بقلم: بهائي راغب شراب
..
لقد وردت كلمات الصالحات والصالحين والصلاح ومشتقاتهم من الكلمات في القرآن الكريم مدللة على أن الصالحين هم الفائزين برضا الله ، وهم دائما يمثلون مقدمة الجماعات البشرية المعلمة والمبشرة بالخير والداعية إليه والمحذرة من الشر والفساد ومن عواقبه التي توجب في النهاية الوقوع في جهنم دارا للعذاب المخلد للظالمين الذين يقاومون الصالحين والإصلاح في كل زمان ومكان .
الصالحون هم خيرة البشر إلى الله تعالي ، وهم الأقرب إليه بعبادتهم وخضوعهم التام لله ، وبحبهم وجهادهم وبتضحياتهم بأرواحهم وأموالهم وبالراحة الدنيوية في سبيل الله ، الخالق البارئ المصور ، الواحد الأحد الفرد الصمد ، ربهم ومولاهم ووكيلهم الرحمن الرحيم .. سبحانه تعالى عما يصف المجرمون .
فالعمل الصالح نية المؤمن وسلوكه الطبيعي الملازم له .
والعمل الصالح عمل رشيد يدل على رشد عامله ونضوجه وتحمله للأمانة والمسئولية
والعمل الصالح عمل الدعاة الصادقين المجتهدين .
والعمل الصالح هو سبيل المجاهدين الذين يضحون بأرواحهم وبما ملكوا في سبيل الله .
والعمل الصالح جهد الغيورين على دينهم وأهليهم وبلادهم
والعمل الصالح هو زينة الإنسان المؤمن
والعمل الصالح هو الذي يجمع الناس ويقرب ويحفز التعاون بينهم ، ويوطد الألفة
والعمل الصالح هو الحب في الله والكره في الله
والعمل الصالح هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والعمل الصالح هو العلم الصالح والتجارة الصالحة والزرع الصالح والأرض الصالحة ..
والعمل الصالح هو الزوج الأمين والأب الراعي والأم الحنون والولد المخلص
والعمل الصالح هو السعادة والرضا والصبر والمثابرة والشكر والحمد والتوكل على الله
والعمل الصالح هو رحمة الله بعباده ،
ومن أجل ذلك .. ولتبيان وجوب العمل الصالح ، والتزامه في جميع أحوال المؤمن فإن تكرار جملة " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " في حوالي خمسين آية إنما تجيء كدعوة من الله للمؤمنين بأن يعملوا الصالحات ، وبأن إيمانهم بدون ذلك لا يكتمل ، فلا إيمان بدون عمل صالح ، وهذه أيضا تشير إلى قاعدة شرعية مهمة وهي أن " الدين المعاملة " ، حيث الإيمان هو تصديق واعتقاد وتسليم كامل بإلوهية ووحدانية وربوبية الله سبحانه وتعالى وانه وحده المستوجب للعبادة والتعبد من الناس ، في حين أن الصالحات هي صفة لا تطلق إلا على المؤمن الذي تأتي أعماله وسلوكه وأخلاقه متوافقة مع إيمانه بالله ومع طاعته له من خلال تحمله لأمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون أمره جميعه صالحا مع الله ومع البشر فلا يظلم ولا يفسد ولا يأتي شراً في حق الله ، وفي حق الناس أبدا
ونعود للسؤال لماذا الصالحين ، ولماذا العمل الصالح .. وماذا اعد الله للصالحين ؟ ، والجواب تكفل الله به وبينه في كتابه العزيز .. ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وليكونوا مستحقين الجزاء الكامل الوافي المستوفي من الله سبحانه وتعالى ، حيث بشر الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات بان لهم ..
" فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين .. " آل عمران 57
" سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا " النساء 57
" .. فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله .. " النساء 173
" .. لهم مغفرة وأجر عظيم .. "المائدة 9
" .. فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا .. "النساء 124
" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... " المائدة 93
" لا تكلف نفس إلا وسعها .. " الأعراف 42
".. ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط .. "يونس 4
" .. يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " يونس9
" .. أولئك لهم مغفرة وأجر كبير " هود 11
" .. أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " هود 23
" .. طوبى لهم وحسن مآب " الرعد29
" .. تحيتهم فيها سلام " إبراهيم 23
" .. إن لهم أجرا حسنا " الكهف 2
" .. إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " الكهف 30
" .. كانت لهم جنات الفردوس نزلا " الكهف 107
" .. سيجعل لهم الرحمن ودا " مريم 96
" .. فأولئك لهم الدرجات العلى " طه 75
" .. فلا يخاف ظلما ولا هضما " طه 112
" .. فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون " الأنبياء 94
" .. يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير " الحج 23
" .. لهم مغفرة ورزق كريم " الحج 50 – سبأ 4
".. ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ،
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ،
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. " النور 55
" .. لنكفرن عنهم سيئاتهم ، ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون " العنكبوت 7
" .. لندخلنهم في الصالحين " العنكبوت 9
" .. لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها النهار خالدين فيها " العنكبوت 58
" .. فهم في روضة يحبرون " الروم 15
" .. فلهم جنات المأوى نزلا .. " السجدة 19
" .. لهم أجر غير ممنون " فصلت 8
" .. لهم ما يشاؤون عند ربهم ، ذلك هو الفضل الكبير " الشورى 22
" .. من يقترف حسنة نز له فيها حسنا .. "الشورى 23
" .. فيدخلهم ربهم في رحمته ، ذلك هو الفوز المبين " الجاثية 30
" .. كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم " محمد 2
" .. ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور .. " الطلاق 11
" .. أولئك هم خير البرية " البينة 7
" .. ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " البقرة 62 ، " ..فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " المائدة 69
" .. فلنحيينه حياة طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " النحل 97
" .. فله جزاء الحسنى ، وسنقول له من أمرنا يسرا " الكهف 88
" .. فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .. " الفرقان 70
وهكذا يواصل القرآن تعداد ما أعد الله من الأجر للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ، فلهم أجر عظيم ويتوب عليهم ، ويدخلهم في رحمته ، يغفر لهم ويرحمهم ، ولهم الفوز العظيم ، وسيهديهم ويصلح بالهم ، وأن يكونوا من المفلحين ، ولهم جزاء الضعف بما عملوا ولهم الغرفات في الجنة آمنين ، ولا يضيع أجرهم أبدا ولا يظلمون ...
وأول من خص الله من البشر بالصلاح ، ودعاهم لأن يكونوا صالحين ، هم الأنبياء عليهم سلام الله ، الذين كانوا خير الصالحين ، وكان دعاؤهم أن يرزقهم الله الذرية الصالحة وأن يلحقهم بالصالحين .
فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو : {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}الشعراء83 ، و {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } الصافات100 ، {وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }النحل122 ، {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }الصافات112 ، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ }الأنبياء72 .
ويوسف النبي الصالح عليه السلام يدعو الله : {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }يوسف101
ولوط عليه السلام : {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }الأنبياء75
وأنبياء الله إسماعيل وإدريس وذا الكفل : {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ}الأنبياء86
وهذا هو سيدنا سليمان عليه السلام : {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }النمل19
ويقول على لسان النبي شعيب عليه السلام : {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }القصص27
وعن نوح ولوط عليهما السلام : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } التحريم10
ويقول عن النبي يونس عليه السلام : {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }القلم50
وفي الكثير من الآيات كانت الدعوة من الله للمؤمنين بأن يعملوا الصالحات :
للرسل : {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }المؤمنون51
{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }سبأ11
للمؤمنين : {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } النساء124
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15
{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى }طه75
ومن رحمة الله بعباده الصالحين ، انه أرسل الرسل ليخرجهم من ظلمات الشرك والجهل ، إلى نور الإيمان والمعرفة والفوز بالجنة .. {رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11
ودعوة الأنبياء إلى الله كانت دائما أن يكونوا من الصالحين وان يعملوا صالحا ، وان يرزقهم الله الذرية الصالحة ..
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }الأعراف189
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }النمل19
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}الأحقاف15
والأعجب من كل ذلك أن تكون هذه هي صرخة العذاب والألم الشديد ، ودعوتهم إلى الله ، التي يطلقها الظالمون إذ هم في نار جهنم يصطلون ، بعدما تأكد لهم صدق الرسل والأنبياء الذين دعوهم للإيمان والعمل الصالح فلم يستجيبوا لهم ..
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }فاطر37
كل ذلك قرره الله سبحانه وتعالى ، ولا يجوز لبشر أيا كان أن يقرر أو يختار بعد ذلك ، لأنه خيار الحق الذي ارتضاه الله لعباده بالعموم ، والذي خص به أنبياءه ورسله إلى العالمين ، قادة الجماعات والأقوام والشعوب والأمم ، الذين يجب على المؤمنين والناس جميعا الإقتداء بهم ، وإتباعهم فيما يدعون من خير وهداية وصلاح للناس ، تبليغا لرسالة الله التي حملهم إياها ليصلحوا حال الأفراد والجماعات والأمم ، دون تحريف وبلا تردد ولا خشية .
ومن هنا فالقائد الصالح لا يضاهيه قائد آخر ، لأنه يجمع الإيمان بالله ، ويجعل من الله ربه المعبود ، ويقرن ذلك بالتقوى والعمل الصالح والاجتهاد في أن يكون عمله كله خالصا لله وحده ، نية ودربا ورؤية وهدفا وحاجة وسلوكا وصفة ونتيجة وتضحية وجهاد وحبا وإحسانا ، وو..
***
من كتاب (رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - يا ولدي لماذا لا تكون قائدا صالحا؟) المؤلف : بهائي راغب شراب 2008
..
لقد وردت كلمات الصالحات والصالحين والصلاح ومشتقاتهم من الكلمات في القرآن الكريم مدللة على أن الصالحين هم الفائزين برضا الله ، وهم دائما يمثلون مقدمة الجماعات البشرية المعلمة والمبشرة بالخير والداعية إليه والمحذرة من الشر والفساد ومن عواقبه التي توجب في النهاية الوقوع في جهنم دارا للعذاب المخلد للظالمين الذين يقاومون الصالحين والإصلاح في كل زمان ومكان .
الصالحون هم خيرة البشر إلى الله تعالي ، وهم الأقرب إليه بعبادتهم وخضوعهم التام لله ، وبحبهم وجهادهم وبتضحياتهم بأرواحهم وأموالهم وبالراحة الدنيوية في سبيل الله ، الخالق البارئ المصور ، الواحد الأحد الفرد الصمد ، ربهم ومولاهم ووكيلهم الرحمن الرحيم .. سبحانه تعالى عما يصف المجرمون .
فالعمل الصالح نية المؤمن وسلوكه الطبيعي الملازم له .
والعمل الصالح عمل رشيد يدل على رشد عامله ونضوجه وتحمله للأمانة والمسئولية
والعمل الصالح عمل الدعاة الصادقين المجتهدين .
والعمل الصالح هو سبيل المجاهدين الذين يضحون بأرواحهم وبما ملكوا في سبيل الله .
والعمل الصالح جهد الغيورين على دينهم وأهليهم وبلادهم
والعمل الصالح هو زينة الإنسان المؤمن
والعمل الصالح هو الذي يجمع الناس ويقرب ويحفز التعاون بينهم ، ويوطد الألفة
والعمل الصالح هو الحب في الله والكره في الله
والعمل الصالح هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والعمل الصالح هو العلم الصالح والتجارة الصالحة والزرع الصالح والأرض الصالحة ..
والعمل الصالح هو الزوج الأمين والأب الراعي والأم الحنون والولد المخلص
والعمل الصالح هو السعادة والرضا والصبر والمثابرة والشكر والحمد والتوكل على الله
والعمل الصالح هو رحمة الله بعباده ،
ومن أجل ذلك .. ولتبيان وجوب العمل الصالح ، والتزامه في جميع أحوال المؤمن فإن تكرار جملة " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " في حوالي خمسين آية إنما تجيء كدعوة من الله للمؤمنين بأن يعملوا الصالحات ، وبأن إيمانهم بدون ذلك لا يكتمل ، فلا إيمان بدون عمل صالح ، وهذه أيضا تشير إلى قاعدة شرعية مهمة وهي أن " الدين المعاملة " ، حيث الإيمان هو تصديق واعتقاد وتسليم كامل بإلوهية ووحدانية وربوبية الله سبحانه وتعالى وانه وحده المستوجب للعبادة والتعبد من الناس ، في حين أن الصالحات هي صفة لا تطلق إلا على المؤمن الذي تأتي أعماله وسلوكه وأخلاقه متوافقة مع إيمانه بالله ومع طاعته له من خلال تحمله لأمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون أمره جميعه صالحا مع الله ومع البشر فلا يظلم ولا يفسد ولا يأتي شراً في حق الله ، وفي حق الناس أبدا
ونعود للسؤال لماذا الصالحين ، ولماذا العمل الصالح .. وماذا اعد الله للصالحين ؟ ، والجواب تكفل الله به وبينه في كتابه العزيز .. ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وليكونوا مستحقين الجزاء الكامل الوافي المستوفي من الله سبحانه وتعالى ، حيث بشر الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات بان لهم ..
" فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين .. " آل عمران 57
" سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا " النساء 57
" .. فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله .. " النساء 173
" .. لهم مغفرة وأجر عظيم .. "المائدة 9
" .. فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا .. "النساء 124
" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... " المائدة 93
" لا تكلف نفس إلا وسعها .. " الأعراف 42
".. ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط .. "يونس 4
" .. يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " يونس9
" .. أولئك لهم مغفرة وأجر كبير " هود 11
" .. أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " هود 23
" .. طوبى لهم وحسن مآب " الرعد29
" .. تحيتهم فيها سلام " إبراهيم 23
" .. إن لهم أجرا حسنا " الكهف 2
" .. إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " الكهف 30
" .. كانت لهم جنات الفردوس نزلا " الكهف 107
" .. سيجعل لهم الرحمن ودا " مريم 96
" .. فأولئك لهم الدرجات العلى " طه 75
" .. فلا يخاف ظلما ولا هضما " طه 112
" .. فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون " الأنبياء 94
" .. يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير " الحج 23
" .. لهم مغفرة ورزق كريم " الحج 50 – سبأ 4
".. ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ،
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ،
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. " النور 55
" .. لنكفرن عنهم سيئاتهم ، ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون " العنكبوت 7
" .. لندخلنهم في الصالحين " العنكبوت 9
" .. لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها النهار خالدين فيها " العنكبوت 58
" .. فهم في روضة يحبرون " الروم 15
" .. فلهم جنات المأوى نزلا .. " السجدة 19
" .. لهم أجر غير ممنون " فصلت 8
" .. لهم ما يشاؤون عند ربهم ، ذلك هو الفضل الكبير " الشورى 22
" .. من يقترف حسنة نز له فيها حسنا .. "الشورى 23
" .. فيدخلهم ربهم في رحمته ، ذلك هو الفوز المبين " الجاثية 30
" .. كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم " محمد 2
" .. ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور .. " الطلاق 11
" .. أولئك هم خير البرية " البينة 7
" .. ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " البقرة 62 ، " ..فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " المائدة 69
" .. فلنحيينه حياة طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " النحل 97
" .. فله جزاء الحسنى ، وسنقول له من أمرنا يسرا " الكهف 88
" .. فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .. " الفرقان 70
وهكذا يواصل القرآن تعداد ما أعد الله من الأجر للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ، فلهم أجر عظيم ويتوب عليهم ، ويدخلهم في رحمته ، يغفر لهم ويرحمهم ، ولهم الفوز العظيم ، وسيهديهم ويصلح بالهم ، وأن يكونوا من المفلحين ، ولهم جزاء الضعف بما عملوا ولهم الغرفات في الجنة آمنين ، ولا يضيع أجرهم أبدا ولا يظلمون ...
وأول من خص الله من البشر بالصلاح ، ودعاهم لأن يكونوا صالحين ، هم الأنبياء عليهم سلام الله ، الذين كانوا خير الصالحين ، وكان دعاؤهم أن يرزقهم الله الذرية الصالحة وأن يلحقهم بالصالحين .
فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو : {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}الشعراء83 ، و {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } الصافات100 ، {وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }النحل122 ، {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }الصافات112 ، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ }الأنبياء72 .
ويوسف النبي الصالح عليه السلام يدعو الله : {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }يوسف101
ولوط عليه السلام : {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }الأنبياء75
وأنبياء الله إسماعيل وإدريس وذا الكفل : {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ}الأنبياء86
وهذا هو سيدنا سليمان عليه السلام : {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }النمل19
ويقول على لسان النبي شعيب عليه السلام : {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }القصص27
وعن نوح ولوط عليهما السلام : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } التحريم10
ويقول عن النبي يونس عليه السلام : {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }القلم50
وفي الكثير من الآيات كانت الدعوة من الله للمؤمنين بأن يعملوا الصالحات :
للرسل : {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }المؤمنون51
{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }سبأ11
للمؤمنين : {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } النساء124
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15
{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى }طه75
ومن رحمة الله بعباده الصالحين ، انه أرسل الرسل ليخرجهم من ظلمات الشرك والجهل ، إلى نور الإيمان والمعرفة والفوز بالجنة .. {رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11
ودعوة الأنبياء إلى الله كانت دائما أن يكونوا من الصالحين وان يعملوا صالحا ، وان يرزقهم الله الذرية الصالحة ..
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }الأعراف189
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }النمل19
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}الأحقاف15
والأعجب من كل ذلك أن تكون هذه هي صرخة العذاب والألم الشديد ، ودعوتهم إلى الله ، التي يطلقها الظالمون إذ هم في نار جهنم يصطلون ، بعدما تأكد لهم صدق الرسل والأنبياء الذين دعوهم للإيمان والعمل الصالح فلم يستجيبوا لهم ..
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }فاطر37
كل ذلك قرره الله سبحانه وتعالى ، ولا يجوز لبشر أيا كان أن يقرر أو يختار بعد ذلك ، لأنه خيار الحق الذي ارتضاه الله لعباده بالعموم ، والذي خص به أنبياءه ورسله إلى العالمين ، قادة الجماعات والأقوام والشعوب والأمم ، الذين يجب على المؤمنين والناس جميعا الإقتداء بهم ، وإتباعهم فيما يدعون من خير وهداية وصلاح للناس ، تبليغا لرسالة الله التي حملهم إياها ليصلحوا حال الأفراد والجماعات والأمم ، دون تحريف وبلا تردد ولا خشية .
ومن هنا فالقائد الصالح لا يضاهيه قائد آخر ، لأنه يجمع الإيمان بالله ، ويجعل من الله ربه المعبود ، ويقرن ذلك بالتقوى والعمل الصالح والاجتهاد في أن يكون عمله كله خالصا لله وحده ، نية ودربا ورؤية وهدفا وحاجة وسلوكا وصفة ونتيجة وتضحية وجهاد وحبا وإحسانا ، وو..
***
من كتاب (رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - يا ولدي لماذا لا تكون قائدا صالحا؟) المؤلف : بهائي راغب شراب 2008