حمدي فراج
عدي التميمي .. بئر بلا قرار
لا يمنع كثرة من كتبوا و ما كتبوا عن "عدي التميمي" ان أدلي بدلوي في هذه البئر العميقة الوفيرة الرقراقة في زمن شحت فيه الآبار والانهار ، نضبت و تلوثت بعد ان غشيتها الدواب واقتتلت على عتباتها واحيانا كثيرة بالت في دواخلها.
بئر عدي التميمي، لصفائها وعذوبتها ووضوحها، بئر أخرى، تشجع كل فلسطيني وعربي بل و لربما أممي ان يتشرف بالنهل منها حد الارتواء، بعد حقبة طالت واستطالت من العطش والخواء، شربوا كميات كبيرة، ولكن في كل مرة يشربون، يزداد عطشهم من جديد، ربما لأنها آبار اصطناعية محفوفة بالاسمنت الذي يحاصر فلسطين والفلسطينيين، مياهها مخلوطة بالكلور والصوديوم والديكور ، ينفقون على دعايتها وصورها البراقة الخادعة اكثر بكثير مما يخفي ضررها و بشاعتها ، فيذكرنا هذا بأكذوبة "السمن والعسل".
هل كان "عدي" اول ايقونات البطولة في فلسطين ؟
كان هناك مئات بل ألاف الحالات البطولية التي لم ترصدها الكاميرا ، التي قال عنها المحرر العسكري في جريدة هآرتس "زئيف شيف" خلال الانتفاضة الثانية قبل عشرين سنة ، انها الدبابة الجديدة في المعركة. في الانتفاضة الاولى التي لم يكن فيها لا كاميرا و لا بندقية ، حجارة فقط ، فاجأ مجموعة أطفال وحدة جنود من أربعة افراد في احد زقاق مخيم عايدة ، وأجبروهم على القاء اسلحتهم ، فانصاعوا ، احد الاولاد جمع بنادقهم ، والثاني امر الجنود بالانبطاح على الارض ، والثالث ذهب الى بيت المختار وابلغه "بالعملية" ، المختار اتصل بالحاكم العسكري وارسلوا قواتهم لتسلم جنودهم.
بعد ابراهيم النابلسي ، تنبأت والدته التي لم تذرف دمعة واحدة من عينها المدرارة ، ما فعله والد الشهيدين رعد و عبد الرحمن خازم متأثرا بها على ما يبدو ، تنبأت ان سيكون هناك مئات من ابراهيمها ، فانبثقت "عرين الاسود" في نابلس ، و سرعان ما ظهر عدي التميمي ، ممهدا لظهور عرين القدس او عرين شعفاط.
ألم يكن "نفق الحرية" ايلول العام الفائت، شيئا ايقونيا في فلسطين ، حيث تفتق رحمها لتضع حملها بالاشاوس الستة فكأنها ولدتهم مرتين.
صورة عدي، دخلت بيت كل من شاهدها ، بما في ذلك اسرائيليين، و سرعان ما شقت طريقها الى قلوب اصحاب البيوت، لتستقر هناك في الذاكرة لخمسين سنة قادمة ، كيف سمح جهاز الشاباك المغفل المفعم بالأباطيل والهالة الاستكشافية العبقرتارية بنشر هذه الصورة ، ظانا انها ستصدم الشبان الفلسطينيين وتمنعهم من التفكير بالأقدام على عمليات مشابههة.
ليست من قبيل الصدفة ربما، ان تكون نقابة المحامين بما تمثل اول من التقطت مأثرة "عدي التميمي" فتطلق اسمه على امتحان المزاولة، لانها اكتشفت انه كان "محاميا" حقيقيا عن فلسطين وقضيتها و شعبها و حاضرها و مستقبلها اكثر بكثير من فصائل "الإدعاء" الوطني والتحرري والنضالي الزائفة.
إنها الصورة ، التي قال عنها الفيلسوف الامريكي "اليهودي" نعوم شومسكي ، ستظهر اسرائيل على حقيقتها امام العالم من انها دولة ظالمة ، بعد ان كانت تنجح دوما إظهار نفسها على انها مظلومة.
بقلم: حمدي فراج
لا يمنع كثرة من كتبوا و ما كتبوا عن "عدي التميمي" ان أدلي بدلوي في هذه البئر العميقة الوفيرة الرقراقة في زمن شحت فيه الآبار والانهار ، نضبت و تلوثت بعد ان غشيتها الدواب واقتتلت على عتباتها واحيانا كثيرة بالت في دواخلها.
بئر عدي التميمي، لصفائها وعذوبتها ووضوحها، بئر أخرى، تشجع كل فلسطيني وعربي بل و لربما أممي ان يتشرف بالنهل منها حد الارتواء، بعد حقبة طالت واستطالت من العطش والخواء، شربوا كميات كبيرة، ولكن في كل مرة يشربون، يزداد عطشهم من جديد، ربما لأنها آبار اصطناعية محفوفة بالاسمنت الذي يحاصر فلسطين والفلسطينيين، مياهها مخلوطة بالكلور والصوديوم والديكور ، ينفقون على دعايتها وصورها البراقة الخادعة اكثر بكثير مما يخفي ضررها و بشاعتها ، فيذكرنا هذا بأكذوبة "السمن والعسل".
هل كان "عدي" اول ايقونات البطولة في فلسطين ؟
كان هناك مئات بل ألاف الحالات البطولية التي لم ترصدها الكاميرا ، التي قال عنها المحرر العسكري في جريدة هآرتس "زئيف شيف" خلال الانتفاضة الثانية قبل عشرين سنة ، انها الدبابة الجديدة في المعركة. في الانتفاضة الاولى التي لم يكن فيها لا كاميرا و لا بندقية ، حجارة فقط ، فاجأ مجموعة أطفال وحدة جنود من أربعة افراد في احد زقاق مخيم عايدة ، وأجبروهم على القاء اسلحتهم ، فانصاعوا ، احد الاولاد جمع بنادقهم ، والثاني امر الجنود بالانبطاح على الارض ، والثالث ذهب الى بيت المختار وابلغه "بالعملية" ، المختار اتصل بالحاكم العسكري وارسلوا قواتهم لتسلم جنودهم.
بعد ابراهيم النابلسي ، تنبأت والدته التي لم تذرف دمعة واحدة من عينها المدرارة ، ما فعله والد الشهيدين رعد و عبد الرحمن خازم متأثرا بها على ما يبدو ، تنبأت ان سيكون هناك مئات من ابراهيمها ، فانبثقت "عرين الاسود" في نابلس ، و سرعان ما ظهر عدي التميمي ، ممهدا لظهور عرين القدس او عرين شعفاط.
ألم يكن "نفق الحرية" ايلول العام الفائت، شيئا ايقونيا في فلسطين ، حيث تفتق رحمها لتضع حملها بالاشاوس الستة فكأنها ولدتهم مرتين.
صورة عدي، دخلت بيت كل من شاهدها ، بما في ذلك اسرائيليين، و سرعان ما شقت طريقها الى قلوب اصحاب البيوت، لتستقر هناك في الذاكرة لخمسين سنة قادمة ، كيف سمح جهاز الشاباك المغفل المفعم بالأباطيل والهالة الاستكشافية العبقرتارية بنشر هذه الصورة ، ظانا انها ستصدم الشبان الفلسطينيين وتمنعهم من التفكير بالأقدام على عمليات مشابههة.
ليست من قبيل الصدفة ربما، ان تكون نقابة المحامين بما تمثل اول من التقطت مأثرة "عدي التميمي" فتطلق اسمه على امتحان المزاولة، لانها اكتشفت انه كان "محاميا" حقيقيا عن فلسطين وقضيتها و شعبها و حاضرها و مستقبلها اكثر بكثير من فصائل "الإدعاء" الوطني والتحرري والنضالي الزائفة.
إنها الصورة ، التي قال عنها الفيلسوف الامريكي "اليهودي" نعوم شومسكي ، ستظهر اسرائيل على حقيقتها امام العالم من انها دولة ظالمة ، بعد ان كانت تنجح دوما إظهار نفسها على انها مظلومة.