الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاستزراع السمكي لأسماك الدنيس داخل البحر بالقطاع.. مشروع استراتيجي واعد

تاريخ النشر : 2022-06-28
الاستزراع السمكي لأسماك الدنيس داخل البحر بالقطاع.. مشروع استراتيجي واعد
الاستزراع السمكي لأسماك الدنيس داخل البحر في قطاع غزة .. مشروع استراتيجي واعد

أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه

 أستاذ العلوم البيئية والبحرية بالجامعة الإسلامية بغزة

تتسم البيئة البحرية (Marine Environment) في قطاع غزة بفقرها السمكي وتصحرها بسبب قاعها الرملي وقلة الصخور التي يمكنها أن تدعم إنتاجا طحلبيا ولعل السبب الأهم هو محدودية منطقة الصيد السمكي (Fishing Zone) التي يتحكم الاحتلال الإسرائيلي بمساحتها تبعا لدواعيه الأمنية. يعمل في مهنة الصيد السمكي أكثر من 4,000 صياد يملكون ما يقارب من 1,500 مركب من مختلف الأنواع التي تنحصر في لنشات الجر ولنشات الشانشولا ومراكب الفلوكا والحسكات التي تعمل بالموتورات أو المجاديف. تعاني البيئة البحرية أيضا من النحر البحري للشاطيء (Coastal Erosion) والتلوث البحري بالنفايات الصلبة (Solid Wastes) بما فيها نفايات الهدم والردم (Demolition Wastes) وبالمياه العادمة (Wastewater) التي تقذف في البحر بمعدل 110,000 كوبا في اليوم. بالرغم من ذلك، تتنوع الأسماك البحرية (Marine Fishes) في قطاع غزة لتشمل أنواعا عظمية (السردين واللوقس والمليطة والغزلان والتونة والسكمبلا والطرخونة والدنيس والسلطان إبراهيم والبوري والسويسي والمياس والإنتياس وسمك موسى وغيرها) وغضروفية (القرش وكلب البحر والدهنية والرعاد والسلفوح وغيرها) وأخرى لافقارية (الجمبري والأقلام والحبار وأبو جلمبو وقواقع وغيرها). تجدر الإشارة أن إنتاج قطاع غزة من الأسماك البحرية تُقدر بنحو 3,500 طنا في السنة قد يزيد أو ينفص هذا المقدار تبعا لعوامل مختلفة، وتمثل أسماك السردين (Sardine Fish) الصدارة في الإنتاج إذ تشكل ما نسبته 60%.

وبسبب نقص الإنتاج السمكي (Fisheries Production) وتوفر البروتين الحيواني السمكي في قطاع غزة، كان لزاما على الجهات الحكومية البحث عن سبل أخرى لتوفير ذلك البروتين للمجتمع الفلسطيني بأسعار في متناول اليد، فبدأ الاستزراع السمكي (Pisciculture) في البرك (المزارع السمكية المغلقة خارج البحر) منذ زمن في قطاع غزة والضفة الغربية وحقق نسبة في توفير الأسماك للسوق الفلسطيني المحلي. وتبعا لإحصاءات وزارة الزراعة، فإن إنتاج المزارع السمكية المغلقة (Closed Pisciculture) في قطاع غزة، شهد نمواً كبيراً حيث ارتفع من 10 أطنان في عام 2010 إلى 600 طن في عام 2021، ويتركز معظم إنتاج هذه المزارع على أسماك الدنيس (Gilt-head Bream = Sparus aurata) التي تشهد إقبالا شعبيا وطلبا من قبل المطاعم والفنادق. تطور التفكير بعد ذلك إلى الاستزراع السمكي المفتوح (Open Culture) داخل البحر عبر تقنية الأقفاص البحرية (Marine Cages Technology)، فكانت أول تجربة في قطاع غزة رغم أن هذه المشروعات تنفذ منذ سنوات في دول عديدة. يهدف مشروع الأقفاص البحرية في قطاع غزة إلى تعويض النقص الذي ينتاب الصيد البحري وتوفير فرص عمل ودعم قطاع الصيد والصيادين وتخفيض أسعار أسماك الدنيس على الصعيد المحلي لتكون في متناول الفلسطينيين.

يتألف مشروع الاستزراع السمكي داخل البحر (Fish Farming Project Inside the Sea) الذي تم اختيار مكانه الجغرافي بعناية فائقة مستندة على دراسات علمية دقيقة من ثلاثة أقفاص بحرية، تستوعب نحو30 ألف سمكة، ويبلغ قطر الواحد منها 15 متراً وارتفاع 12 متراً، وتوجد على بُعد أربعة أميال بحرية مقابل مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. إن تكلفة الأقفاص البحرية أقل من عمليات الاستزراع السمكي في اليابسة ويعود ذلك لأنها لا تحتاج إلى طاقة كهربائية، ومن هنا جاء توجه العديد من دول العالم لتقنية الأقفاص البحرية التي تتمتع بتكلفة إنتاجية أقل. ترجع بداية المشروع إلى عام 2018 الذي مولته الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي (Italian Agency for Development Cooperation) في إيطاليا، ونفذته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو - FAO) بواسطة شركة محلية تدعى شركة "سقا وخضري". يعمل في مشروع الأقفاص البحرية عدة غواصين مؤهلين ومدربين على الغوص والغطس وتنظيف الشباك الخاصة بالمشروع وتغذية الأسماك المستزرعة في الأقفاص ورعايتها والتعامل معها بالطرق العلمية. إن التأخير الذي أصاب تنفيذ هذا المشروع جاء بسبب الإشكالات الأمنية الإسرائيلية على إدخال المعدات والمواد اللازمة للمشروع والتي استغرقت من 3 إلى 4 سنوات. يتوقع أن تبلغ القدرة الإنتاجية لهذه الأقفاص الثلاثة حوالي 120 طنا من أسماك الدنيس في يونيو 2022، رغم ما قد يشوب ذلك من انخفاض في الانتاجية بسبب تردي الأحوال الجوية التي قد تطرأ فجأة وتتسبب في حدوث بعض المشكلات الفنية والتي قد تؤدي لتسرب وفقد ونفوق كميات من الأسماك المستزرعة من داخل هذه الأقفاص.

واجه مشروع الأقفاص البحرية في قطاع غزة ولا يزال يواجه مشكلات عدة تتلخص في ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر من قصف لمراكب الصيد وملاحقة الصيادين الغزيين وإطلاق النيران عليهم واعتقالهم وتدمير ممتلكات الصيد السمكي الخاصة بهم. يضاف إلى ذلك وصعوبة إدخال المستلزمات الخاصة بالأقفاص البحرية لقطاع غزة من خلال المعابر وتأخر الموافقات الأمنية الإسرائيلية وارتفاع أسعار الأعلاف الخاصة بأسماك الدنيس المستزرعة، كما أن عملية نقل بذور الأسماك من المزارع السمكية المحلية للأقفاص البحرية ليست بالسهلة بل هي صعبة ومعقدة وقد ينتابها العديد من المخاطر بسبب محدودية الإمكانات في قطاع غزة وعدم توفر المعدات التقنية المثالية للقيام بذلك. تبلغ دورة أسماك الدنيس المستزرعة في عرض البحر داخل الأقفاص البحرية من مرحلة البذور حتى تصل إلى الوزن المستهلك (450 – 500 جراما) حوالي 10 شهور. تجدر الإشارة هما إلى أن قطاع غزة بات لديه منذ عامين القدرة على إنتاج بذرة الدنيس عبر مزارع ومُفرخات خاصة وليس استيرادها إذ يتمتع قطاع غزة الآن بوجود مُفرخات تُنتج ما بين 2-3 مليون بذرة سنويا.

إن نجاح تجربة الاستزراع لأسماك الدنيس في عرض البحر عبر الأقفاص البحرية من شأنها أن تشجع دخول القطاع الخاص على خط الاستثمار في الاستزراع السمكي داخل البحر والذي قد يساهم إلى التوسع في إنشاء أقفاص بحرية جديدة تدعم قطاع الصيد السمكي والصيادين وتوفر إنتاجا أعظم من البروتين السمكي للمجتمع الفلسطيني لتغطي بذلك جزءا من الفاقد السمكي في السوق الفلسطيني المحلي. إن نجاح الاستزراع السمكي في عرض البحر منوط أيضا بالحاجة إلى المتابعة الدائمة والتي قد ينتابها الريب في ظل انعدام الأمن والحماية من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وربما الاستهداف المباشر للأقفاص البحرية في حالة التصعيد أو الحرب على قطاع غزة المحاصر أصلا والذي يعاني دوما من محدودية عمليات التسويق والتصدير بسبب حالة المعابر التي تُغلق بشكل متعاقب ولافت.





 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف