مشيئة الله وقدره

بقلم: أ. خالد الزبون - كاتب وباحث فلسطيني

قلبه ينبض بقوة فتسمع دقاته فرحاً وأملاً في حياة وردية، وأخيراً لقد وافقت على الزواج منه وتم تحديد موعد الزفاف ولم يتبق إلا القليل في التجهيزات والتحضيرات، يريده يوماً كبيراً يدونه في سجل حياته، يرن الهاتف ولا يلتفت له فهو يسبح في فضاء خياله الواسع ويفاضل بين من سيحي السهرة من الفنانين، يريد اضاءة قوية وصوت عال، لقد ادخر مالاً ليكون اليوم الأجمل ويرن الهاتف مرة أخرى، صباح الخير يا خليل لقد انقطعت الكهرباء عن المنزل أريدك أن تأتي لترى ما السبب؟ لم يتعود أن يرد أحداً حتى لو كان الاتصال بعد منتصف الليل، خرج من المنزل وفي طريقه شرب فنجان قهوة عند قهوة السعادة والتي يعود عمرها إلى خمسين عاماً وما زال يعيش مع أفكاره المزدحمة التي امتلأت بها ذاكرته يقطع الشارع على غير هدى وفجأة لا يدري أين هو.

وعلى وميض الإضاءة في المشفى يقلب عينيه ولا يصدق أنه على فراش المرض، يعلو صوت الطبيب الحمد لله على السلامة لقد نجوت بأعجوبة لقد تعرضت لحادث صعب وهي مشيئة الله وعنايته أن تكون بيننا الآن، يا إلهي لا أستطيع أن أحرك قدمي يقول الطبيب إنها إصابة في النخاع الشوكي، إنها أصعب كوابيس حياته التي يعيشها حيث تزداد سوءاً عندما تأتيه رسالة بأن خطيبته
قد تركته وتخلت عنه.

وفي خضم هذه الأحداث ينتبه إلى صوت يقول له أنا آسفة لقد خرجت فجأة وقطعت الإشارة الحمراء لم أستطع أن أبتعد عن اصابتك، لقد كان الحادث سريعاً، ويقول والدها لا تقلق يا بني سنبقى معك والطبيب يقول بالعلاج الذي يحتاج وقتاً طويلاً ستكون بخير وتعود تسير على قدميك، ويمر عامان من العلاج وزيارة الأطباء حتى عاد يسير بهدوء وروية مما أنعش قلبه من جديد.

كانت مي تتفقده وتتابع علاجه وبابتسامتها التي تخترق قلبه كنجمة يهتدى بها في ليلة مظلمة، وجد نفسه يطلبها للزواج وأن يبدأ من جديد حياته مع مي التي جمعتهما الصدفة القاسية ولكنها مشيئة الله وقدره..