حَكَواتِي الْأَوْطَان
بِقَلَم: أ. خَالِد الزَّبُون - كَاتِب فِلَسْطِينِي
يَجْلِس أَبُو مَحْمُود فِي مَنْزِلِهِ الْمَسْقُوف بالقش وَالطِّين، فِي
مُخَيَّمِ اللُّجوء بَعْدَ أَنْ غَادِر قَرْيَتِه الَّتِي كَانَتْ تَعِج
بِالْحَيَاة وَصَوْت الْمَطَر وَالْعَصَافِير وجلبة الْمَارَّة وَصِيَاح
الدِّيك وصهيل الْحِصَان، حَيَاةٌ تَبْدَأُ مَعَ الْفَجْرِ وأشعة الشَّمْس
تَخْتَرِق ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَتظْهَر مَعَهَا الْحَاجَةُ أَمَّ مَحْمُود
وَهِي تَعُود بِخُبْزِ الطَّابُون الْمَائِلِ إلَى الْحُمْرَةِ، رَائِحَتُه
تَتَجَدَّدُ كُلَّ صَبَاحٍ فَكُلّ نِسَاء الْقَرْيَة يَعُدْن وَعَلَى رؤوسهن
لَفَائِف مِنْ الْقُمَاشِ بِهَا فُطُور الصَّبَّاح وميلاد يَوْمٍ جَدِيدٍ،
إلَى الحَقْل وَالزِّرَاعَة بَهِمَّة وَنَشَاط وَحَيَوِيَّة ، يَا لَهَا مِنْ
رَائِحَةٍ لِلتُّرَاب تُعيدُك إلَى الْحَيَاةِ وَالْجَمَال وَالشَّبَاب
وَالْحَرَكَة وَالْبَرَكَةِ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي باركها اللَّه، لَا
يَسْتَطِيعُ وَقَد غَزَا الشَّيْبُ رَأْسَهُ إلَّا أَنْ يمتلك قُوَّة
الشَّبَاب وَهُوَ يَحْفُرُ بِالفَأْسِ وَيَزْرَع لتكافئه الأرض بِحَصَاد
وَفِير، يَنْتَشِر الْحَبّ وَيَسْكُن طرقاتها وساحاتها، وعليتها، زغرودة
أَم مَحْمُودٌ تَخْتَرِق الصَّمْتَ وَيَعُود الصَّدَى مَعَ النِّسَاءِ. .
ميْلِي ميْلِي يَا شَجَرَة السريس مَيْلِي مَيْلِي عَلَى مُحَمَّدِ العَرِيس،
بِقَلَم: أ. خَالِد الزَّبُون - كَاتِب فِلَسْطِينِي
يَجْلِس أَبُو مَحْمُود فِي مَنْزِلِهِ الْمَسْقُوف بالقش وَالطِّين، فِي
مُخَيَّمِ اللُّجوء بَعْدَ أَنْ غَادِر قَرْيَتِه الَّتِي كَانَتْ تَعِج
بِالْحَيَاة وَصَوْت الْمَطَر وَالْعَصَافِير وجلبة الْمَارَّة وَصِيَاح
الدِّيك وصهيل الْحِصَان، حَيَاةٌ تَبْدَأُ مَعَ الْفَجْرِ وأشعة الشَّمْس
تَخْتَرِق ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَتظْهَر مَعَهَا الْحَاجَةُ أَمَّ مَحْمُود
وَهِي تَعُود بِخُبْزِ الطَّابُون الْمَائِلِ إلَى الْحُمْرَةِ، رَائِحَتُه
تَتَجَدَّدُ كُلَّ صَبَاحٍ فَكُلّ نِسَاء الْقَرْيَة يَعُدْن وَعَلَى رؤوسهن
لَفَائِف مِنْ الْقُمَاشِ بِهَا فُطُور الصَّبَّاح وميلاد يَوْمٍ جَدِيدٍ،
إلَى الحَقْل وَالزِّرَاعَة بَهِمَّة وَنَشَاط وَحَيَوِيَّة ، يَا لَهَا مِنْ
رَائِحَةٍ لِلتُّرَاب تُعيدُك إلَى الْحَيَاةِ وَالْجَمَال وَالشَّبَاب
وَالْحَرَكَة وَالْبَرَكَةِ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي باركها اللَّه، لَا
يَسْتَطِيعُ وَقَد غَزَا الشَّيْبُ رَأْسَهُ إلَّا أَنْ يمتلك قُوَّة
الشَّبَاب وَهُوَ يَحْفُرُ بِالفَأْسِ وَيَزْرَع لتكافئه الأرض بِحَصَاد
وَفِير، يَنْتَشِر الْحَبّ وَيَسْكُن طرقاتها وساحاتها، وعليتها، زغرودة
أَم مَحْمُودٌ تَخْتَرِق الصَّمْتَ وَيَعُود الصَّدَى مَعَ النِّسَاءِ. .
ميْلِي ميْلِي يَا شَجَرَة السريس مَيْلِي مَيْلِي عَلَى مُحَمَّدِ العَرِيس،
. . ميْلِي ميْلِي يَا شَجَرَة التُّفَّاح.. ميْلِي ميْلِي عَلَى
مُحَمَّدِ الْفَلَاح، ودبكات الشابات، وضحكات مِنْ الْقَلْبِ وَحُبٍ لَا
يَنْتَهِي، بَرَاءَة الْحَيَاة تَسْتَمَدّ قُوَّتَهَا مِن جَذْوَة الْأَرْض
الْمُبَارَكَة، احاسيس ومشاعر مُتَجَدِّدَةٌ بِلَوْن الْفَرَح وَأَلْوَان
قَوْس قُزَح، كَأَنَّك فِي الْجَنَّةِ، صَفَاء مَاؤُهَا كَالْيَاقُوت
وَالْمرْجَان وَزَهْر الرُّمَّان، والحجل يَبْنِي اعشاشا وَيُغْنِي مَع
أَطْفَال الْقَرْيَة لِيَصِل الصَّوْت إلَى أَبْعَدَ مَدَى ، وَفِي يَوْمِ مَا
زَالَ فِي الذَّاكِرَةِ مَنْقُوش بِالدَّم وَرَائِحَة البارود وَصَوْت
الْمَدافِع وصراخ الْأُمَّهَات وَسُقُوط الضَّحَايَا عَلَى حُرُوفِ الزَّمَن
الْمُرّ وَبِأَيْدِي تُحَاوِل التشبت بِالْجغرافيا وَالْتاريخ وَالسَّمَاء
وَأَطْرَاف الطُّرُقَات، لَقَد دكت الْمَدافِع كُلّ شِبْرٍ مِنْ الْقَرْيَةِ
وَتَطايَرَت حِجَارَتِهَا واشلاءَ عُجِنتْ بِأَنْفَاس الوَطَن وذرات تُرَابِه، لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَذْكُرْ مَا رَآهُ لِيَكُون شَاهِدًا وَشَهِيدًا مُنْذُ
سَبْعِينَ عَام وَنَيِّفٍ، مَا زَالَ أَبُو مَحْمُودٌ يَرْوِي ذِكْرَيَاتِ
الْحَبّ بِأَلَم مُحْتَرِق فِي الشَّرَايِينِ وَرَائِحَة الْغَائِبِين تَحْتَ
الثَّرَى، كَبر أَطْفَال المخيم وَأَصْبَحُوا جُزْءًا مِنْ هَذِهِ
الْكَلِمَاتِ وَالْأَحْلَام العفوية الْمُعَلَّقَةِ فِي جُدْرَانٍ الْقَلْب
وحجراته، وَلَا يُمْكِن بتقلب اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أن تَمْحُو آثَارَه فِي
بِلَادِ الْغُربَةِ وسنوات عِجَاف تحتضن مَخْزُون عشق للتينة وَغُصُونِهَا
الْكَبِيرَةِ الَّتِي تُرْوَى بمشاعر مَمْزُوجَة بِصَوْت الْأَذَان وَقَرْع
الْأَجْرَاس، لَقَد كبر أَطْفَال المخيم وَبَنَوْا فِي جَانِبِ المخيم
الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ حَارَّة الشَّعْب، سَاحَة عَلَيْهَا كُرْسِيّ
كَبِيرٌ اجْلِسُوا أَبَا مَحْمُودٍ عَلَيْهِ لِيَكُونَ الحكواتي يَقُصّ
البُطولَة وَالْحبّ وَالْحَرْب وَالسَّلَام ويصفقون لَه ويلوحون لٱماله
وطموحاته مَا زِلْنَا هُنَاك..
مُحَمَّدِ الْفَلَاح، ودبكات الشابات، وضحكات مِنْ الْقَلْبِ وَحُبٍ لَا
يَنْتَهِي، بَرَاءَة الْحَيَاة تَسْتَمَدّ قُوَّتَهَا مِن جَذْوَة الْأَرْض
الْمُبَارَكَة، احاسيس ومشاعر مُتَجَدِّدَةٌ بِلَوْن الْفَرَح وَأَلْوَان
قَوْس قُزَح، كَأَنَّك فِي الْجَنَّةِ، صَفَاء مَاؤُهَا كَالْيَاقُوت
وَالْمرْجَان وَزَهْر الرُّمَّان، والحجل يَبْنِي اعشاشا وَيُغْنِي مَع
أَطْفَال الْقَرْيَة لِيَصِل الصَّوْت إلَى أَبْعَدَ مَدَى ، وَفِي يَوْمِ مَا
زَالَ فِي الذَّاكِرَةِ مَنْقُوش بِالدَّم وَرَائِحَة البارود وَصَوْت
الْمَدافِع وصراخ الْأُمَّهَات وَسُقُوط الضَّحَايَا عَلَى حُرُوفِ الزَّمَن
الْمُرّ وَبِأَيْدِي تُحَاوِل التشبت بِالْجغرافيا وَالْتاريخ وَالسَّمَاء
وَأَطْرَاف الطُّرُقَات، لَقَد دكت الْمَدافِع كُلّ شِبْرٍ مِنْ الْقَرْيَةِ
وَتَطايَرَت حِجَارَتِهَا واشلاءَ عُجِنتْ بِأَنْفَاس الوَطَن وذرات تُرَابِه، لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَذْكُرْ مَا رَآهُ لِيَكُون شَاهِدًا وَشَهِيدًا مُنْذُ
سَبْعِينَ عَام وَنَيِّفٍ، مَا زَالَ أَبُو مَحْمُودٌ يَرْوِي ذِكْرَيَاتِ
الْحَبّ بِأَلَم مُحْتَرِق فِي الشَّرَايِينِ وَرَائِحَة الْغَائِبِين تَحْتَ
الثَّرَى، كَبر أَطْفَال المخيم وَأَصْبَحُوا جُزْءًا مِنْ هَذِهِ
الْكَلِمَاتِ وَالْأَحْلَام العفوية الْمُعَلَّقَةِ فِي جُدْرَانٍ الْقَلْب
وحجراته، وَلَا يُمْكِن بتقلب اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أن تَمْحُو آثَارَه فِي
بِلَادِ الْغُربَةِ وسنوات عِجَاف تحتضن مَخْزُون عشق للتينة وَغُصُونِهَا
الْكَبِيرَةِ الَّتِي تُرْوَى بمشاعر مَمْزُوجَة بِصَوْت الْأَذَان وَقَرْع
الْأَجْرَاس، لَقَد كبر أَطْفَال المخيم وَبَنَوْا فِي جَانِبِ المخيم
الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ حَارَّة الشَّعْب، سَاحَة عَلَيْهَا كُرْسِيّ
كَبِيرٌ اجْلِسُوا أَبَا مَحْمُودٍ عَلَيْهِ لِيَكُونَ الحكواتي يَقُصّ
البُطولَة وَالْحبّ وَالْحَرْب وَالسَّلَام ويصفقون لَه ويلوحون لٱماله
وطموحاته مَا زِلْنَا هُنَاك..