الأخبار
تفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطيني
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المظاهرة الأولى

تاريخ النشر : 2020-12-13
المظاهرة الأولى

صورة الكاتب

بقلم - د. سامي الكيلاني
المظاهرة الأولى-قصة قصيرة

الاحتلال الحزيراني قدأتم سنته الأولى وبدأ سنته الثانية. أصبح الاستماع لساعات بث صوت فلسطين واجباًيومياً. أخبار الفدائيين تملأ عليه السمع والفؤاد، تتوالد قصصاً يرويها لأصدقائهمع شيء من المبالغات عن قدرة "الفدائي"، ويرسم الخيال النشط صورهم لتملأفؤاده مختلطة مع صور ومشاعر حب المراهقة الذي بدأ ينمو لديه. تلقف اقتراح صديقهعمر بأن من الواجب أن تكون هناك مظاهرات وبيانات في القرية أسوة بالمدن بالموافقة،ولام نفسه لأنه لم يكن صاحب الشرف في هذا الاقتراح.

مع بداية الحصة الثالثةأطلق صديقه صرخة البدء فاستجابت لها في الصف مجموعة الموثوق بهم الذين تم إخبارهمقبل يوم، ثم انطلقت صرخات أخرى من الغرف الدراسية المجاور وخرج آخرون، ثم خرجتصرخات أقل من مجموعة الغرف في وسط المدرسة وخرج منها عدد أقل. تحركت كتلة بشرية لابأس بها نحو البوابة متحدية تحذيرات مدير المدرسة والمعلمين وضاربة بعرض الحائطنصائحهم التيئيسية "الدول العربية لم تفعل شيئاً، أنتم ستفعلون؟". كانتالنتيجة خسارة عدد المشاركين، حيث تراجع عدد قليل من الطلاب الذين خشوا تهديداتالمدير وأولئك الذين لم يستطيعوا كسر كلام أقاربهم من المعلمين. قريبه المعلماستطاع سحب اثنين من أبناء العائلة وحين لم يستطع "إقناعه" شتمه شتيمةسيئة لأنه سيقضي على مستقبله بهذه الأفعال، مهدداً بنقل الخبر إلى والده.

تشاورت قيادة المظاهرةحول الخطوة التالية بعد الابتعاد عن بوابة المدرسة، اقترح أن يتم التوجه بهدوء إلىمدرسة البنات، حيث سينضم عدد منهن إلى المظاهرة وحينها يتم التوجه إلى وسط القريةبالهتافات، لأن البدء بالمظاهرة حالاً سيعرضها لهجوم للجنود المحتلين الذين اتخذوامن مخفر القرية القريب من المدرسة مقراً لهم، وتم الأخذ باقتراحه.

بدأت الهتافات عند بوابةمدرسة البنات فهاجت المدرسة، عدد جيد من الطالبات تحدى المديرة والمعلمات. المشهدالصباحي في مدرسة البنين يكرر نفسه. توجهت المظاهرة إلى وسط القرية، منظر الأولادوالبنات فاجأ الرجال الجالسين على كراسي المقاهي في وسط القرية وجعلتهم الهتافاتالمشتركة يقفون محملقين، وبدأت تعليقاتهم المسموعة بين مؤيد ومهاجم. اقترح وصديقهعلى المتظاهرين والمتظاهرات عدم الرد على التعليقات العدائية، خاصة ذلك التعليق الوقحعلى البنات من أحد المعروفينبسوء السمعة، والاكتفاء بالبصقة التي وجهتها عبلةنحوه. قال لصديقه الثقة "يجب ألّا ننشغل بأمور غير المظاهرة الآن".

اقترح أن يعودوا إلىمدرسة البنين ليخرج عدد أكبر من الطلاب، "المترددون سيخجلون من أنفسهم وهميرون البنات في المظاهرة" قال. عند المنعطف المواجه لطريق المدرسة والمخفر ظهرتسيارتا جيب تهبطان الشارع بسرعة جنونية. هتفت إحدى الطالبات بعالي الصوت"الصمود، الصمود". مع كل متر كان العدد يتناقص. فجأة كانوا أربعة، هووصديقه والطالبة التي هتفت مع طالبة أخرى. هدير محرك السيارات يقترب. قالاللطالبتين أنتما اهربا ونحن سنصمد، فردّتا بالعكس أنهما ستبقيان وعليهما هما حمايةنفسيهما من الاعتقال. مع اقتراب هدير السيارتين، لمحا مقدمة السيارة الأولى، أصبحاوحيدين ولا يمكنهما المواجهة، فلاذا بالفرار. ركضا في الزقاق القريب ومن ثم دخلاباب بيت مفتوحاً وخرجا من الباب المقابل، أرسلهما الباب المقابل إلى ساحة مغلقة،شعرا بأنهما وقعا في مصيدة. حشرا نفسيهما في سقيفة صغيرة يستعملها أصحاب البيتللحطب والطبخ على النار. وصلتهما أصوات الجنود وهم يدخلون البيت وصوت خطواتهم وهميخرجون إلى الساحة، وصوت سيدة البيت تقول لهم "لا يوجد أحد عندنا". أحدالجنود توقف وينظر في أرجاء الساحة وهما يريانه من ثقب في حائط السقيفة، الخوفيجعلهما يكتمان الأنفاس ويتمنيان أن يسكت القلب عن الدق كالطبل خشية أن يسمعالجندي هذه الدقات. انسحب الجندي من الساحة. بقيا جامدين دون حراك إلى أن أتت سيدةالبيت لتقول إن الجنود قد ذهبوا. وضعت لهما سلماً ليصعدا الحائط الذي يؤدي إلىزقاق باتجاه وسط القرية. سارا على أسطح عدد من البيوت حتى وصلوا إلى الطرف الآخر،كان ارتفاع البيت من جهة الزقاق الآخر منخفضاً، قفزا. كان الزقاق موحلاً منالأمطار التي سقطت أمس، حذائه غرق بالوحل ووصل الوحل المتناثر إلى ثيابه.

استقبله الوالد في ساحة البيتبعد أن رفع ظهره ووضع الفأس الذي كان يعمل به جانباً ونظر إلى حالته وسأله "وينكاين؟"، أجاب "أكيد حكى لك الأستاذ سليم، نعم كنت في المظاهرة، وأناأتحمل مسؤولية نفسي إن مسكوني". ضحك الوالد، "صرت كبير، خلينا نشوف، إنمسكوك مش راح أسأل عنك". رغم التهديد رأى في عينيه ضحكة مستترة. ونظر إلىوالدته التي كانت تراقب الموقف فرأى في عينيها الضحكة المستترة نفسها، عقبت علىحديثهما "دير بالك يمّا".

تركهما ودخل البيت ليغيرملابسه، تدور في ذهنه تفاصيل ما حصل وكلمات الطالبة التي صمدت حتى آخر لحظة ووجههاالذي كان اكتسى حمرة زائدة من الركض والتوتر.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف