الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ترجل شاعر الجدران ياسر الفقعاوي بقلم: د. محمد بكر البوجي

تاريخ النشر : 2021-07-24
ترجل  شاعر الجدران  ياسر الفقعاوي         بقلم: د. محمد بكر البوجي

ياسر الفقعاوي

ترجل  شاعر الجدران  ياسر الفقعاوي  

بقلم: د. محمد بكر البوجي

ترجل الشاعر ياسر حرب الفقعاوي . لم اكن أعرفه او ألتقيه قبل عام 2016 حينما دعانا سعادة وزير الثقافة السابق الدكتور ايهاب بسيسو ..كنا مجموعة من الشعراء ..  والكتاب . فرحين جدا أننا سنرى عالما اخرا خارج غزة  .بعد ان خرجنا من معبر بيت حانون.. فرحنا ونظرنا الى بعضنا كالخارجين من عمق البئر .. وصلنا رام الله .. الاخ الشاعر. ياسر حرب يبدو انه اول مرة في حياته يغادر غزة ..عرفت ذلك من لهفته لرؤية كل شيء . حينما وصلنا  الفندق ..اخذ يلعب بمفتاح الكهرباء.. هه الكهرب جاي يا جماعة . عدها قطعت .اشحنوا  جولاتكم . فتح حنفية الماء .شرب حتى الارتواء. يا ورضييه ما ازكى ميتهم يا ولاد .حلوة كتير .بس يارب ما تقطع .. نزلنا الى الشارع. اتصل بزوجته..تعالي شوفي العز ..البقلاوة بتمشي في الشارع .بقلاوة بقلك بمشن في الشارع. كل اشي فيها باين .. ضحكت بأعلى صوتي .كم انت بريء يا رفيقي . جاءني الى غرفتي ..دكتور .بدي اياك تسمعني وتدربني على الالقاء .قالوا انك شاطر .. ضحكت .. قل .هات شعرا  ..قرأ شعرا جميلا جدا ..يا استاذ ياسر ..انت بحاجة الى تدريب بسيط ..امانة دربني ..حاضر. بعد ساعة صار لديه قدرات واضحة في فن القاء شعره . حين القى شعره في مقر متحف درويش في رام الله .صفقوا له عدة مرات لروعة شعره وطريقة القائه .. ومن يومها صرنا اصدقاء . زارني في مكتبي بالجامعة تحدثنا عن المشهد الثقافي وكيف يمكن للاديب ان يشارك بصورة فاعلة  .رأيت فيه الشاب الطموح الحريص على صورة وطنه النقية . حدثني بناء على طلبي .عن مشاركته في الانتفاضة الاولى عام 1987م . وكيف كان يخطط شعارات وطنية على الجدران في خانيونس . كان يملك موهبة الخط الجميل بالبخاخة اي علبة الالوان . كان يعشق شعارات محمود درويش منها .لن تمروا . على هذه الارض ما يستحق الحياة . عاشق من فلسطين . هذا الهواء لي ..كثيرة هي الشعارات التي كان يرسمها كل ليلة ..الى ان وقع في يد  جنود جيش الاحتلال .حكمت عليه المحكمة العسكرية الاحتلالية ثلاث سنوات سجن .قضاها يكتب شعرا في خياله ويحفظه واحيانا على ورق صغير ان وجد . اعطاني مسودة ديوان شعر لاكتب له مقدمة . وافقت بسرعة وهذا شرف عظيم ان اشارك في نهضة شاعر شاب جاء من مسافة بعيدة . لكن يبدو انني دخلت في معمعة الحياة ومشاكلها ..لا اعرف بالضبط ما المصيبة التي وقعت بها فترة طويلة وما اكثر مصائب الانسان في غزة .تأتيك من حيث لا تدري . ومع ذلك كتبت مقدمة للديوان لكنني سافرت دون ان اراه فبقي  الورق  في درج مكتبي  ولا أعلم  من اخذها . من أهم سمات شعره . شعبية الصورة  .لكنه احيانا يمزجها باسطورة قرأ عنها . قصيدته ليست طويلة تتسم بالنفس القصير ربما يعود هذا الى عدم الاستقرار النفسي في الوطن وكثرة مشاكل يواجهها شاعرنا في الحياة .فهي مشاهد  يخطفها من مشروع الحياة التي تسير امامه بسرعة وغير قادر على المساك بها .هي تعبير عن حالة القلق القابع في مكنون شخصيته ربما يعود هذا الى التعذيب القاسي الذي مر به في سجن الاحتلال الصهيوني. كان المحقق يعلقه من قدميه مدة طويلة دون قطرة ماء حتى يعترف على زملائه .لكن لغة قصائده لغة شعرية بمعنى الكلمة .يحاول تكثيف اللغة لانه سريع يحاول خطف المشهد وتوصيله الى المتلقي بصورة مكثفة ومختزلة وسريعة ..لا يحب الاطالة حتى في كلامه اليومي يختزل ويكثف . شاعرنا يحب القراءة في وقت فراغه وهو وقت قليل لانه يتعاطى الادوية من امراض تلازمه  في مرحلة السجن واستمرت معه حتى رحيله .ربما ضغط المحقق الصهيوني على العصب الحساس هو الذي خلف له عدة امراض جعلته يسرع بالرحيل مبكرا وهو في اول الخمسين من عمره . شاعرنا يمثل الحالة الفلسطينية لابن غزة. يقول في قصيدة رائعة له .اسمها .اخر الجنود الحمقى يقول فيها (كيف انتهينا من مضاجعة القذيفة ).. جملة شعرية بالف بيت شعري مما نقرأ الان ..يقول ايضا في نفس القصيدة... ( يا صغيري خذ من رغيفي ما يكفي لاطعام غرابك) ... عدم تفاؤل بالمستقبل لهذا الطفل الفلسطيني التي تصارعت حوله الفصائل تخطف لقمته دون رسم لخطوط مستقبل يحلم به مثل باقي اطفال العالم . يقول ايضا ( والقمح لم يزل في حواصل  الطاحون رطبا) يمنحك القليل من الامل بان الخير موجود في الانسان الفلسطيني .القمح رطبا لا زال فيه ماء ولما يطحن بعد . الاحتلال الصهيوني وحصاره الدائم حول غزة يتحمل كامل المسؤولية .لان شاعرنا كان  يشكو من قلة الدواء بفعل الحصار . ياسر حرب شاعر ينبغي التوقف عند أشعاره كثيرا .فيه النفس الدرويشي كغيره من شبان فلسطين والوطن العربي . يرحمك الله صديقي . 

لم اودع قمحك الرطب. لكني اعزي نفسي بهذه الكلمات عنك ..  كنت اود ان اسير  واحمل على كتفي جزءا من سيرك الاخير . يرحمك الله شاعرنا .الذي كان بنظري يمثل بساطة القابعين هنا في غزة تحت رحمة المددجين بالخطب البلاغية .وجيوبهم مدججة باموال الغلابة ..يرحمك الله صديقي . رحلت مقهورا مكمم الفم . رهاب الطغاة قاتل . قد نلتقي في جنة الخلد ونلقي شعرا امام المتنبي ودرويش .

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف