الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اشراقات الصورة الشعرية في قصيدة "إمرأة من ألف عام"..للشاعر التونسي القدير جلال باباي

تاريخ النشر : 2020-11-29
اشراقات الصورة الشعرية في قصيدة "إمرأة من ألف عام"..للشاعر التونسي القدير جلال باباي

صورة للكاتب

اشراقات الصورة الشعرية في قصيدة "إمرأة من ألف عام"..للشاعر التونسي القدير جلال باباي

بقلم - محمد المحسن

يقف الشّعراء الحقيقيّون في طليعة المبدعين،وذلك لقدرتهم على الإبداع،الّذي يتجلى في تعلّقهم بالأحلام والحرّيّة والخيال،وخلجات النّفس والوجدان،والرّسم بالكلمات،وتشكّل الصّورةِ الشّعريّة، وسائرِ الوسائلِ الفنّيّة الأخرى،كالرمز والأسطورة والتناص والانزياح، وجماليّة المعنى والمبنى،والإيقاع الدّاخليّ،والإيقاع الخارجيّ..الخ.

وذلك من خلال وسيلة اسمها اللّغة،الّتي تترجم عن الخيال وتحوِّله إلى صور محسوسة أو مسموعة أو مرئية.بها ومنها تتشكّل الصّور الشّعريّة الّتي يغذّيها خيال الشّاعر، ويمدها بالتّأمُّل والانفعال، وسعة الاطلاع والثّقافة.بمعنى أن كل فكرة يستحضرها الشّاعر قبل أن تترجم إلى مفردات لفظية،تكون صورة مثالية أو متخيَّلة في نفس الشّاعر وذهنه.

يقول الجاحظ في هذا السّياق "فإنما الشّعر صناعة وضرب من النسج،وجنس من التصوير"(1)
من القصائد الّتي استرعت انتباهي ولطالما استوقفتني،لدرجة أنني كنت أعيد قراءتها المرّة تلو الأخرى كلما سنحت لي الفرصة بذلك،قصيدة "إمرأة من ألف عام"للشاعر التونسي القدير جلال باباي،وأما السّبب فأعزوه إلى جماليّة النص والصّور الشّعريّة منه تحديدًا،وما يكمن وراءها من احتمالات تبعث على الدهشة والمتعة والقيمة المضافة.
قراءة سابرة للقصيدة،لا تدع مجالًا للشك بأن عتبة العنوان "إمرأة من ألف عام" هي المحور الأساس الّذي تدور من حوله القصيدة من البداية حتّى النّهاية.إلى ذلك،فإن العنوان يجسِّد معنيين في الوقت ذاته.المعنى الأول لغويّ أي معجمي،والثّاني تشكيلي أي تصوير شعريّ:
-امرأة من ألف عام-
* تصدير:
" لا أريدُ شاعراً يُجيدُ الكتابةَ
ولا ثَرِيّاً يُجيدُ الصّرْفَ
أريدُ رجلاً يجيدُ الحُبَّ "
(أحلام مستغانمي)
كنت أهيم بامرأةٍ منذ الألف عام
أحسبها قبل الرحيل
فاكهة الشعر وزبرجد الأحلام
هيِ الآن...
بعد ولادة الحزن في جسدي
ِ امرأةٌ لا تتجاوز الساعات
ِ و بعض الأيَّامْ.
هيِ امرأةٌ كانت تقطن جسدي
فانتبذت لها الرصيف بديل الهيامْ
لماذا أنتِ، يا سيدتي،باردةٌ ؟
لا يفصلني عنكِ سوى
هضبتيْ رملٍ..وقلبي ركام
فلماذا تلامسين الخيلَ إن كنتِ تخشين صهيله في الظلام؟
أما زلتِ تناورين غضبى!
أو ِ حبيبةُ قلبي حين يهبٌ ريح الغمام!..ً
فرضا أني تصرٌفتُ ببعض الرٌعونةْ..
مثل عدد من الرٌجال
فهل ذاك يكفي لقطع حبل الغرام؟
وإقِتلاع تلك المرأة من عصاب القلب!
هي رامت عنادها وصخب الكلام
أنا الزاهد ديدني اعتناق الصيام
لم يكن هيٌنا على قصيدتي
أن أكتبها في غياب كأس المدام..ٌ.
أقتطف عنب المرأة نبيذا
وأقترف جنون عشقي فتحا في الزٌحام.
(جلال باباي)أ
أهمّيّة الصّورة الشّعريّة تحديدًا في هذه القصيدة العذبة،تكمن أساسا في كونها وسيلة مهمة،يوظِّفها الشّاعر السامق جلال باباي بغية تحرير نفسه،وفك إساره مما يعانيه من واقع مؤلم مثقل بالهموم،أو ظروف مظلمة سوداويَّة تؤرِّقه( بعد ولادة الحزن في جسدي../هضبتيْ رملٍ..وقلبي ركام..).ناهيك بما يمكن أن يتغياه من تبئير للمعنى من جهة،أو نقل صورة لافتة أو رسالة هادفة لها أثرها وتأثيرها في المُتلقّي من جهة أخرى.
ومن هنا فإن شاعرنا الفذ جلال باباي مأهول بالشعر وهواجسه.وطّد علاقاته بملكاته وقدراته. وتمرّس بأدوات الابداع،وصقل مهاراته فيه.مما مكنه من الموازنة باقتدار،بين الشكل والمضمون فيما يحاول قوله،وهو مؤهل لأن يرفع الخاص منه إلى مستوى العام.
وإذن؟
“"إمرأة من ألف عام” قصيدة ثرية،أتقنها-الشاعر جلال باباي-لفظاً وأبدعها معنى..لكنها لا تغطي كامل مساحة التجربة الإبداعية الممتدة لهذا الشاعر المنبجس من ضلوع الإبداع،سيما في ظل التزاحم الذي يطفو على سطح المشهد الثقافي في تونس،إذ هي تفسح المجال واسعا،لمشواره الطويل لتجسيدِ حضورٍ كاملٍ وفاعلٍ في أثير الابداع،وتمتين علاقته بصناعته،بعيدا عن ثقافة التصفيق والتهليل والتكبير،وصناعة الاسماء وتلميع الحصى..
وأنا..أعي ما أقول..
قاصرٌ هو الحرف عن الإمساك بكل خيوط إبداعك أيها الشاعر السامق..يا جلال باباي..
هل بقي لديَّ ما أضيف..؟:
فقط..أريد أن أهمسَ-بلطف شديد-في أذن شاعرنا الكبير جلال باباي قائلا: صحيح ان طقس الكتابة،يشبه موعدا مع الغياب،قد يأتي وقد لا يأتي.قد يجيء ولا يأتي،ولكن المبدع الخلاق،بعد كل خطوة ناجحة،مضطر لمتابعة التقدم في الكتابة،لتحصين خطواته السابقة،وتطوير حضوره. فبعد النجاح،لا يعود التوقف الإرادي، مُباحا ولا يجوز.
واصل ياجلال سيرك بخطى مدروسة رزينة، صوب حقول الإبداع..كي تطرّز-لمريديك قصائد ماتعة بخيوط من حرير-..




 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف