الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جزائريون يموتون داخل السّجون لمواقفهم السياسية

تاريخ النشر : 2022-11-22
أمام دعوات للمّ الشمل العربي في قمّة الجزائر العربية

جزائريون يموتون داخل السّجون لمواقفهم السياسية

بقلم: علجية عيش

ربما الفضاء الأزرق أوصل صدى جزائريين وهم ينقلون صورا وكتابات عن معتقلين سياسيين يموتون داخل السجون وآخرون لا زالوا وراء القضبان الحديدة منذ ثلاثين سنة وربما في زنزانات بسبب مواقفهم السياسية، الحديث ليس عن معتقلي الحراك الشعبي، بل عن أعضاء محسوبين على تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ FIS، هم ليسوا أعضاء عاديين بل يمثلون كوادر الدولة فمنهم أئمة وعلماء، أطباء و مهندسين ومفكرين، يتمتعون بخبرة علمية عالمية تشهد لهم دول أوروبية، فالحديث عن حرب أهلية وقعت في الجزائر بين النظام والجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقعت فيها أخطاء من كلا الطرفين، ووقع فيها عنف بين الطرفين وإن كان الشعب هو الضحية، فالضحية الثاني وبلغة الصراحة هو الفيس الذي أجهضت السلطة حقوقه بعد فوزه بأغلبية الأصوات و توقيف المسار الإنتخابي، وقرار التوقيف يعني ان السلطة لم تكن جاهزة لهضم مشروع الفيس وبرنامجه السياسي في بناء دولة إسلامية.

وبلغة الصراحة فالفيس الحزب الوحيد الذي وضع قواعد تأسيس الدولة الإسلامية، فيها تنعم و تعيش كل فئات المجتمع تحت شمس الحرية و تحت سقف العدالة، كما انه لم يكن له ( اي النظام) استعداد لتقبل الهزيمة السياسية، فكان القرار توقيف المسار الإنتخابي، و إجهاض المشروع الإسلامي بالإعتماد على نظرية المؤامرة، كانت السلطة ومن يقفون وراءها يرون الإسلام أنه خطر يداهمهم ، وأنه دين عنف لأنه نادى بقطع يد السارق ورجم الزناة ودعا إلى الجهاد لمحاربة الكفّار، لم تكن السلطة مهيأة لا سياسيا ولا فكريا لمواجهة الفيس لا كحزب و لا كبرنامج، كانت ترى فيه الخطر القادم، رغم أن المنضوين تحت لوائه كانوا محسوبين على حزب جبهة التحرير الوطني، فالشيخ عباسي مدني رحمه الله وقادة أخرين كاوا في صفوف الثورة الجزائرية وكانوا محسوبين على الأفلان و هذا يعني في نظرها أن أبناء النظام تمردوا وخرجوا عن الطاعة ولابد من تأديبهم و معاقبتهم.

طبعا شئنا أم أبينا أن النظم الإستبدادية دوما في صراع مع الأحزاب التي تتبنى أسلوب المعارضة ، ففي نفس الفترة التي عاشت فيها الجزائر أزمة أمنية وكانت تسعى إلى إيجاد سبل للسلام كانت دول أخرى كما حدث في الموزمبيق والحرب الأهلية بين حزب فريليم الحاكم و بين منظمة رينامو المتمردة و حتى دول عربية أخرى عاشت نفس الحرب الأهلية انتهت بإبرام اتفاقيات السلام بالسبل السياسية، في جو تسوده مشاعر التسامح والإعتزاز بالإنتماء إلى البلد الواحد، كانت مطالب الفيس شرعية وهو تطبيق الشريعة الإسلامية و كان على السلطة أن تمنح الفرصة للتيار الإسلامي لإدارة البلاد، طالما الدستور الجزائري يعترف بأن الإسلام دين الدولة وطالما الفيس لم يطالب كما طالبت جماعة "الماك" بتاسيس دولة موازية أي الحكم الذاتي، طبعا لكلٍّ له رؤيته في الإصلاح و التغيير والإدارة والتسيير والحكم، أي القيادة إن صح التعبير، كان الموقف صعب للغاية فكانت حتمية المصالحة هي الحل، حينما التفت جماعة من الأحزاب بما فيهم حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة عبد الحميد مهري حول هذا المشروع لإخراج البلاد من الأزمة و توقيف المسار الدموي، فكان اتفاق "سانت إيجيديو"عام 1995 بروما، التقى فيه المنتصر بالمغلوب.

وقد حظيت اتفاقية الصلح بين النظام و الفيس بترحيب كبير من الجزائريين الذين صوتوا على الإستفتاء الشعبي لهذا المشروع، إلا أن المشروع في نظر السلطة لم يكن يتماشى و طموحها في البقاء في الحكم، فتجسيدها لهذا المشروع على أرض الواقع كان شكليا على يد الرئيس المخلوع الذي قيل أنه جاء لينتقم ، و قد تمكن من البقاء في الحكم طيلة عشرين سنة بفضل هذا المشروع الذي حمل اسماء مختلفة ( الوئام، المصالحة الوطنية و قانون، الرحمة) إلى أن جاء الرئيس الحالي ، هذا الأخير في حملته الإنتخابية تعهد أنه سيكون رئيس كل الجزائريين و سيمد يده لكل الجزائريين دون استثناء، لكنه لم يف بما تعهد به، و لم تتحقق وعوده كلها، رغم إصداره مراسيم العفو على المساجين في كل مناسبة وطنية، و رغم أن خطاباته كانت ترتكز على تعزيز الحوار وبناء السلام ونشر التفاهم و التعاون.

السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو كالتالي: " طالما هو مقتنع بمحاربته الفساد ، ما الذي يخشاه الرئيس عبد المجيد تبون من أنصار الفيس حتى يبقيهم داخل السجون بعيدين عن أهاليهم و أسرهم و ابنائهم، لماذا لا يجتمع مع قادة الفيس على طاولة الحوار، هل يخشى عودتهم إلى الساحة؟ أم أن النظام يخشى من تطبيق الشريعة الإسلامية؟ أم أن هناك أوامر من وراء البحار ملزم بتنفيذها، ما جعل الأمور تعود إلى نقطة الصفر، فالحراك الشعبي هو عبارة عن تراكمات حركتها الظروف جعلها تحرك الضمائر و تغير المواقف ، حراك قاده شباب متعطش للعدالة، كان يتابع الأحداث في صمت لكن شعوره الوطني حرك فيه النزعة الوطنية و "الغيرية" على الدين و الوطن فخرج إلى الشوارع في مسيرات سلمية حركت مشاعر الراي العام الدولي، و لم تستطع آلة الجيش التحرك خوفا من أن يحدث ما حدث في بداية التسعينيات، طبعا العنف و التطرف لا ترضاه أي أمّة، لكن للحق أهلٌ، و صوت الحق لابد أن يعلو، واصحاب الحق لا يمكنهم التزام الصمت ، كان على مؤسسة الجيش إلا أن تؤيد الحراك الشعبي حفاظا على الإستقرار.

فسجناء التسعينيات لا يزالون داخل السجون لمدة تزيد عن 30 سنة، بعضهم أصيب بأمراض مزمنة، و آخرون توفوا داخل السجن، و البعض الآخر يتعرض للتعذيب و الإهانة كما حدث مع سجناء وسارة و سجون أخرى مثل سجن البرواقية و سجن عين وسارة و سيدي بلعباس و سجن الحراش..الخ، حيث نسمع عن أبشع الممارسات في حق السجناء السياسيين، المحكوم عليهم بالمؤبد و الإعدام ، تهمتهم الوحيدة هي الإنتماء إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ، رغم تحفظ الصحافة الوطنية في كشف الحقائق ونقل إلى القارئ صور عن الممارسات البشعة في حق جزائريين، إلا أن الصحافة الدولية و مواقع التواصل الإجتماعي وحتى مواقع اليوتيوب كشفت العار الجزائري، ففي الوقت الذي تعقد فيه القمة العربية في الجزائر للم الشمل العربي ارتفعت أصوات من هنا و هناك تندد بأنه كان على الرئيس عبد المجيد تبون أن يعقد مؤتمرا جزائريا ، للم الشمل الجزائري، و يزرع بذور الإستقرار ، هاهو يدير ظهره لعائلات السجناء السياسيين منذ 1992 دون نسيان عائلات المفقودين الذين لا زالوا إلى اليوم على أمل أن يعرفوا الحقيقة كاملة.

وهنا لابد لنا من التساؤل أيضا: ماذا يعرف النظام الجزائري عن السلم و السلام؟ و ماذا يعرف عن التسامح و التلاحم و التآلف؟، ولماذا يرفض النظام الجزائري إطلاق سراح السجناء السياسيين المحسوبين على الجبهة الإسلامية للإنقاذ و نحن نقرأ عن وفاة مساجين داخل السجون، مساجين كان حلمهم الوحيد تحقيق المشروع الإسلامي، مساجين يحلمون بالعودة إلى ديارهم و ينعمون في كنف الحرية و الكرامة، هي في الحقيقة أسئلة تتبعها أسئلة أخرى و كل جواب على سؤال يتولد عنه سؤال جديد، هل النظام الجزائري ضد الإسلام؟ هل الجزائر التي مات من أجلها الشهداء دولة "علمانية" ترفض إقحام الدين في السياسة؟ ما يجعلها ترفض المشروع الإسلامي؟، هل؟ و هل؟ و هل؟ ، فإذا كان الرئيس عبد المجيد تبون فعلا يريد بناء مستقبل أفضل لأبناء الجزائر، عليه أن يقف في وجه الروح العدوانية التي تسري في النظام، هذا النظام الذي يغالي بحبه للعدوان كان يُغَلِّفُ عدوانه بالدوافع والمبررات و كل ما يحمله من روح انتقامية.

إن السلم والسلام ليس مجرد صدور مراسيم رئاسية، أو اتفاقيات توقع على أوراق أو في سجل ذهبي بحضور الصحافة و أمام الكاميرات لنقلها للرأي العام بأنه في الجزائر كل شيئ على ما يرام -لا يا سادة- ، فباستثناء الذين خانوا الوطن ايام الثورة ( الحركى)، نقول إذا كان الرئيس عبد المجيد تبون يريد النهوض بالجزائر، عليه أن يمد يد المصافحة لكل الجزائريين من أجل المصالحة مع جميع الجزائريين بما فيهم أنصار الفيس، هذا الحزب الذي يضم كوادر الدولة و إطارات تخرجت من جامعات أجنبية، أرادت خدمة بلادها و تحقيق العدالة، لا أشياء أخرى تخدم أجندات أجنبية، ما يمكن قوله هو أن النظام الجزائري من خلال الحراك الشعبي تعلم درسا بأن الشعب الجزائري أصبح أكثر وعيا بما ينبغي القيام به من اجل جزائر لا تزول بزوال الرجال، و إن كان لقاء "سانت إيديدو" الذي لعب دورا في تعزيز السلام بين أبناء الجزائر قادة و أحزابا قد عرض المشاركين فيه إلى العقاب والإقصاء و على راسهم عبد الحميد مهري و حسين آيت أحمد والنفي احيانا مثلما حدث مه الشيخ عباسي مدني فإن الجزائر أنجبت عشرات من الرجال يحملون دم عبد الحميد مهري و حسين آيت أحمد و عباسي مدني و حتى بعد رحيلهم فهناك من جاء بعدهم لحمل راية الجزائر المسلمة الحرة، عاهدوا وهم على الدرب سائرون مهما كان الثمن.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف