الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في الذكرى السادسة لرحيله.. إبراهيم عطية حماد: كاتباً وثائراً ومربياً

تاريخ النشر : 2021-03-02
في الذكرى السادسة لرحيله.. إبراهيم عطية حماد: كاتباً وثائراً ومربياً

إبراهيم عطية حماد

في الذكرى السادسة لرحيله.. إبراهيم عطية حماد: كاتباً وثائراً ومربياً

بقلم: عبد القادر حماد

 بالرغم من أن الموت حقيقة ثابتة لدى جميع البشر على مختلف أجناسهم ومعتقداتهم، الا أن الواحد منا قد يمضي في حالة من الذهول والتخبط مع فقدان عزيز عليه وفراقه، فكيف إذا كان الراحل أحد الوالدين. ولذلك فإن أصعب أنواع الرحيل هو رحيل الأب أو الأم، ولعل من أكثر لحظات الفراق ألماً وأشدها وجعاً  لحظة فراقهم. فالموت كما قيل: "هو الوجعُ الذي لا يُبكي صاحبه ويُبكينا. وكلما تذكرنا الوالدين ازددنا بُكاءً على فراقهم وألما لرحيلهم".

الوالد إبراهيم عطية حماد الذي تحل ذكراه السادسة الان لم يكن والداً فقط، بل كان أخاً وصديقاً، ومربياً، وكاتباً، ورفيقاً، عرفته مناضلاً وثائراً وأسيراً من سنوات الطفولة الأولى عندما لم أتجاوز آنذاك الخامسة من العمر، عندما داهم جنود الاحتلال في ساعات ما بعد منتصف الليل منزلنا المتواضع في قلب مخيم جباليا بينما كان الوالد رحمه الله يقراً كعادته في كتاب: "في ظلال القرآن" لسيد قطب، واحتجزونا جميعاً في أحد غرف المنزل، بينما كانوا يعذبون والدي أثناء التحقيق معه في غرفة مجاورة قبل أن يتم إقتياده في سيارة عسكرية كنا نطلق عليها اسم: "البور" ولكن ليس قبل أن يضعوا كيساً أسود في رأسه ويقيدوا يديه بسلاسل حديدية.

ونشأت وترعرعت وأنا أتنقل مع والدتي وأشقائي طيلة فترة إعتقال والدي لزيارته في سجن غزة المركزي وسجن كفار يونا وغيرهما من المعتقلات الصهيونية، حيث كنا نخرج في ساعات الفجر الأولى لزيارته والإطمئنان عليه في السجن.

ولا أنس ما حيت عندما زرنا الوالد -رحمه الله- في أحد السجون وكان يفصل بيننا وبين الوالد أثناء الزيارة قضباناً حديدية عندما إرتفع صوتي بالبكاء وأنا أردد: "بدي أبويا"، ويبدو أن الجندي الإسرائيلي تأثر ببكائي، فما كان منه الا أن إقتادني الى حيث والدي، وسمح لي بمعانقته لبرهة قصيرة قبل أن يعيدني مرة أخرى الى والدتي.

وأذكر فيما أذكر عندما كنا بزيارة الوالد -رحمه الله- في فترة اعتقاله، عندما شاهدت والدي وقد إقتلعت أظافر يديه بالكامل، فسألته أين أظافرك ومن فعل بك هكذا؟ فرد قائلاً: كله بأمر الله يا بني.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يعتقل فيها والدي في سجون الاحتلال، فقد سبق واعتقل في نهاية الستينات من القرن الماضي. وكما حدثنا المرحوم ناهض الريس صديق الوالد بأن والدي إعتقل في خمسينات القرن الماضي مع والده الى جانب العديد من الشخصيات الوطنية مثل فيصل الحوراني وجمال الصوراني وغيرهم. كما سبق واعتقل كذلك في أربعينات القرن الماضي بسبب رفضه للإنتداب البريطاني ومقارعته للعصابات الصهيونية.

ولم يكتف الوالد بمقارعة الاحتلال الذي دفع من أجله سنوات طويلة من عمره، بل كان أحد القيادات الشابة التي قادت المظاهرات في قطاع غزة رفضاً لمشروع التوطين في خمسينات القرن الماضي، وكان مرشحاً للجان المحلية للاتحاد القومي العربي الفلسطيني الى جانب شخصيات وطنية من مختلف أنحاء قطاع غزة وذلك بناء على قرار الحاكم الإداري المصري رقم (1) لسنة 1961.

وكان لانتماء والدي لفترة من الزمن للحزب الشيوعي الفلسطيني أثراً كبيراً على علاقاته مع العديد من الشخصيات الوطنية وفي مقدمتهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، والدكتور حيدر عبد الشافي وفيصل الحسيني وأبو جهاد وعمر عوض الله ورشاد الشوا وغيرهم من قادة العمل الوطني.

وقد أثرت نشأة والدي في قرية نعليا قضاء عسقلان شمال قطاع غزة ثم إجبارهم قسراً على الهجرة من القرية من قبل العصابات الصهيونية على تفكير والدي ونهجه في الحياة، سيما وأنه كان شديد التعلق بالقرية، كثير الحديث عن موطن الصبا وأرض الأجداد، ولذلك كان يردد أنه لا سبيل لتحرير فلسطين الا بخلق جيل واعي متعلم، وبدأ بنفسه حيث كان شديد الحرص على إكمال تعليمه الجامعي من الجامعات المصرية، كما انعكس ذلك على أفراد أسرته حيث حاز معظم أبناءه والعديد من أحفاده درجتي الدكتوراه والماجستير في العلوم المختلفة. كما كان لذلك انعكاساً على سلوكه مع أبناءه الطلبة في المدارس طيلة سنوات عمله في سلك التعليم التي قاربت على أربعين عاماً، حيث كان يمارس الشدة واللين لإجبار الطلاب على التعلم، إيماناً منه بأن التعليم هو الطريق الكفيل بزوال الإحتلال.

 ولا شك أن انحدار المرحوم بأذن الله من عائلة مناضلة هاجرت من قرية نعليا في فلسطين المحتلة العام 1948، ومعاناتها من مرارة التشرد والتهجير، وانخراط الكثير من أبنائها في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، للذوذ عن فلسطين كان له الأثر الكبير على شخصيته ككاتب حيث سخر قلمه للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فنشر مئات المقالات في كبرى الصحف الفلسطينية والعربية والدولية، كما نشر العديد من الكتب التي تركز على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة غير القابلة للتصرف، مما عرضه لمضايقات سلطات الاحتلال التي فرضت عليه الإقامة الجبرية لسنوات طويلة مما حال بينه وبين إكمال دراسة الماجستير في التاريخ.

لقد كان الوالد رحمه الله من أوائل المعلمين الذين التحقوا بسلك التعليم في وكالة الغوث وذلك بعد عمله لفترة في دائرة الإسكان في وكالة الغوث حيث عرف عنه تفانيه في مساعدة أبناء شعبه، كما كان يتمتع بقدرة كبيرة على قراءة ما يعتمر على الوجوه، ولعل انخراطه في العمل الوطني منذ سن مبكرة أكسبه قدرة كبيرة على كيفية التعامل مع الآخرين.

رحم الله الوالد الذي عاش ومات من أجل أسرته الصغيرة وشعبه الفلسطيني وأمته العربية، فلقد عاش فلاحاً وطالباً وثائراً ومربياً وأبا فاضلاً، لروحه الرحمة والسلام.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف