الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حبيبي أنا بقلم: جميلة شحادة

تاريخ النشر : 2020-11-07
حبيبي أنا بقلم: جميلة شحادة
حبيبي أنا
بقلم: جميلة شحادة

***************

كانت مدرستي، ولربما جميع المدارس في بلدي الناصرة، تعيش أجواءً مميزة في شهر أذار لكثرة المناسبات التي تصادف فيه. فيوم المرأة يصادف في الثامن من الشهر، وعيد الأم وبدء فصل الربيع يصادفان في الحادي والعشرين منه. كانت مدرستي تحتفي بهذه المناسبات، وكانت الاحتفالات بهذه المناسبات تضيف جمالا وسعادة على أجواء المدرسة؛ غير أن خروج الطلاب مع مدرّسيهم الى أحضان الطبيعة في جولات منظّمة للتمتع بجمال الربيع، وتفتُّح الأزهار في جبال الجليل، وأخذ قسط من الترفيه والترويح عن النفس قبل الشروع بإجراء امتحانات الفصل الدراسي الثاني، وقبل إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد الذي تحييه الجماهير العربية في الثلاثين من شهر آذار؛ كان أكثر ما يدخل السرور الى قلوب الطلاب في هذا الشهر.

في إحدى هذه الجولات الربيعية، حيث تبتسم الشمس للبساط الأخضر المورّد الذي يكسو بساتين صفورية، اعترفتْ جهينة أمام طلاب صفها، طلاب الصف الثامن، بأنها تحبه. جهينة؛ عاجية البشرة، عسلية العينين، متوسطة القامة وخفيفة الظل؛ كانت متفوقة تحصيليا، ومحبوبة من الجميع. أنا؛ كنتُ أراها أجمل الفتيات، ليس لأنها صديقتي، أو لأن جمالها يطابق ذوقي بما يتعلق بمقاييس الجمال عند الفتيات؛ وإنما لأن جهينة كانت فتاة تفيض بالطيبة والنقاء، وهذا كان كافٍ ليشعرني بجمالها، وبراحة كبيرة برفقتها.

كان اعتراف جهينة بحبها له مفاجأة للجميع؛ فما أن سمعنا اعترافها حتى أمطرها طلاب الصف بشتى التعليقات الساخرة، لائمين إياها على حبها له.

-ماذا تحبين فيه؟ قال أحد الزملاء ساخرا.

- ماذا أصابكِ يا جهينة؟ كيف تحبينه وأمامك عمرو دياب؟ إن كان لا يعجبكِ عمرو دياب، فأمامك راغب علامة، او مصطفى قمر. قال لها زميل آخر.

وتتالت تعليقات الزملاء والزميلات ساخرة، وهازئة بحب جهينة وبمَن تحب. لكن جهينة ظلّت تدافع عن حبها لحبيبها، واستماتت بالدفاع عن هذا الحب. أما أنا فقد تفاجأتُ كزملائي؛ لكن لا لأن جهينة لم تحب مَن مثل عمرو دياب أو راغب علامة وغيرهما من المطربين المشاهير في تلك الفترة؛ وإنما لأن مَن تحبه جهينة هو مَن أحبه أنا. كيف ذلك؟ قلتُ لنفسي. كيف تحبُّ جهينة مَن أحبّه أنا دون أن أعرف؟ أهو انشغالي بالدراسة؟ نعم ربّما هذا هو السبب؛ فمَن عرفني في تلك الفترة، عرف مدى اهتمامي بالدراسة وبتكريس جلّ وقتي لها وللمشاركة بنشاطات وفعاليات لامنهجية تقوم بها المدرسة. ربما هذا هو السبب الذي حال دوني مِن أن أجد الفرصة لأتحدث مع صديقاتي عن مواضيع تتعلق بمشاعري وعواطفي وعن فتى أحلامي، وبالتالي لم أخبرهم عن حبي له؛ أو لعل السبب هو ظني بأن الجميع لا يرى بي الا طالبة تحب قراءة الكتب فقط، والظهور على المسرح لتقديم البرامج المدرسية. أنا طالبة مختلفة عن الطالبات الأخريات؛ أو لعل هذا ما أراده لي أهلي والمعلمون.

وحدث أنْ تغيبتْ معلمة الرياضة في اليوم التالي للجولة، فبلَّغتنا مديرة المدرسة بذلك، وطلبت منّا أن نستغل المكتبة أو قاعة الموسيقى وغيرهما من موارد المدرسة، فهي لن تحضر معلما بديلا للمعلمة الغائبة؛ ولماذا تحضر معلما بديلا لمعلم رياضة، ولا سيما أنها تعتبر طلاب صفنا متميزين وسنتدبر أمرنا بغياب معلم وسنستغل الوقت بفائدة.

هلَّلنا وفرحنا لقرار المديرة، وتوجّهت لصديقتي جهينة وقلتُ لها:

- تعالي نذهب لشراء ساندويشات فلافل من مقصف المدرسة أول، ثم نعود بعدها للمكتبة لإنهاء وظيفة الجغرافيا. رحبّت جهينة بالفكرة وتوجّهنا الى مقصفٍ محاذٍ للمدرسة (كنا نعتبره مقصف المدرسة) ، طلبنا من أبي جميل، صاحب المقصف، أن يعدّ لنا ساندويشات الفلافل، مع توصية بالإكثار من المخللات. وما أن ناولنا أبو جميل، وهو رجل طيب بشهادة الجميع، طلبنا، حتى بدأت إحدى المحطات الإذاعية، ببث أغنية جميلة، يصدح بها صوت وافر الإحساس، كثير الشجن؛ فتبادلتُ النظرات مع صديقتي جهينة، وتمتمنا بفرح: عبد الحليم، عبد الحليم. سمعنا أبو جميل، وقد لاحظ انفعالنا وتلك العاطفة البريئة التي فضحها البريق الذي لمع في عيوننا، فأحضر كرسيين ووضعهما أمام مدخل دكانه وقال:

- اجلسا واستمعا للأغنية، حصة الفراغ ما زالت في بدايتها، أليس كذلك؟

لبّينا طلب الرجل الطيب، وجلسنا نستمع للأغنية ونحلق بخيالنا مع المطرب وصوته الشجيّ الى عوالم الجمال والحب. لم أعرف كم من الوقت كان قد مضى على تحليقنا مع صوت حليم بعيدا عن أرض الواقع حين سمعت جهينة تسألني:

- أمعجبة أنتِ به؟

- أنا أعشقه. إنه حبيبي أنا، قبل أن يكون حبيبكِ. قلت.

ابتسمت جهينة، وضحكتُ أنا. ومع انتهاء الأغنية، غادرنا المكان ونحن نردد لحن وكلمات أغنية العندليب الأسمر، الخالد بفنه والمتفرد برهافة إحساسه:

بتلوموني ليه، بتلوموني ليه

لو شفتم عينيه، حلوين قد إيه

لو شفتم عينيه، حلوين قد إيه

حتقولوا انشغالي، وسُهد الليالي،

مش كثير عليه، ليه بتلوموني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف