الرسالة الثانية عشر .. الأخيرة
يا ولدي ..
إذا أردت أن تكون قائدا صالحا فاعلم بأن القيادة ..
فن وذوق وأخلاق
بهائي راغب شراب
..
نعم يا ولدي .. لا تستغرب من كلماتي الثلاثة لسابق معرفتك بها ، وبأنها تطلق على لعبة كرة القدم وعلى قيادة السيارات فوق الطريق .. لكن ما الذي يمنع إطلاقها على القيادة البشرية الصالحة ما دامت تعبر بحق فعلا وصدقا عن هذه القيادة التي هي الأهم بالنسبة للإنسان من أي شيء آخر .. ولأنها في النهاية يمكن أن تكون طريقا متصاعدا ينتشل الناس من ظلمات الجهل والفقر والضعف إلى نور الإيمان والمعرفة والقوة والتمكين .. وبالعكس يمكن أن تتحول إلى أداة دمار وهلاك وإبادة جماعية للبشرية بنقلها من النور إلى الظلمات .
القيادة فن لكونها عمل متميز ذو خصوصية قائمة بذاتها ، لا يدانيها خصوصية .. ومن أهم تميزها أنها عمل مسئول كامل المسئولية ، وأنها عمل مسائلة ومحاسبة ، وبأنها عمل ثبات وعزم ومصير ..
فالقيادة فن العلو لا يرتقيه إلا فنان ، ولا يستطيع الجلوس على مقودها إلا موهوب قدير مطلع وعارف بأهمية القيادة وبدورها ومهماتها ومدى تأثيرها اللا محدود الايجابي أو السلبي .
والقيادة فن الصعوبات لا يرتقيه إلا فارس نبيل ، يبارز في وضح النهار ، يصول ويجول في الميدان بثقة واطمئنان ، مقدما التضحية بنفسه وماله ومستقبله ، يقارع الحجة بالحجة ، والدليل بالبرهان ..
والقيادة أيضا فن التمكين لا الممكن .. لا يخوضه إلا بحار ماهر ، وغواص عالم بكنوز الأعماق المخبوءة ، لتمكين الجماعة من الاستمرار ، وتمكين الأفراد من الإبداع ، وتمكين المبدعين من اختراق المجهول واقتحامه وغزوه ، وتمكين الوطن بالحضارة والأمل
فأن تكون يا ولدي قائدا فنانا .. أنفاسك ولمساتك وهمساتك لها تأثيرها القيِّم ، فهي اكبر من أن تدعها تضيع سدى ، إن كنت موجودا ويجب أن تكون ، فرأيك الأول ، وإن غبت فكأنك موجود بفعلك ورأيك ولا تدع أمرا من أمور الناس يحتاج لطريق تمهده إلا مهدته ، وابدأ بذلك ولا تؤجل جهدا بحجة أن الصورة عندك لم تكتمل أبعادها ، فأبعاد الصورة يجب أن تكون مرسومة ومهيأة مسبقا ، في ذهنك وفكرك قبل البدء في بلورتها إلى واقع حي يستفيد منه الناس ، لا تؤجل ولا تسوف .. لأنك حينئذ لن تبق ذلك الفنان صاحب الأصابع الذهبية كما في الرسم التشكيلي والهندسي ، ولن تبق صاحب القدم السحرية في ميدان لعبة كرة القدم .. ولن تصير صاحب الفكرة المبدعة والوسيلة ..
القائد الصالح فنان بحق لأن صلاحه يتقرر بما ينجزه من الإصلاح الذي هو فن بحد ذاته ، وأن تكون قائما على القيادة وفق ما تملك من تميز وإبداع ومن حضور فهذا يعني انك ..
تحب ما تؤديه من عمل وتنتمي إليه بالكامل فكرة وموضوعا وأسلوبا ونتائج ،
ويعني انك مخلص في إتقان هذا العمل وتسعى جهدك لإخراجه بما تحب أن يكون وبما تحب أن يرضي الله عنك وبما يقبله الناس فيك ومنك من ثقة منحوها لك بخالص حبهم وإخلاصهم ، فإخلاصك هنا يعني مبادلتك إخلاص الناس لك بإخلاصك لهم ،
ويعني انك في سبيل تحقيق الأصلح للناس والأفضل تسعى دائما وبلا هوادة إلى تطوير إمكانياتك وقدراتك ومهاراتك ومعارفك التي تيسر لك عمل القيادة وتجعلها بالنسبة إليك وكأنها شيء منك تمارسه بجودة الخبير ، وبنظرة الفاحص المتمكن ، وبفرحة المستفيد ،
ويعني انك في عملك وأدائك وانخراطك المخلص والمحب والمتابع ، إنما ترتقي وتبحث عن الانجاز والتنقيب عنه في كل مكان وفي كل حرف وإشارة وهمسة وسكنة ريح ،
الانجاز هدف لك لأنه وسيلة من خلالها تحقق صلاح القيادة وصلاح نفسك وناسك وبلدك ..
الانجاز أمر لا يستغني عنه أي مسئول بأي مستوى فما بالك بالقائد الصالح .. إنه أكثر حاجة من غيره لتحقيق الانجازات التي تؤكد على جدارته الإصلاحية وعلى صلاحه كقائد تدين له الناس بالطاعة والولاء ، وكمكلف بحمل شئونهم داخل حقيبته التي تحتوي على جميع أهدافه وخططه وبرامجه وأدواته التي من خلالها يسير نحو المستقبل بجماعته وبلده ..
وأهم ما يجب أن يتحلى به القائد الصالح الفنان ، أن يمتلك فنون القيادة وممارستها كلها أو معظمها ، فطرة وتدريبا وخبرات حياة، والتحكم بجميع أدوارها وخطواتها ومهماتها ، والتي من أوائلها ..
أولا : فنون المهارات والقدرات الشخصية :
فن التخيل
فن المحبة
فن الانتماء
فن الاتصال
فن تحديد الاحتياجات والإمكانيات
فن وضع الأهداف
فن التخطيط
فن إدارة الأفراد
فن اتخاذ القرار
فن التقويم والمتابعة
فن التحفيز
فن التفويض
فن الحوار
فن إدارة الاجتماعات
فن إدارة الوقت
فن إدارة المستقبل
فن إدارة الماضي
فن إدارة الحاشية ( البطانة )
فن الخطابة والكتابة
ثانيا : فنون العمل الداخلي (الأمة والوطن) :
فن العقيدة والقيم
فن إدارة الجماعة
فن إدارة الحكم
فن إدارة العدالة
فن إدارة الاحتياجات والحقوق
فن إدارة المصالح الفضلى
فن إدارة النماء
فن إدارة المشاركة
فن إدارة الدفاع والمقاومة
فن إدارة الإدارة
فن الثقة
ثالثا : فنون العمل الخارجي ( الدولي ) :
فن إدارة المفاوضات
فن حل الصراعات
فن إدارة الاتفاقات
فن إدارة المنظمات الدولية
فن إدارة السياسة
فن تحقيق المصالح
فن الحذر والتأهب والاستنفار
هذه بعض فنون القيادة الصالحة ، إذا سعيت جهدك أن تمارس قيادتك وفق فنونها ومعاييرها ومواصفاتها .. فأنت قائد جاد مخلص يبحث عن الأفضل له ولجماعته الإنسانية .. فاثبت على خطك وتابع السير فوق دربك الواضح ، ولا يهمك بعد ذلك أي معوقات أو صعوبات ستواجهك .. لأنك قد أمضيت عزمك وأعطيت عهدك بذلك .. وما دامت الإرادة لا تنقصك .. فكيف تتراجع أو تتوقف ولماذا ؟ وبأي منطق ستبرر للجماعة قصورك وإهمالك ومخالفتك العهد بان تكون قائدا صالحا منهم ولهم ولأجلهم ..
استعن بالله يا ولدي .. واجعل مخافة الله أمامك منتصبة عند كل عمل أو نية عمل تنوي القيام به .. بمخافة الله تملك الحكمة التي ترشدك إلى الحق وإلى الصواب ..
***
** من كتاب (رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - يا ولدي لماذا لا تكون قائدا صالحا؟) المؤلف : بهائي راغب شراب 2008
يا ولدي ..
إذا أردت أن تكون قائدا صالحا فاعلم بأن القيادة ..
فن وذوق وأخلاق
بهائي راغب شراب
..
نعم يا ولدي .. لا تستغرب من كلماتي الثلاثة لسابق معرفتك بها ، وبأنها تطلق على لعبة كرة القدم وعلى قيادة السيارات فوق الطريق .. لكن ما الذي يمنع إطلاقها على القيادة البشرية الصالحة ما دامت تعبر بحق فعلا وصدقا عن هذه القيادة التي هي الأهم بالنسبة للإنسان من أي شيء آخر .. ولأنها في النهاية يمكن أن تكون طريقا متصاعدا ينتشل الناس من ظلمات الجهل والفقر والضعف إلى نور الإيمان والمعرفة والقوة والتمكين .. وبالعكس يمكن أن تتحول إلى أداة دمار وهلاك وإبادة جماعية للبشرية بنقلها من النور إلى الظلمات .
القيادة فن لكونها عمل متميز ذو خصوصية قائمة بذاتها ، لا يدانيها خصوصية .. ومن أهم تميزها أنها عمل مسئول كامل المسئولية ، وأنها عمل مسائلة ومحاسبة ، وبأنها عمل ثبات وعزم ومصير ..
فالقيادة فن العلو لا يرتقيه إلا فنان ، ولا يستطيع الجلوس على مقودها إلا موهوب قدير مطلع وعارف بأهمية القيادة وبدورها ومهماتها ومدى تأثيرها اللا محدود الايجابي أو السلبي .
والقيادة فن الصعوبات لا يرتقيه إلا فارس نبيل ، يبارز في وضح النهار ، يصول ويجول في الميدان بثقة واطمئنان ، مقدما التضحية بنفسه وماله ومستقبله ، يقارع الحجة بالحجة ، والدليل بالبرهان ..
والقيادة أيضا فن التمكين لا الممكن .. لا يخوضه إلا بحار ماهر ، وغواص عالم بكنوز الأعماق المخبوءة ، لتمكين الجماعة من الاستمرار ، وتمكين الأفراد من الإبداع ، وتمكين المبدعين من اختراق المجهول واقتحامه وغزوه ، وتمكين الوطن بالحضارة والأمل
فأن تكون يا ولدي قائدا فنانا .. أنفاسك ولمساتك وهمساتك لها تأثيرها القيِّم ، فهي اكبر من أن تدعها تضيع سدى ، إن كنت موجودا ويجب أن تكون ، فرأيك الأول ، وإن غبت فكأنك موجود بفعلك ورأيك ولا تدع أمرا من أمور الناس يحتاج لطريق تمهده إلا مهدته ، وابدأ بذلك ولا تؤجل جهدا بحجة أن الصورة عندك لم تكتمل أبعادها ، فأبعاد الصورة يجب أن تكون مرسومة ومهيأة مسبقا ، في ذهنك وفكرك قبل البدء في بلورتها إلى واقع حي يستفيد منه الناس ، لا تؤجل ولا تسوف .. لأنك حينئذ لن تبق ذلك الفنان صاحب الأصابع الذهبية كما في الرسم التشكيلي والهندسي ، ولن تبق صاحب القدم السحرية في ميدان لعبة كرة القدم .. ولن تصير صاحب الفكرة المبدعة والوسيلة ..
القائد الصالح فنان بحق لأن صلاحه يتقرر بما ينجزه من الإصلاح الذي هو فن بحد ذاته ، وأن تكون قائما على القيادة وفق ما تملك من تميز وإبداع ومن حضور فهذا يعني انك ..
تحب ما تؤديه من عمل وتنتمي إليه بالكامل فكرة وموضوعا وأسلوبا ونتائج ،
ويعني انك مخلص في إتقان هذا العمل وتسعى جهدك لإخراجه بما تحب أن يكون وبما تحب أن يرضي الله عنك وبما يقبله الناس فيك ومنك من ثقة منحوها لك بخالص حبهم وإخلاصهم ، فإخلاصك هنا يعني مبادلتك إخلاص الناس لك بإخلاصك لهم ،
ويعني انك في سبيل تحقيق الأصلح للناس والأفضل تسعى دائما وبلا هوادة إلى تطوير إمكانياتك وقدراتك ومهاراتك ومعارفك التي تيسر لك عمل القيادة وتجعلها بالنسبة إليك وكأنها شيء منك تمارسه بجودة الخبير ، وبنظرة الفاحص المتمكن ، وبفرحة المستفيد ،
ويعني انك في عملك وأدائك وانخراطك المخلص والمحب والمتابع ، إنما ترتقي وتبحث عن الانجاز والتنقيب عنه في كل مكان وفي كل حرف وإشارة وهمسة وسكنة ريح ،
الانجاز هدف لك لأنه وسيلة من خلالها تحقق صلاح القيادة وصلاح نفسك وناسك وبلدك ..
الانجاز أمر لا يستغني عنه أي مسئول بأي مستوى فما بالك بالقائد الصالح .. إنه أكثر حاجة من غيره لتحقيق الانجازات التي تؤكد على جدارته الإصلاحية وعلى صلاحه كقائد تدين له الناس بالطاعة والولاء ، وكمكلف بحمل شئونهم داخل حقيبته التي تحتوي على جميع أهدافه وخططه وبرامجه وأدواته التي من خلالها يسير نحو المستقبل بجماعته وبلده ..
وأهم ما يجب أن يتحلى به القائد الصالح الفنان ، أن يمتلك فنون القيادة وممارستها كلها أو معظمها ، فطرة وتدريبا وخبرات حياة، والتحكم بجميع أدوارها وخطواتها ومهماتها ، والتي من أوائلها ..
أولا : فنون المهارات والقدرات الشخصية :
فن التخيل
فن المحبة
فن الانتماء
فن الاتصال
فن تحديد الاحتياجات والإمكانيات
فن وضع الأهداف
فن التخطيط
فن إدارة الأفراد
فن اتخاذ القرار
فن التقويم والمتابعة
فن التحفيز
فن التفويض
فن الحوار
فن إدارة الاجتماعات
فن إدارة الوقت
فن إدارة المستقبل
فن إدارة الماضي
فن إدارة الحاشية ( البطانة )
فن الخطابة والكتابة
ثانيا : فنون العمل الداخلي (الأمة والوطن) :
فن العقيدة والقيم
فن إدارة الجماعة
فن إدارة الحكم
فن إدارة العدالة
فن إدارة الاحتياجات والحقوق
فن إدارة المصالح الفضلى
فن إدارة النماء
فن إدارة المشاركة
فن إدارة الدفاع والمقاومة
فن إدارة الإدارة
فن الثقة
ثالثا : فنون العمل الخارجي ( الدولي ) :
فن إدارة المفاوضات
فن حل الصراعات
فن إدارة الاتفاقات
فن إدارة المنظمات الدولية
فن إدارة السياسة
فن تحقيق المصالح
فن الحذر والتأهب والاستنفار
هذه بعض فنون القيادة الصالحة ، إذا سعيت جهدك أن تمارس قيادتك وفق فنونها ومعاييرها ومواصفاتها .. فأنت قائد جاد مخلص يبحث عن الأفضل له ولجماعته الإنسانية .. فاثبت على خطك وتابع السير فوق دربك الواضح ، ولا يهمك بعد ذلك أي معوقات أو صعوبات ستواجهك .. لأنك قد أمضيت عزمك وأعطيت عهدك بذلك .. وما دامت الإرادة لا تنقصك .. فكيف تتراجع أو تتوقف ولماذا ؟ وبأي منطق ستبرر للجماعة قصورك وإهمالك ومخالفتك العهد بان تكون قائدا صالحا منهم ولهم ولأجلهم ..
استعن بالله يا ولدي .. واجعل مخافة الله أمامك منتصبة عند كل عمل أو نية عمل تنوي القيام به .. بمخافة الله تملك الحكمة التي ترشدك إلى الحق وإلى الصواب ..
***
** من كتاب (رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - يا ولدي لماذا لا تكون قائدا صالحا؟) المؤلف : بهائي راغب شراب 2008