الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجائزة

تاريخ النشر : 2022-05-17
بقلم: محمد إبراهيم عبد الله
حينما تتذكر يوماً نجحت فيه بشهادة متميزة أو قدمت عملاً متميزاً ونلت بسببه جائزة .. ما هو الشعور الذي يتملكك؟ ألا تتمنى أن يتكرر مثل هذا اليوم ؟
وحين تسلمت الجائزة في ذلك اليوم كيف كانت همتك واندفاعك للعمل والبذل؟ لا شك أنه كان في القمة .. فالنجاح يدفع للنجاح.
في الإنسان فطرة غالبة متجذرة فيه .. وهي أنه يحب أن يكافأ على عمله بصورة جائزة مادية أو معنوية ، ويتملكه فرح غريب وشعور لا يوصف حين يحصل عليها ، ولا يوجد إنسان في العالم يخلوا من هذه الفطرة أو يعاكسها رجلاً كان أم امرأة ، صغيراً كان أم كبيراً.
ولذلك من المفيد في مجال تربية النفس وتربية الغير أن لا نُغفل هذه الفطرة الغالبة ، وما تسببه من فرحة ايجابية دافعة ، وهنا ينصح علماء النفس والسلوك على ضرورة استخدام المكافأة كحافز مهم لا يخيب أبداً في التعامل مع النفس أو مع الغير.
فهي مع الغير تدفع الآخرين للإجادة وبذل الجهد والوسع في العمل وتدعم الإبداع ، وكلما كانت الجائزة قريبة من هوى الشخص المعني واهتمامه كلما كانت مؤثرة أكثر ، وإذا كانت بعيدة عن اهتمامه قد لا تؤدي الغرض المقصود.
فمثلا مكافأة شخص أُميٍّ بإهدائه كتاباً ثميناً قد لا يعني له شيئاً مع أن لهذا الكتاب قيمة مادية ومعنوية .. ولكن نفس هذا الكتاب عندما تقدمه هدية لأستاذ مثقف قد يعني له الكثير ويفخر به على أقرانه.
والجائزة كما هي مؤثرة مع الغير فهي مع النفس مؤثرة كذلك ... وربما تسأل كيف أعطي نفسي جائزة ؟!
بالتأكيد يمكن أن تكافئ نفسك بأنواع المكافآت لتشجيعها وإراحتها ودفعها لبذل المزيد.
يمكنك أن تكافئها براحة إجبارية أو بأكلة متميزة ، أو بلهو نافع مع الأهل والأولاد .. أو نزهة تغير بها الجو الرتيب الذي تعيش فيه.
وهذا كله إنما يكون بعد عمل مجهد ومتعب يستغرق بذلاً ووقتاً .. وإذا جربت مكافئة نفسك ستلمس الفرق الكبير والأثر الواضح الذي يؤثر على أدائك اليومي.
ولإشباع هذه الفطرة وتحفيز النفس والآخرين لتحقيق النجاح في الحياة ، كان التعامل مع الجائزة والمكافأة سلوك مهم أرشدنا إليه الإسلام بصور كثيرة:
منها مثلاً بصورة هدية من شخص لآخر ، كما قال النبي :
- تهادوا تحابوا.
ومنها بصورة شكر (مادي أو معنوي) على خدمة قدمت إليك كما قال عليه الصلاة والسلام:
- لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس.
ومنها بصورة جوائز تأتي من الحق تبارك وتعالى لعباده مباشرة في الدنيا.
وأشهرها وأوضحها مغفرته لعباده بعد أدائهم عبادتين عظيمتين هما الصوم والحج.
وهنا نتوقف عند هذه الجائزة وأثرها العظيم في حياتنا.
لعظَم هذه الجائزة كان يومها يوم عيد لكل المسلمين يفرحون فيه ويعلنون فرحهم رغم كل شيء ، رغم آلامهم ومتاعبهم وهمومهم.
وحين يأتي هذا اليوم فهو يوم فرح وسرور لا يجوز بل يحرم على كل مسلم أن يُظهر فيه مظهر حزن بلا مبرر قاهر.
فهو يوم تسلم الجائزة .. أعظم جائزة من الخالق العظيم .. والفرح بها لا يعدله فرح ، لذا كان إظهار الفرح في يوم العيد (الفطر والأضحى) عند المسلمين عبادة لا تقل عن العبادات الأخرى.
وهذين العيدين في حياة المسلمين يعتبران تغييراً إجباريا .. وسروراً وفرحاً إجباريا كذلك لكل من يرفض التغيير وتغلب الكآبة والحزن على حياته بسبب الوضع الصعب الذي يعيشه.
لذلك ترى لهذين العيدين أثراً غريباً يُشبه السِّحر في نفوس المسلمين .. فهم ينامون كعادتهم كل يوم ولكنهم يستيقظون على أصوات التكبيرات ويتوجهون للمساجد والبشر يعلوا وجوههم ويهنئ أحدهم الآخر مع إظهار الفرح والسرور ، فأي لمسة سحرية يمكنها أن تفعل هذا الفعل بين ليلة وضحاها في نفوس الملايين من البشر؟
إنها لمسة المكافأة .. الجائزة المفرحة .. والتي تتمثل هنا بقبول العمل ، والمغفرة بعد التعب الذي بذله الإنسان في عبادته.
ونريد هنا أن ننبه إلى هذا المعنى الهام:
حين نتسلم جائزة ونفرح بها ، لا نقبل من أحد أن يواجهنا بكلام كئيب يذهب فرحتنا ويقضي عليها.
لذلك لا يجوز لخطبائنا ممن تحركهم الحمية والعاطفة أن يواجهوا الناس في خطبة العيد بمآسي المسلمين وأحزانهم ، وينتقوا العبارات المليئة بالإحباط .. ويتناسون المئات من أبيات المتنبي التي يذكر فيها الهمة والإقدام والشجاعة ولا يذكرون إلا قوله:
عيد بأي حال عدت يا عيد .... !!
ثم يبدؤون بالتباكي على حال الأمة وما وصلنا إليه!!
والغريب أنهم يوصون الناس قبل إنهاء الخطبة بان لا يجددوا أحزانهم على أمواتهم ويُذكِّرونهم بحرمة هذا الأمر وينسون أنهم قبل لحظات قد ملئوا قلوب الخلق حزناً وغماً بكلامهم.
إننا بفرحنا بهذه الجائزة ( يوم العيد ) نُراغم الشيطان لأن الله تعالى غفر لنا ... ونراغم أعداءنا لأن عباداتنا واحات أمل لنا.
وسنبقى برحمة الله تعالى وعونه متفائلين فرحين بهذه الرحمة.
إن فرحنا عبادة نتعبد الله بها وليست عبثاً .. نفرح بعيد الفطر بانتهاء عبادتنا بالمغفرة ، ونفرح بعيد الأضحى بالملايين الذين حجوا لله وغُسلت ذنوبهم وعادوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.
هذه الفرحة لها فعل عجيب ، فهي تجدد من همة الإنسان وأمله، وتدفعه للعمل وترك اليأس والبحث عن النجاح مع الاستعانة بالله .. الخالق العظيم الكريم الرحيم .. الذي أكرمنا بهذه الفرحة رغم ذنوبنا وتقصيراتنا وآثامنا .. بل طلب منا أن نفرح في هذه الأيام برحمته.
تخيل معي طالباً لا يبذل الوسع في واجباته ولا يكمل دروسه كما ينبغي وبالتالي تكون درجاته ضعيفة لا تليق ، ومع ذلك يحتفل به أستاذه ويعطيه جائزة يدفع بها عنه شعوره بالإحباط ويحفزه لبذل المزيد ، كيف سيكون شعوره؟
إن ما عند الله تعالى أكبر من هذا وأعظم (ولله المثل الأعلى).
لذلك من حقنا أن نفرح ونظهر سرورنا وفرحنا بهذه الرحمة ونتعلم منها درساً عظيماً هو:
إن حب الجائزة عند الإنسان أمر فطري يتعامل به الحق تبارك وتعالى معنا ويرشدنا أن نتعامل به مع بعضنا.
والفرحة التي تقترن بالجائزة فرحة خاصة بحجمها وآثارها، ولا ينبغي أن نستهين بها.
وكل منا ربما يذكر تكريماً حصل له يوماً ما أو جائزة أتته من شخص أو مؤسسة كان لها تأثير كبير على حياته وربما غيرت من توجهاته ومستقبله.
وإذا كانت الحياة مليئة بالمشاكل والمتاعب فهي بالمقابل مليئة بالفرص والوسائل التي يمكن أن نغتنمها لنصنع نحن بأيدينا ما يسعدنا ويفرحنا ويجعلنا ننظر إلى نصف الكأس الممتلئ لنكمل ملؤه حتى يفيض بالخير على من حولنا .. ولا نتحسر على نصفه الفارغ فيقع من أيدينا ونخسر كل شيء.
إن لِجائزة العيد معنى عظيم إذا عممناه في حياتنا وفهمناه حق الفهم فلن يمر يوم علينا إلا ولنا فيه عيد من نوع خاص وشكل خاص. وليس هذا ادعاء مني بل هو وعد وبشارة من الله عز وجل.. اسمع لقوله تعالى:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
ومن منا لا يريد الحياة الطيبة ؟
انتبه للجائزة وأثرها في حياتك وكذلك تأثيرها في الآخرين ..
واستعملها قدر استطاعتك مع زوجتك وأولادك وأصحابك فهي زاد كبير تعينك في مسيرة الحياة...
وهي مما خف حمله وعَلا أثره.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف