الأخبار
لماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروت
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بوح الذاكرة وتأمل الواقع بين يديّ كتاب "إفراط لم يكتمل"

تاريخ النشر : 2022-11-01
بوح الذاكرة وتأمل الواقع بين يديّ كتاب "إفراط لم يكتمل"
بوح الذاكرة وتأمل الواقع بين يديّ كتاب "إفراط لم يكتمل"

بقلم: طلعت قديح - عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين

تميّزٌ مستحق؛ تثري فيه مكتبة سمير منصور لمديرها العام السيد/ سمير منصور؛ المكتبة العربية بشكل عام والمكتبة الفكرية بشكل خاص، بهذا الإثراء الفكري الذي يتشرب الثقافة ممارسة وتأصيلا حاذقين، وفي إطار على يحيد عن "سكّة" الوعي المجتمعي.

كتاب إفراط لم يكتمل، كتاب يبوح بما اختمر به فكر الدكتور محمود عساف، بيد أن ما يميز الكتابة في إفراطه المعنون بـ "مقالات"؛ أنها مقالات بنكهة حارة، كالتوابل تماما.

إن أول إحساس يجربه الكاتب في القارئ؛ إحساس فوّار ما قبل التقديم، وفيه نحس بأن الارتكاز الأساسي للفكرة هو الهم الفكري، والمشاغبة العقلية التي تدع للكاتب راحة من تزاحم قناعاته وبالتالي بلورتها في تأطير كتابي فكري يولد من رحم معاناة، تأخذ شكل زخم، جعله يخط بعضه بعنوان يعبر عن الحال والحالة.

ولعل عنوان مأثورات هو المتمم لما نقول؛ فاستخلاص قول دانتي: " ...إن أشد الأماكن حرارة في جهنم محجوزة للذين يقفون على الحياد في أوقات الأزمات...."، ثم يتمم الفكرة بقول باولو فريري عن المقهورين المكتسبين الفعل المغيّر للحال عبر التغيير، والآخر شمولية التغيير للجميع دون فئة محددة، معلنا فيما سبق خلاصة الإحساس بالصراع الفكري بقول الشاعر صلاح عبد الصبور ...."فتحسس رأسك"، ويبدو أنها فورة إيصال الرسالة للقارئ.

يأخذنا د. عسّاف في رحلة فكرية مدارية، تنبش مسارات حياتية، ما بين المجتمع كمجمّع للشكل الحياتي المعلوم، ثم باحثا عن تكوين هذا المجتمع بالولوج في عالم المرأة في القسم الثاني من الكتاب، وكأن الكاتب ينحاز للمرأة بالشكل الذي لا لبس فيه، مستعينا بالقول المأثور: " المرأة نصف المجتمع"، وكأن الرجل ليس النصف الآخر، يبدو أنه كرجل أراد اصطفاف القارئ من فئة النساء لصفه. 

كان القسم الثالث للكتاب مفتاحا لما بعده، بمعنى أن الحديث عن الجامعات في هذا القسم كان التربة الخصبة التي من خلالها يمكن الانتقال للقسم الرابع وهو الثقافة، وقد وُفق الكاتب في ترتيب القسمين بتتابع، مما شكل رافدا للتوسع في بسط أطروحاته الفكرية إلى الحديث عن التربية والتعليم، وهو مجال عملي حي بالنسبة للدكتور عسّاف، ويمكننا القول أنه يضع أمام عينه تلسكوبا دقيقا للحالة التي وصل لها التعليم، وهذا ما جعله يختتم الكتاب بالقسم الأخير من الكتاب من خلال الآفات المجتمعية التي يراها وتتعايش مع كل منا في ظل انكفاء المبادئ لصالح المصلحة الشخصية وتسجيل نقاط فارقة لكينونة "الأنا" والأنا فقط.

إحدى أهم عملية الإنضاج الفكري في كتاب "الإفراط لم يكتمل"؛ الدلالات اللفظية في المعنى، ورسوخ التأصيل المعلوماتي ضمن مسار التضمين اللغوي، ونرى ذلك في جلّ عناوين الموضوعات التي نطالعها في الفهرس؛ ومنها: (تعاسة القوة النابعة من ضعف الكراهية - خطوة للخلف.. خطوة للأمام، سهم للقلب - البؤس الذي لا يتحسس الفقر - المرأة الاسفنجية، وتزوير الذات - المرأة المتذاكية وحساسية الضلع الأعوج - الوجه الرقمي في التعامل مع المرأة "فض اشتباك" - التسول الأكاديمي.. توفيق بين التزوير والجنة - النسّاخون الجدد.. وشعراء القبيلة - أبسط مما نتصور.. أخطر مما نتوقع - تصلب الشرايين في قضايا التحسين - على قيد حق واستخفاف.....) وكثير من الموضوعات التي يشكل العنوان لها موطأ كشف وتكشف للتواصل والإيصال الفكري.

ولأن كاتبنا مشغول بوفرة الهم العام والخاص؛ يقترب من حالة تمزق الروح وتزهق خلجات النفس، يحاول في ذاته الاقتراب والركون إلى هدوء في مقال "انشغال..أم شدهة بال" إلا أن الفجوة بين الواقع ومحاولة التأقلم شاسعة في ظل نقر كاتبنا قضية الكهرباء وتأثيرها على الوئام الداخلي لحالة إنسانية ليست كأي حالة على وجه البسيطة! هناك وخز ناعم يحاول د. عسّاف إيهام نفسه بالهدوء في مقال "سيكولوجيا المسؤولية والسعادة" والمضحك المبكي؛ أن الهدوء المصطنع وراءه حالة من الغضب العارم، والذي يمكن من خلاله التمني بإطلاق الرصاص بالكم الجمعي الذي يريح المعذبين من جرّاء عدم تحملهم المسؤولية كما يجب أن تكون.

يثقب د.عسّاف جدران الجامعات الفلسطينية خاصة والجامعات بشكل عام، ذلك لأن الملمّات من تسرب الخلل هي هي، وتبلغ ذروة التصويب في ذاكرة الكاتب إلى توجيه الفكرة لإنشاء "جامعة الإنقاذ" وهذا وصف يعلمنا بأننا نعيش كارثة في التعامل الجامعي الذي يكون في شكل متجر وزبائن! قد يتبادر إلى الذهن؛ أين السياسة من هذا الكتاب؛ لكننا نرى أن الكاتب أمعن في إدامة الكرابيج في ظهرها، بتأصيل المعنى الحقيقي الملموس والممارس وهو "الفساد"!

إن كتاب "إفراط لم يكتمل" محاولة كي الذات، وكي الآخر، وتصويب نيران صديقة لكنها مؤلمة، ورغم معرفتنا بالقول المأثور " آخر العلاج الكي"، فإننا نأمل أن يكون الكي فعلا الممهد للعلاج، وأحسب أن د. عسّاف نجح بنجاعة في رش الماء - دون عداوة - للتنبيه بأن هذا الحال غير مستقيم وعواقبه وخيمة في حال لم يكن هناك استيقاظ من الممارسات التي تقتل فينا معنى الإنسان.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف