الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تحجيم دور إيران إقليميا.. قراءة في تقليم الأظافر بقلم نسيم قبها

تاريخ النشر : 2021-10-24
تحجيم دور إيران إقليميا.. قراءة في تقليم الأظافر           بقلم نسيم قبها
تحجيم دور إيران إقليميا.. قراءة في تقليم الأظافر 

بقلم: نسيم قبها

رغما عنها كتمت إيران غيظها من التغييرات الجيوسياسية التي نجمت عن تدخل تركيا في الحرب الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان، والتي أدت إلى استعادة أذربيجان معظم أراضيها، وهددت الطريق الواصل بين إيران وأرمينيا؛ ما أجبر الأخيرة على التوجه لتحسين العلاقة مع تركيا، وهو الأمر الذي أكسب تركيا قوة على حساب إيران التي لم يسعفها التجانس المذهبي مع الأذربيجانيين لاجتذابهم إلى صفها بسبب الطابع العلماني لغالبية الشعب الأذري وتشاطر الأذريين والأتراك نفس اللغة، بالإضافة إلى الخصومة القومية بين الإيرانيين والأذربيجانيين، لا سيما في الظرف الدولي والإقليمي الضاغط على دور إيران الوظيفي، الذي يقلقها ويدفعها إلى مقاربات تستلزم المحافظة على قدر من مكتسباتها، وتحصين حدودها وجبهتها الداخلية، وسد الثغرات التي قد تشعل النزعة القومية وتهدد بتفكيك نسيجها المجتمعي ونفوذها الإقليمي، الذي بات يتآكل في العراق وبخاصة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وفي سوريا بعد الضوء الأميركي والتواطؤ الروسي لإعادة تأهيل النظام السوري من خلال التقارب بينه وبين والدول العربية كبديل عن السند الإيراني الذي استهلك دوره،، وفي لبنان بفعل الضغوط المتواصلة على حزب الله ومنها استهداف مظاهرات حزب الله الأخيرة التي تهدف إلى جره لاستعمال السلاح ووضع ملف سلاحه على الطاولة. 

وكل ذلك يصبُّ في صالح الثقل التركي الإقليمي، ويصبُّ أيضًا في صالح النفوذ الصهيوني من بوابة التطبيع والاندماج السياسي والاقتصادي العربي الرسمي المرتقب مع الكيان الغاصب في إطار الحل الإقليمي وتحويل بوصلة عداء أهل المنطقة لإيران.وفي هذا السياق نفذت إيران في الأول من تشرين أول/أكتوبر مناورات عسكرية على حدودها مع أذربيجان بعنوان "فاتحو خيبر" والذي يعبر عن المخاوف الأمنية الإيرانية من التواجد الإسرائيلي على الحدود الإيرانية الأذرية، وفي توقيت لا تخطئ العين مغزاه، وهو ذكرى معركة "قره باغ" الثانية، التي استعادت فيها أذربيجان أراضيها المحتلة، وهو الأمر الذي ينطوي على تحذير إيراني للأذربيجانيين الذين تستولي إيران على جزء من أراضيهم منذ عام 1945، وبخاصة بعد الشكوك التي بعثها الرئيس التركي أردوغان بتصريحاته يوم 10 كانون أول/ديسمبر 2020 حينما ألقى في عرض عسكري أذربيجاني شعرًا يذكّر بوحدة الأذريين مع إخوانهم في الجوار الإيراني، ما أثار غضب الإيرانيين واعتبروه دعوة تفكيكية وتحريضًا.وإزاء هذا التوقيت للمناورات الإيرانية قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف: "يمكن لكلّ دولة إجراء مناورات عسكرية على أراضيها، فهو حق سيادي لها، لكن بالنظر من حيث التوقيت، نرى أنه ليس وقتًا عاديًا، لماذا الآن وعلى حدودنا بالذات؟". 

ولم يفُته استغلال الفرصة أيضًا لكبح نشاط الأوروبيين الذين يحاولون التسلل لاحتواء التصعيد الأميركي الإسرائيلي ضد إيران، باتهامه الأخيرة برعاية تهريب المخدرات إلى أوروبا عبر أرمينيا. حيث قال: "إن أرمينيا اتحدت مع إيران خلال 30 عامًا تقريبًا لاستخدام الأراضي الأذربيجانية المحتلة سابقًا كمسار للمخدرات إلى أوروبا"!

وفي لجة هذه التطورات العسكرية أعلن الرئيس الأذري إلهام علييف يوم 2 تشرين أول/أكتوبر أنه سيشرك "قوى دولية وإقليمية إذا تمادت إيران في المناورات العسكرية التي تجريها قرب الحدود"، فيما أعلنت وزارة الدفاع التركية يوم 5 تشرين أول/أكتوبر عن إجراء مناورات عسكرية مشتركة، تحت اسم "الإخوان الراسخون 2021"، في إقليم نخجوان قرب الحدود مع إيران، من أجل إرسال رسالة واضحة بشأن حماية التواصل الجغرافي المزمع تنفيذه بين تركيا وأذربيجان عبر طريق "نغة زور" في جنوب أرمينيا على الحدود الإيرانية، والذي من شأنه أن يقطع الطريق بين إيران وأرمينيا.

في حين سارعت إيران إلى توطيد العلاقة مع أرمينيا بعقد اتفاقات عسكرية تسمح للطائرات المسيرة الإيرانية بالتحليق في الأجواء الأرمينية، والحصول على حق إقامة قواعد عسكرية إيرانية في إقليم سيونيك؛ وذلك في محاولة للتأثير على المواقف الأرمينية وإعاقة التمدد التركي والتواصل الجغرافي بين تركيا وأذربيجان ومنها إلى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.

وعلى هذا الأساس ندرك بأن قضية النظام الإيراني المحورية تكمن في المخاوف الأمنية والهجمات الإسرائيلة الإيرانية المتبادلة في إطار التنافس الإقليمي، وتكمن بقدر أوفر في التغييرات الجيوسياسية التي نجمت عن الحرب الأذرية الأرمنية ومحاذير امتداد يد تركيا في منطقة جنوب القوقاز وإحيائها لفكرة "العالم التركي"، وأثر ذلك كله على الوحدة الجغرافية لإيران وتواصلها مع أرمينيا، وتداعياته على منافعها الاقتصادية ونسيجها المجتمعي الذي يمثل الأذربيجانيين فيه نسبة 25% ويُذكرهم بـ"أذربيجان الكبرى". بالإضافة إلى خطر استعادة أذربيجان _بتواطئ روسي_ التحكم بالطريق التجاري بين إيران وأرمينيا، وفرضها ضرائب على الشاحنات الإيرانية، في ظل سعي أرمينيا للتطبيع مع تركيا دون شروط، لما في ذلك من مصالح اقتصادية كبيرة من شأنها أن تعود عليها بالنفع وعلى شعبها الذي يعيش أزمة اقتصادية خانقة.

ومن شأن هذا التطبيع التركي الأرمني (قيد التحضير) أن ينعكس إيجابيًّا على العلاقات الأذرية الأرمينية ويصب في صالح تركيا، وهو الأمر الذي يقلق إيران ويهدد مصالحها ويُنذر بمحاصرتها، وبخاصة بعد التدريبات العسكرية المشتركة التي نفذتها تركيا وباكستان وأذربيجان في باكو يوم 12 أيلول/سبتمبر الماضي تحت اسم "الإخوة الثلاثة 2021".ولا يخفى أن روسيا وأميركا وإن كانتا تتنازعان الهيمنة على المنطقة لكن أهمية تركيا الجيوسياسية بالنسبة لهما تطغى على أهمية إيران في تلك المنطقة؛ مما يجعل التواطؤ الروسي الأميركي يأتي لصالح تركيا على حساب إيران. 

فلأميركا مصلحة في توغل تركيا في منطقة المجال الحيوي الروسي وإبقائه بؤرة للتوتر بين روسيا وتركيا ومبررًا للتدخل وتمدد حلف الناتو نحو الحدود الروسية، بينما تجد روسيا مصلحة في تضارب المصالح التركية الإيرانية والقبض على مصالحهما معًا من أجل إدارة أزماتهما واجتذابهما واحتوائهما، وبخاصة تركيا التي تمثل جسرًا لحلف الناتو باتجاه حدودها. 

ولذلك أشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في لقائه بوزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان إلى الأزمة المتصاعدة بين إيران وأذربيجان في جنوب القوقاز، وقال إنها كانت محور بحث تفصيلي، كاشفًا عن آلية اقترحتها روسيا للتهدئة، تقوم على إطلاق حوار بصيغة "3+3"؛ أي بلدان جنوب القوقاز الثلاثة (جورجيا وأرمينيا وأذربيجان)، والبلدان المجاورة الثلاثة (روسيا وتركيا وإيران). 

في حين صرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال المؤتمر الصحفي مع لافروف: "لن نقبل بأي تغيير للحدود في جنوب القوقاز". ولذا فإن ما يجري إنما يندرج في إطار مواجهة إيران للتحديات والضغوط التي تحاصرها لتقليم أظافرها وإرغامها على العودة إلى مربعها الوظيفي، وهو الأمر الذي تلتقي فيه روسيا وأميركا وتركيا و"إسرائيل".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف