الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ماخلف السرد في تكوين الخطاب الأدبي لرواية يد القمر...حين يحلو لهم الخوف

تاريخ النشر : 2021-03-15
ماخلف السرد في الخطاب الأدبي لرواية " يد القمر...حين يحلو لهم الخوف" للكاتب محمد رشيد شمسي

بقلم: خليل مزهر الغالبي

السرد الغرائبي يمكن ان يقع ضمن حيز المحاولات التجريبية لتوجه نهج تحديث كتابة الرواية، ومن تضمينها الفني الذاهب لإشباع تصوراتها بالكثير من التلغيز والترميز والتغريب والايحاء  المصاحب للحدث والحوار بمثولها السيسيولوجي الشارح والعابر لمابعد النص.

ولم تظهر هذه التوليدات وترتبط بمتلازمة السرد بل تناقلت عنه وتقاربت هنا مرة وهناك حسب القصد الفني الخارج عن مكنون الكاتب و دلالته وعبروها المتعلق للذوات الاخرى المتهيئة هي الاخرى لذلك العبور لتلاقح ينضح تفاصيل المحكي الروائي وبشتى الامكان لإدراك الايصال بمعناه – الاخر المتلقي- لتقع ضمن التوجهات  التجريبية المحثة  لتقبل لا طبيعية النص وغرابته. وكما في معتمد التوجهات الكتابة الروائية في الفترة الاخيرة لاسلوب الغربائية والعجائبية حيث بدئت في نهجها عند العقدين الاخيرين من القرن الماضي ،وبما يفتح لراوي السرد نافذة لأوكسجين العلاقة البينية  للكتاب والنص والقاريء على اعتبار واحد، هذه الانفتاح طارد لدخان التأزم الوجودي وحصاره لما يناسب المثول السردي المعاصر في الحياة المليئة من غريب الإستلاب وعجائبه المجانب للجوج تسائل الانسان ازاء محنته.

 وأضحى هذا الاسلوب اليوم على مستوى السرد والحياة المعيشة طيفاً من ألوان عالمنا المألوف المشحون بالتوتر والمفارقات ” حيث يصير الإنسان في ظل قلق العصر وشروخ الوجود المعاصر كما اوضحها "تودوروف" في كتابه (مدخل إلى الأدب العجائبي).

لذا حرص السرد الفني الحديث هذا على تأثيث المتن الحكائي  للرواية المعاصرة بكل مجالات العجائبي والغرائبي ليجعلانه أكثر وسع لقبولية القراءة و من قابلية التأويل والنقد واستاناس القراءة.

وتبقى الكتابة الحقيقة والافتراضية التخييلية تقوم على فكرة التداخل النصي التي يعمد السارد الى كسر الخطية التتابعية لتنامي الحكي في البنية السردية .

 ومنه يمكن ان نرى اعتماد الكاتب الروائي " محمد رشيد شمسي" في سرد وبناء روايته الاخيرة ( يد قمر...حين يحلو لهم الخوف) ميله لذلك التوجه الجديد في سرد حكايته بكسر الأسلوب المعتمد العابر للتراتب والتوالي في متن الرواية،و بمروره الكثير على مفاصل البناءات من وقائع وسلوكيات واسماء شخوص واماكن، وبما يلفت انتباه القاريء وعدم تركه للوقوع بالروتين في استقباله وتقبله لمكتوب الرواية. فمن اسم الرواية واسم بطل الرواية "قمر يد" و تغيره الى "قمر يد" وما دالة تغير الاسم هذا التي مثلت تتويجا لدالة تطلعات وتوجهات "يد القمر" الذي يحلم ان يحقق الحياة الأمنة ويعيشها في مجتمعه و التي تكشف عن جوهر ميتاسردي يكون فيه فعل الكتابة والسرد قصديا وواعــيا ومتقـــلبا حسب لعبة المؤلف البنائية في التجريب الكتابي للروائية،وكما في مدلولية اقوام سلالة اصحاب"اليد الثقيلة" و منها اضطرارهم  للسير على اطرافهم الاربع جراء هذا الثقل الذي ينوء بهم للانحناء والتي صنع منها الكاتب دلالة فنية لتنضيج و ومسك قبول المتلقي.

وقد اعتمد الكاتب "محمد رشيد" تعدد اصوات الروي  وفق مفهوم – الرواية البوليفونية -وهي بمثل اختفاء الراوي وراء شخوص الروي الحكائي المتعددة والمتبدلة الادوار في السرد والتي اشار لها  اللغوي الروسي "باختين" - الرواية المتعددة الأصوات أو الرواية البوليفونية (هي سمة من سمات السرد القصصي ونوع أدبي للرواية الحديثة الذي يفسر الواقع من عدة وجهات نظر متراكبة في آن واحد، ولا تعتمد فحسب على وجهة نظر وحيدة. ويصبح الواقع بداخلها أمرًا معقدًا للغاية...

كما تطرق الدكتور نجم عبد الله كاظم، في كتابه (الرواية في العراق 1965 ـ 1980) الى بعض الروايات متعددة الأصوات،مثل روايات (خمسة أصوات) لغائب طعمة فرمان، و (المبعدون) لهشام توفيق الركابي، و(السفينة) و(البحث عن وليد مسعود) لجبرا ابراهيم جبرا...ملتفتا الى خصوصية بناء الشخصيات فيها، وتقديم وجهات نظر مختلفة للأحداث نفسها.

وحرص الخطاب الأدبي للرواية هذهِ على دعوة الأنسان المواطن لطرد الخوف والتوجس والخشية بوقفته لتفكيك القيود المانعة لحريته لنيل حقوقه الحياتية،حيث شديد اجرائات السلطة المشكلة من افراد سلالة (اليد الثقيلة) ،وقد تجلى ذلك الرفض لشخص "يد القمر" لكل عوامل الاستلاب الحياتية للانسان. وهي رحلة كشف عن الخراب والجحيم، عبر الزمن السياسي، وعبر الزمن النفسي المتأتي من اضحوية الرعب والتعذيب لنظام استبداد حكم القبيلة  او السلالة المتمثل في سلالة اقوام الايادي الثقيلة.

فمن خوف الام (أم يد القمر) ومن مقتل زوجها الذي تمرد على العرف المانع له بالزواج من عامة الناس وهو من طبقة الملوك الذي رمزهم الكاتب باصحاب -اليد الثقيلة-  وما تبعه بعد ذلك من اخفاء الام لولدها بمثل حجر اجباري له بعد مقتل أبيه  والذي استمر لعشرين عاما خوفا من بطش الملك وجماعته. لكون الولد ورث الأذرع الثقيلة من أبيه كما ورث منه روح الثورة وعدم السكوت عن المطالبة بحقوقه, هذه التحولات التي جاءت متناسقة مع الجدل المتشظي بين – يد القمر -ووالدته والذي حمل بين أبجدياته نزعات متباينة فرضتها واقعية الاحداث في عقل الولد المؤدلج لحمل فكرة الثورة التي تحولت الى خوف كبير للأم من المجهول الذي ينتظر ولدها الوحيد وبما يحمله الملك وحاشيته من ارهاب لازم  تلك الام من أن يتحول ولدها الى ضحية مثل والده.

لقد صير لنا الكاتب "يد القمر " شخصية طازجة لتفهم وتفعل الكثير.وحتى انكساره العدمي الترميزي الدال من ذهابه للعيش مع الحيوانات في الغابة وما جانبه من مواقفه للحيوانات وسلوكيتها وتعاملها الشفاف معه، لتشكيل فهم و موقف وجودي يعكس الإنعطاف الانطولوجي لسردية الرواية التي سطعت بهذا الافراز الافتراضي  للكاتب – محمد رشيد الشمسي- وبما يعلل للكثير من صناعاته الغرائبية في المحكي وسلوك الشخوص.

واتضح هنا حرص الكاتب على تشكيل الخطاب الادبي للرواية بنقد الموقف والسلوك المتخاذل لدى عامة الناس كما في تذيلهم وتبعيتهم كرجال امن يخدم سلطة العائلة الحاكمة والذي يوحي على واقع العراق المكتض بهذه الرموز السارقة والقاتلة للمواطن في دعوته و مطلبيته لنيل حقوقه الحياتية.

وتبقى هناك بعض المثولات في  محكي السرد يراد الأكثر تنضيج لما يلائم دقة حساسية غرائبية هذه المثولات النشطة في  سردها و من صناعتها وجلبها لمتن الرواية، كما في سجن الاغتصاب العام اضافة للملائمة الفنية والقبول لترميز – اليد الثقيلة – وسير اصحابها على اطرافهم الاربعة ، لتكوين الوقع الأكثر تأثر لدى المتلقي ، ذلك القاريء المشدود حقاً مع صناعات مخيال الكاتب محمد"الشمسي" ومثولها المشوق ومن استأنساس وقبول القاري في البحث عن ميتاسردية الرواية لتوجهات حرص الكاتب على الاعتناء في تنوعها وتزويق سردنة المحكي ومن توحش هذه الحياة لتحفيز الخلاص من استلابات الحياة لأخرى مختلفة بدرجة عالية، كما رمز لها في عيش بطل الرواية "يد القمر" مع الحيوانات في الغابة وانبلاج لبعض حالات الشفافية والجمال في السلوك الحيواني ليشكل تغريب عجائبي انتج خطاب ادبي واضح ازاء المخلوقات البشرية المتخاذلة المنقلبة ضد قيمها الانسانية في مطالبها بالحرية وعدالة العيش البعيد عن الخوف والجوع والتهديدات الاخرى السالبة لاحلامة بجمالية وجوده.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف