الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الرسالة الحادية عشرة يا ولدي .. إذا أردت أن تكون قائداً صالحاً .. فاحذر أعداء القيادة .. الغضب ..العجلة .. البطانة الفاسدة

تاريخ النشر : 2022-08-16
الرسالة الحادية عشرة
يا ولدي ..
إذا أردت أن تكون قائداً صالحاً ..
فاحذر أعداء القيادة ..
الغضب ..العجلة .. البطانة الفاسدة

بهائي راغب شراب
..

نعم يا ولدي ..
للقيادة الصالحة أعداء كثيرون ، أعداء يتربصون المهالك لك ولكل قائد صالح إنهم أصدقاء القائد غير الصالح وأعوانه ويده اليمنى التي يضرب بها الناس ، وينشر من خلالهم الفزع والفقر والجوع والتشرد والجهل والتخلف عليهم ..إنهم أعداء حقيقيون يا ولدي لكل قائد صالح وبالتالي هم أعدائك الذين يرومون لك الشر في كل موضع تصله قدمك ، وعند كل حديث تحدثه للناس ، ويحاولون دائما وأبدا الإيقاع بك وبمنجزاتك وتصوير ما تقوم به بأنه مجرد ترهات وأوهام تبيعها للناس كي تخدعهم وتحظى على قبولهم لك وطاعتهم وولائهم ، وحديثي عن أعدائك يا ولدي لن يشتمل عليهم جميعا وإلا فإنني سأعجز حتما عن إنهاء هذا الحديث لأنهم لا ينتهون بل يتكاثرون بتكاثر أطماع البشر من الشياطين ومن أتباع إبليس اللعين .. سأكتفي بالحديث عن ثلاثة أمثلة وهم الأهم .. الغضب والعجلة والبطانة الفاسدة .. هؤلاء الثلاثة يمثلون عصبة الخراب والدمار لكل أمة يقودها قائد يتخذ من هؤلاء أعوانا وأصدقاء وملهمين ..

الغضب
وسأبدأ بالغضب فاحذره فإنه عدو لدود ،إذا تمكن من أحد ملكه وسيطر عليه وجعله ألعوبة طيعة في يده ، وأول ما يفعله الغضب بالإنسان أنه يسلبه وقاره ، ويخرجه عن طور هدوئه ، ويرمي به إلى خارج حدود العقل والتبصر والروية ..

والخطر يا ولدي ليس من الغضب كحالة يمكن لأي فرد التعرض لها والوقوع في براثنها .. بل الخطر يكمن فيما يفعله الغضب بصاحبه وبالنتائج البالغة الأثر سوءاً وسلبية ، التي يمارسها ويتركها بعد انتهائه .. فالغضب عامل تسريع للشر ، وعنصر تهيئة للدمار .. وهو أولاً وأخيراً عدو قاتل مجرم ، لا يحتكم لقانون ، ولا يخضع لعقل ، ولا يفكر قبل أن يضرب .. بل هو سريع التأثير .. فصاحبه يحزن ويصرخ ويسب ويضرب وربما يتمادى .. فيقتل ويحرق ويدمر ..

فإياك يا ولدي والغضب ، لا تمكنه من نفسك بإظهار الضعف .. ولا تجعله يمسك بزمامك فيقودك إلى ما لا تشتهيه من الرعب والدمار ..
واعلم أن الناس يكرهون سريع الغضب ، شديد الحدة في ردود أفعاله ، وهم يبعدون عن الشخص الذي يستسلم لغضبه وينساق إليه ، بدون أن يحكم فكره وبدون أن يدع لأدبه المجال ليقوده في علاقاته بين الناس ..

و يا ولدي .. إذا كان الغضب ممجوجاً من الفرد العادي ، فهو في القائد مخيف ، قاهر ، ظالم ، عدواني ..لأنه على خلاف الإنسان العادي يملك من أدوات الحكم والقهر والضرب والتدمير والتخويف .. مالا يملكه أحد ، ولأنه الحاكم الناهي لا يرتدع إنسان من إنسان مثله .. فلو غضب فالبلد كلها ترتعش خوفاً منه ، والناس كلهم يختبئون خشية على أرواحهم ومصائرهم ..

والغضب يا ولدي منفر .. فتعلم ألا تغضب ، ودرب نفسك على سعة الصدر والحلم ، ووطن نفسك على إشغال عقلك وفكرك لحل كل قضية أو مشكلة تظهر ..

ومن أهم عوامل التغلب على الغضب ..هو بمثابرتك وحرصك وإخلاصك وبالجرأة في مواجهة المشاكل والعمل على حلها أولاً بأول ، فعدم حل المشاكل يراكمها ، ومراكمة المشاكل يصعدها ، وتصعيدها يولد ضغوطاً كبيرة متزايدة عليه ؛ فتضعف مناعتك وينهار حصن صبرك وصمودك ..
وكن صاحب رأي سديد ، وقرار سريع ، وأدب جم ، وقضاء عادل .. وكن عالماً عارفاً بما تملك من أسباب القوة والصبر والعفة والعدل والمساواة ، وإحقاق الحقوق ولا تكن ظالماً ظلوماً جهولاً ..لأنه لا يغضب بسهولة إلا الظالم .. ولا يستسلم للغضب إلا الجاهل .. فوطن نفسك وثبتها بالعدل والحق والمعرفة ..

العجلة
أما العجلة يا ولدي ..
فهي العدو الثاني للقائد الصالح ..فالأمور لا تحل بالتسرع ولا بردود الأفعال غير المدروسة ، فكل عمل يحتاج لإعمال الفكر والبحث ، وأي طريق تسير فوقه يحتاج لإنارة وإلى تعبيد ، وأي مشروع يحتاج إلى دراسة جدوى وإلى موازنة ، وإلى علاقة بشرية تحتاج إلى أخلاق وأدب وحسن اختيار ..

وأي شيء يحتاج لإنجاحه إلى بصر وبصيرة ، وإلى زمن وروية ، وإلى تخطيط ورؤية وإلى خطة ، وإلى تقويم ومتابعة .. فالعجلة عدو التخطيط ، وعدو المشاركة وعدو الإتقان وعدو النجاح ،
نعم .. فالأمور الناجحة لا تتم إلا وفق معايير النجاح والسلامة والخير .. أما الأمور التي تفتقر للرأي والفكر والبحث والدراسة والتي تتم وفق كسب الوقت واستغلاله بعيداً عن معايير وشروط النجاح والإنجاز .. فهنا .. تكون النتائج سيئة ، هزيلة ، ضعيفة ، غير مشجعة .. وأقل ما يقال عنها أنها لا تستحق الجهد المتعجل الذي بذل من أجل الوصول إليها ..

فالعجلة في إنجاز الأمور تعني التخلي عن التفكير وعن التخيل وعن التخطيط وعن تحديد الاحتياجات ووضع الأهداف ، وعن وضع الخطط وتنفيذها وفق تسلسلها الطبيعي .. وهذا يماثل الجندي الذي يرمي بنفسه في ميدان القتال في مواجهة عدو مسلح قوي قاتل ، بدون درع يحميه ، وبلا سيف يضرب به ، وبدون تدريب .. ومصير الجندي هنا معروف .. القتل أو الجرح أو الأسر ..فهل تريد يا ولدي أن تكون مثل هذا الجندي المتسرع .. فمواجهة العدو مثل بناء أي مشروع آخر يحتاج لأسلحة وإلى إعداد وتدريب وزمن .. لا يحتاج إلى تسرع ولا حمية جاهلية لا رأس لها ولا عين .

لا تضع رقبتك تحت سيف الوقت فيحكمك ويخنقك .. بل كن أنت المتحكم بالوقت ، المنظم له ، المقسم لمراحله ، المحدد لما يجب أن تفعل متى؟.. وكيف؟؟.. ولما ؟ .. ولمن؟.. ولماذا ؟.. يجب التسلح بكل ما تقدر من ترسانة القوة الجسدية والفكرية والعقلية ..

وإياك .. إياك والعجلة ..فقد قيل في الأمثال .. " في العجلة الندامة .. وفي التأني السلامة " ..

بطانة السوء
أما العدو الثالث يا ولدي ..
فهو الأخطر والأكثر تأثيرا من غيره ، وهو ظاهر غير باطن ، مكشوف غير مخبوء ، بل يتباهى بأنه يحتل مكانته لديك بشطارته وبكفاءته التي ربما لا يملك منها شيئا ، إنها يا ولدي البطانة المحيطة بالقائد الصالح ، وهي الحاشية التي تتكون من مجموعة من الأفراد الذين أهم ما يميزهم أنهم الأقرب لك ، والأسرع في توصيل الكلام لك ، وأنهم ربما يكونون الباب الذي يصل الناس بك ، والنافذة التي من خلالها تنظر إلى أحوال جماعتك ، فإن قالوا خيرا فهو الخير عندك ، وإن قالوا شرا فهو الشر عندك ، ..
والبطانة يا ولدي نوعان : حميد وخبيث ، أما البطانة الحميدة فهي التي تتكون من علماء الفقه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذين يشرحون لك المسائل المبهمة ويوضحون الأجوبة العادلة والمناسبة لكل سؤال ، وأيضا تضم ذوي الحنكة والحكمة والخبرة والتخصص في شتى أمور الحكم والقيادة وإدارة أمور الناس والدولة ، .. وهم يشتركون جميعا في كونهم أعوان صدق وعون وحق ، لا يرومون لأنفسهم مكسب ، ولا يبحثون عن منصب ، همهم أن تنجح في قيادتك ، وان تصبح بذاتك مكسبا للناس محبوبا متمكنا من إقامتك في قلوبهم .
أما البطانة الخبيثة فهم أهل المكاسب المؤقتة ، والمصالح الشخصية ممن يعتقدون أنهم بقربهم منك يستطيعون فعل ما يشاءون بدون حسيب ولا رقيب ، فيطلقون أياديهم وعيونهم وجلاديهم وراء الناس يرعبونهم ويبتزونهم لجمع أقصى ما يمكن من المكاسب ، وفي نفس الوقت هم أهل الدسيسة والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ، لا يعيشون إلا كالخفافيش يتحركون في الظلام ، ويضربون في الليل والناس نيام ، وهم في سبيل ذلك ولتحقيق مآربهم الشيطانية يبنون أسوارا عالية محكمة تمنع اتصالك بالناس ، وتمنع وصولهم إليك ، فتظل بذلك جاهلا أحوال الناس ، لا تصلك مظالمهم ، ولا تسمع أنينهم وصراخهم .؟. فتصبح في نظر الناس أنت الجلاد وأنت القاتل وأنت العدو ..
فالقائد الذي لا يرعي يبدد ، والذي لا يحمي يضيع ، والذي يجعل من نفسه أذنا لهذا أو لذاك ، فتغيره أي كلمة ، دون تمحيصها أو كشف دلالاتها ، فهنا تكون شخصا إمعة ، مقودا لا قائدا ، مسلوبا في إرادتك وفي رأيك وفي اختيارك ، لا تملك تأثيرا ابعد من الكرسي الذي تجلس فوقه ، فغيرك يحكم ، وغيرك يتحكم ، وغيرك يصول ويجول بالفساد والخراب بين الناس الذين أعطوك ثقتهم اعتقادا بأنك أهل لها ، وانك ستصون الأمانة برعايتهم وحماية مصالحهم..

إن دور الحاشية والأعوان والأصدقاء أن يكونوا للقائد مفاتيح عمله ، ومحددات سلوكه ، وعناوين صفات شخصيته ، فصلاح الحاشية صلاح للقائد ، وطهارتها طهر للقائد ، وعلمها علم للقائد ، وكل عمل للحاشية أو إنجاز تحققه إنما يعود وينتسب في النهاية للقائد الذي جمعهم حوله وجعل منهم أعوانا ومفاتيح تصله بالناس .
نعم يا ولدي ألم تقرأ قوله تعالى في سورة العصر : " والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " وألم تقرأ قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : " الدين النصيحة .. "

ولأجمل لك الأمر فإن الأعداء الثلاثة السابقين يتميزون بأنهم متوحدون في جلبهم :
• العشوائية والفوضى في جميع تصرفاتك
• الظلم والجور على الناس ،
• يبنون لك بيتا مجبولا بالحقد والكراهية والتمرد والبؤس والضعف والخراب
• يسلبونك الحكمة والوقار والهدوء والتفكير والبصيرة النيرة المنفتحة على الآخرين .
• يكثرون من الأعداء .. يؤلبونهم عليك في كل موقع وفي كل زمان
• التسرع في اتخاذ القرار والجهل بأحوال الناس وحاجاتهم
• يشعرونك بالخيلاء والكبر الممجوج ،وبالفوقية الزائفة
• يجردونك من أعوان الصدق والخير ومن الأصدقاء ومن الأحباء والأهل والمقربين الذين يرومون لك الخير والفلاح
• يزينون لك الشر وكأنه الخير لك ، ويقبحون الخير فيصبح لديك شرا
• يبنون حولك أسوارا عالية يحبسونك داخلها، يمنعونك عن الناس ويمنون الناس عنك فأنت محاصر من قبلهم ، لا تتحرك إلا بما يرغبون وكيف يشاءون لك .
• يلبسونك طرطور الحكم ، فتصبح قائدا بلا قيادة ، لأنهم هم من يملك ويتصرف ويقود ويحكم باسمك ، بمعرفتك وبدونها ، وأنت عاجز لا ترى ولا تقدر .

هذا حال الأعداء معك.. فإن سلمت منهم فقد سلمت من شر مستطير ، فكن واثقا بالله مؤمنا به ، متوكلا عليه ..وحارب وبلا هوادة أعداءك هؤلاء وإياك وأن تظهر أمامهم لِيناً أو رحمة أو ودا أو عفوا .. ..
***

** من كتاب (رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - يا ولدي لماذا لا تكون قائدا صالحا؟) المؤلف : بهائي راغب شراب 2008
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف