الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مقدمة كتاب - السر الأعظم أو سر الأسرار

تاريخ النشر : 2020-12-29
مقدمة كتاب - السر الأعظم أو سر الأسرار

صورة الكاتب

بسم الله الرحمن الرحيم، العظيم القدير، السميع المُجيب، القوي العزيز، الخبير العليم.

بسم الله الخالق الكريم الذي خلق الخلق أجمعين.

بسم الله الملك القدوس الذي يملك كل شيء وكل النفوس.

باسمك اللهم نبدأ، وبعزتك وجلالك نباشر، وبمشيئتك وحدك نواصل، وبإرادتك نحكم.

إلهي أنت خالقي ومبدعي، وأنت ملجئي ومستودعي.

إنك أنت القدير الذي لا إله إلا هو، وإني انا عبدك الفقير الذي ليس له ملاذ إلا أنت.

أحمدك ربي على أفضالك ونعمك، وأعوذ بك إلهي من غضبك وسخطك.

إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وكن معي يا خالقي في كل حين، وكن نصيراً لي يا مولاي في يوم الدين، ولا تُميتني يا خالقي إلا على دينك، دين الإسلام العظيم، الذي بهِ نحيا وعليه نموت وفيه نلقاك يوم الدين.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فرسولنا الكريم هو النبي العظيم، وهو الرسول الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين.

فهو الرسول الذي خلت من قبلهِ الرَّسلُ، والنبي الذي انصاعت لأمرهِ وحكمتهِ وتعاليمه الأمم.

حكمتك يا رسول الإسلام فاقت الحُكما، وعلمك يا نبي الإسلام ساد على كل العلوم، شريعتهُ صلى الله عليهِ وسلم ألزمت الشعوب، وأخلاقهُ عليه الصلاة والسلام أسرت القلوب.

ألف الصلاة والسلام عليك يا سيدي وسيد المرسلين يا محمد يا ابن عبد الله، وعلى آلِك وصحبك أجمعين، وعلى من اتَّبع سُنتك واهتدى بهديك إلى يوم الدين.

*أما بعد:*

مما لا شك فيه أنَّ زماننا الحاضر إنما هو زمان كشف الأسرار والخفايا، سواء كانت العلمية منها أم الروحية.

فالبشر في هذا الزمان اعتادوا عند كل صباح يبدؤون يومهُم فيه على قبول كل ما هو جديد ومفاجئ بل وغير متوقع بالمحيط الذي يعيشونه.

هذا الجديد أو المفاجئ قد يشمل كل ناحية من نواحي الحياة عند البشر، فمن ناحية المأكل على سبيل المثال نجد ظهور أنواع طعام جديدة وغريبة بل وغير تقليدية والتي لم يعتد عليها الناس ولم يتخيلوا وجودها يوماً ما، لتصبح بعد ذلك أساسية في حياتهِم مثل شرائح البطاطا المقلية وأنواع السكاكر وغيرها كثير، كذلك نجد الجديد في المشرب كأنواع المشروبات الغازية ذات النكهات المميزة والفريدة، أيضاً في الملبس كالملابس المصنعة من الخيوط الصناعية والتي لم يُشاهدها أحد من قبل أو يعلم بوجودها قديماً، أضف إلى ذلك وسائل النقل الحديثة والتي لم يعهدها أحد من قبل كالطائرات وغيرها، ناهيك عن محيط العمل الجديد والمليء بالبرامج أو الأجهزة الذكية وأجهزة الاتصالات الحديثة مثل الجوالات وغيرها.

كذلك نجد التغير والجديد في طرق العلاج بالأجهزة وفي البيع والشراء بالوسائل الإلكترونية، وغيرها من أمور الحياة التي لم يعهدها الإنسان في حياتهِ القديمة، لذلك وجد نفسهُ مضطراً الآن إلى أن يتعامل مع كل ما هو جديد وغير متوقع من دون أن يكون لهُ خيار في ذلك.

فأمر التغيير والتجديد المستمر في حياة الإنسان يقودهُ في النهاية إلى التفكير بالسر وراء هذا الأمر في حياته، فالإنسان لم يعتد على تبديل عاداتهِ وطبائعهِ بهذا الشكل المستمر والمفاجئ وبهذهِ الوتيرة المتسارعة طوال تواجده على الأرض.

وبمراجعة تاريخية سريعة عن طبيعة حياة الإنسان السابقة على الأرض، نلاحظ نُدرة التغير في حياة الناس على مر العصور، بل ومن النادر جداً أن يقوموا بتغيير ما ألفوه من ممارسات حياتية كأنواع الطعام أو الشراب وطرق العيش والتعامل مع الآخرين، وإن حدث ذلك فيكون بين فترات زمنية متباعدة، وهذا منطقي وليس غريباً كون الأمر متوقف على طبيعة التقنيات المستخدمة في حياة الإنسان والتي لم تتغير على مدى فترات طويلة من الزمن ولكنها تغيرت الآن، نعطي مثالاً على ذلك نوعية الطعام والشراب عند الناس والتي تغيرت عندما توفرت وسائل التخزين الخاصة بحفض المواد الغذائية ولفترات طويلة، كذلك نقيس باقي الأمور.

لا ننسى أيضاً التغير الذي طرأ على أساليب زراعة المحاصيل الزراعية كحراثة الأرض وتجريف التربة بالجرافات التي تقودها المكائن بدلاً من تلك التي كانت تقودها البغال والأبقار أو الأحصنة والتي تُعد من الوسائل البدائية على الرغم من استمرارها مع الإنسان لفترات طويلة جداً تُعد بآلاف السنين، ولم يحدث أن
تغيرت إلا في المئة سنة السابقة زادت أم نقصت من حياة الإنسان، بل ما زال هُناك ممن يستخدموها في وقتنا الحاضر وإلى الآن.

ما سبق طرحهُ يمكن قياسه على جميع جوانب حياة الإنسان المعاصر.

إذاً هذا هو الواقع الجديد الذي يعيشه الإنسان الآن وفي كل مكان على الأرض، والذي يتميز بكونهِ متغير باستمرار وبعيد عن الاستقرار.

إنَّ مسألة عدم الاستقرار هذهِ مخالفة لطبيعة البشر ولم يقبل بهِ الإنسان يوماً فنجدهُ يعمل جاهداً على مقاومتها عن طريق التفكير والبحث كذلك السعي وراء إيجاد معنى أو هدف حقيقي يستطيع أن يبرر هذا التغيير المُستمر في حياته أو عن إيجاد سُبل لإيقافه إن أمكن، وهذا لن يكون ممكناً إلا من خلال إحاطتهِ وفهمهِ لطبيعة المتغيرات تلك، وإن تمكن من ذلك فعليه تحديد حدود وضوابط لتلك المتغيرات والتي يصعب الاعتياد عليها أو التعايش معها كونها مخالفة لطبيعة البشر تلك الطبيعة التي تحرص على الاستقرار.

فالإنسان في طبيعته مخلوق مستقر كسائر المخلوقات المحيطة بهِ، ولم يكن يوماً مخلوقاً ذو طبيعة متقلبة باستمرار كما هي حالهُ الآن، فالاستقرار هو طبيعة وجودية كونية وهو أساس وجود المخلوقات واستمرارها في الكون، ولا وجود لمخلوقات مع عدم الاستقرار لكونها معرضة للزوال والانقراض كالعديد من الكواكب أو الجبال التي زالت بفعل حدوث تغيير فيها وكذلك الدينوصورات التي انقرضت لفقدانها عوامل الاستقرار.

فإذا حدث وأن غير الإنسان طبيعتهِ من الاستقرار إلى عدم الاستقرار، يكون بذلك قد حكم على نفسهِ بالفناء لا محالة، وهو الأمر الذي ظهرت بوادره للعيان الآن.

كيف لا ونحن نجد الآن وفي وقتنا الحالي بالذات أنَّ المجتمعات البشرية التي سبقت غيرها فيما يسمى بالحداثة، تتجه نحو فقدان العزيمة في البقاء وعدم الإصرار على الاستمرار في الحياة، فهي تارة تحُارب الإنجاب بحجة التقليل من أعداد البشر كدليل على فشلها في مواجهة تحديات الحياة، وتارة أخرى تستحدث وتطور أسلحة الدمار الشامل وهذا يدل على عدم اكتراثها بمستقبل ومصير البشرية أي وجودها هي، بل إننا لنجد أنَّ أغلبية تلك المجتمعات لم يعد لها مُستقبل بسبب الإحباط في نفوسها والتناقص المستمر في أعدادها كنتيجة لابتعادها عن مقومات وأسس الاستقرار الإجتماعي كالعائلة والدين والأخلاق وغيرها من عوامل الاستقرار والثبات في حياة البشر.

لكن وبسبب نزعة البقاء التي أوجدها الخالق سُبحانهُ لتكون في طبيعة وكيان كل المخلوقات ومن ضمنهم البشر، بدأ الإنسان المُعاصر يبحث عن مخرج حقيقي ونهائي كي يبعدهُ كلياً عن ذلك المصير المشؤوم المتمثل في الفناء والانقراض، هذا الإصرار على البحث قاد الإنسان إلى الإدراك واليقين بوجود سر عظيم وراء هذهِ المتغيرات المستمرة والا إرادية في حياتهِ كأنها نذير للبشر بضرورة البحث عن سر الوجود أي السر الأعظم.

إذاً في السر العظيم وهو ما يُطلق عليه السر الأعظم أو سر الأسرار بالنسبة للإنسان يكون الحل الوحيد وطوق النجاة الأكيد للخلاص النهائي من المصير المشؤوم الذي يتنظر الإنسان إذا استمر على هذهِ الحال والمتمثل في توجهه نحو الفناء والانقراض كجنس بشري، وإن كان هُناك العديد من البشر الذين لا يزالون
يشككون بهذا السر فنجدهُم يلعبون ويحلمون في حل غير هذا ولا يقرون بوجود الخلاص في السر الأعظم ليبقوا على الأمور معلقة هكذا دون حل.

إنَّ كل إنسان يعلم يقيناً بوجود السر الأعظم في عقلهِ الباطن، وهو السبب الذي يبقيهِ على قيد الحياة، فبوجود السر الأعظم يوجد الأمل في حياة أفضل، وهذا ما يُدركهُ ويحتبسهُ كل إنسان في روحهِ أو في عقلهِ الباطِن، كيف لا والسرٌ الأعظم أو سر الأسرار مفتاح الغموض في عدم استقرار الإنسان، فكل إنسان مقتنع
في داخلهِ انَّ حياتهُ الحقيقية والتي يحلم بها ويسعى إليها على الدوام إنما هي بعيدة كل البعد عن التعقيد الذي يعيشهُ الآن.

هذا الأمر واضح وجلي عندما يُنظر الإنسان إلى ما حوله من مخلوقات مُحيطة بهِ سواء كانت جماد أو حيوان أو نبات فلا يجدها تتغير، بل هي مستقرة ومطمئنة في حياتها وليست كالإنسان في تغيير مستمر.

فلابُدَّ لهذا الأمر أن يُنشِئ ويُحدث في داخل الإنسان صراع نفسي وشعور بعدم الرضى من حياتهِ وإنجازاتهِ ليتبعهُ غضب وغيرة شديدة ثُم حسد كبير اتجاه المخلوقات المحيطة بهِ ليبدأ في تدمير نفسهِ عن طريق تدمير محيطه وبيئتهِ، وهذا يولد عندهُ حيرة وتخبط وألم نفسي ومعنوي لا مثيل له عندما يجد نفسهِ يتخلف بعدم الاستقرار في حياتهِ مقارنة بجميع المخلوقات المحيطة به فيلجأ إلى تدمير ذاته، وهذا الأمر لم يستطيع أحد من شعوب الأرض قاطبة أن يواجههُ أو يفر من هذا الحدث الجلل وإلى الآن سوى القليل ممن رحم ربي.

هذا التخبط والشعور بالحيرة والألم المستمر والمتواصل في وجدان كل إنسان، إنما جاء من كونه يعلم جيداً ولم يشك يوماً بأنَّهُ في حقيقتهِ مخلوق متميِّز ذو قدرات عقلية وفكرية وجسدية تفوق بمراحل كبيرة كل ما حوله من مخلوقات وبدون استثناء، وبالرغم من ذلك يجد نفسهُ عاجزاً عن الوصول بعقلهِ وإمكانياته الفريدة والمتميزة إلى حالة الاستقرار الاجتماعي والفكري أو الاقتصادي لتكون على أقل تقدير كتلك المتواجدة عند المخلوقات المحيطة به والتي استمرت معها طوال فترة تواجدها على الأرض وإلى الآن!

فكل إنسان يُلاحظ جيداً أنَّ جميع المخلوقات المحيطة بهِ لم يحدث وأن غيرت أي من عاداتها على مر السنين الطوال وهي مستقرة وسعيدة ومطمئنَّة في حياتها، نذكر من تلك العادات على سبيل المثال لا الحصر الاجتماعية كطرق التزاوج والإنجاب فعاداتها بذلك لم تتغير، والاقتصادية كتوفير المأوى والمسكن وهو لم يتغير
كذلك، والمعيشية كتدبير الغذاء لجميع أفراد العائلة والتي لم تتغير أبداً.

بالمقابل نجد أنَّ الإنسان المعاصر قد تميزت عاداته وسلوكه وطبائعهُ بكونها متقلبة ومتغيرة من مكان إلى آخر ومن زمان إلى زمن آخر، وأنهُ قد غلبت على حياته الاجتماعية صفة انفصال الأزواج ونتيجتهُ تشتت الأطفال وهذا لا يدل على اٍستقرار، كذلك صفة عدم القبول بالآخر كشريك حياة فكانت الحروب والدمار وهذا لا يُشير إلى اطمئنان، إضافة إلى عدم التفاهم والاتفاق فيما يخص طرق العيش في المجتمع الواحد فكانت الجريمة والقتل وهذا لا يُظهر ذكاء وتميُز، وغيرها من أمور تسبب ضياع الهوية وتقود إلى تدمير حياة الإنسان على الأرض.

فكانت المحصلة عند البشر وبعد آلاف السنين من النظريات الفاسدة والفلسفات الوهمية أو التجارب الفاشلة والمحاولات العقيمة للاقتراب من الاستقرار المنشود، أن توصل الإنسان إلى نتيجة هامة، مفادها أنَّ هُناك سر عظيم وراء هذهِ الأحداث، وأنَّ أمل الإنسان الوحيد للنجاة ينحصر في معرفة ذلك السر الأعظم أو سر الأسرار والكشف عنهُ، لذلك كان ويلم يزل الإنسان يلجأ إلى الدين
تارة ثم إلى الأساطير الوهمية تارة أخرى لعلهُ يقترب من كشف ذلك السر، وفي زماننا الحالي يستنجد البشر للوصول إلى السر الأعظم بأفكار وفلسفات يطلق عليها مجازاً علوم وإنجازات حضارية وهكذا.

مما سبق يتضح لنا امر مهم، ألا وهو أن السبب وراء شغف الإنسان في كل مكان وزمان بالتغيير في حياتهِ وفي سعيه وراء الدين والفلسفات كذلك العلوم البشرية، هو إصرارهِ على كشف السر الأعظم أو سر الأسرار في هذا الوجود.

فهُناك يقين عند الإنسان بشكل عام وشعور أكيد في داخلهِ ووجدانه بأنَّهُ عند معرفتهِ لذلك السر سوف يقوده ذلك ومن دون شك إلى استقراره الاجتماعي والفكري الدائم، كذلك سوف يحصل منهُ على الثبات الروحي والتوازن العقلي الذي طالما حلم
به، إضافة إلى مساعدتهِ ليتحرر من الحيرة في أمره ودفعهِ نحو إنهاء التشتت في معيشته وفي حياته.

إذاً في معرفة السر الأعظم العلاج الشافي والحل النهائي والمخرج الوحيد من جميع المشاكل والأمور المستعصية لجميع البشر دون استثناء، تلك المشاكل التي عجزت وما زالت عاجزه من علاجها وإيجاد حلولاً لها جميع الفلسفات والأفكار البشرية، بالإضافة إلى عجز وفشل علوم الإنسان من إنقاذهِ وإبعاده عن توجههِ الحتمي نحو الفناء والانقراض في حالة استمراره على هذا الحال أو النهج الذي يبعدهُ عن السبيل لمعرفة السر الأعظم في الكون.

إنَّ في السر الأعظم أو سر الأسرار مفهوم الغموض والفرادة الذي يتعدى ويتفوق على قدرات الإنسان الفكرية والعلمية السابقة والحالية في مجاراته لهُ أو التعويض عنه، فالسر الأعظم عند كشفهِ والتعامل معه بصدق ويقين ومعرفة أكيدة بحقائق الأمور سوف يقودهُ إلى ما هو أعظم وأكبر مما هو عليه الآن بكثير، ففي
ذلك السر العلاج الشافي والحل الأكيد لكل أمر أو حدث سلبي أو غير مرغوب فيه عند الإنسان.

ففطرة الإنسان تقوده لا إرادياً نحو معرفة السر الأعظم عن طريق الدين والذي بدورهِ يستلزم عقيدة ثابته وقناعة راسخة وقوية، فسبب هذا الشغف إلى معرفة السر هو أنَّ هُناك شيء ما في حياتهِ قد تمَّ إهماله ويجب معرفتهِ بعد أن تمَّ إخفاء الأمر عنهُ ولسبب ما، هذا الشيء إنما هو من الأهمية بمكان بحيث يتم التغلب من خلالهِ وعن طريقهِ وحده فقط على كل مشاكل الإنسان الحياتية
والمستقبلية بكل سهولة ويُسر.

إنَّ قناعتنا كبشر من أن حياتنا كمخلوقات متميزة لا بُدَّ أن تكون أفضل من حياة جميع المخلوقات المحيطة بنا ولا يُمكن لها أن تكون بهذا التعقيد الذي نعيشهُ الآن، وهذهِ القناعة هي التي تقودنا نحو البحث دوماً عن حلول وتفاسير لما يعانيه البشر من آلام وأحزان على الدوام، وهو الأمر الذي يُفسر سعينا الحثيث والدائم وراء الأساطير والحكايات الوهمية، مأسورين ومسحورين بما فيها من أسرار وخفايا لعلنا نجد فيها السر الأعظم الذي نبحث عنهُ، هذهِ الأساطير كانت فيما سبق من الزمان محصورة بالقصص والروايات، أما في زماننا الحالي فإننانجدها بأفلام وقصص الخيال العلمي التي تستقطب بازدياد السواد الأعظم من الناس وأكثرهُم الشباب.

ولكوننا من الذين يسعون وراء الحقيقة البعيدة كلياً عن الخيال.

ولإدراكنا خطورة الوضع الحالي الذي يعيشه الإنسان الآن.

ولمعرفتنا بخطورة المرحلة الحالية التي يمر بها البشر كمحصلة لكل الأزمان السابقة وهذا الزمان.

ولكون الإنسان يعيش الآن مرحلة صعبة من شأنهِا أن تُقرر مصيرهُ، إمَّا أن يكون قادراً وجديراً بالبقاء بعد كل تجارب السنين الطوال، أو إنَّهُ قد استُهلِكَ واستنفذَ زمانهُ فحانت نهايتهُ لينضم إلى المخلوقات المنقرضة كالدينا صورات وغيرها من الكائنات.

وبسبب إدراكنا لجدية مسألة السر الأعظم في هذا الزمان، وجب علينا التوجه في مسعانا ذاك وإصرارنا على معرفة وإدراك حقيقة السر الأعظم إلى اللجوء لكتاب الله العظيم ألا وهو القرآن الكريم.

إنَّ كِتاب الله المتمثل بالقرآن العظيم – ككتاب سماوي - قد أثبت جدارتهُ وقدرتهُ على إعطاء الإنسان كل ما يحتاجه من بيان وفي كل زمان ومكان.

وكوننا نبحث هُنا عن السر الأعظم أو سر الأسرار فلا بُدَّ أن نجد ذلك السر في هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كما هو ثابت الآن، حيث جاء فيه قولهُ تعالى من سورة فٌصلت: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
(42).

مما سبق نفهم حتمية وجود السر الأعظم أو سر الأسرار في حياة الإنسان، وهو الأمر الذي لا يستبعده أو يستثنيه أي إنسان من مخيلته وفي عقلهِ الباطن كيفما كان.

وبعد أن بحثنا في آيات القرآن العِظام، وجدنا بحمد الله ما يبحث عنهُ كل إنسان.

نعم وجدنا السر الأعظم وسر الأسرار في الأكوان.

وهو ما سوف نقوم بعرضه الآن - في الجزء الأول من هذا الكتاب - إن شاء الله سُبحانه، فلا مشيئة لأي إنسان إلا أن يشاء لهُ الرحمن في أي شيء كان.

فإلى الباحثين عن الحقيقة وليس الخيال.

وإلى الصادقين في مسعاهُم نحو الخلاص ونحو كشف الحقيقة التي تخصَّهُم وتخص أحبائهِم وذويهِم من بني الإنسان.

وإلى كل إنسان يعمل من أجل خير الإنسان.

إلى كل الباحثين بصدق عن السر الأعظم وسر الأسرار، ذلك السر الذي فيه خلاص البشرية من كل الآلام والآثام والأحزان، ومن الحياة السُقام الذي يعيشها البشر الآن.

إلى كل هؤلاء وغيرهِم من بني جلدتي بني الإنسان.

أقدم لكم الآن الجزء الأول من السر الأعظم أو سر الأسرار الذي طالما بحث عنهُ الإنسان في كل زمان ومكان.

وإنني بذلك أتوجه بالشكر والحمد لله رب العالمين الذي اصطفاني من بين خلقهِ لأكون أول من ينشر هذا الخبر العظيم لبني الإنسان.

فالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيد المُرسلين محمد، الذي أنار لنا الدرب المُبين لنتدبَّر ونستنبط من سيرته وسنّته عليه الصلاة والسلام الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه، فنتبين دربنا ويستقيم أمرنا ويتحقق مسارنا نحو الحق المُبين.

إن رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، هُداً وحكمة للدارسين، قد أنار لنا الطريق لنجد في سُنتهِ المطهرة وسيرتهِ العطرة خير زاد لنا إن كُنا مؤمنين وبرسالتهِ واثقين ولتعاليمه موقنين، ونحن على هذا الدرب إن شاء الله سائرين.

*المؤلف *
محمد الكاظمي (المقدسي)*
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف