الأخبار
(هيئة البث الإسرائيلية): التعديلات المقترحة في رد ح.م..اس تشكّل تحدياً لقادة إسرائيلشهداء وجرحى في سلسلة غارات للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزة
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في كتاب قلق العبور للكاتب أبو علاء منصور

تاريخ النشر : 2022-09-07
قراءة في كتاب قلق العبور للكاتب أبو علاء منصور

بقلم: عمر رمضان صبره / كاتب فلسطيني

محمد يوسف الشهير بأبو علاء منصور هو أحد قيادات حركة فتح وأمين سرها في محافظة رام الله والبيرة سابقاً بالإضافة لمناصب قيادية اخرى منذ السبعينات، فهو كاتب بالتجربة النضالية والسيرة الذاتية وأدب رحلات ويكتب بالتاريخ الفلسطيني، تعرفت على أحد كتبه قلق العبور فبدأت قراءة هذا الكتاب بالسيارة من أمام جامعة القدس أبو ديس حتى رام الله واستكملت قراءته حتى صباح اليوم
التالي، هو كتاب من القطع المتوسط يقع 186 صفحة صادر عن وزارة الثقافة الفلسطينية الطبعة الأولى بعام 2020 مزين بلوحة فنية ذات رمزية معبرة.

والكتاب به مقدمة أولى على غلافه الخارجي لوزير الثقافة يعبر بهذه المقدمة حول الكتابة وأهميتها لخلود الحضارة الإنسانية وأهمية تعبيره عن حرية الرأي والتعبير.

بالإضافة لمقدمة ثانية لأستاذ الفيزياء بجامعة بيرزيت زياد عزت لرؤيته حول الكتاب فيقول عن الكاتب بأنه "يعي خطر العبور إلى الماضي، واستحضار قيمة المتناقضة مع بعضها البعض اولاً، وتناقضها مع قيم الحاضر والمستقبل ثانياً، لكنه رفع مستوى القلق منذ بداية النص حتى نهايته".

يعتبر الكتاب من أدب الرحلات الذي يصدر عن الكاتب وقد قام بعدة رحلات إلى الأردن والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر ولبنان يدون بها ذكرياته ومشاهداته ولقاءاته وأحاديثه بين الماضي والحاضر ناقلا صورة المكان وجغرافيته وتاريخه واهميته، متحدثاً حول الزمان والمكان. وناقلاً صورته ما بين زمانين لفروقات النظرة، فكيف كانت نظرة الفدائي الذي يقوم بالكفاح المسلح ونظرته للكفاح والمقاومة الشعبية.

يعتبر أدب الرحلات والسفر من الأدب ذات مكانة خاصة، يقوم الكاتب بتوثيق ما عاش من أحداث ومشاهدات خلال فترة رحلة التنقل في نقل العادات والتقاليد وأحوال المجتمع، ويدون ما يسمع ويشاهد من ذكريات تاريخية وواقع البلد التي يقوم بزيارتها، فقد أصبحت كتب أدب الرحلات من أهم المصادر التاريخية والجغرافية والاجتماعية، ويعتبر من الأدب القديم ومن أهم كتبه كتاب "*تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار* رحلة ابن بطوطة" الذي لخص ثلاثون عام من التنقل حول العالم ويمكن اعتباره من أوائل كتب أدب الرحلات، مرور برفاعة الطهطاوي كتابه *تخليص الإبريز في تلخيص باريز، وكتاب * *العودة سائحا إلى كاليفورنيا* للكاتب السعودي غازي عبد الرحمن القصيبي، والكاتب المصري أنيس منصور حول العالم في 200 يوم، بالإضافة للكثير من الكتب بادب ىالرحلات عربيا واجنبياً.

يتحدث الكاتب عن رحلات سفره فيبدأ كتابه بأول رحلة له إلى الأردن عام 2006 بعد مرور ستة سنوات على انتفاضة الأقصى التي عاشها بظروف بين الاختفاء والقساوة، انتقل إلى الأردن والتقى بصديقه ليقوم بجولة سياحية، وطلب أن يكون المكان شارع
طويل وفضاء واسع وعشقه للحريه، وبدأ جولته إلى منطقة البحر الميت واربد والحدود الأردنية السورية فتحدث الكاتب مع صديقه حول هشاشة عملية السلام والانتفاضة وقوة صبره، وكيف قضى سنوات قرأ فيها ثلاثمائة كتاب وكتب بخط يده عشرين ألف صفحة، وتحدث بأن على الإنسان أن يحول من تجربته المرة ضده إلى أن تكون لصالحه وأهمية تحويل المحنة إلى منحه، بدأها بالقراءة ثم التعليق على الكتب حتى بدأ بالكتابة.

وبالمناسبة للكاتب أكثر من كتاب لا أعرف منها غير هذا
الكتاب وكتاب اسمه رحلة لم تكتمل حسب ما قرأت عنه بالكتاب، بالإضافة لكتاب آخر بعنوان المنسيون.

الكاتب ذات ثقافة عميقة ومتجذرة بين الأدب والسياسة والتاريخ والجغرافيا والشعر والرواية والقصة والمسرحية، بين المؤلفين العربي غادة السمان وميخائيل نعمه وعبد الله العروة والكتب الاجنبية، وما بين كتب الادارة والتنمية البشرية، ففي رحلته الثانية إلى أمريكا رحلة العمر كما سماها الكاتب ووصف فيها كيف كان يقرأ لأبنائه من كتب القيادة والإدارة كجاك ويلش كتاب العادة الثامنة لستيفن كوفي.

وقد تحدث الكاتب عن قصة إنشاء مصرف غرامين ببنغلادش وكيف الاستغلال للفقراء الذي قام بإنشائه محمد يونس من إقراض صغير بسنتات للفقراء بالقرية حتى وصل إلى بنك كبير ولدية 1267 فرعا و12 ألف موظفا واقرض اكثر من اربعه ونصف بليون دولار بقروض تتراوح بين 12 إلى 15 دولار، اضافتة لذلك فإن هذا البنك حصل على جائزة نوبل للسلام، وتعتبر تجربة البنك تجربة رائدة، وقد تم قيدها بكتاب من قبل منشأة محمد يونس فهو يستحق البحث عن الكتاب لقراءته.

و رحلته لأمريكا تحدث عنها وعن تاريخها واقتصادها وعن سكانها بين الأبيض والأسود وما أثاره من مشكلات المجتمع الأمريكي بالتمييز العنصري بين الابيض والاسود وكيف أن السكان البيض هم من القضاة والمحامين وكبار الدولة عندما
شاهدهم من خلال زيارة المحكمة، والسود من الشرطة، فعندما فاز باراك اوباما الاسود كيف العالم تفاجات من نجاحه.

استمرت رحلته متنقلات بين الولايات المتحدة مدة أربعة شهور بين ولايات مناخها حاره جدا وولايات يكسوها الثلج والبرودة واصفا مناخها وجغرافيتها مرورا بتاريخها عن الحرب الفيتنامية وغيرها من تاريخ الولايات المتحدة.

وقد نقل الكاتب للقارئ امتعاضه واحراجه من زوجة ابنه جينفرا الأمريكية بعد خروجها من أحد مكاتب للسلطة الفلسطينية "ليس في مكاتبكم غير شرب الشاي والتدخين والثرثرة!"، وعدم قدرته على الإجابة لما تقوله فقد قالت له وهما بالطريق إلى العيزرية حيث تنتشر القمامة "ألا تقاتلون من أجل وطنكم؟ من يحب
وطنه يحافظ على نظافته".

وينتقل الكاتب إلى رحلته الثالثة *بالكتاب إلى فرنسا *وهي الشاطئ الغربي للبحر الأبيض المتوسط فكانت رحلته بين السياحة والسياسة والفن والأدب وهي رحلة محاضرات ولقاءات مع مثقفين وداعمي للقضية الفلسطينية ونقل تجربة المقاومة
الشعبية ببلعين وتجربتها الرائدة وأهمية المقاومة الشعبية التي يؤمن بها الكاتب، في أحد لقاءاته مع الطبيب الفرنسي الايراني الاصل "على رضا" يقول (نضالكم السلمي أضعف حجة الإسرائيليين بأنهم الضحية). 

وعبرت زوجته لندا الفرنسية من أصل جزائري (النضال السلمي أعظم فكرة، أقول فكرة لأنها جديدة على عالمنا العربي والإسلامي). أما الكاتب فاعتبر الفكرة قديم منذ دعوة الحسنة من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن المقاومة الشعبية في فلسطين حققت انجاز بحصولها على قرار محكمة اسرائيلية يسمح باستعادة جزء من اراضينا، تجارب المقاومة السلمية نادرة بالعالم والعنف هو السائد.

ويتحدث الكاتب بمحاضراته في فرنسا وتساؤلات الجهمور، ولقاءاته مع المثقفين الداعمين للقضية الفلسطينية بفرنسا منهم ستيفان هسيل الذي سمي مؤتمر بلعين السنوي السابع باسمه.

ان الكاتب قام بثلاث رحلات إلى فرنسا لإلقاء المحاضرات والمشاركة بوفد رياضي وكيف تنقل برحلاته الثلاثة، ليعبر عن تساؤلات الجمهور ورؤيته حول الانقسام بأنه دمار، ويؤمن الكاتب بعدالة القضية وهي أمل الفلسطينيين ودعم الأصدقاء لفلسطين.

ثم انتقل الكاتب *برحلته لمصر العروبة* وذكرياته وهي رحلة جاءت في أوج الثورة المصرية 2011 بين رحلة عائلية وسياحيه، كعادته بالحديث حول قضيته الأولى فلسطين للعرب، وكان يتسائل حول واقع مصر قبل وبعد الثورة والحديث حول شخصيات
مصرية كحمدين صباحي وعمرو موسى واخرين، والتغيرات الاجتماعية بمصر والفوضى العارمة التي صاحبت الثورة، ثم زياراته العائلية منها الى المناضل المصري القبطي العروبي الدكتور محجوب عمر المنتمي للقضية الفلسطينية وزوجته اللبنانية
الفلسطينية المارونية التي رددت على لسان الدكتور بمقولته "التطور غير المتكافئ بين العفوية والوعي".

ثم انتقل الكاتب إلى رحلته الاخيرة بالكتاب واسمها *سيدة الرحلات إلى لبنان* بعد غياب طويل بلغ خمسة وثلاثون عام ليعود إليها بعام 2017، وكيف اخفى الكاتب على السلطات اللبنانية بأنه من فلسطين أو زار لبنان من قبل، وتنقل فيها الكاتب
بين الزيارات الرسمية وزيارات الأصدقاء من بيروت إلى طرابلس إلى الجنوب حتى بوابة فاطمه، التي تذكرنا بالصورة التاريخية للمفكر الكبير المرحوم إدوارد سعيد وهو يرمي الحجر باتجاه الجنود الإسرائيليين من خلال البوابة.

تحدث الكاتب خلال لقاءاته عن أهمية الوعي السياسي والانتماء العروبي لفلسطين، فالشعب اللبناني قد وقف مع فلسطين وتحدث عن معاناة الفلسطينيين في لبنان واهمية ان تقف القيادة السياسية معهم كيف اناس منهم لا يوجد لهم أوراق ثبوتية بعد خروج المقاومة الفلسطينية، ولا حق بالعمل وفقراً وحرمان، ومعاناة قدامى الفدائيين اللبنانيين الذين لم يكونوا متفرغين في الثورة فهم لا يشملهم نظام مالي فلسطيني ولا حتى منحة الرئيس ابو مازن لأبنائهم ولا برامج مساعدات حزب الله، فهذه صرخة من الكاتب لتنقل معاناة أهلنا هناك والوقوف معهم حتى لا ينزلقوا إلى منحدر الإرهاب كما فعل شاكر العبسي بمخيم نهر البارد.

وتحدث الكاتب بكتابه حول كل قرية يزورها وما بها من ذكريات وأحداث تاريخية كاستشهاد أحد المقاومين، و حديثه عن قلعة شقيف، وعن تجربة المقاومة الفلسطينية ما لها وما عليها بلبنان، وعن تجربة المقاومة الفلسطينية ببناء المقاومة اللبنانية فعلى لسان الشيخ سعيد قاسم لاجئ من مخيم الرشيدية قضى خمسة عشر
عاماً في سجون الاحتلال "خرجت الثورة من لبنان لكنها خلفت ثقافة مقاومة وإرثاً نضالياً بعد عام 1982 تفجرت عمليات المقاومة الوطنية اللبنانية وولد حزب الله، وفي فلسطين اشتعلت انتفاضة الحجارة، الثورة بذرة تكمن، تجف، لكنها لا تموت ومع
الوقت تزداد صلابة".

ويقول الكاتب عن واقع فلسطين: "كان اتفاق أوسلو انتقالاً من الحرب إلى الحرب وليس إلى السلام كما توهم كثيرون، خلع الإسرائيليون بزاتهم العسكرية وابقوا يدهم على الزناد، ووقعنا نحن في الفخ".

وبعد عودته إلى عمان حدثه صديقه عن رحلته إلى لبنان قائلاً له "الكاتب بحاجة للسفر وتوسيع خياله وشحن ذهنه بطاقة المعرفة. أنت تكتب في مجال التفكير الإبداعي، كتاباتك تفتح العقل على التساؤل. عندما ننحى تصبح التطلعات قصيرة النظر عن الهدف الكبير يتحقق الابداع، كثيرون تقتلهم الشكليات".

ختاماً:

إن الكتاب ممتع فالكاتب يطرح الكثير من التساؤلات ويحاول الإجابة عليها ما بين اجابة دبلوماسية واخرى حزبية والأهم انها نابعة من رؤية وطنية صادقة، ويطرح الكثير من القضايا والاسئلة التي بحاجة إلى إجابة منها استمرار المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية. وهل هي مقاومة أم عنف؟ ويطرح الكاتب قضايا للنقاش
والبحث من التنسيق الأمني والانقسام والصراع السياسي وأهمية دعم قضايا الأسرى، ومخيمات اللجوء اللبناني، والهوية الفلسطينية.

ويطرح قضية هامة أخرى منها تكريم المناضلين العرب المنتمين للثورة الفلسطينية كما تم تكريم الدكتور محجوب عمر بحفل تأبين برام الله والقاهرة، وادعو حركات التحرر الوطنية أن تقوم بتكريم كافة المناضلين القدامى فلسطينيين وعرب وأممين.

كتاب يستحق أن يقرأ من كاتب مارس الكتابة والعمل العسكري والتنظيمي والحكومي بانتماء وطني بالإضافة لكتابته وتوثيقه لتجربة رائدة بالمقاومة الشعبية، وتوثيق الثورة عبر مراحل طويلة من تجربته.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف