاً على تراب غطى جبينكِ لكن لا اعتراض على حكم الله .
أنا لم امنحها ولو جزء ضئيلاً من حقها في هذا الوصف والله لست مبالغاً بكلامي وكل من قطن الحي وانا على يقين يعلمون حقيقة كلامي وهم انفسهم اليوم يحزنون لمرور عام على فقدها... رحمك الله يا امي واسكنك فسيح جناته مراره الفقد غصة تعلمين ما مداها.. ارقدي بسلام جوار ربكِ واتركي لي ولو طرف من ثوبك استدل به طريقي واهتدي حينما اريد عبور الشارع كما كنتي تفعلين.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف