د. محمد البوجي
فلاش باك سيء
بقلم: د. محمد بكر البوجي
وجدت نفسي في زقاق طويل .طوله حوالي خمسين مترا وعرضه مترا واحدا أو يزيد . تخمنت انهم خلفي .كنت اجري بطريقة ليست مستقيمة حتى لا يصيبني الرصاص لو اطلقوه . ثم من زقاق الى زقاق .وانا اسمع خشخشة حمولتهم الثقيلة .اذن هم خلفي . وجدت بابا مواربا . فورا دخلت فيه واغلقت خلفي .واذا به بيت احد معارفي .استقبلني الشاب ..شو في ..شو جابك ..شرحت له . جلست .شربت ماء .وشايا . جلست في ضيافتهم حوالي ساعة ..الان لا بد من العودة . زوجتي وجماعتي اكيد قلقون ..خرجت وبدأت اتسلل من زقاق الى اخر وانا اتصنت قد اسمع صوت جهازهم او خشخسة سلاحهم . الى ان وصلت. في هذه الحالة متعارف انهم يتركون باب الدار مواربا بحيث يبدو مغلقا .. وصلت . بهدوء دفعت الباب ودخلت . هس .شو جابك . الجيش قاعد تحت الشباك .طبعا جهة الباب مغايرة لجهة الشبابيك . دقائق انصرفوا.. استمر منع التجوال . في الليل تكاثر جنود الاحتلال في الحارة .
يصرخون ويفتحون الابواب عنوة . ياخذون بطاقات الهوية . صوت وازعاج رهيب . الاطفال يصرخون . مروا من امام بيت عمي ..دقوا الباب بارجلهم واعقاب البنادق . نحن في منتصف الليل ..خرجت لهم . فتحت الباب . وين هوية ..خذ .تعال معي وهات مكنسة . يا خواجة انا استاذ جامعي .لازم تحترمني . ولا ولا هات مكنستين . اخذت مكنسة ومشيت خلفهم . روح هناك . وجدت مجموعة من الرجال. جاء احد الجنود .يلا ..كنسوا الشارع. من هون للاخر . كنت ألبس جلابية . رفعت جلابيتي وثنيتها على خصري . شاهدني احدهم .شو هذا ..هيك في بلادنا عند العمل .ضحكوا .قلت في سري .انتم غرباء عن الوطن .لقطاء .لا علاقة لكم بهذا الوطن .عاداته وتقاليده . جاؤوا من اوربا ومن كل بقاع الارض . السفلة فقط الذين جاؤوا . بدأت أكنس الشارع انا والرجال . وهم يضحكون ويقهقهون . ويخشخشون بالسلاح .انا اعمل بهدوء . جاءني احدهم . انت ليش مش بشتغل كويس . يلا خلص . و بعقب البندقية على ظهري . يا ابن الكلب .طبعا في سري .استمر الحال تقريبا ساعتين . جاء أحدهم واعطى رجلا فينا كمية بطاقات الهوية ..يلا خدوا . وروخوا البيت . طال منع التجوال. اريد العودة الى بيتي في غزة .قررت الخروج بأي ثمن . حين بزوغ الشمس .لا بد ان احتال واحمل ابني .كأنني ذاهب الى المستشفى . في الخامسة صباحا وبعد اكثر من اسبوعين سجنا . سمعت مكبر الصوت المحمول على سيارة جيش الاحتلال . ينفك منع التجول .يا أهالي رفح ..عدت إلى بيتي في غزة .. بعد يومين حدث ايضا اشتباك مسلح .يبدو ان جنودا ماتوا . فرضوا منع التجوال على مخيم الشاطىء . في اليوم التالي لمنع التجوال.
أردت وصول الدكان لشراء حليب لابني الطفل . نظرت من خلف الجدران يمينا ويسارا فلم اجد احدا . حاولت التصنت لسماع صوت سيارة عسكرية او اي صوت ..لم اسمع شيئا ..فتحت الباب .خرجت . مشيت بضع خطوات .واذا الجيب العسكري امامي . فورا دون تفكير . جريت .دخلت من الباب . ليس عندي فرصة لاغلاقه. وقفزت فوق الحائط الى بيت الجيران ومنه الى البيت الذي يليه والذي يليه . لمدة ربع ساعة الى ان انصرفوا. عدت الى بيتي بنفس الطريقة من فوق الجدران ..قابلتني زوجتي بالصراخ .حرام عليك . اهدأ واعقل .
ما الذي فعلوه .دخلوا خلفك .فتشوا البيت .لم يجدوا احدا . أين زوجك الذي شرد . لا أعرف . هذا ليس زوجي . نظر الضابط الى المكتبة قائلا .شو هذا .لمين هاي المكتبة .قلت لك هذه مكتبة زوجي . زوجي استاذ جامعي . الذي هرب منكم ودخل من هنا وقفز خارج البيت ليس زوجي ولا أعرفه . طب اين زوجك .ذهب الى المستشفى لعلاج طفلنا الصغير جاءت سيارة الاسعاف واخذته. نظر الى المكتبة .هز رأسه. ثم انصرفوا ..