الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فن الحديث بين وفرة العقاد وشجاعة عرفات

تاريخ النشر : 2022-06-29
فن الحديث بين وفرة العقاد وشجاعة عرفات
بقلم: بكر أبو بكر

 علمي وخبرتي الطويلة في مجال فن الحديث والمحاضرة وفي إطار التدريب السياسي والتنظيمي والفكري...الخ، وعقد الدورات والورشات واللقاءات في فلسطين والخارج على مدار أكثر من 30 عامًا، وهي الخبرة والمعلومات الغزيرة التي مكنتني من إصدار كتاب فن الحديث في الخطاب المؤثر والأسلوب الجذاب عام 2020 لم تكن هذه الخبرة والعلم عائقًا للتطور الذاتي لدي، فمازلت جاهلًا بالكثير، لذلك مازلت أتعلم وأطوّر من ذاتي فيما أمارسه أو أقرأه وأفقه أشياء جديدة.

قانون (و أ ش)

 ومما توصلت اليه مؤخرًا قاعدة أو فكرة أجادة العرض أو المحاضرة برأيي والتي سألخصها هنا بمحتويات ثلاثة ضمن ما أسميتها قاعدة ( و ا ش) تسهيلًا ولسهولة التذكر ما لا يغني بالطبع عن قراءة كتابي، وكتب الأساتذة ممن سبقوني وأيضًا من لحقوني.

 واش هي القاعدة التي افترض بها أن جودة العرض/الحديث/القاء المحاضرة أساسًا تقتضي بتركيز 3 أمور رئيسة معًا، دعني هنا أشرحها بتبسيط شديد كالتالي: 

1-(كن كالنحلة) (كن العقّاد) من: ضرورة وفرة المعلومات لديك، بالقراءة والسؤال والبحث والكتابة بالموضوع وحوله، وعرضه. ولك بعباس محمود العقاد مثالًا، وذلك أساسًا لتعرف موضوعك جيدًا وتركز فيه وتبدع.

2- (كن الجاحظ، كن واصل) بالاعداد، والاستعداد والتحضير المسبق ورقيًا وعقليًا ونفسيًا ومنهجيًا وتمرينيًا وتخيليًا، وبالمثابرة.

3- كن (كن عباس بن فرناس، كن عرفات) بامتلاك شجاعة الإقدام على العرض، والقضاء على الرهبة والمواجهة بتفاصيل وآليات قهر الخوف وبتقديم العرض المؤثر.

 أولًا: هي الوفرة، والاعداد والاستعداد، والشجاعة (واش) وما يكملهما من سياقات ومركبات، فوفرة المعلومات لديك ضرورة لتعرف وتتمكن من موضوعك، مادتك، ولتركز فيها، والوفرة لا تاتي بالسحر أو متابعة المقهي الالكتروني "فيسبوك" أو إدمان تصفح الجوال والشابكة بلا طائل، وإنما تاتي من القراءة الرأسية العميقة وبالسؤال كما بالبحث الذي لا يكتفي بسطحية الأمور، ولاضرب لك مثالًا حيث قرات من فترة عن قاعدة ال50% التي وردت في اختبار من اختبارات إجادة العرض والحديث والخطاب فلم أجد أي مصدر عربي يتحدث بها، وبالعودة للمصادر الأجنبية تنوعت الطروحات حول مفهوم القاعدة هذه الى أن اهتديت لمقال "ايرين هاتزيكوستاس" حول قاعدة ال50% فاطمأننت للفكرة كما عرضَتها بأن تخوض التجربة ولو كان فيها 50% من المخاطرة فتنتقل من منطقة الراحة الى منطقة الإثارة وبنص كلامها: "إنها قاعدة 50٪: حيث أبحث دائمًا عن المهام والأدوار والوظائف التي تجعلك غير مرتاح بنسبة 50٪." ما يدفعك للاقتحام والاستكشاف، وحيث تقول: " أخوض الآن في كل ما أفعله ، وعلى استعداد لتطبيق قاعدة 50٪. ما يسمح لي بالتعلم من الآخرين، ولكنه يمنحني أيضًا الإذن للقيام بالأشياء بطريقة جديدة ومنعشة ومليئة بالحيوية والحياة. أنها بطريقة أو بأخرى"أنا". اكثر."

الخلاصة أنني لم أترك الفكرة مبهمة لدي وإنما قاتلت للبحث عنها، وفي مثال آخر قريب طرح الرئيس أبومازن في لقاء ثقافي دور اللورد كرومويل واللورد بالمرستون الانجليزيان في نشوء الفكرة الصهيونية مما لم أكن اطلعت عليه، فلم أترك الإشارة تذهب مع الريح، فلجأت للمصادر الأساسية لأفاجأ بالكثير كما تفاجأت عندما قرأت كتاب دولة اليهود لتيودور هرتسل المنسوب له تأسيس الحركة الصهيونية بمؤتمرها الاول عام 1897. 

ولأن الوفرة للمعلومات تحتاج للاستعمال عبر الحديث والمحاضرات، والنقاش، وتكرار الذكر فإنها أيضًا تحتاج للكتابة وتواصل البحث ما يثبت الفكرة وينشرها ويتواصل الحفر حولها وفيها، فتراها قد تتغير وتصبح أكثر وضوحًا أو دقة يومًا إثر يوم. ومن ذلك يأتي العسل كجهد النحلة مع ملايين الأزهار (100 غم من العسل يحتاج لزيارة مليون زهرة)[1] لتنتج عسلها اللذيذ مختلف ألوانه.

وإذ ضربنا مثلًا بالمفكر والأديب والفيلسوف والمؤرخ والكاتب الشهير عباس محمود العقاد[2] (1889-1964م) فمما يذكر عنه أن مكتبته كانت ممتلئه بالكتب (40 ألف كتاب)، وهذا طبيعي ولكن ما أثار العجب لدى مريديه وجود 100 كتاب عن الحيوانات والحشرات، ولما كان صاحب عقلية الوفرة التي نتحدث عنها فهو يستخدم سلوك الحيوانات في القياس والاستعارة في كتاباته.

ثانيًا: ولد عمرو بن بحر الملقب بالجاحظ (لجحوظ عينيه) (159-255هـ، 868م)الأديب العربي الكبير في مدينة البصرة ونشأ فقيرا، والى ذلك كان دميما قبيحا جاحظ العينين فلم يستكِن ويلطم على حاله ويتشرد اويقطع الطريق نظرًا وضعه وشكله أبدًا بل جاهد وكافح حتى غدا عَلمًا، وعرف عنه خفة الروح وميله إلى الهزل والفكاهة، ومن ثم كانت كتاباته على اختلاف مواضيعها لا تخلو من الهزل والتهكم. طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليتم والفقر حال دون تفرغه لطلب العلم على أفاضل العلماء، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، الى أن أصبح مدرسًا. 

يورد ياقوت الحموي[3] قولًا لأحد معاصري الجاحظ يدلُّ على مدى نَهَمِ الجاحظ بالكتب، وعلى الاعداد المنهجي والورقي والمثابرة، يقول فيه: "لم أرَ قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلا استوفى قراءته كائناً ما كان ولا عَجَبَ إذ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات عدَّة في كتبه، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها. والحقُّ أنَّه كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ، فليس هناك شيءٌ يقرؤه إلاَّ ويرتسم في ذهنه، ويظلُّ في ذاكرته آماداً متطاوله."

وكان للجاحظ منهجه العقلي والبحثي متمثلًا بثلاث رئيسة هي: الشك والنقد والتجربة. وأثرى المكتبة العربية بوافر الكتب المتداولة حتى الآن لذا كان هو النموذج بالاعداد المسبق بالعلم والقراءة والمنهج العقلي والبحثي والتخيل والتمرين المسبق والمثابرة مما جعلناه النقطة الثانية من النظرية. 

ودعني لا اخرج من الجاحظ فهو باعداه المسبق لأي كتاب من كتبه ينهمك بالقراءة والتصنيف وخلافه ويدلنا في كتابه الشهيرالبيان والتبيين على من يعد نفسه ويستعد ليكون متحدثًا ألِقًا رغم لثغته بحرف الراء وهو واصل بن عطاء، فلقد كان واصلُ بن عطاء المعتزلي بارعًا في اللّغة، حافظًا لها، مجيدًا لأساليبها، مشهورًا بالبلاغة، ومعروفًا بسُرعة الجواب، وحضور البديهة. وكان مع ذلك كلّه قبيحَ اللَّثغة شنيعَها لا يستطيع النّطق بالرّاء، لذا قصد أن تجنّبها في كلامه، ويأتي بما يرادفها في الخُطب الطويلة، قال الجاحظ عنه كمثال: "كانَ إذا أرادَ أن يذكرَ البُرّ قال: القمح أو الحِنْطة. والحنطة لغة كوفية والقمح لغة شامية. هذا وهو يعلمُ أنّ لغةَ من قال بُرّ، أفصح من لغة من قال قمح أو حِنطة". لقد درب إبن عطاء نفسه على أن يتحدث بطلاقة وقوة دون أن يذكر حرف الراء بتاتًا ولم ينتبه أحد أنه أسقط من كل كلامه هذا الحرف لفصاحة وبلاغة ما يقوله.  

وفي نموذج آخر للتمرين والاعداد القاسي فلقد كان لدى ديموسثينيس الخطيب اليوناني الشهير مشكلة أضعفت هدفه بشكل كبير. فهو منذ الطفولة كان يعاني من التلعثم، ما كان يحيره دائمًا.وللتغلب على ذلك ، بدأ في أداء تمارين الخطابة ، وممارسة التحدث مع حفنة من الحجارة في فمه لإجبار نفسه على الكلام دون تلعثم. بالإضافة إلى ذلك ، كان يصرخ على الشاطئ لتقوية صوته. على الرغم من أنه استغرق عدة سنوات ، تمكن ديموسثينيس بالمِران الدائم والشجاعة بمواجهة إعاقته من التحدث بشكل طبيعي ليصبح من أشهر الخطباء.

وفي النقطة الثالثة حيث الشجاعة يحضرني قصة ينسبها البعض للسلطان علاء الدين الخلجي سلطان الهند حين سأل عن الشخص القادر على التصدي للمشاكل وحل المعضلات فقيل له إنه الذكي فقال لا هو أول من يستسلم، فقيل له هو المجتهد فقال هو الثاني، فسؤل من؟ قال هو الشجاع. ومن هنا فشجاعة الانسان في مواجهة مخاوفه أوالمآزق هي بشجاعة العالم ودعنا نأخذ هذه الشجاعة كنموذج من عباس بن فرناس الشهير (810-887م) أول طيار بالعالم، الذي صنع لنفسه جناحين مقلدًا الطيور وطار بالفعل لمدة من الزمن بالقرب من قصر الرصافة في قرطبة، إلا أنه سقط وأصيب ببعض الجروح تعافى منها بعض فترة، إذ أخفق في عملية الهبوط بسلام؛ رغم نجاح تجربة الطيران لمسافة جيدة. 

تجربته هذه كما يقول عماد البليك "بقيت علامة مهمة وألهمت الكثيرين ليواصلوا هذا المشروع الهام في سبيل أن يرتاد الإنسان آفاق الفضاء ويصنع الطائرات الحديثة والمسبارات الفضائية.

وكان سبب سقوط ابن فرناس يتعلق ببعض الشروط التقنية في الجناحين اللذين قام بصناعتهما، إذ أهمل أهمية الذيل في الهبوط. 

غير أن الإسهام العلمي لعباس بن فرناس يتعدى ذلك، الأثر الذي ما زال لصيقا بالأذهان إلى عدة إسهامات علمية أخرى في علوم الفلك، واختراعات أهمها اختراعه قلم الحبر واختراعه النظارة الطبية وتطوير صناعة الزجاج المستخدم للأغراض الطبية والفلكية."

دعنا نقول من الجليّ أن ابن فرناس لم يقم بتجربة الطيران من وحي الخيال بل سبقها بالعلم والتقصي والحساب، والشجاعة التي يحتاجها العالم والباحث والمفكر والسياسي للإقدام على أمر ما ومن هنا كان هو نموذجنا بالشجاعة.

قد يقول قائل ان الشخص قد يكون شجاعًا في أمر وجبانًا في أمر آخر وهو ما لم نختبره، بمعنى أن الشجاعة بمعنى التصدي للمخاوف والمآزق والإقدام على الصعب واحدة، وفيها يقول ابن القيم[4] أن الشجاعة "ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل، واستقراره عِنْد المخاوف".مع ذلك ففي موضوعنا يذكر لنا التاريخ العديد ممن خشوا مواجهة الجمهور ولم يمتلكوا هذه الشجاعة مما يسمى رُهاب مواجهة الجمهور وكان منهم الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن، والمهاتما غاندي الذي كان يعاني الخجل الشديد ولكنه انتصر عليها، وكذلك رئيس الوزراء الانجليزي المتصهين تشرشل، الذي كان يمضي ساعة كاملة في التحضير لكل دقيقة في خطاب سيلقيه أمام الجمهور. وكان مثلهم الممثل الفكاهي فؤاد المهندس الذي كان يستجمع شجاعته باستحضار هوءه النفسي وهو ينظر للجماهير من وراء الستارة خلف المسرح حتى بدء العرض. 

 ياسر عرفات رمز الشجاعة والمقاومة والإقدام بلا شك وهذا بدا واضحًا في كل مفاصل حياته العسكرية والسياسية، لكنه في إطار الحديث والخطاب لم يكن يتردد من الحديث في كل مناسبة منذ كان طالبًا حتى أصبح زعيم الثورة والمقاومة الفلسطينية. وفي إطار حديثنا عنه ومن كتاب: ياسر عرفات متى لم يكن هنا تذكر الكاتبة "نانسي دوبرو" أن الرئيس جمال عبدالناصر دعى لمؤتمر لحركات التحرر بالعالم وانعقد المؤتمر في جامعة القاهرة -بالخمسينيات من القرن العشرين- حيث يدرس ياسر عرفات، ولما لم يكن هناك اسم لفلسطين استشاط غضبًا وانفعل وقرر مواجهة منظمي الحفل وهذا ماكان حتى أقنعهم بوجوب تمثيل فلسطين ولما سألوه ومن سيتحدث عن فلسطين؟ (لم يكن آنذاك هناك لا فتح ولا المنظمة ولا اتحاد الطلاب) فقال بكل شجاعة أنا. وتصدر مواجهة الجماهير بكل ثقة وتحدث قليل الكلام ليخرج مسدسًا صغيرًا من جيبه ويطلق رصاصة بالهواء قائلًا هذا وقت العمل فضج الجمهور صارخًا يلهج باسم فلسطين. لقد كان كما قال عنه أحد أعدائه الصهاينة إنه "بركان ثائر".

ومن أشهر خطباء الثورة الفلسطينية العظام كان صلاح خلف (أبوإياد)[5] بلا منازع، كما كان مثيله تروتسكي[6] في الثورة البلشفية الشيوعية.

إجادة العرض

وفي ذات المنحى فإنه من الممكن النظر لإجادة العرض بطريقة أخرى-علمًا بأنك قد تجد عديد المقالات والكتب بالموضوع فاطرقها واختر ما يلائمك- وهي طريقة أرى فيها النظر للأماكن والأزمنة والأدوات مع التفاعلات بين المتحدث والجمهور ما يمكن أن أمثله بمثلث أو هرم بزواياه الثلاث (الأمكنة والتوقيتات=الأزمنة، والأدوات) وفي قلب المثلت التفاعل بين المتحدث وذاته وبينه وبين الجمهور[7] مستخدمًا العناصر الثلاثة أي الأزمنة والامكنة والأدوات.

إذن دعني أقول أن علامات إجادة المحاضرة يظهر بمقدارتفاعل المتلقين مع المحاضر والرسالة، لذلك فإن استجلاب التفاعل لتحقيق هدف المحاضرة أو الندوة أو الحديث هام جدا، هام للأستاذ وهام للمدير وهام للسياسي وهام للكادر التنظيمي...ولكل متحدث او خطيب في حشد او جماعة. وحيث تقول "فانيسا فان ادوارد"[8] أن العلامات الثلاث لمتحدث عظيم تظهر من الإيماءات (خاصة الوجه واليدين)، والتعبير (كيف يترجم المادة المكتوبة للتنفيذ/العرض) والشخصية (دور الصوت والحضور، والتفاعل كأنك تتحدث مع كل واحد منهم بالمقهى) وهي حقيقة التفاعل بين المتحدث وذاته وإدراكه لمكامن قوته في حركاته وتعبيراته وسطوة أو تأثير شخصيته.  

 نقصد بالأزمنة هنا اختيار الزمان المناسب للحديث إن امكن، فقد لا تتمكن أحيانًا ويفرض عليك، ولكن إن كان الوقت بيدك فمن المهم أن يلائم وقت الجمهور، هذا من جهة ومن جهة ثانية أن تفهم كيفية استخدام الزمن قبل المحاضرة بالاعداد المكثف ورقيًا وذاتيًا وتخيلًا لما سيكون، وباستخدام الأزمنة أوالتوقيتات بأن تتقن تقسيم المحاضرة بذهنك وورقيا مسبقًا وتطبق ذلك، فتعطي كل جزء (المقدمة، المتن، الخاتمة) حقه، وفي المتن او جسم الحديث يمكنك أن تقسمه أيضًا الى أقسام أصغر، أما ثالثًا فإن حسن الإصغاء إن كنت تحبذ الأسئلة والاجوبة أثناء الحديث يجب أن يتخذ وقته المحدد وتستثمره بالمحاضرة وليس خروجًا عنها ورابعًا يمكنك استخدام الوقفات الزمنية بين الأقسام والأجزاء لترتاح قليلًا ولتستجمع طاقتك وانتباه الجمهور، ولتتنفس بسهولة، أما خامسًا فإن الالتزام بوقت المحاضرة المقرر أكان دقيقة أو 10 أو 20 أو45 دقيقة ضروري ليشعر المتلقي احترامك له. 

أما في نقطة الأماكن فإن المكان أو الأماكن أو المساحات ضمن القاعة مثلًا هي التي من المتوجب أن تعرفها، مثل مكان الاجهزة المساعدة، ومكان حقيبتك، ومكان (مساحة) الحركة لك، أوبامكانك ان استطعت تغيير شكل القاعة لتريحك بالحركة قبل قدوم المتدربين (على شكل حذوة الحصان)، والمكان يحتاج الى ألفة قد تستطيع تحقيقها بالقدوم مسبقًا أو مبكرا، ولك أن تعرف جيدًا مكان وضعك أشياءك: ورق محاضرتك، وكوب القهوة أو الشاي، ومكان التهوية للحفاظ على حيوية الجو والخروج والدخول وهكذا.

لذلك فتقسيم مكان القاعة الى عدة أمكنة، بقع، حيزات، في ذهنك يتطلب منك معرفة تفاصيلها لتعينك وتريحك.

أما الأجهزة أو الأدوات فقد تكتفي بالكلام، ألخطاب بأسلوب المحاضرة أو الإلقاء المناسب للجمهور وهنا تصبح أدواتك الرئيسة: لسانك وصوتك ولغة جسدك، ولك أن تستفيد ما كان مهمًا ومناسبًا من عرض الصور أو الكتب او استخدام العرض الضوئي أو الأشرطة المرئية، أو طلب متطوع لتجري معه تجربة أو محادثة ذات صلة ...الخ، واتقان استخدام الأدوات ضمن الحديث أو المحاضرة لا يغنيك عن احضار محاضرتك/حديثك ورقيًا والكترونيا لكي تكون البدائل بين يديك حين تعطل أي من الأجهزة فتكون الخطط البديلة متحققة ولا ترتبك.

لنعود ونلخص إجادة الحديث والعرض بالوفرة أو بالعامية أن يكون مليان (ممتليء) بالفكر والثقافة والمعلومات المتنوعة ثم بالاعداد والاستعداد والتجهيز والتحضير والمران المسبق، وثالثا بالشجاعة مقتحما نسبة ال50% من الخوف أقل أو أكثر، والكثير التفصيلي ما تجدونه في كتابنا فن الحديث وممن سبقونا أو لحقونا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف