الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفيلم الفلسطيني "الهدية" بقلم د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2021-04-23
الفيلم الفلسطيني "الهدية"
 
بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

الفيلم الفلسطيني" الهدية" فيلم قصير، مدته أربع وعشرون دقيقة، من إخراج فرح النابلسي، المخرجة الفلسطينية البريطانية الجنسية. وسبق أن قدمت ثلاثة أفلام قصيرة عرضت فيها المعاناة التي يعايشها الشعب الفلسطيني، وهي: "كابوس في غزة"، "اليوم أخذوا ابني"، و"محيطات من الظلم".

أنتج فيلم "الهدية" عام 2019م، ووصل هذا العام إلى القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار، ضمن ترشيحات جوائز الأكاديمية البريطانية لعلوم السينما والتلفزيون (بافتا). وكان قد فاز بجوائز في عدة مهرجانات، منها: مهرجان كليرمون فيران للفيلم القصير، ومهرجان بروكلين للأفلام، والمهرجان الدولي للأفلام القصيرة في بالم سبرينغ، ومهرجان كليفلاند للأفلام الدولية.
 
ينهض الفيلم على قصة محكَمة من تأليف المخرجة نفسها بالتعاون مع الشاعرة هند شوفاني. وبطل الفيلم يوسف الذي يؤدي دوره الممثل صالح بكري، الذي ظهر في فيلم سابق يتناول القضية الفلسطينية وهو فيلم "الزمن الباقي" 2009م. في بداية الفيلم يظهر يوسف ملقى على فراش من الورق المقوّى (الكرتون) بالقرب من جدار الفصل العنصري الذي أقامته دولة الاحتلال عام 2002م؛ لإذلال الشعب الفلسطيني، وتمزيق الأرض الفلسطينية، ومصادرة بعضها. إنه ينتظر فتح المعبر كي يعود إلى بيته القريب. وعندما يفتح المعبر تظهر طوابير المنتظرين وهم محشورون في ممر ضيق، حتى إن بعض العمال كانوا يتسلقون الحديد الذي يحيط بالمعبر.

في الصباح يُظهر الفيلم يوسف، والشمس تشرق في غرفته عابس الوجه كعادته؛ فهو دائم العبوس لا يبدو مزاجه المفرح إلا عندما تدخل الغرفة ابنته ياسمين، الطفلة في المرحلة الابتدائية، وتؤدي دورها الطفلة مريم كنج. وفي حركة تنبئ بالخطوة اللاحقة تبدو ثلاجة البيت قديمة يصعب فتح بابها، ويقول الرجل إنه سيذهب إلى بلدة بيتونيا الواقعة في الضفة الغربية بين مدينتي: رام الله والقدس ليحضر ثلاجة هدية إلى زوجته نور التي تؤدي دورها الممثلة مريم كامل الباشا. يصطحب ابنته إلى البلدة ويقف بالحاجز نفسه، وعندما يسمح له بالخروج يذهب إلى محل لبيع الثلاجات، وتظهر الطفلة في المحل وهي تقف أمام عصفورين في قفص. إنّهما كحالتها في المعبر وهي تنظر من وراء القضبان إلى مجموعة من المستوطنين يمرون بمحاذاة المعبر بسيارتهم وهم يضحكون، ويتبادلون الحديث مع جنود الاحتلال. وبعد أن يأتي يوسف وهو يجر العربة التي عليها الثلاجة لا يسمح له بالمرور، فالمعبر للأفراد فقط. يطلب يوسف أن يمر بالعربة في الطريق الأخرى المخصصة للمستوطنين وعندما يرفضون ذلك يصيح بأنه يريد أن يذهب إلى بيته القريب بهدية زوجته، في عيد زواجهما، ويتساءل عن السبب في حرمانه من المرور. 

ونجد أن غضبته الرقيقة تحدث تغيرًا في أحد الجنود فيحتج على موقف رفاقه من منعه، وكأن الأمر محصور في جندي طيب وأخر سيئ، وليس في ممارسة احتلال وسياسة ظلم دائمة. وفي خضم هذا الاختلاف نرى الطفلة تجر العربة، وتقتحم الممر المخصص للمستوطنين، في رمز واضح إلى أن حل معاناة الفلسطينيين يكون بتحقيق المساواة بينهم وبين المستوطنين، وأن الجيل القادم هو القادر على تحقيق هذا الحل بذكاء وشجاعة، وهذا يتناقض مع رد فعل ياسمين أمام ممارسة الاحتلال وخوفها عندما بالت في ثيابها.
 
يلاحظ أن الجدار وما عليه من رسوم غرافيتية، والمعبر، والممر المحاذي له الذي يمر منه المستوطنون بحرية رموز مهمة للإذلال، والتمييز العنصري والإهانة التي تلحق بالإنسان الفلسطيني الذي يرمز إليه يوسف وابنته.

من الواضح أنّ هنالك ذكاء في حبكة الفيلم ودقة في رصد الأحداث الواقعية وترابطها، ووضوح رموزها في محاولة للتأثير في المشاهد الغربي. يظهر هذا في علامات البؤس التي ترتسم على البطل، وفي عنوان الفيلم The Present الذي يحمل في اللغة الإنجليزية معنيين: الهدية للدلالة على البؤرة المركزية لقصة الفيلم، وهي شراء الثلاجة هدية للزوجة، والحضور للدلالة على الحاضر الذي يعيشه الفلسطينيون في داخل الوطن المحتل.

لا شك أنّ المخرجة فرح نابلسي، بتقديم أحداث واقعية يومية من حياة الفلسطينيين، أظهرت الظلم، والإهانة، والتمييز العنصري الذي يلحق بهم، ونجحت في جذب التعاطف معهم والشفقة عليهم، والمطالبة بتسهيل حياتهم، والتعامل معهم بإنسانية، ولكنها لم تشر من قريب أو بعيد إلى حقوقهم المغتصبة التي هي سبب معاناتهم. لعل هذا يفسر تقبل الأوساط الغربية للفيلم، وحصوله على جوائز عديدة، وعدم انزعاج السلطات الإسرائيلية منه، أو ظهور أية احتجاجات ضده من الدوائر الصهيونية الأخرى.
 
نحن نرى، بخلاف ما يراه الفيلم، بأن الأجيال القادمة من الأطفال الفلسطينيين لن يجروا عربة المطالبة بالتساوي في المعاملة بينهم وبين محتل أرضهم؛ فالقضية ليست قضية إنسانية تنحصر في عدم العدالة والمساواة بين ناس يعيشون في مجتمع واحد، إنها قضية حقوق في الأساس، وأن عودة الحقوق إلى أهلها تتلخص في التخلص من المحتل؛ كي يتحقق للفلسطينيين أن يعيشوا بحرية وكرامة على أرضهم. أرى أن الأطفال الفلسطينيين في المستقبل سيجرون عربة الأمل في تحرير وطنهم من الاحتلال.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف