بقلم: علي عمر خالد
محطات كثيرة في حياتي تعلمت فيها من القرآن الكريم الكثير والكثير ومازلت أتعلم ، ففي كل محطة أخطو فيها مع القرآن خطوة للأمام ، وفي كل خطوة أتعلم فيها شيئًا جديدًا .
المحطة الأولى
تذكرتها عند كتابة هذا المقال عندما اصطحبني والدي عليه رحمة الله إلى أحد المساجد البعيدة لحفظ القرآن على يد أحد المشايخ بحلقات القرآن التي كانت تعقد في هذا المسجد البعيد أنداك ، وكنت لم أتجاوز العشر سنوات من العمر ، ورغم بعد المسافة وحرارة الطقس الذي يميز منطقة الصعيد مصر عن غيره ، إلا أنني استفدت من هذه الحلقات في حفظ جزء " عم " من القرآن ، ولم تقتصر الاستفادة فقط على حفظ القرآن بل ـصبحت مواظبًا على الصلاة في المسجد ، كما زادت الاستفادة وزادت بإقامة علاقات وصداقات مع ذووي من الصبية في المسجد .
وقد ساعدني الذهاب إلى المسجد على المحافظة على قوامي فكنت طفلًا نشيطًا لا أعرف للكسل طريق ، والفائدة الكبيرة التي عادت عليَ من حفظ القرآن أن كنت من أوائل التلاميذ قراءة للغة العربية وحفظا للقرآن الكريم ، لأن أغلب النصوص التي درستها في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي من جزء " عم " الذي حفظته في حلقات المسجد ، ومن هنا حققت الاستفادة الأولى من مشوار الطويل إلى المسجد البعيد .
المحطة الثانية
في فترات مبكرة من حياتي الطويلة أيضًا ، أقام أحد أبناء عمومتي ليلة من ليالي القرآن بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراة ، كعادة من عادات أهل الصعيد في إقامة الحفلات الدينية ابتهاجا بمناسبة ما .
كان لزاما علي أن أتابع الحفل من بداية لنهايته برفقته أخي الذي يكبرني في العمر قليلًا حسن ، وكان يحي الحفل حينها القارئ الشهير حاليًا محمود الحلفاوي ، وبعد البداية الطويلة صدق القارئ للاستراحة ، ثم عاد وقرأ من قوله تعالى ... ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٣٠] . ، عاد القارئ هذه الآيات بعدة قراءات ثم ختم بأخر البقرة والفاتحة حتى أنتهى وصدق .
ظللت عدة أيام متأثرًا ببعض مع قرأ متأملًا بداية الخلق مع نبي الله أدم الذي خلقه الله من العدم إلى رفض إبليس اللعين السجود له ، وأنا في كل مرة أحاول محاكاة القارئ .
من هنا بدأت أكون من السميعة ، فأصبحت مولعًا بسماعة القرآن الكريم لكبار القراء ، ثم تدرجت ورحت أبحث عما يتميز به كل قارئ من حيث طول النفس ، وجمال الصوت حتى بدأت أفهم المقامات والتي ساعدتني في أن أميز بين كل قارئ بجرد سماعه دون الحاجة لرؤيته .
من هنا تعلمت أن للقرآن حلاوة التذذ بها ، فأنا أطرب لسماع القرآن وأنسجم مع الآيات انسجامًا تامًا ، فعند سماعي اقرأ بهمس مع القارئ ، أسبقه في القراءة تارة وأتأخر عنه تارة أخرى ، ففي أثناء القراءة أكون في سجال معه محاولاً محاكاته ، فمرات أفشل ومرات كثيرة أنجح حتى أحفظ الآية وراء الأخرى .
بعد أن جذبتني القراءة ومن بعدها التمعن في السماع والفهم والتدبر حتى أصبحت من عشاق القرآن ، فأنا أحبه كما يحب الحبيب حبيبه ، ومما زاد من ولعي بالقرآن الإنصات لمشاهير قراء القرآن مثل ..... محمد صديق ، ومصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبد الصمد ، ومحمود صديق المنشاوي حتى وصلت للجيل الجديد محمود الحلفاوي ، وصديق المنشاوي ، وحجاج الهنداوي والكثير غيرهم .
فمن ولعي بسماع القرآن الكريم أصبحت أتقن القراءات الصحيحة للقراء حتى وصلت لمرحلة أًصبحت أميز الصحيح من هذه القراءات والشاذ منها ، فمتى شذ القاريء عرفت أين شذ وأين لحن ومتى زاد ومتى نقص في المد والوقف.
المحطة الثالثة
رغم بلوغي سن المراهقة وكنت في قمة الخجل طلبت من أمام المسجد المجاور لنا أن التحق معه بأحد حلقات القرآن التي يقيمها للأطفال ، كانت البداية غاية الصعوبة فكيف لمراهق طويل عريض الجلوس وسط أطفال يحفظ معهم ما يحفظون ، لكني وبعدت فترة أعتدت الجلوس بينهم أمازحهم ويمازحوني حتى تغلبت على هذا الموقف الصعب .
بدأت رغم أني المراهق الوحيد بينهم ورحت أراجع ما حفظت سابقًا ثم زدت عليه بأكثر من جزء ، وحققت الاستفادة من حلقات تحفيظ القرآن في المسجد القريب من بيتي بحفظ عدة سور .
المحطة الرابعة
التحقت بمدارس القرآن الكريم بأحد الدول العربية التي كنت أعمل بها وأتممت حفظ نصف القرآن الكريم بإتقان القراءة والأحكام على يد الشيخ أحمد صفوت الذي ما زال يراسلني رغم مرور السنوات الطوال من البعد بيننا .
في البداية وبعد دراسة استمرت لسنوات لأحكام التجويد وأحكام التلاوة لهذا الكتاب رغبةً مني في أن أزيد من علمي وثقافتي للقرآن رغم أني خريجي اللغة العربية ، فلم أكتفي بدراستي الجامعية ، ورحت أبحث عن القراءة الصحية له .
والحمد لله بعد عدة أعوام أتقنت أحكام تجويد القرآن الكريم ولكن بعد هجري للقرآن نسيت الكثير منه ، لأن القرآن كالصاحب العزيز النفس الذي إن تركته تركك ، وأن هجرته هجرك .
المحطة الخامسة
كانت بتواصلي مع أحد المواقع الإسلامية التي طلبت مني كتابة عدة مقالات عن القرآن الكريم ، وقد شرعت في الكتابة حتى انقطع عني أصحاب الموقع وكنت قد كتبت عدة مقالات ، فضلت بعدها أن أكمل ما بدأت حتة استمريت في كتابة المقالة تلو الأخرى عن القرآن الكريم حتى شملت بعض مقالاتي تسليط الضوء على بعض القراء ومنها على سبيل المثال لا الحصر المقارنة بين بعض القراء الذين سكنوا الصعيد ، وهما الشيخ محمود الحلفاوي والشيخ صديق المنشاوي ، وبينت في هذا المقال أثر القرآن على القارئين اللذان ينتميان إلى نفس المدرسة ، فالأول تعلم على يد أخيه الأكبر الشيخ فوزي الحلفاوي فقرأ وأرتقى وأصبح من المشاهير في عالم قراءة القرآن ، والثاني ابن الشيخ محمود صديق وعمه الشيخ محمد صديق وهو حفيد الشيخ صديق المنشاوي الكبير .
بينت في هذا المقال أثر هذا التنافس بين القارئين في إثراء عالم القراءة بصوتهما الشجي ، كما وجدت أن كلاهما يطور من قراءته ويحسن فيجيد أفضل من ذي قبل ، فلا شك أن هذه المنافسة تصب في صالح المستمعين والدارسين والسائرين على نهجهما .
بعد كتابة العديد من المقالات اتجهت إلى عالم الكتابة وخير ما بدأت به كتابي الفكري والذي كان بمثابة مولودي الأول كتابي " الحصاد القرآن " ولكي أكتب عن القرآن ، بدأت في جمع المعلومات والكتابات التي دونت حول القرآن الكريم .
كما شاهدت بعض اللقاءات المتلفزة التي تحدثت عن القرآن إلى أن نجحت في جمع المعلومات القيمة ، أضفت لها بعض الابتكارات والطرق التي اقترحتها للمداومة على قراءة القرآن من واقع عملي في عالم التدريب والتنمية البشرية .
نجحت بعد حمد الله في تسطير كتابي الأول الذي شجعت فيه الشباب والشياب على القراءة بالتحفيز في محاولة مني لضرب باب هجر القرآن .
استخدمت في محاولاتي عدة طرق جديدة غير تقليدية للمواظبة على قراءة القرآن حتى نجدت في الانتهاء من كتابته ، إلا أن هذا الكتاب لم يلقى حظه في النشر والانتشار لوقوعه بين يدي ناشر لا يخشى الله ، فقد أهمله وهجره ولم ينشره وبعد عدة مماطلات منه حصلت على نسخ الكتاب التي دفعت مقابل طباعتها الكثير في بداية العام 2014 .
المحطة الأخيرة
بعد هذه المحطات لابد أن أذكر ولا أنكر فضل الله ثم فضل القرآن على " علي عمر خالد " ككاتب أنتج العديد من الأعمال القصصية والروائية ، فلم يقتصر الأمر على نفسي في السماع والتعلم والقراءة بل أصبحت متأثرا بالقصص القرآني ، وهذا ما ساعدني في كتابة بعض أعمالي الروائية والقصصية التي اعتنيت فيها بالوصف تأثرًا بالقصص القرآني ، فعندما تقرأ لي رواية تشاهد وأنت تقرأ وكأنك تشاهد فيلمًا روائيا يعالج أحد القضايا التي أناقشها .
وخلاصة هذه المحطات ..... أن القرآن علمني استقامة اللسان ، واتقان اللغة العربية والسرد والوصف والحوار
كما علمني القرآن كيف أعتني بأبنائي وأسرتي ، فكنت أحرص على تدريب أطفالي الصغار على القراءة الصحيحة ، بعد أن انتقلت معهم لمرحلة الترتيل وأسعى الآن لأعلمهم قراءة القرآن على نهج المشايخ الكبار ، فجل اهتمامي وما أبغاه هو أن أًصبح وأبنائي من القراء لكتاب الله كما يقرأ الكبار في وطننا الحبيب ، ورغم أنني أسير على هذا النهج من خلال ممارسة القراءة المجودة طمعًا في الوصول لقراءات مشاهير القراء .
علمني القرآن قوة الحجة والبرهان ففي كل حوار أريد النصر فيه ألجأ إلى كتاب الله لأستشهد ببعض آياته في تدعيم رأيي وفكرتي أو حتى حواراتي مع من أحاورهم .
وبعد احترافي العمل التدريبي في مجال التنمية البشرية أصبح كتاب الله كنز المعلومات الذي أنهل منه في كل محاضرة ألقيها أو ندوة أديرها أمام جمع من الناس .
وأخيرا لا أنكر أن القرآن علمني الصدق والأمانة والشجاعة والاعتدال وتقوى الله ، فأنا لا أخشى في الله لومة لائم لأني على يقين بأن من خاف الله لم يخف من أي شيء ومن لم يخاف الله أخافه الله من كل شيء .
محطات كثيرة في حياتي تعلمت فيها من القرآن الكريم الكثير والكثير ومازلت أتعلم ، ففي كل محطة أخطو فيها مع القرآن خطوة للأمام ، وفي كل خطوة أتعلم فيها شيئًا جديدًا .
المحطة الأولى
تذكرتها عند كتابة هذا المقال عندما اصطحبني والدي عليه رحمة الله إلى أحد المساجد البعيدة لحفظ القرآن على يد أحد المشايخ بحلقات القرآن التي كانت تعقد في هذا المسجد البعيد أنداك ، وكنت لم أتجاوز العشر سنوات من العمر ، ورغم بعد المسافة وحرارة الطقس الذي يميز منطقة الصعيد مصر عن غيره ، إلا أنني استفدت من هذه الحلقات في حفظ جزء " عم " من القرآن ، ولم تقتصر الاستفادة فقط على حفظ القرآن بل ـصبحت مواظبًا على الصلاة في المسجد ، كما زادت الاستفادة وزادت بإقامة علاقات وصداقات مع ذووي من الصبية في المسجد .
وقد ساعدني الذهاب إلى المسجد على المحافظة على قوامي فكنت طفلًا نشيطًا لا أعرف للكسل طريق ، والفائدة الكبيرة التي عادت عليَ من حفظ القرآن أن كنت من أوائل التلاميذ قراءة للغة العربية وحفظا للقرآن الكريم ، لأن أغلب النصوص التي درستها في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي من جزء " عم " الذي حفظته في حلقات المسجد ، ومن هنا حققت الاستفادة الأولى من مشوار الطويل إلى المسجد البعيد .
المحطة الثانية
في فترات مبكرة من حياتي الطويلة أيضًا ، أقام أحد أبناء عمومتي ليلة من ليالي القرآن بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراة ، كعادة من عادات أهل الصعيد في إقامة الحفلات الدينية ابتهاجا بمناسبة ما .
كان لزاما علي أن أتابع الحفل من بداية لنهايته برفقته أخي الذي يكبرني في العمر قليلًا حسن ، وكان يحي الحفل حينها القارئ الشهير حاليًا محمود الحلفاوي ، وبعد البداية الطويلة صدق القارئ للاستراحة ، ثم عاد وقرأ من قوله تعالى ... ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٣٠] . ، عاد القارئ هذه الآيات بعدة قراءات ثم ختم بأخر البقرة والفاتحة حتى أنتهى وصدق .
ظللت عدة أيام متأثرًا ببعض مع قرأ متأملًا بداية الخلق مع نبي الله أدم الذي خلقه الله من العدم إلى رفض إبليس اللعين السجود له ، وأنا في كل مرة أحاول محاكاة القارئ .
من هنا بدأت أكون من السميعة ، فأصبحت مولعًا بسماعة القرآن الكريم لكبار القراء ، ثم تدرجت ورحت أبحث عما يتميز به كل قارئ من حيث طول النفس ، وجمال الصوت حتى بدأت أفهم المقامات والتي ساعدتني في أن أميز بين كل قارئ بجرد سماعه دون الحاجة لرؤيته .
من هنا تعلمت أن للقرآن حلاوة التذذ بها ، فأنا أطرب لسماع القرآن وأنسجم مع الآيات انسجامًا تامًا ، فعند سماعي اقرأ بهمس مع القارئ ، أسبقه في القراءة تارة وأتأخر عنه تارة أخرى ، ففي أثناء القراءة أكون في سجال معه محاولاً محاكاته ، فمرات أفشل ومرات كثيرة أنجح حتى أحفظ الآية وراء الأخرى .
بعد أن جذبتني القراءة ومن بعدها التمعن في السماع والفهم والتدبر حتى أصبحت من عشاق القرآن ، فأنا أحبه كما يحب الحبيب حبيبه ، ومما زاد من ولعي بالقرآن الإنصات لمشاهير قراء القرآن مثل ..... محمد صديق ، ومصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبد الصمد ، ومحمود صديق المنشاوي حتى وصلت للجيل الجديد محمود الحلفاوي ، وصديق المنشاوي ، وحجاج الهنداوي والكثير غيرهم .
فمن ولعي بسماع القرآن الكريم أصبحت أتقن القراءات الصحيحة للقراء حتى وصلت لمرحلة أًصبحت أميز الصحيح من هذه القراءات والشاذ منها ، فمتى شذ القاريء عرفت أين شذ وأين لحن ومتى زاد ومتى نقص في المد والوقف.
المحطة الثالثة
رغم بلوغي سن المراهقة وكنت في قمة الخجل طلبت من أمام المسجد المجاور لنا أن التحق معه بأحد حلقات القرآن التي يقيمها للأطفال ، كانت البداية غاية الصعوبة فكيف لمراهق طويل عريض الجلوس وسط أطفال يحفظ معهم ما يحفظون ، لكني وبعدت فترة أعتدت الجلوس بينهم أمازحهم ويمازحوني حتى تغلبت على هذا الموقف الصعب .
بدأت رغم أني المراهق الوحيد بينهم ورحت أراجع ما حفظت سابقًا ثم زدت عليه بأكثر من جزء ، وحققت الاستفادة من حلقات تحفيظ القرآن في المسجد القريب من بيتي بحفظ عدة سور .
المحطة الرابعة
التحقت بمدارس القرآن الكريم بأحد الدول العربية التي كنت أعمل بها وأتممت حفظ نصف القرآن الكريم بإتقان القراءة والأحكام على يد الشيخ أحمد صفوت الذي ما زال يراسلني رغم مرور السنوات الطوال من البعد بيننا .
في البداية وبعد دراسة استمرت لسنوات لأحكام التجويد وأحكام التلاوة لهذا الكتاب رغبةً مني في أن أزيد من علمي وثقافتي للقرآن رغم أني خريجي اللغة العربية ، فلم أكتفي بدراستي الجامعية ، ورحت أبحث عن القراءة الصحية له .
والحمد لله بعد عدة أعوام أتقنت أحكام تجويد القرآن الكريم ولكن بعد هجري للقرآن نسيت الكثير منه ، لأن القرآن كالصاحب العزيز النفس الذي إن تركته تركك ، وأن هجرته هجرك .
المحطة الخامسة
كانت بتواصلي مع أحد المواقع الإسلامية التي طلبت مني كتابة عدة مقالات عن القرآن الكريم ، وقد شرعت في الكتابة حتى انقطع عني أصحاب الموقع وكنت قد كتبت عدة مقالات ، فضلت بعدها أن أكمل ما بدأت حتة استمريت في كتابة المقالة تلو الأخرى عن القرآن الكريم حتى شملت بعض مقالاتي تسليط الضوء على بعض القراء ومنها على سبيل المثال لا الحصر المقارنة بين بعض القراء الذين سكنوا الصعيد ، وهما الشيخ محمود الحلفاوي والشيخ صديق المنشاوي ، وبينت في هذا المقال أثر القرآن على القارئين اللذان ينتميان إلى نفس المدرسة ، فالأول تعلم على يد أخيه الأكبر الشيخ فوزي الحلفاوي فقرأ وأرتقى وأصبح من المشاهير في عالم قراءة القرآن ، والثاني ابن الشيخ محمود صديق وعمه الشيخ محمد صديق وهو حفيد الشيخ صديق المنشاوي الكبير .
بينت في هذا المقال أثر هذا التنافس بين القارئين في إثراء عالم القراءة بصوتهما الشجي ، كما وجدت أن كلاهما يطور من قراءته ويحسن فيجيد أفضل من ذي قبل ، فلا شك أن هذه المنافسة تصب في صالح المستمعين والدارسين والسائرين على نهجهما .
بعد كتابة العديد من المقالات اتجهت إلى عالم الكتابة وخير ما بدأت به كتابي الفكري والذي كان بمثابة مولودي الأول كتابي " الحصاد القرآن " ولكي أكتب عن القرآن ، بدأت في جمع المعلومات والكتابات التي دونت حول القرآن الكريم .
كما شاهدت بعض اللقاءات المتلفزة التي تحدثت عن القرآن إلى أن نجحت في جمع المعلومات القيمة ، أضفت لها بعض الابتكارات والطرق التي اقترحتها للمداومة على قراءة القرآن من واقع عملي في عالم التدريب والتنمية البشرية .
نجحت بعد حمد الله في تسطير كتابي الأول الذي شجعت فيه الشباب والشياب على القراءة بالتحفيز في محاولة مني لضرب باب هجر القرآن .
استخدمت في محاولاتي عدة طرق جديدة غير تقليدية للمواظبة على قراءة القرآن حتى نجدت في الانتهاء من كتابته ، إلا أن هذا الكتاب لم يلقى حظه في النشر والانتشار لوقوعه بين يدي ناشر لا يخشى الله ، فقد أهمله وهجره ولم ينشره وبعد عدة مماطلات منه حصلت على نسخ الكتاب التي دفعت مقابل طباعتها الكثير في بداية العام 2014 .
المحطة الأخيرة
بعد هذه المحطات لابد أن أذكر ولا أنكر فضل الله ثم فضل القرآن على " علي عمر خالد " ككاتب أنتج العديد من الأعمال القصصية والروائية ، فلم يقتصر الأمر على نفسي في السماع والتعلم والقراءة بل أصبحت متأثرا بالقصص القرآني ، وهذا ما ساعدني في كتابة بعض أعمالي الروائية والقصصية التي اعتنيت فيها بالوصف تأثرًا بالقصص القرآني ، فعندما تقرأ لي رواية تشاهد وأنت تقرأ وكأنك تشاهد فيلمًا روائيا يعالج أحد القضايا التي أناقشها .
وخلاصة هذه المحطات ..... أن القرآن علمني استقامة اللسان ، واتقان اللغة العربية والسرد والوصف والحوار
كما علمني القرآن كيف أعتني بأبنائي وأسرتي ، فكنت أحرص على تدريب أطفالي الصغار على القراءة الصحيحة ، بعد أن انتقلت معهم لمرحلة الترتيل وأسعى الآن لأعلمهم قراءة القرآن على نهج المشايخ الكبار ، فجل اهتمامي وما أبغاه هو أن أًصبح وأبنائي من القراء لكتاب الله كما يقرأ الكبار في وطننا الحبيب ، ورغم أنني أسير على هذا النهج من خلال ممارسة القراءة المجودة طمعًا في الوصول لقراءات مشاهير القراء .
علمني القرآن قوة الحجة والبرهان ففي كل حوار أريد النصر فيه ألجأ إلى كتاب الله لأستشهد ببعض آياته في تدعيم رأيي وفكرتي أو حتى حواراتي مع من أحاورهم .
وبعد احترافي العمل التدريبي في مجال التنمية البشرية أصبح كتاب الله كنز المعلومات الذي أنهل منه في كل محاضرة ألقيها أو ندوة أديرها أمام جمع من الناس .
وأخيرا لا أنكر أن القرآن علمني الصدق والأمانة والشجاعة والاعتدال وتقوى الله ، فأنا لا أخشى في الله لومة لائم لأني على يقين بأن من خاف الله لم يخف من أي شيء ومن لم يخاف الله أخافه الله من كل شيء .