صورة الكاتب
مرثية لنجم تربوي..سقط في الأفول
بقلم - محمد المحسن
الإهداء:
في مثل زمن كهذا مفروش بالرحيل..أهدي هذا القصيد إلى روح المربي الراحل الأستاذ محمد السيوطي المؤدب..ذاك الذي أنهكه الترحال عبر دروب المدارس.و”نام” بهدوء أثناء عبوره الدّرب الأخير..بعد أن استرددنا برحيله حقنا جميعا في البكاء والرثاء..
“العبرات كبیرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسیة.. العبرات كبیرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا”. (ناظم حكمت)
أيّها الموت:
كيف تسلّقت أيّها الموت فوضانا
وألهبت بالنزف ثنايا المدى
وكيف فتحت في كل نبضة من خطانا
شهقة الأمس
واختلاج الحنايا..
ثمّ تسللت ملتحف الصّمت..
حفاة الضمير
لتتركَ الجدول يبكي
والينابيع،مجهشات الزوايا..؟!
أستاذنا الجليل:
لِمَ أسلمتنا للدروب العتيقة
للعشب ينتشي من شهقة العابرين..
لٍمَ أورثتنا غيمة تغرق البحر
وأسكنتنا موجة تذهل الأرضَ
ثم رحلت؟
فكيف نلملم شتيت المرايا..
نلملم جرحك فينا
وكيف نرمّم سقف الغياب
وقد غصّ بالغائبين؟
فهات يديك أعنا،لنعتق أصداف حزننا
وهات يديك إلينا،أغثنا
لنأى بدمنا ودمعنا..عن مهاوي الردى
فليس من أحد ههنا،فقيدنا
كي يرانا..في سديم الصّمت،نقطف الغيم
ونزرع الوَجدَ
في رؤوس المنايا..
أستاذنا الفذ:
ها نحن الآن وحدنا
نضيء الثرى بين دفترنا المدرسي
ونسأل الرّيح وهي تكفكف أحزانها:
ما الذي ظلّ لأجيالنا..!؟
غير كتب-نرثي-فيها موتانا
وآخرى..
سنعصر فيها خصر السحابة..كي تبوح:
كم خيبة لنا في سماها
كم رعشة أجّجتها غيمة في ضلوعنا
وألهبت فينا جمر العشايا
وكم مرّة ألبستنا المواجع جرحها
وطرّزت دمعنا وشاحا للقادمين؟
* * *
أستاذ محمد:
ها نحن الآن نبكي رحيلك بصمت
نستدرج الوحي للرّوح
ونسير بين دروب المدارس..على حلكة الدّرب فجرا
كأنّ العواصف تلاحقنا
كأنّ الرّحيل جزاؤنا
كأنّ الرحيل-تعويذة-تلاميذنا لروحنا
كأننا في مفترق للثنايا ..
ههنا أستاذنا،نلتحف الصّمتَ
نقدّس سرّ هذا الزّمان
نصفّح-كراسنا المدرسي-ودفاتر عمرنا..
ونفتح ذراعينا للمتعبين
كأن الزمان خذلنا..
كأننا تعبنا قليلا
كأنّ عطرك قد تلاشى
كأننا هرمنا..!
ترى،هل نقول لقلوبنا:
كفَّي عن الحلم والنبض
ترى: هل تستجيب؟
أم أنّ الرهان الذي قد خسرنا..والعلم الذي قد شربنا
سيظلّ يلاحقنا في الدروب
كي نظل على المقاعد المدرسية..نرنو إلى المدى..
حيث الهدى..والتجلي..؟
أيا أستاذنا:
كم قطّرتك المدارس..لنشربَ ضوءك
قم من سباتك وجُرَّ الفيافي لنبعنا
لينتعش طلابنا بمائنا
نحن ما ذبلنا
ها نحن واقفون في انحنائنا
كأن ترانا شامخين بالحنين
غير أننا تأهّبنا في الحزن
حتّى تهدّل منّا الشذا
وأسرجنا دموعنا بواحات وجدك
حتّى تراءى لنا وجهك كطيف في حلمنا
فكم ليلة سنظل نحلم..كي لا يهرب الحلم منّا..؟
وكم-يلزمنا-من الدّمع كي نرى الجرحَ..أجمل
كي ترانا..
* * *
كي نرى وجهك-ولو مرّة-في تضاعيف الهدى..
وخلف جدران المدارس..
يفاجئنا..ويغيب؟
محمد المحسن
بقلم - محمد المحسن
الإهداء:
في مثل زمن كهذا مفروش بالرحيل..أهدي هذا القصيد إلى روح المربي الراحل الأستاذ محمد السيوطي المؤدب..ذاك الذي أنهكه الترحال عبر دروب المدارس.و”نام” بهدوء أثناء عبوره الدّرب الأخير..بعد أن استرددنا برحيله حقنا جميعا في البكاء والرثاء..
“العبرات كبیرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسیة.. العبرات كبیرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا”. (ناظم حكمت)
أيّها الموت:
كيف تسلّقت أيّها الموت فوضانا
وألهبت بالنزف ثنايا المدى
وكيف فتحت في كل نبضة من خطانا
شهقة الأمس
واختلاج الحنايا..
ثمّ تسللت ملتحف الصّمت..
حفاة الضمير
لتتركَ الجدول يبكي
والينابيع،مجهشات الزوايا..؟!
أستاذنا الجليل:
لِمَ أسلمتنا للدروب العتيقة
للعشب ينتشي من شهقة العابرين..
لٍمَ أورثتنا غيمة تغرق البحر
وأسكنتنا موجة تذهل الأرضَ
ثم رحلت؟
فكيف نلملم شتيت المرايا..
نلملم جرحك فينا
وكيف نرمّم سقف الغياب
وقد غصّ بالغائبين؟
فهات يديك أعنا،لنعتق أصداف حزننا
وهات يديك إلينا،أغثنا
لنأى بدمنا ودمعنا..عن مهاوي الردى
فليس من أحد ههنا،فقيدنا
كي يرانا..في سديم الصّمت،نقطف الغيم
ونزرع الوَجدَ
في رؤوس المنايا..
أستاذنا الفذ:
ها نحن الآن وحدنا
نضيء الثرى بين دفترنا المدرسي
ونسأل الرّيح وهي تكفكف أحزانها:
ما الذي ظلّ لأجيالنا..!؟
غير كتب-نرثي-فيها موتانا
وآخرى..
سنعصر فيها خصر السحابة..كي تبوح:
كم خيبة لنا في سماها
كم رعشة أجّجتها غيمة في ضلوعنا
وألهبت فينا جمر العشايا
وكم مرّة ألبستنا المواجع جرحها
وطرّزت دمعنا وشاحا للقادمين؟
* * *
أستاذ محمد:
ها نحن الآن نبكي رحيلك بصمت
نستدرج الوحي للرّوح
ونسير بين دروب المدارس..على حلكة الدّرب فجرا
كأنّ العواصف تلاحقنا
كأنّ الرّحيل جزاؤنا
كأنّ الرحيل-تعويذة-تلاميذنا لروحنا
كأننا في مفترق للثنايا ..
ههنا أستاذنا،نلتحف الصّمتَ
نقدّس سرّ هذا الزّمان
نصفّح-كراسنا المدرسي-ودفاتر عمرنا..
ونفتح ذراعينا للمتعبين
كأن الزمان خذلنا..
كأننا تعبنا قليلا
كأنّ عطرك قد تلاشى
كأننا هرمنا..!
ترى،هل نقول لقلوبنا:
كفَّي عن الحلم والنبض
ترى: هل تستجيب؟
أم أنّ الرهان الذي قد خسرنا..والعلم الذي قد شربنا
سيظلّ يلاحقنا في الدروب
كي نظل على المقاعد المدرسية..نرنو إلى المدى..
حيث الهدى..والتجلي..؟
أيا أستاذنا:
كم قطّرتك المدارس..لنشربَ ضوءك
قم من سباتك وجُرَّ الفيافي لنبعنا
لينتعش طلابنا بمائنا
نحن ما ذبلنا
ها نحن واقفون في انحنائنا
كأن ترانا شامخين بالحنين
غير أننا تأهّبنا في الحزن
حتّى تهدّل منّا الشذا
وأسرجنا دموعنا بواحات وجدك
حتّى تراءى لنا وجهك كطيف في حلمنا
فكم ليلة سنظل نحلم..كي لا يهرب الحلم منّا..؟
وكم-يلزمنا-من الدّمع كي نرى الجرحَ..أجمل
كي ترانا..
* * *
كي نرى وجهك-ولو مرّة-في تضاعيف الهدى..
وخلف جدران المدارس..
يفاجئنا..ويغيب؟
محمد المحسن
(شاعر وناقد تونسي)