الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار من الداخل

تاريخ النشر : 2022-09-24
حوار من الداخل - مسرحية قصيرة -

بقلم: ناس حدهوم أحمد

بينما كنت أتجول بين زقاق المدينة القديمة، إلتقيت بنفسي فدار بيننا هذا الحديث /
أنا / أهلا بك يانفسي . لا داعي للسؤال عن أحوالك . لأنني أعلم أن هذا لا يروقك . فأنا أعرف أنك مهمومة
كعادتك غير أنني أ رى اليوم ملامحك قد صعدت من درجة حرارتها .

نفسي / دعنا من همومنا
أنا / كيف ندع همومنا وبها تفوقنا عن عاداتنا . ألا تدركين أن همومنا هاته تخجل من الإستتار ؟ إنها هموم كل
حيوان مثلنا . غير أن هناك من يتنكر لهمومه لأنه لا يعرف لماذا يعيش ولا لماذا يموت .
نفسي / إنني أظن كل الطرق على السواء . كما زعم " سارتر " عن حق . فكل الطرق تؤدي إلى نتيجة واحدة في آخر المطاف . وأعني الموت . ومهما فكرنا أم لم نفكر فكل ذلك دون نتيجة إيجابية أو حتى سلبية ألا تظن ياأنا أن الإنسان الذي لم يفكر قط قد يكون قد فكر دون أن يشعر . من الجانب التصميمي ..؟

أنا / إنني لا أعارضك كما أنني لا أوافقك الرأي . فالذي يهمنا هو الحل أو العلاج أو الإصلاح فلك أن تسميه ما تريد .
نفسي / أنت تدرك مثلي أن الحياة أو الوجود غير مفهوم ولا جدوى منه . وتسود فيه الجبرية والحتمية وغير ديمقراطي بالمفهوم العامي المطلوب وبالتالي يسوده الغموض . ومرعب بالنسبة لكل الكائنات ولسيما عند انطفاء شعلة الحيوية . . لكننا وجدنا همومنا وعذبتنا هذه الهموم كي لا نستطيع نكرانها . إذن نحن نعيش لأننا نعاني ونعاني من هذا العالم ومن الكائنات على اختلاف أنواعها - ولا غير هذا - لأننا راحلون نحو العدم . ولكن من هو هذا العدم يا أنا ؟ لأنني لا أفهم هذه الكلمة ولا نستطيع تشخيصها إنها كلمة ثقيلة
لأننا لا نفهمها فكل ما نصر عليه ( سواء شعرنا أم لم نشعر ) هو رغبتنا في الإقامة السرمدية على هذه
الأرض التي خبل من أجلها الناس .
أنا / وأنت يانفسي أتحبين الحياة ؟
نفسي / ( بعد أن إبتسمت بمرارة ) لك أن تجاوب أنت بالنيابة فنحن كتلة لحم واحدة .

أنا / ( بعد لحظة صمت ) نعم . الحياة عزيزة على كل البشر بما في ذلك الحيوان . ولكن هذا لا يكفي . يجب أن نسيطر عليها ونحتفظ بها إلى الأبد . حتى ولو كان ذلك سيخلق أزمة من نوع آخر . ومع الأسف هذا غير ممكن في الوقت الراهن . لأننا الإنسانية مشكلتنا الرئيسية والأساسية هي مشكلة الزمن أو الوقت . أو الإستمرار . إذ ما يثير العجب والشك هو أن كل شيء موجود فهو با لضرورة قابل للفساد . فوحده اللاوجود هو الرمز الوحيد الذي يقدر على الإحتفاظ بوجوده أو بمعناه . فما هو موجود لا يمكن له أن يشعر باللاوجود . ولهذا حاولت مرارا البحث عساني أرى العالم الخفي أو السري بمفهوم يخرج عن نطاق المصطلحات الجاهزة.

نفسي / إنني أنسجم معك في إدراك المأساة الإنسانية . رغم أنه من الممكن أن لا تكون هناك مأساة بالفعل . أو كل شيء وهم ليس إلا . فنحن مهما سمعنا ومهما احتفظنا بالآمال التي وعدتنا بها الإنسانية القديمة نعرف أن الحقيقة الثابتة لم تدرك ولن تدرك . ولعلنا سوف نظل نفاجأ كما فوجيء الذين من قبلنا بحقائق حربائية . لأن الحقائق كذلك ينال منها التطور ويؤثر فيها إذا لم يقم بهدمها كما يحدث أحيانا كثيرة . وهذا ما يمكنني أن أثق فيه حتى الآن . هو التطور . ولكننا من خلال هذا التطور نتعذب ونتفاجأ إن إيجابيا أو سلبيا فلا أحد يعلم ما هو آت بدقة مؤكدة . التطور قوة من خارج الحياة .

أنا / أو قوة من مصدر معين تأتي من اللاوجود . فقد يكون اللاوجود هو وجود بطريقة أو بأخرى . أو نائي عنا بسبب عدم استمراريتنا وعدم قدرتنا على التطاول المطلق . فالكون شاسع ولا حدود له وجبار في لا نهائيته وآه ثم آه كم نحن في أمس الحاجة إلى السرعة لأن عدونا التطور بطيء في تحركاته . إنه يسيطر على الزمن.

نفسي / إسمعني ياأنا . إن التفكير ضعف والمثير للإنتباه فيه هو أنه لا يجدي . ألا ترى أن السعادة تكمن في إغفال الأشياء . فقد صدق من قال " يانفسي لا تطمحي في الخلود بل إستنفذي حقل المعقول " . فلو كنا نهجنا طريق هذه الوصية لما كنا التقينا معا في هذه الفوبيا بين زقاق مدينة قديمة فاقدة الأهمية . ولما كنا قد إنتبهنا حتى إلى أقدميتها أو تلهينا بدروس المحادثة الفارغة التي فرضت علينا .

( وبينما نحن على هاته الحال إذا بشخص كالخيال أو كالسراب خرج من المنعطف ووقف أمامنا بوجه مبتسم وعليه سمة من سيم الوقار وحيانا قائلا ) / السلام عليكم .
نفسي وأنا بصوت واحد / وعليكم السلام . فمن أنت أيها الغريب ؟ فرد قائلا /
هذا هو السيد الجنون . صديق المنفردين
نفسي / أهلا بالسيد الجنون أو السيد المنفرد . فمحادثتك سوف لا تكلفنا مشقة . غير أن هذا يفاجئنا لأننا منذ تعلمنا دروس المحادثة لم نجد في هذه المدينة القديمة من يفهم قصدنا وأسئلتنا . وكلما أحسنا الظن بأحد ما إلا وصدمنا مثل الآخرين . لكن مرحبا وهات ما عندك . فقد سمعنا عنك الكثير. غير أننا لم ننتقص من شأنك إلى غاية أن نقف عليك ونستمع لأمرك ونفهم مهمتك ولا نبالي بإساءة الظن بك من طرف العامة.

الجنون / إن الناس دائما تسيء الظن في الحكماء لأنهم يملكون طريقتهم الخاصة في السير . بينما الناس لا تسير إلا جماعات ولا ترتاح إلا للإزدحام . وأنا لا أداهم إلا الفرادى من الناس والمنعزلين منهم وأعتبرهم مرضى ولا أخفي عنكما أنني طبيبهم .
نفسي / قد تكون كذلك . ولكن إشرح علاجك .
الجنون / علاجي يتطلب ذوقه الخاص وما أظنكما من ذوي الأذواق الحمارية كما تتطلب أفكاركما آذانا خاصة .
أنا / تكلم بصراحة ولا تراوغ من أجل بيع دوائك فقد تكون لنا شيطانا تتلفع في زي الجنون .

الجنون / أنا لست بالشيطان لكنني صديقه فقد حدث والتقيانا مرارا وتحدثنا فكان لطيفا وله منطق لا يخلو من من الجدية والحكمة وعدوه الوحيد هي العبودية . كما لا يحب المبهم وقد صارحني بمرضه غير أن مرضه لم يكن كذلك بل مجرد سوء تفاهم بينه وبين قوة عليا كانت مجرد رؤية في عالمنا هذا الواقع في الأسفل.

ولهذا لم أكن أحتاج له إلى دواء . فهو مجرد منعزل ومنفرد محكوم عليه من طرف العامة ظلما وجهلا . ولا أقل ولا أكثر.

نفسي / دعنا الآن من السيد الشيطان فالنميمة ليست من شيم المنفردين إلا إذا فرضت عليهم .واشرح لنا دواءك.

الجنون / إن دوائي ليس كالدواء المعهود كما تطبيبي ليس كالطب المعروف والمحدود . فأنا أنقل المرضى إلى عيادتي وأستئصل منهم العلة المسببة للقلق وأعطيه أشخاصه وأمنع عنه الإتصال بالواقع وأمنع عنه الإتصال بالواقع وأمنحه عالمه الخاص به.

حينئذ لا يحتاج إلى تحليل الأشياء وانتقادها فيصطف مع البسطاء ريثما تأتي الحافلة لنقل الأحياء الأموات إلى مكانهم المفترض في حدائق العدم.

نفسي / هذا دواء غير مجدي فبإمكاننا أن نوفره دون حاجة إليك. وبالنسبة إلينا مجرد زجاجة من الخمر من أجل اقتلاع ضرس مسوس . ونحن لدينا ما نحتاج إليه من الشجاعة لكي نفعل مثل هاته الأمور الوهمية .فمرضنا هو مرض الإنسانية ( الكسل والحاجة إلى الإقتناع ) وهو مرض الإنسانية لا دواء له. فالحقيقة لا وجود لها أصلا . ومنها جاءت الأزمة . ونحن لم نخرج بعد عن حدود الإنسان إن لم نكن قد تقهقرنا إلى مستوى الحيوان مصدرنا الذي أتينا منه.

الجنون / المعذرة. فأنتما لن ينال منكما الجنون أو الشيطان أو ما جاورهما فلكما حدودكما الإنسانية وتستحقان حمايتي . لذا سوف أهيء سلاحي ضد أعدائكما وما أكثرهم بهذه المدينة القديمة . فوداعا إلى الأبد .

أنا / ما رأيك يانفسي في هذا السيد إبن السبيل ؟
نفسي / إنه مثلنا مريض في حقيقة الأمر .
أنا / تقولين عنه مريضا وهو الذي يدعي نفسه طبيبا ؟
نفسي / كم من طبيب بقدرته أن يشفي الآخرين غير أنه لا يستطيع علاج نفسه .

أنا / ترى ما مرض السيد الجنون؟
نفسي وأنا بصوت واحد / مرض الثرثرة لا غير . وهو من عكر علينا صفو الواقع .
أنا / ‘نه مرض المنفردين .
نفسي / ها نحن قد إهتدينا إلى علة شقائنا ياأنا .
أنا / وهل تعلمين إلى من يرجع الفضل؟
نفسي / إلى السيد الجنون طبعا . إلى السيد الطبيب .
أنا / تماما يانفسي وهنيئا لنا بهذا الشفاء.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف