الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جرح النهر

تاريخ النشر : 2022-06-16
بقلم: شيماء نجم عبدالله
كل يوم أغوص في بحر الحياة وأبحث عن سبب لحياتي, أفترش بسطيتي واملأ صندوق المياه بالسمكات الصغيرة التي أشتريها من الصيادين لأعرضها للناس عسى أن تغطي جزء من متطلبات حياتي, ألاعبهُن وأرش المياه الباردة فوقهُن وأصيح:
- سمك للزينة, سمك للزينة, من يشتري السعادة فاليأتي الى هنا, سمك زينة بجميع الألوان.
يبتسم الناس عندما يسمعون صياحي ويقتربون ليداعبوا هم ايضا سمكاتي, ويتهافت الأطفال للصراخ طلبا من أهاليهم بشراء سمكة واحدة ولو, أُحضر الدورق الصغير لإغرائهم بشرائها:
- تفضل عيني السمكة والدورق كلهن إلك بلاش, بس أُمرني.
وبعد ساعات من التعب والصياح أعود الى بيتي المتكون من حجرتين واحد لي والاخرى لوالدتي التي أضنتها الحياة, اجدها كعادتها متكورة في مكانها تنتظر عودتي بلقمة تسد ولو جزء بسيط من جوعها, أُحضر صينية الطعام بالمال البسيط الذي قد حصلت عليه من بيع سمك الزينة, اضع الخبز على حجرها لأنني لا استسيغ الطعام اذا لم يكن من يدها, ترد عليّ بابتسامة تنسيني تعب اليوم كله وارد عليها بحكاياتي وما حدث لي اثناء عملي, وبينما كنت أريح جسدي المُنهك سمعتُ جارنا وهو يطرق الباب بقوة, قمت مسرعا من مكاني, قائلا:
- دقيقة اجيت؟
وجدت عماد بالكاد يتنفس, أمسك بيدي وهوت الكلمات من فمه كالقطار السريع.
- تجي ويانا؟
- وين؟
- نشارك بالقتال؟
- يا قتال يمعود؟
- السيد اطلق فتوى, ولابد نشارك؟
- اعرف بس امي المن أعوفها؟
- لا تخاف امك يم خواتي هن يدارنها, ثم راح ينطوك راتب احسن من شغلك هذا.
دارت الدنيا بي اصبحت بين نارين, نار والدتي التي لا تقوى على الحراك ونار عراقيتي التي لابد أن أدافع عنها حتى لو لم يكن هناك مقابل, دخلتُ على أمي وجدتها تقابلني بابتسامة متسائلة عن الطارق:
-شبيك يمة وجهك ينطي ألوان؟
- يمة تقبلين أعوفج واروح ادافع عن كاعنا.
- يمة ياكاع إحنا ماعدنا غير هذا البيت.
- يمة قصدي العراق.
وترقرقت دمعة من عيني لم أسيطر عليها, مسحتها بيديها التي مهما تجعدت تبقى ناعمتين على بشرتي:
- روح يمة محصن باسم الله.
قبلت يديها وبكيت بحرقة ومن ثم جذبتُ رأسها الى صدري أشم عطر طيبتها وطلبت منها أن تعطيني (شيلتها) لكي احتفظ بها وأشعر بقربها مني.
حملتُ هويتي وذهبنا أنا وعماد للتطوع في الدفاع عن أرضنا رغم اننا لا نملك بها شبرا, وجدنا هناك الكثير من الشباب منهم الطموح والمحب للحياة ومنهم من قتلت الحياة فيهم كل شيء, الدنيا صغيرة جدا فقد التقيت بالكثير من اصدقاء الطفولة والذين ابتعدوا بسبب الظروف, تبادلنا التحايا والكلام, ارتفع سقف امنياتنا كلنا كنا متلهفين لخوض هذه التجربة والظهور كأسود تقتض على الفئران السود, وزعنا على الجبهات كلٌ منا في مكان, كان نصيبنا أنا وعماد في قاعدة سبايكر الواقعة في محافظة صلاح الدين, ذهبنا إليها ونحن لم نمر بها من قبل ولا نعرف ماذا سنلاقي هناك ومن سيدربنا, قضيت ليلتي أفكر كيف سأصارع العدو وكيف سألوي ذراعه النجسة التي مدت على أرضنا, غفوت ولم تفارقني الأفكار حتى راودني الحلم ذاته (شيلت) امي ذات اللون الابيض تلتف حول الرشاشة وتكسرها, اقترب منها لكنني لا اتمكن من جرها بل أجدني اغرق في وسط الماء ووجوه كثيرة تقبع في أسفله وعماد غارق في دمه.
فززت من نومي اصرخ:
- أمي, أمي.
واذ بي أجد أمي تمسح رأسي بشيلتها ودموعها تترقرق فوق بعضها حزنا على ما حصل لي ورفاقي, لم أصدق اني عدتُ بهذه السرعة رغم أني فقدت القدرة على الحركة بسبب عيار ناري في العمود الفقري شل حركتي وفقدت عماد ورفاق طفولتي, لقد أنقذتني أمواج النهر عندما رمتني فوق جرف لأحدى المنازل التي أسعفت جروحي وعادت بي إلى أحضان أمي مكسور القلب والجسد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف