الأسرى والمسرى خط أحمر
بقلم: محمد الاطرش
منذ أن بدات حملة الانتخابات التشريعية وفتح باب الترشح للقوائم والاحزاب والمستقلين حتى ارتفعت وتيرة السجال والصدام ببن فتح وحماس تارة وبين اليسار واليسار تارة اخرى وبين الجمهور بكل تركيبته السياسية والحزبية والمجتمعية، كل هذا ليس غريبا بل كان متوقعا وعاديا وانما المستغرب والمستهجن ما لفت انتباهي مسألتين خطيرتين..
الاولى تتعلق بالقدس ومكانتها السياسية ومحلها من الإعراب في الانتخابات القادمة، والثانية قضية الأسرى ومهاجمة رموز الأسرى من قبل البعض..
وللتوضيح اكثر فإن صمت غالبية القوائم عن تقديم موضوع القدس كثابت مقدس قبل موعد الانتخابات غير المقدس يجعلنا نجزم بشكل قطعي مدى الانتهازية والانانية التي عشعشت في عقول الكثيرين من السواد الاعظم..
هذه الحالة المزاجية السلبية سيكون لها انعكاسا كبيرا على مدى تعامل الجمهور اولا مع حركات حملت اسم القدس في قوائمها وقبلت بانتخابات بوصلتها تاهت عن القدس وحركات عقائدية طالما رفضت التكتيك السياسي على حساب المبدأ والاستراتيجية، وقوائم خلفيتها الحزبية والفكرية لا تقبل بمعادلة تستثني القدس وتستثني اي ثابت من ثوابت القضية .. نعم سوف يحصد كل زارع ما زرع خيرا كان او شرا..
والمسألة الاخرى رمزية الأسرى وطهر قضيتهم وصمودهم وعندما يتعلق الامر بقادة تاريخيين وميدانيين مضت سنوات طوال على أسرهم وهم صامدين صابرين يحلمون بفجر حرية قريب، وكان من أدوات فعلهم المشاركة في الحياة السياسية التي لم تغب عن اجنداتهم يوما وظلوا اكثر الناس حرصا واهتماما ..
من العار ان نرى اصواتا نشاز وأقلاما تحولت لخناجر مسمومة وهي ترى انها ملائكة وكل ما عداها شياطين وتناست ان من وصفتهم بالخونة والمرتدين هم الذين حموا ظهورهم في انتفاضة الأقصى وهم من كانوا في الخنادق لا في الفنادق ..
وعندما ارى حفنة من المراهقين تهاجم الاخ القائد مروان البرغوثي وتنعته بأسوأ ما طالته مسلكياتهم المنحرفة اقسم ان النفاق قد بان وضوحا وبالمقابل عندما خرج محمد دحلان من رام الله وذهب الى الامارات لم نسمعهم يصرحون او يجرأون على انتقاده كما يفعلون الان..
الغريب المستغرب بعد تناقض العقائديين مع قضية القدس وأهلها واصرارهم على خوض الانتخابات بدون القدس يوازيها الهبوط الحاد في منسوب الانتماء الوطني والتحرري لدى بعض المتأطرين ممن ساقتهم الظروف لمواقع متقدمة ليركبوا الموجة ويصدروا تصريحاتهم النارية بحق مروان وكل من اختلف معهم داخليا ..
نسوا ان مروان اليوم انهى عشرين عاما في زنازين الاحتلال وكان بإمكانه ان يظل في الفنادق التي لم ينزل منها بعض الجهابذة في انتفاضة الأقصى وها هم صاروا قادة وقدوات ولم بتخيلوا قدوة آخر فهو ايضا لم يسلم من نار غضبهم .. وصكوك الوطنية والخيانة التي صارت توزع بالظرف المختوم على الناس ..
لتذهب كل الانتخابات الى الجحيم وليبقى شعبنا حرا كريما ولتبقى القدس ثابتا لا يقبل المساومة وخطا احمر لا يجرؤ احد على تجاوزه، ويبقى الأسرى اطهارا كالمسرى لا تمسسهم اساءات المراهقين ولا تطولهم عبارات العابرين التائهين..