الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عرسُ فارس

تاريخ النشر : 2020-12-10
عرسُ فارس
د. بسام الحاج  
عرسُ فارس 

الفرحة تعمّ مخيم الشاّطئ، طفلٌ صغيرٌ يهرول إلى بيتِ أحمد بارود. - يا عم أحمد، البشارة يا عم احمد. - خير يا عمي، شو في؟ 
- مرة عمي خلّفت وجابت ولد. تبسم أحمد، ورقص قلبه، فقد أنساه هذا الخبر كلّ التّعب الذي يعانيه من مهنة الحدادة في المخيم، وقد أزال وقع الخبر كلّ التّقرحات التي أصابت معظم أجزاء جسمه من الشرر المتطاير من ماكينة قص الحديد، حتى أنه شعر بأن عينيه لم تعد تؤلمانه من أثر ماكينة اللحام، وأنه لن يضع البطاطا على عينيه ليخفّف الوجع التي سببته هذه الماكينة القاسية بعد هذا اليوم، واطمأن قلبه إلى بيته الذي هُجّر منه في الدوايمه، وأدرك أنه إذا مات فإن ابنه فارس سيعود إليه يوماً ما، فهو يؤمن أن لا حق يضيع وراه مطالب. 

إلقي بما يحمل جانباً ولبس حذاءه ونسي أن يغسل وجهه من حنفية الماء التي ما زالت تسقط قطرات الماء المتقطعة، فقد أجّل تصليحها، من أجل الطفل الذي ينتظره بشوق، صاح: اهلاً يا فارس، اهلاً يابا. 

-مين فارس يا عمي؟ -الولد الجديد يا عمي، روح على دكانة ابو خالد وجيبلي بكيت سلفانة، وقلو سجّلها على عمّي احمد البارود، أبو فارس... واليوم، أصبح فارس شاباً ينتقل في المخيم، يعمل في المحددة مع أبيه، شابٌ جمع الشّجاعة والطيبة، يحبه كلّ من التقىاه، فهو دائما باسم الوجه كريم النّفس، لا يتوانى عن فعل الخير وتقديم المساعدة، يحمل همّ الوطن على كتفه، وفي قلبه، كما يحمل مطرقته ليضرب بها الحديد الذي أعوجّ. 

عاد متاخراً هذه الليلة، قالت له أمه: - ياما وين لهلقيت في انصاص الليالي؟ 
بدي اياك تنظب وتحوّش؛ علشان أجوزك وافرح فيك. ابتسم وقبّل رأسها، وقال لها: بدري يما، بدري، الطريق طويل.
وذهب ليلقي بجسمه المتعب على فرشة قديمة، فأم فارس لم تشتري له فرشةً جديدة؛ فهي تجمع كل ّقرشٍ ليوم عرسه الذي تراه قريبا. لم يكد ابو فارس ينام طويلا حتى فزع من صوت ضرب ثقيل على الباب. 

- خير يا رب. أسرع إلى باب الدار ليفتح للطارق، وما كاد يصل إليه، فإذا الباب قد خُلع من مفاصله المهترئة، ولم ير إلا أفواه البنادق في وجهه، كذئب يريد ان ينقضّ على فريسته، وما هي إلا لحظات حتى امتلأ المكان بعشرات الجنود السّوداء. - وين فارس؟ 
- هيو نايم. قفزوا الى الغرفة مذعورين عيونهم إلى السّماء وإلى الجدران وإلى أرضية الغرفة وإلى السّتارة التي بدأت تحركها هواء أصبحت فاسدة. - انت فارس؟ - اه، انا فارس. 

- هات هوية، مخرب، ابن... وسحبوه مُكبلّاً بعد أن أغلقوا عينينه بشاشةٍ سوداء. قال فارس: ابنك راجل يما، ما تبكي، دايماً خلي راسك مرفوعة فوق... لم تهتز أم فارس لاعتقاله، ولم تقعدها السنون التي أبعدتها عنه، ولم تنح لحكمه المؤبد، ولم تيأس من عودته إليها، فرحت عندما علمت أن ابنها سيغادر السجن في صفقة التبادل مع الجندي شاليط، ولم تنهار عندما نكث اليهود بوعدهم كعهدهم ولم يفرجوا عنه، وظلّت تقول: 
- ابني راجل وبدي استناه تيطلع من السّجن وأجوزه ست البنات... رحل أبو فارس، ورحلت أم فارس وهي تحتفظ بحلمها الذي لم يكسره صلف العدو ، ولا دبابته التي تملأ المكان بغضا. واليوم بعد ثمان وعشرين سنة من الأسر، يحمله جنود الاحتلال من سجن ريموند بعد أن نهشه المرض إلى أحد المشافي التابعة لها، فسأله الطبيب: ما يؤلمك؟ 

 - أمي البعيدة عنّي، أريد أن اذهب إليها، فقد طال انتظارها، وأنا لم أعد أطيق ذلك. يغلق عينيه برهة فيراها تفتح له ذراعيها، يتبسم لها ويصعد إليها، وليجتمع معها من جديد، فتفرح به عريساً يلبس الثّوب الأبيض في السّماء.  




 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف