الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سد النهضة.. رؤية للمستقبل بقلم: محمد شريف كامل

تاريخ النشر : 2021-06-01
سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل

سلسلة من خمسة مقالات

6- المحور الخامس والأخير: رؤية للمستقبل

بقلم: محمد شريف كامل

اقتربت اللحظات الحاسمة من مشروع سد النهضة، وهي اللحظة التي ستؤثر على مصر إلى الأبد، حيث من المنتظر أن تبدأ المرحلة الثانية، أو (الأولى ب) وفق مخطط بناء السد، وهذه المرحلة من ملئ الخزان تبدأ مع قدوم موسم الفيضان والذي بلا شك سيؤثر تأثيرا كبيرا على مخزون السد العالي الذي مع انخفاضه قد تتوقف معه التوربينات ولو جزئيا، مما يؤثر على توليد الطاقة، والتي انخفضت من 18% إلى 4% فقط من احتياجات مصر من الطاقة، وبلا شك سيكون الـتأثير الأكبر على تدفق المياه التي تعتمد عليها مصر اعتمادا كليا.

وتتنادى الأصوات لإنقاذ مصر، ولا يملك اغلب تلك الأصوات رؤية حقيقية لما فيه مصلحة مصر، وتتبارى الأصوات في الطلب لإعلان الحرب وتدمير السد، وكأننا نتلهف للقيام بدور البلطجي، ودعاوي البعض بأنهم سوف يصطفون خلف النظام في حال إعلان الحرب، ولم يدرك أي من تلك الأصوات أن هذه العملية ليست إلا توريط مصر على عدة مستويات، أولها أن تقديم صورة مصر كبلطجي افريقيا يعيد صورة الاستعمار القديم ويضع مصر في مواجهة مع كل افريقيا، ويورث الشقاق بين الشعوب الافريقية والشقاق الأبدي بين شعبي مصر واثيوبيا.

لن أتحدث هنا عن الإمكانية العسكرية، ولن أدخل في سجال حول قدرات مصر العسكرية، ولكني اكتفي هنا بالتأكيد على أن أي ضرر بجسم السد سوف يغرق السودان في فيضان صناعي يدمر الأخضر واليابس.

ويخرج البعض من هذا الفخ ليقع في فخ أخر ألا وهو الحديث عن تخريب جسم السد لإيقافه وقتيا، أو جر اثيوبيا لحروب حدودية أو خلافات قبيلة وإقليمية، وكل هذه ليست إلا صورة أخرى من هزل ضرب السد ولن يعود على مصر إلا بالعداوة والكراهية حتى ولو تأخر المشروع، علما بأن الشركات القائمة لن توقفها أي من تلك الأعمال الصبيانية.

ويذهب البعض لأن انقلاب عسكري موالي لمصر قد يكون الحل الأوحد، ولو سلمنا بنجاح ذلك الانقلاب فـإنه أي حكومة مهما كانت ولاءاتها فليس لها أن توقف أعمال السد لأنها لا تستطيع أن تُقف أمام تقدم المشروع الذي أولا أصبح جزء من كيان وأحلام الشعب الاثيوبي، ثانيا أن هناك ارتباط تعاقدي قد يتطلب منها دفع غرامة تأخير للشركة المنفذة.    

وكل تلك الأحوال تُحول مصر إلى بلطجي، ويقضي على ما بقي من احترام مصر، التي كانت يوما معين لكل لأفريقيا في احتياجاتها وتحررها وتطورها وتصديها للبلطجة والاستعمار والانقلابات.

وقد أوصلتنا عشرات السنوات من سوء إدارة ملف العلاقة المصرية الأفريقية وسوء إدارة ملف السد عن قصد أم غير قصد إلى ما نحن فيه الأن، ولذا لا يمكن أن نعَول عليهم في حل الأزمة لأنهم هم من تسببوا فيها، فلا حل إلا على أيدي مؤمنة بالحق ومدافعة عنه وليست الأيدي التي أضاعت الاتفاقيات وفرطت في الحقوق.

ولا بد أن ندرك الفخ الأخر المنصوب لمصر وافريقيا وألا نقع فيه، وهو ما يبدوا من ظاهره المنفعة وباطنه ضرر بين، كنقل الملف للأمم المتحدة والذي الهدف منه تحويل ملف نهر النيل من ملف خاص بدول حوض النيل إلى ملف دولي وألا يصبح النهر ملك دول المنبع والمصب وحسب ويصبح مشاع لكل دول العالم ويصبح الجميع صاحب مصلحة في ذلك النهر، إن الأمم المتحدة يجب عدم الذهاب لها إلا بعد الاتفاق بين الدول على عقد سياسي واجتماعي جديد يودع لدى الأمم المتحدة كضامن لتنفيذه وليس كوسيط لإبرام الصفقة.   

وخطوات الحل، كأي مشكلة، تبدأ بإيقاف أسباب المشكلة، والخطوة الأولى تكون بألا نعَول على من تسبب في هذه الأزمة وأن نخرجهم من المعادلة لأنه لن يأتي من ورائهم إلا كل شر، ثم إلغاء اتفاقية المبادئ الموقعة في عام 2015 والعودة إلى ثوابت اتفاقية 1929 واتفاق التعاون مع أثيوبيا الموقع في عام 1993، وعلى جانب أخر فإن يجب التفاوض مع اثيوبيا للقبول بتوزيع ملئ الخزان على 5-7 سنوات بدلا من 3 سنوات، وأن تتكفل كل دول المصب بمساعدة اثيوبيا في تعويض الضرر المادي الناتج عن ذلك، وتلتزم أثيوبيا بتعويض الضرر الواقع على دول المصب.

ونرى أن يتزامن ذلك مع العودة لمبادرة عام 1999 التي ضمت كل دول حوض النيل التي وقُعت بهدف تدعيم التعاون بين هذه الدول عن طريق شراكة إقليمية من أجل تنمية وحسن استخدام وادارة مياه النيل والتي تبدأ بالإقرار بضرورة العمل من خلال مبدأ الانتفاع المنصف الذي يبنى على حق الشعوب في التنمية حيث يحق لجميع دول حوض النيل أن توفر احتياجاتها من المياه بغرض الاستخدام المباشر أو غير المباشر مثل توليد الطاقة والتخزين، مع الحفاظ على حقوق دول المصب.

ويكون من المناسب أن يشمل الحوار إنشاء صندوق تنمية مشترك تساهم فيم كل دول حوض النيل، وأن يضاف نهر الكونجو إلى الاتفاقية، وهنا يبدأ العمل الحقيقي من خلال تكتل دول حوض النيل ووضع دراسة مفصلة عن احتياجات كل منها من المياه والتنمية، وهو مبدأ يجب ألا يكون هناك خلاف حوله ولكن لا بد أن يتضمن محددات لا تخرج عن مبادئ وثوابت اتفاقية 1929.

قد يكون هذا الطرح مقبول، أو قد يراه البعض مثالي أو وهمي، ولكن كل الأضرار هي أهون وأقل ضررا من خسارة معركة العلاقات مع العمق القومي الطبيعي لمصر وللأمة العربية، ألا وهي القارة السمراء التي كانت يوما تنظر لمصر كملهم وكأب روحي للتحرر والتنمية قبل أن تتحول لألعوبة في أيدي قوى الاستعمار والاستغلال الجديدين.   

وعلى من يرى في هذا الطرح أنه وهمي أو مثالي وغير عملي، أن يتقدم بحلول عملية أخرى ولكن اياكم والحلول التي تعمق الخلاف والعداوة من حروب وانقلابات أو تدويل نهر النيل، وخروجه من حوض النيل التاريخي.

مع رجاء أن أكون قد وفقت في طرح الأمر من كل جوانبه التي أعتقد أنها لازمة للإلمام بالأمر، وطرح فكرة لمستقبل أفضل لنا وللقارة السمراء التي عانت ومازالت تعاني من الاستعمار وشركاءه المحللين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف