الأخبار
غوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائيألبانيز: إسرائيل مسؤولة عن إحدى أقسى جرائم الإبادة بالتاريخ الحديثالقدس: الاحتلال يمهل 22 عائلة بإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في صور باهرقائد لا قياديعدالة تحت الطوارئ.. غرف توقيف جماعي بلا شهود ولا محامينارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 57.130بعد أيام من زفافه.. وفاة نجم ليفربول ديوغو جوتا بحادث سير مروّع
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أَوْجَاع فَقِير

تاريخ النشر : 2022-05-24
أَوْجَاع فَقِير
بقلم: خالد الزبون

فِي الحيّ رَجُلٌ يَسْتَيْقِظُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَرْتَدِي حِذَائَهُ
الْمُمَزَّق و يُغَادِرُ كيّ لَا يَرَى وُجُوهَ أطفالهِ الجِياع . . ! هَذَا
دَأْبُهُ مُنْذُ سِنِينَ طَوِيلَةٍ فِي دَائِرَةِ النِّسْيَانِ مِنْ
الْحَيَاةِ ، عَمِلٌ وَجَهْدٌ وَتَعَبٌ وَانْكِسَارُ الظَّهْرِ ، حَزِينٌ
وَكَأَنَّهُ وُجِدَ ليحلم فقسوة الْفَقْرِ تَجْعَل تَفَاصِيلَه الصَّغِيرَة
والبسيطة كأوراقِ الْخَرِيف مُتَنَاثِرَة
فِي كُلِّ مَكَان تَنْتَقِلُ مَعَ الرِّيحِ وتتطاير ، وَأَمَال تذبل ، يَسْكُن
الْأَرَق قَلْبَه ، فَلَم تَتَجَاوَزْ طموحاته مَنْزِلٌ صَغِيرٌ وزوجة صالحة
وَأَطْفَالٌ يُزَيِّنُونَ رُوحَه الَّتِي تُرَفْرِفُ وَرَاء سَعَادَةٍ فِي
أَزِقَّةٍ الْقَرْيَةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ بِلَا وُجُوه وَكَأن الْكَوْن
تَزَيَّن بأقنعة زَائِفَة ، لَا تَعْرِفُ الْحُبَّ وَيَضِيع الضَّمِيرُ فِي
خُطُوَات يَسقط مَعَهَا الْجَمَال وَالْأَمَل ، فَقَدْ أدرك أَنَّهُ مِنْ
الصَّعْبِ أَنْ يكون كَمَا يريد ، أَنْ تَكُونَ فَقِيرًا مَلِيئًا بالخيبات
وَالْأَحْزَان وأثقال الْحَيَاة الْمُرْتَبِطَة بِجَسَدِه وَفِكْرُه ، فَمَن
الْأَلَم أَنْ لَا تُشْبِه نَفْسَك ، أَنْ تَسْمَعَ ضحكاتِ الْقَوْم
الدَّائِمَة وَأَنْت تُخَاطِبُ اوجاعَك لَا تَعْرِفُ الاِسْتِسْلاَم وَلَا
تُرِيد الشَّفَقَة والاحسان مِنْ أَحَد ، فكرامة الْفَقِير أَغْلَى مَا
يَمْلِكُ ، لَقَد رَزَقَهُ اللَّهُ بِأَرْبَعَة أَطْفَال سَلْوَى وبيسان
وَبَيَان وَأَمَل آخَر الْعُنْقُود فَسَمَّاه بأمل تَيَمُّنًا بِعَاصِفَةٍ
مِنَ الْخَيْرِ تَجْتَاح قَلْبِه ووجدانه ، وحظه الْعَاثِر ، وَسَلْمَى
زَوْجَتَه الصَّابِرَة فَقَدْ كَانَتْ جَيْشَه الَّذِي يَقِفُ إلَى جَانِبِهِ
كُلَّمَا نَظَرَ إلَيْهِا بِأَلَم يَجِد عِنْدَهَا الْأَمَل وَتَكَبَّر عِزّةِ
نَفْسِهِ وترفض الِانْكِسَار وتجدف وتقاوم الْمَوْج الهادر وَإِعْصَارَ
الْحَاجَة ، فسلوى شَمْس حَيَاتِه وبيسان كينبوع مَاءٍ صَافٍ وَبَيَان هِي
الْبَيَان لِقَلْبِه ، لِكَي يَرَى الطَّرِيق رَغْم اِشْتِدَاد سَوَادِهَا ،
لَكِن الْحَيَاة تتعقد وَأَيَّام الْعَمَل تَتَلَاشَى رُوَيْدًا ، رُوَيْدًا
فَهُو يَخْرُجُ مَعَ الْفَجْرِ وَيَتَوَجَّهُ إلَى مشارف الْمَدِينَةِ حَيْثُ
يَأْتِي أَصْحَابُ الْعَمَل يَبْحَثُونَ عَنْ عُمَّال يَوْمَيْه لِنَقْل أطنان
مِن الإسْمَنْت أَوْ نَقْلٍ أَثَاث مِنْ بَيْتِ لِآخَرَ أَوْ ثَلاَّجَةٍ
كَبِيرَة تَجْعَلُك مَرِيضًا مُقَابِل دَرَاهِمُ مَعْدُودَةٌ لَا تُغْنِي
وَلَا تُسْمِن مِنْ جُوعٍ ، لَكِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا فِي أَيَّامِ
عِجَاف ، ورحم الله الْفَارُوقِ عُمَرَ فَقَدْ اِشْتَعَلَت لِحْيَتَهُ وَهُوَ
يُوقِدُ النَّارَ لأطفال جِيَاعٌ ، رَحِمَ اللَّهُ الْعَدَالَة فَقَدْ كَانَتْ
كَنْزًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وَمَا زَالَ يَشْكُو وَجَع قَدَمَيْه
وَثَوْبَه الْمُرَقَّع الَّذي تَخْتَرِق أَشِعَّةَ الشَّمْسِ ثقوبه ، وَلَكِن
أَطْفَالِه الجِياع يَدْفَعُونَه إلَى تَحَدِّي الْمُسْتَحِيل وَالْبَحْثِ
عَنْ لُقْمَة الْعَيْش حَتَّى لَوْ بَقِيَ الْعُمُرَ كُلَّهُ فِي الشَّقَاء ،
فحكاياته معلقة فِي مَصَابِيح اللَّيْل تَعْرِف جِبَهته حَرَارَةَ الشَّمْسِ
وزمهرير الشِّتَاء ، وَرَائِحَة الْيَاسَمِين وزقزقة الْعَصَافِير ، وموسيقى
السَّيَّارَات وضجيج الْمَارَّة وَتَسْتَمِرُّ الْحَيَاة وببقى يَسِيرُ عَلَى
أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ لِأَجْل أَطْفَالِه وابتسامتهم الَّتِي هي كل احلامه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف