الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سلمى وسليم وفجر الصباح

تاريخ النشر : 2022-06-19
بقلم: خالد الزبون

رَائِحَة الْبَحْر وَأَصْوَات أَمْوَاجِه المتلاطمة تسْمَعَ مِنْ بَعِيدٍ فِي
إحْدَى الْقُرَى عَلَى السَّاحِلِ حَيْث تَجْتَمِع الطَّيبَة وَتحْلق بجناحيها
عَلَى تلالها وسهولها ، وَصَوْت وَالِدِي الْقَوِيّ الْمَعْرُوف بصلابته
وَعُنْفُوَان كِبْرِيَائِه فَهُوَ يَعْمَلُ فِي صَيْدِ السَّمَكِ ، يَخْرُج
قَبْلَ الْفَجْرِ وَيُصَلِّي عَلَى مَرْكَبِهِ الخشبي الَّذِي أَصْبَحَ
جُزْءًا مِنْ حَيَاتِنَا وَلَا نتصوره دُونَ أَنْ نَرَى الشَّبَك وَالسَّمَك
وَصَوْت الْبَاعَة والمشترين وَالتُّجَّار وطيور النورس تُحَاوِل أَن تَخْطف
سَمَكَة ، لَقَدْ كَانَتْ الأجْوَاء كَأَيَّامِ الْعِيدِ ، اطْمِئْنان
وَهُدُوء وَأمن وَخَيْر وَفِير ، وَقُلُوب كَبِيرَة بِالْمَحَبَّة فَلَا
يُوجَدُ حقد أَوْ حَسَد وَلَا غِيبَة وَنَمِيمَةٌ ، الْجَمِيع يَعْمَل
وَالْبَحْر عَطَاؤُه كَبِيرٌ لَا تَتَوَقَّفُ خَيْرَاته ، وَلَا يَتَجَاوَزُ
عَدَد السُّكَّانِ الْمَئتِين وَالسَّبْعِين ، ومختارهم أَبُو سَعْدُون
الَّذِي لَا يَكَادُ يَنْطَفِئ غَلْيُونَه ، وَصَوْتُه أَشْبَه بِالرّعْد ،
سنذهب اللَّيْلَة لنتحدث مَع وَالِد سَلْمَى لحفيده سُلَيْم الَّذِي تَخْرج
مِنْ إحْدَى مَدَارِس الْقُدْس وَيُرِيدُ أَنْ يَرْتَبِط بِعَائِشَة الَّتِي
كَبَّرَ يُشَاهِدُهَا أمَام ناظريه ، اِبْتِسامَتها الْجَمِيلَة تَغَار
مِنْهَا النُّجُوم الَّتِي يَقْطُف مِنْهَا زنبقة يُهْدِيهَا لَهَا مَرْسُوم
عَلَيْهَا شَجَرَة زَيْتُون وسنديان ، تُحَاكِي جَمَالهَا وربيعها وَخُيُوط
الشَّمْس الذَّهَبِيَّة ، تَتَلأْلأُ فِي عَيْنَيْهَا أَرْض وسماء وربوع
الْأَوْطَان ، لَقَد تَمّ الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّ يَكُونَ الْعَامُّ
الْقَادِم وَمَع مَطْلَع الصَّيْف لَم شَمِل العَروسَيْن بَعْدَ قِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّغْمِ أَن وَالِدَتِهَا مَا زَالَتْ تُؤْمِن أَنَّ
ابْنَ الْعَمِّ ينزِل الْعَرُوس عَنْ ظَهْرِ الْجَمَل وَلَكِنَّهَا مُشِيئة
اللَّه ، وَبَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَتَحَوَّل اللَّيْلِ إلَى نَهَار مِنْ
شِدَّةِ القصف عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي بَدَأَت بُيُوتِهَا تَهْتَزّ وتتحطم
أمَام هَذِه الحمَم البركانية الَّتِي لَا تُفَرقُ بَيْنَ شَيْخٍ وَصَغِير
وَامْرَأَة وَطِفْل يَبْحَثُ عَنْ ابتسامته وَأَمَانَه فِي حِضْنِ وَالِدَتَه
، رَائِحَة الْمَوْتِ فِي كُلِّ مَكَان ، فَقَد اِخْتَفَى عِطْر الزُّهُورِ
وَصِيَاح الدِّيك وَالْخَوْف يَجْتَاح الْقُلُوب وَالْمَكَان ، رُعْبٌ
تَجَاوَز حَدَقَات الْعُيُون ، فالجثث تَمْلَأ الْمَكَان وَالعَوِيل فِي
الطُّرُقَاتِ والساحات وَبَدَأَت رَحْلة النزوح وَالْخُرُوج فِي جُنْحِ
اللَّيْلُ الْمُظْلِمِ مَعَ مَا تَيَسَّرَ حَمَلَهُ إلَى أَبْعَدَ مَكَان فِي
الشِّمَالِ وَعَلَى دَرْب عَكَّا ، لَقَد تَفَرَّقَت العائلات وَتَشَتّت
وَأَصْبَح الْحَلِيم حَيْرَانَا وَلَم يتبق مِن إلَّا الْقَلِيل الَّذِينَ
حُمِّلُوا مَأْساة فِي صِغَرِهِم تَجَاوَزَت أَعْمَارَهُم وَفِي مُخَيَّمَات
اللُّجوء تَبْحَث سَلْمَى عَنْ سلَيْمِ وَمَا تَبَقَّى مِنْ ذِكْرَيَات فِي
صُنْدُوقٍ الْأَمَل بَعْدَ أَنْ فقدَتْ وَالِدَهَا واخاها وَعَمّهَا وخالها ،
يَا لِهَذِه الْمَأسَاة لَقَد تَرَكُوا لوحدهم بَيْنَ السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ
يواجهون قَدْرهم بِصُدُور عَارِيَّة وَفَأْس لَا يُعْرَفُ إلَّا حِراثَة
الْأَرْض وَتَمْضِي الْأَيَّامِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ تَقِفُ عِنْدَ شَجَرَة
التِّينِ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَمْتَدُّ أَغْصَانِهَا إلَى جُزْءٍ مِنْ
الْوَطَنِ ، هُنَاك وَعَلَى بَعْد خُطُوَات مِنْهَا كَانَ سَلِيمَ يَجْلِس
وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ غَيْرُ مُصَدِّقٍ مَا حَدَثَ مَعَ قَرْيَتِه
، أَمْعَنْت النَّظَرَ وَصَاحَت يَا بَقِيَّة الرُّوحِ وَالْوَطَن وَالْأَب
وَالْأَهْل وَالْبَحْر ، لَا بُدَّ لَنَا مِنْ يَوْمِ نَكُون هُنَاك
لِأَنَّنَا وَلَدْنَا وَمَا زِلْنَا وما زالت قُلُوبِنَا هُنَاك ، أَمْسَكَت
بِيَدِه المرتجفة ، بِأَنْ يُلْقِيَ الْحُزْن خَلْفَهُ وَأنْ يَنْظُرَ إلَى
مِفْتَاح الدَّار وَيُحَافِظ عَلَيْه ، وتعاهدا عَلَى أَنَّ يُكَمِّلَا
المشوار فَلَا الأَسْلاك الشَّائِكَة ستمنع عَنْهُمَا ضَوْءِ الْقَمَرِ
وَأَصْوَات البَحَّارَة وَفَجْر الصَّبَّاح . .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف