الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نصب تذكاري

تاريخ النشر : 2022-10-16
نصب تذكاري

بقلم: مهند طلال الأخرس

نصب تذكاري كتاب من جزئين لحافظ أبو عباية ومحمد البيروتي، والكتاب الأول يقع على متن 216 صفحة من القطع المتوسط، والكتاب الثاني يقع على متن 200 صفحة من القطع المتوسط أيضا، وكلاهما من اصدارات وزارة شؤون الأسرى والمحررين في رام الله/ فلسطين، حيث صدر الأول في سنة 2013 والثاني في سنة 2018.

الكتاب بمجازية ورمزية اسمه وعنوانه يدفعك لتناوله والتقاطه بدون تردد، فالعنوان مغري ولذلك الاسم حكاية تختزل موضوع الكتاب بعناية فائقة عبر عنها الكاتب/الكاتبين على غلاف كتابهما الجميل بجزئيه؛ من خلال (صورة ورسمة) تصميم غلاف الكتاب ابتداء، والتي جائت من تصميم محمد البيروتي نفسه، وأيضاً من خلال تقديم الكتاب المقتضب عبر ظهر الغلاف والذي جاء فيه:"بينما استمرينا نحن نتعاطى الحياة، قضوا هم في مراحل العمر. لهؤلاء كرسنا هذا الكتاب، اسميناه نصبا تذكاريا. عسى ان نكون قد انصفناهم".

والكتاب بجزئيه يدفعك لالتهامة بشغف ونهم، فهو يتناول سيرة نضالية لكوكبة من الفدائيين الرواد والأوائل، والطليعيين في كل شيء منذ الانتماء لصفوف الثورة في البدايات الأولى وحتى الآن؛ وعليه فقد جائت صفحات هذا الكتاب بجزئيه مفعمة ومليئة بصور البطولة المتعددة، والتي جائت تحت سماء واحدة(سماء الثورة) وأسماء متعددة وأشخاص كُثر يشتركون جميعهم في سيرة جمعية تمثل سيرة نضالية ناصعة للشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام.

والكتاب في هذا الوصف جائت سطوره وصفحاته مثالا يُحتذى على الشجاعة والاقدام والبذل والعطاء والتضحية، وفي توثيق وتأريخ تجربة القواعد الفدائية والدوريات عبر النهر ودوريات العمق، وفي تجربة الاسر والمعتقل والتحرر، وصولا لمرحلة اقامة السلطة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة.

بين صفحات هذا الكتاب بجزئية العديد والكثير من القصص والحكايا البطولية باشكالها المتعددة؛ الانسانية والاجتماعية والنضالية... والتي تصلح بمجملها لان تكون فيلما سينمائيا مطولاً يروي قصة كفاح ومسيرة شعب لازال يرزح تحت الاحتلال.

في هذا الكتاب قصصاً وحكايا تلهج بها الالسن، وتطرب لها الانفس، وتحن لها الذكريات، وتنسج حول الكثير منها الاساطير، وتفوح منها رائحة الفخر والاعتزاز، لكن الاهم انها تحفظ الذاكرة من العبث والتشويه والادعاء؛ يقول المؤرخ البريطاني “الشهير” هابل :"اذا أردت أن تلغي شعبا ، عليك أن تبدأ أولا بشل ذاكرته ولغته ،ثم تلغي ثقافته ، وتاريخه وكتبه ،ثم يكتب له طرف آخر كتبا وثقافة أخرى ، ويخترع له تاريخا وذاكرة ولغة أخرى ، عندئذ ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان ، ولا يصدق إﻻ ما اخترع له وعنه ، وبعد ذلك ينساه العالم.."

بين دفتي هذا الكتاب استعراض فيم وجزل، ومكثف ومزدحم، لسيرة ومسيرة اكثر من مائة شخصية مناضلة، حيث تمكن أبو عباية والبيروتي وبجهد فردي محض، متسلح بعزيمة وايمان الفدائي المؤمن والمتيقن بحتمية النصر، من جمع شهادات المناضلين زملائهم في الاسر، من اصحاب السيرة في هذا الكتاب، وهذه قيمة تضاف وتحسب لاهمية هذا الكتاب؛ إذ أن معظم القصص السيرية والشهادات الواردة في الكتاب - باستثناء قصتين او ثلاثة- جائت على لسان اصحابها وبين يدي البيروتي وابو عباية.

علاوة على قيمة هذه القصص واهميتها في التعبئة والتأطير، اذ ان كم كبير من هذه السير والتجارب الواردة بين دفتي الكتاب بجزئيه تصلح لان تكون مادة بحثيه وتعبوية تُدرس في المدارس والاكاديميات التي تختص في اعداد الكوادر الثورية والوطنية والتي يقوم على عاتقها حفظ العهد وصون الامانة ومواصلة الثورة حتى التحرير والنصر.

هذه الشهادات لو توافرت لباحثين مختصين ومؤسسات ذات كفاءة وملائة وخلفية وطنية لالفوا وكتبوا حولها العديد من الروايات والقصص، وانجزوا العديد من الافلام والمسلسلات...لكنه العجز والوهن الذي يملأ مؤسساتنا ويجعل بنيانها هشا تبطش فيه هبات الرياح المتلاحقة والمتصاعدة.

هذا الجهد المضاعف المبذول بين يدينا والموضوع بين دفتي الكتاب يُظهر بما لا يدع للشك أمرين رئيسيين:

أولهما أن هناك اقلام وُكتاب لدينا كالبيروتي وأبو عباية يقومومون بجهد كان يجب أن تقوم به مؤسساتنا المهترئة على أشكالها والوانها وتبعياتها المختلفة..

ثانيهما أن أدوار البطولة وعهود الوفاء لمن سبق وصدق لا يُتقنها إلاّ اصحابها، فاقلامهم هي الأجدر والأقدر على كتابتها وتوثيقها، وذلك بعد ان تغبرت ببسطار أرجلهم كل ذرات التراب في شتى ساحات الوغى..

فالكتابة هنا لدى البيروتي وأمثاله لا تعني إلاّ أمرا واحدا؛ نقل البندقية من كتف الى كتف، او كمن ينتقل من ساحة معركة الى اخرى، فامثال هؤلاء من الرواد الاوائل يعون جيدا دورهم في صناعة التاريخ وفي حفظ اوراقه ايضا.

في هذا الكتاب تجارب خطت بالبارود والنار، وفي أحيانا كثيرة بالدم..

هذا الكتاب يستحق أن يعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة، وسيرة أبطاله تستحق أن تتزين وتفتخر بها كل الألسن،
فكم من رجل يعد بالف رجل...
وكم من ألف تمر بلا تعداد...

طوبى وطيب، للبيروتي وأمثاله، القابضون على الجمر، الواثقين الخُطا، والمتحملين عنا كل أعباء هذه الرحلة والمرحلة.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف