بقلم: أمير المقوسي
استقليت حافلة من أقرب مكان كي تقلني إلى اللامكان الذي أنوي الذهاب إليه، حافلة لا تحمل أي لوحات معدنية ولا أي لافتة تدل على وجهتها ولا يوجد بها أي كرسي، حتى مقودها عندما صعدت درجاتها لم أراه وسائقها ولكنني سمعت هدير محركها وكأنه طفل يصرخ لحظة ميلاده معلناً عن حضوره بصرخة قوية لن يتمكن من صراخ مثلها طيلة حياته ولكنه سيسمع شهقة توازيها في القوة في اللحظة التي سيلفظ فيها أخر انفاسه.
وعلى متنها لم أري غير ثلاثة ركاب يفترشون أرضيتها متباعدين؛ طفلة صغيرة على محياها بسمة سحرتني وهي أول من رحبت بي وناولتني اصبع علكة وأخبرتني متلعثمة: إنها ستروي ظمأك خلال المسير، ورجل ثمانيني يمسك بلفافة تبغ غير مشتعلة ويدندن أغنية فريد الأطرش "هلت ليالي حلوة وهنية" يبتسم ويُظهر لثة كأنها لمولود ولد في التو.
وعجوز رسم الزمن على وجهها تجاعيد وكأنها كل الطرق التي سلكتها في رحلتها ووشم على ذقنها بين التجاعيد كأنه خريطة خروج مدفونة فأدرت عيني مرة أخرى داخل الحافلة بتمعن فوجدت في نهايتها بالزاوية كرسي وحيد تجلس عليه سيدة أربعينية تشبهني في العُمر تحمل دفتر وقلم رصاص مكسور سنه وكل بضع ثواني تقوم بلمس أرنبة أنفها بطريقة وكأنها تُعدل من وضع نظارة نظر غير موجودة رافقتها لسنين طويلة لم تحدثني ولكنني كنت اسمع ما تقوله: اشتاق إليه فأجبتها ها قد جئت إليكِ.
استقليت حافلة من أقرب مكان كي تقلني إلى اللامكان الذي أنوي الذهاب إليه، حافلة لا تحمل أي لوحات معدنية ولا أي لافتة تدل على وجهتها ولا يوجد بها أي كرسي، حتى مقودها عندما صعدت درجاتها لم أراه وسائقها ولكنني سمعت هدير محركها وكأنه طفل يصرخ لحظة ميلاده معلناً عن حضوره بصرخة قوية لن يتمكن من صراخ مثلها طيلة حياته ولكنه سيسمع شهقة توازيها في القوة في اللحظة التي سيلفظ فيها أخر انفاسه.
وعلى متنها لم أري غير ثلاثة ركاب يفترشون أرضيتها متباعدين؛ طفلة صغيرة على محياها بسمة سحرتني وهي أول من رحبت بي وناولتني اصبع علكة وأخبرتني متلعثمة: إنها ستروي ظمأك خلال المسير، ورجل ثمانيني يمسك بلفافة تبغ غير مشتعلة ويدندن أغنية فريد الأطرش "هلت ليالي حلوة وهنية" يبتسم ويُظهر لثة كأنها لمولود ولد في التو.
وعجوز رسم الزمن على وجهها تجاعيد وكأنها كل الطرق التي سلكتها في رحلتها ووشم على ذقنها بين التجاعيد كأنه خريطة خروج مدفونة فأدرت عيني مرة أخرى داخل الحافلة بتمعن فوجدت في نهايتها بالزاوية كرسي وحيد تجلس عليه سيدة أربعينية تشبهني في العُمر تحمل دفتر وقلم رصاص مكسور سنه وكل بضع ثواني تقوم بلمس أرنبة أنفها بطريقة وكأنها تُعدل من وضع نظارة نظر غير موجودة رافقتها لسنين طويلة لم تحدثني ولكنني كنت اسمع ما تقوله: اشتاق إليه فأجبتها ها قد جئت إليكِ.