خَاطِرِة نَثْرِيَّة
فِي مَقْهَى عَرَبِيّ قَدِيم
بقلم: أ. خَالِد الزَّبُون - كَاتِب فِلَسْطِينِي
فِي مَقْهَى عَرَبِيٌّ قَدِيمٌ يَجْلِسُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَجَبَل شَامِخٍ
مُتَوَشِّحًا كوفيَّته تَنهيدَته تُوْلَدُ مِنْ رَحِمِ السِّنِين وَحنينِها،
لَا يُخيفُه قُطَّاعُ الطُّرُقِ أَنْ يَعْتَرِضُوا حلمهُ مِنْ أَرْضِ
كَنْعَانَ بِنكهةٍ عَرَبِيَّة تُعَانِق صَحرائَها وَشَظَف عَيْشِهَا،
وَنَخْلها البَاسِق يُرَدِّدُ ذِكْرَيَات لرسام مِنْ الْفُرَاتِ وَالْيَمَن
السَّعِيد فَعَلَى أَبْوَاب الْكِنَانَة شَمْس تُرْسِلُ أَشِعَّتَها رَغِم
تَلَبّد الغُيُوم فَمُنْذ ثمان وخَمْسِين حَيَاة اخْتَلَف الْمَكَانُ وَضَاع
الزَّمَانُ وَاخْتَلَطَت الْأَوْرَاقُ وَغَابَت خُضْرَتها فكأننا غُرَبَاء
نَسِير بَيْن الْغيَّاب وَالْقُيُود الَّتِي اثقلتها طَرِيقُ الطُّغَاة فَلَمْ
تَعُدْ الْأَزِقَّةُ تَحتفظُ بِعطرنا وَلَا خَربشاتِ طَباشيرٍ عَلَى جُدْرَانٍ
بِأَمَانِيّ بِآئسَة وَخِذْلَان يَتَجَاوَزُ التضحيات فتختنقُ الْكَلِمَات
بلغَة الْإِشَارَات لتضيع بَيْن زحمات الخيبات فَتَخْتَلِط الرّوَى بِجَمال
مُقَدَّسٍ تَكْتَمِل فِيهِ الْحَيَاةُ رَغْم مُنَافِي الْأَرْض الْمُمْتَزِجَة
بأجسادنا المنهكة وَجُفُون مُثْقَلَةٍ حدقاتها بغصة مِن الْوَرِيد إلَى
الْوَرِيدِ، حَزِينَةٌ حِجَارَتهَا وَفِي مَلاَمِحهَا شَجَرة سِنْدِيان
ترْوِي حِكَايَة الزَّهْر وَالْحَجَر فَلَا عَدْنَان وَلَا قَحْطَان
يَعْرِفُنَا وَيُدَاوِي جرحنا ويضمد نزيفنا فانفاس الْخَيْل مصلوبة فِي الْهِنْد
وَالسَّند وَسط الأَشْوَاك تغفو عَلَى ارصفتها مَا تَبَقَّى مِنْ قَلْبٍ مكلوم
وَمَرَارَة أَلَم يَحْتَضِر وَمُرُوءَةٍ مَجْرُوحَة وخطيئات تَأْبَى الَسْنَا
فِيهَا أَنَّ تُصْلَبا،
وَمَع حَلَقَات سِيجَارَتِه الَّتِي تنفث دُخَانهَا وَمَع رَشْفة قَهْوَة
مَكْتُوبٌ عَلَى حَبَّاتِهَا صُنِعَت فِي بِلَادِ الْعَرَبِ يَبْتَسِمُ حَتَّى
تَظْهَرَ نَوَاجِذَه ..وَمَع ٱذَان فَرِيد الأَطْرَش.. الله أكبر الله أكبر..
مَا زِلْنَا نرسم مَع أَشِعَّةِ الشَّمْسِ الْمُرْسَلَة أَحْلَامَنَا ..
فَلَا حَدٌ يُباعدُنا وَلَا دِينٌ يُفرِّقنا لِسَانُ الضَّاد يَجمعُنا.
بقلم: أ. خَالِد الزَّبُون - كَاتِب فِلَسْطِينِي
فِي مَقْهَى عَرَبِيٌّ قَدِيمٌ يَجْلِسُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَجَبَل شَامِخٍ
مُتَوَشِّحًا كوفيَّته تَنهيدَته تُوْلَدُ مِنْ رَحِمِ السِّنِين وَحنينِها،
لَا يُخيفُه قُطَّاعُ الطُّرُقِ أَنْ يَعْتَرِضُوا حلمهُ مِنْ أَرْضِ
كَنْعَانَ بِنكهةٍ عَرَبِيَّة تُعَانِق صَحرائَها وَشَظَف عَيْشِهَا،
وَنَخْلها البَاسِق يُرَدِّدُ ذِكْرَيَات لرسام مِنْ الْفُرَاتِ وَالْيَمَن
السَّعِيد فَعَلَى أَبْوَاب الْكِنَانَة شَمْس تُرْسِلُ أَشِعَّتَها رَغِم
تَلَبّد الغُيُوم فَمُنْذ ثمان وخَمْسِين حَيَاة اخْتَلَف الْمَكَانُ وَضَاع
الزَّمَانُ وَاخْتَلَطَت الْأَوْرَاقُ وَغَابَت خُضْرَتها فكأننا غُرَبَاء
نَسِير بَيْن الْغيَّاب وَالْقُيُود الَّتِي اثقلتها طَرِيقُ الطُّغَاة فَلَمْ
تَعُدْ الْأَزِقَّةُ تَحتفظُ بِعطرنا وَلَا خَربشاتِ طَباشيرٍ عَلَى جُدْرَانٍ
بِأَمَانِيّ بِآئسَة وَخِذْلَان يَتَجَاوَزُ التضحيات فتختنقُ الْكَلِمَات
بلغَة الْإِشَارَات لتضيع بَيْن زحمات الخيبات فَتَخْتَلِط الرّوَى بِجَمال
مُقَدَّسٍ تَكْتَمِل فِيهِ الْحَيَاةُ رَغْم مُنَافِي الْأَرْض الْمُمْتَزِجَة
بأجسادنا المنهكة وَجُفُون مُثْقَلَةٍ حدقاتها بغصة مِن الْوَرِيد إلَى
الْوَرِيدِ، حَزِينَةٌ حِجَارَتهَا وَفِي مَلاَمِحهَا شَجَرة سِنْدِيان
ترْوِي حِكَايَة الزَّهْر وَالْحَجَر فَلَا عَدْنَان وَلَا قَحْطَان
يَعْرِفُنَا وَيُدَاوِي جرحنا ويضمد نزيفنا فانفاس الْخَيْل مصلوبة فِي الْهِنْد
وَالسَّند وَسط الأَشْوَاك تغفو عَلَى ارصفتها مَا تَبَقَّى مِنْ قَلْبٍ مكلوم
وَمَرَارَة أَلَم يَحْتَضِر وَمُرُوءَةٍ مَجْرُوحَة وخطيئات تَأْبَى الَسْنَا
فِيهَا أَنَّ تُصْلَبا،
وَمَع حَلَقَات سِيجَارَتِه الَّتِي تنفث دُخَانهَا وَمَع رَشْفة قَهْوَة
مَكْتُوبٌ عَلَى حَبَّاتِهَا صُنِعَت فِي بِلَادِ الْعَرَبِ يَبْتَسِمُ حَتَّى
تَظْهَرَ نَوَاجِذَه ..وَمَع ٱذَان فَرِيد الأَطْرَش.. الله أكبر الله أكبر..
مَا زِلْنَا نرسم مَع أَشِعَّةِ الشَّمْسِ الْمُرْسَلَة أَحْلَامَنَا ..
فَلَا حَدٌ يُباعدُنا وَلَا دِينٌ يُفرِّقنا لِسَانُ الضَّاد يَجمعُنا.