الأخبار
الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح دون إعلان رسميالخارجية القطرية تتحدث عن آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار بغزةبايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاء
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أوروبا والصهيونية والإعتراف بالدولة الفلسطينية ..!

تاريخ النشر : 2020-12-03
أوروبا والصهيونية والإعتراف بالدولة الفلسطينية ..!

صورة أرشيفية للكاتب

أوروبا والصهيونية والإعتراف بالدولة الفلسطينية ..!
بقلم - د. عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

الضحية المتميزة وحدها التي تستحق الرثاء والحزن والشعور بعقدة الذنب الدائم والمتواصل وتستحق التعويض المستمر، إنه الإبتزاز بعينه، لقد تمكنت الحركة الصهيونية من تصوير التاريخ اليهودي برمته منذ الأزل إلى اليوم على أن اليهود كانوا عبرَّ التاريخ ضحية إضطهاد مبرمج، يقتضي أن يتوقف هذا الإضطهاد، وأنه لن يتوقف إلا إذا أقيم لليهود وطن قومي يعيشون فيه بأمن وسلام، ويعوضهم عن قرون من الشتات والعذاب والحرمان والإضطهاد، وقد جاءت خطط الإستعمار الأوروبي للعالم العربي وأفعال النازية الهتلرية الألمانية في الحرب العالمية الثانية لتعزز هذا النهج وهذا المفهوم في إرتكاب المجازر والمحارق بحق أعداد كبيرة من يهود ألمانيا خاصة وأوروبا عامة.
الثنائية النازية والصهيونية بأفعالها ودعايتها أكدت على وضع اليهود (كضحية متميزة) وبغض النظر عن أعداد اليهود الذين ذهبوا ضحية هذه السياسات النازية خلال الحرب العالمية الثانية رغم الملايين الذين أزهقت أرواحهم من غير اليهود، إلا أن الضحايا الذين يجب التوقف عندهم فقط هم ضحايا اليهود وكأن الحرب العالمية الثانية وما شهده العالم من خراب وقتل ودمار أصاب الملايين من البشر في أوروبا وخارجها حيث ساحات القتال التي لم تكن تميزُ بين الجنود والمدنيين وهنا (تَكَرَّسَ مفهومُ الضحية اليهودية المتميزة) وما تعرض له اليهود في الحرب العالمية الثانية يستوجب من ألمانيا وعموم أوروبا أن تقر بالذنب وبالمسؤولية عما تعرض له يهود ألمانيا وأوروبا ...!
لتكريس هذا المفهوم في العقل اليهودي خاصة والعقل الأوروبي عامة، جرى العمل على إقامة النصب التذكارية للمحرقة أو المحارق التي نظمتها النازية في ألمانيا وبعض دول أوروبا، إن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على النازية الألمانية التي أرتكبت مثل هذه الإنتهاكات والمجازر سواء في حق اليهود أو غيرهم ممن تعرضوا للقتل والتهجير والتنكيل، بسبب تلك الحرب الظالمة، وهكذا تحملت ألمانيا ما بعد النازية المسؤولية الأخلاقية والقانونية وإلتزمت بدفع تعويضات كبيرة (للكيان الصهيوني) بإعتباره ممثلا لليهود ومعها أيضا بقية دول أوروبا حيث واصلت الحركة الصهيونية وكيانها إبتزاز دول أوروبا جميعها، بسبب هذه الخاصية التي تميز الضحايا اليهود في الحرب العالمية الثانية، في حين على العالم أجمع أن ينسى ملايين الضحايا الآخرين من البشر.

هنا جرى الإبتزاز المادي والسياسي والأخلاقي والقانوني إلى درجة أنه على أوروبا أن تغض الطرف عن جرائم الكيان الصهيوني وعن جريمة إغتصابه فلسطين التي قامت بها الحركة الصهيونية وتحالفها الإستعماري عقب الحرب العالمية الثانية، وما نتج عنها من تطهير عرقي وتشريد وتهجير وقتل للشعب الفلسطيني، وكأن الشعب الفلسطيني هو المسؤول عن تلك المجازر والإضطهاد الذي تعرض له اليهود عبر التاريخ وعلى يد النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وقد إتخذت الحركة الصهيونية من هذه الجرائم مُبرراً لإرتكاب نفس الجريمة التي أرتكبت في حق اليهود أن ترتكبها في حق شعب مسالم آمن في وطنه وهو الشعب الفلسطيني وعليه أن يدفع ويقدم وطنه هدية لليهود لإقامة وطنهم القومي عليه، تعويضاً لهم عما لحق بهم من أذى في أوروبا ..؟!

هنا تتجلى السياسات العنصرية التي يمارسها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني سواء في الأراضي المحتلة عام 1948م من خلال قانون القومية والمنظومة القانونية والتنظيمية التي تشرع من خلالها لنظام فصل عنصري جديد يقام فوق أرض فلسطين على غرار ما كان قائما في جنوب افريقيا نظام عنصري بائد، كما هو واقع الحال أيضا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وحيث يعمل على مواصلة سياسات الإستيطان والضم وإنتهاك حقوق المواطنين الفلسطينيين في العيش بأمن وسلام ودون إحترام لحقوقهم السياسية في الحرية والإستقلال.
أي منطق إجرامي هذا الذي يبيح (للضحية سابقا) أن تتحول إلى قاتل وسفاح ومعتدٍ ومجرم لاحقا، بحجة التكفير عن ذنب الآخرين في حقه، وتعويضاً له عن دور الضحية المتميزة الذي لعبه اليهود ووظفته الحركة الصهيونية وتحالفها الإستعماري لإغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني ..!

مؤخرا قد بدأ يصحو بعض الضمير العالمي والأوروبي على هذه الفرية وهذه الأكاذيب الصهيونية التي وصلت إلى درجة الإبتزاز والإستغباء للعقل العالمي عامة والأوروبي خاصة ومؤخرا بعض العقل الرسمي العربي للأسف ...!

في هذا السياق نرى بعض بدايات لصحوة لدى الرأي العام في أوروبا على المستوى الشعبي والبرلماني والرسمي في ضرورة الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة ووضع حدٍ لمعاناته على يد الكيان الصهيوني وذلك بإنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967م وإقامة دولة فلسطين، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني المشرد بالعودة إلى وطنه وفق القرار 194 لسنة 1948م، تتمثل هذه الصحوة الأوروبية في التعبيرات والمواقف السياسية المختلفة والصادرة عن دول الإتحاد الأوروبي والتي بات يضيق بعضها ذرعاً بسياسات الكيان الصهيوني التوسعية والعنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ..!

لقد كان الموقف البولندي الذي أقره البرلمان وصادق عليه الرئيس البولندي في يناير 2018م، والذي مفاده رفض الإقرار بمسؤولية بولندا عن المحارق والمجازر التي تعرض إليها اليهود في بولندا إبان الإحتلال الألماني النازي لها، تأكيداً على بدء التخلص من عقدة الذنب التي حُملت للشعوب والدول الأوروبية مجتمعة إزاءها، ونحن إذ لا ننكر ما تعرض إليه اليهود من إضطهاد ومجازر شأنهم شأن الآخرين من ضحايا الإضطهاد والعنف والحروب في الحرب العالمية الثانية وغيرها، نؤكد على ضرورة إستنكار كافة الجرائم التي لحقت بالضحايا دون تمييز من اليهود وغيرهم، ولا يجوز لضحية ما أن تأخذ من إضطهادها وما لحق بها من أذى مبرراً ومسوغاً لإلحاق الأذى بالآخرين وأن تتحول الضحية سابقا إلى القيام بدور قاتل ومجرم جديد دون حساب أو عقاب وأن يغض الطرف عن جرائمه ..!

على جميع دول أوروبا أن تعمل على التخلص من عقدة الذنب التي لازالت تلاحق أوروبا وتلازمها، وأن تعمل على وقف سياسات الإبتزاز المادي والسياسي للكيان الصهيوني للدول الأوروبية كافة عن جرائم إرتكبت من قبل نظام بائد (النظام الألماني النازي) والذي أفعاله في حق اليهود وغيرهم من ضحايا الحرب مدانة ومستنكرة من الجميع، والتأكيد على عدم التمييز بين ضحية وأخرى، فالضحية هي ضحية بغض النظر عن لونها أو جنسها ودينها ووقتها أو مكانها ولا يمكن أن يعتمد أي تمايزٍ بين ضحية وأخرى، فالشعب الفلسطيني اليوم ومنذ أكثر من ثلاثة وسبعين عاماً تحولَّ إلى ضحية مستمرة للكيان الصهيوني وحلفاءه، وهو ضحية ماثلة للعيان، ويواصل (الكيان الصهيوني) إحتلاله وعدوانه اليومي وكافة أفعاله الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني من قتل واعتقالات وحصار وتجويع وتمييز ومصادرة وطمس لحقوقه المشروعة في وطنه، إنه أي الشعب الفلسطيني لازال ضحية قيام هذا الكيان الصهيوني فوق أرضه، ومواصلته سياساته الإجرامية والعنصرية في حقه دون رادع ودون أي إعتبار للشرعية الدولية ولحقوق الإنسان.

آن للمجتمع الدولي بصفة عامة والأوروبي منه خاصة أن يسقط مفهوم (الضحية المتميزة) وأن ينتصر للعدل وللحق وللأمن والحرية والمساواة للجميع، وأن لا يبقى مسلوب الإرادة خاضعاً لإستغباء وإبتزاز الحركة الصهيونية وكيانها العنصري المغتصب لحقوق الشعب الفلسطيني، لابد من مواجهة الحقيقة الواقعية سياسيا واجتماعيا وقانونيا وإسقاط كافة الأقنعة وكافة سياسات الإبتزاز والكيل بمكيالين، وإنهاء سياسات التمييز العنصري بين ضحية وأخرى، أو إنسان وآخر بغض النظر عن لونه أو دينه أو جنسه، في عالم مدني متحضر يجب أن يسوده النظام والأمن والقانون والسلام ...!

لقد آن الأوان للدول الأوروبية مجتمعة وفرادى أن تعترف فوراً بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران للعام 1967م على الأقل وعاصمتها القدس، والإعتراف بحق أبناء الشعب الفلسطيني في العودة إلى مدنهم وقراهم التي شردوا منها في العام 1948م وفق القرار 194 للعام 1948 م رداً على مواقف وسياسات الكيان الصهيوني المدعومة أمريكياً والتي لا زالت تنكر حقوق الشعب الفلسطيني في العودة والحرية وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لما في ذلك من مصلحة مباشرة لأمن وسلام المنطقة وأوروبا ودولها مباشرة ...

إننا ندرك ونعلم أن الكيان الصهيوني كان يمثل مشروعا اوروبيا بغرض احكام السيطرة الغربية على المنطقة العربية وتحقيق جملة مصالح أوروبية وغربية في منطقتنا العربية، لكن نضال الشعب الفلسطيني وصموده المستمر في وطنه وخارجه وتمسكه بحقوقه المشروعة قد استطاع أن يكسر هذا المخطط وأن يسقط هذه الرؤيا الإستعمارية وأن يفرض نفسه كحقيقة سياسية وقانونية واجتماعية وتاريخية لا يمكن تجاوزها في رسم الخرائط السياسية للمنطقة وأنه بات الرقم الصعب في معادلات الأمن والسلام فيها .. فلا أمن ولا سلام في المنطقة دون إقرار حقوق الشعب الفلسطيني ومنها اقامة دولته المستقلة وفق القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار181 لسنة1947م والقرار242 لسنة 1967م وجملة القرارات الأخرى التي كفلت وضمنت حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في وطنه ..

على دول أوروبا أن لا تربط مواقفها من الإعتراف بالدولة الفلسطينية بمواقف الكيان الصهيوني منها ومواقف الولايات المتحدة .. يجب عليها أن تخطو خطوات مستقلة وشجاعة نحو ذلك لما فيه من تحقيق لأمنها ومصالحها أولا وتحقيق للأمن والعدالة والسلام والإستقرار في الشرق الأوسط .. ذلك ما سيمثل دعما حقيقيا لجهود إقرار الأمن والسلام في المنطقة واحترام للقرارات الدولية وقواعد القانون الدولي العام، ومثل هذه الخطوة سيكون لها دورها البالغ في تغيير المواقف الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني وخلق مناخ يؤدي إلى نجاح الجهود الرامية لإقرار تسوية مقبولة للصراع في المنطقة ..

فهل تفعلها الدول الأوروبية خلال العام القادم ليكون عام الإعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية من قبلها ؟!

هذا ما يتأمله الشعب الفلسطيني وقيادته وما تسعى إليه الديبلوماسية العربية بصفة عامة.





 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف