الأخبار
قرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المعادلة الفلسطينية المستعصية بقلم:واسيني الأعرج

تاريخ النشر : 2020-10-13
المعادلة الفلسطينية المستعصية
 واسيني الأعرج

تشكل المعادلة الفلسطينية أسّ كل الاحتمالات، بلغة الرياضيين. لا يمكننا أن نتصور حلاً عربياً إسرائيلياً خارجها، لأن السلام يأتي من هناك، حيث قضية الاحتلال والشراسة الإسرائيلية على أشدّها. يمكننا أن نجادل اليوم كثيراً حول العلاقات العربية الإسرائيلية، فهي في كل الأحوال حقيقة ميدانية، تتسع رقعتها كلما أصبح العــرب أشد ضعفاً. وهذه الحقيقة إما معلنة أو مضمرة، لكنها معروفة عند القاصي والداني، والمعني بها عربياً لا يرفضها من خلال التسريبات المفبركة في أغلبها، التي يقصد من ورائها اختبار ردة الفعل الشعبية هنا وهناك قبل الإقدام على أي توقيع.
تظل في الشعوب العربية، على الرغم من سياسات الإحباط والتيئيس، خامـــة حية وجمرة متقدة حول الحق الفلسطيني. هذه حقيقة موضوعية لا يمكن لأي نظام التغاضي عنها، بالخصوص في البلدان العربية التي تملك حركة اجتماعية ونقابية وبرلمانية قوية، وتجربة نضالية سابقة. هناك ما لا يقل عن عشر دول عربية إما لها سفارات أو مكاتب تجارية، أو استثمارات تحت مسميات مختلفة، في بلدانها. الحقيقة القاسية التي يجب إدراكها هي أن هذه العلاقات موجودة، وهو ما يسميه الغربيون بـ ريال بوليتيك real politique السياسية الواقعية، أي تقبل معطيات الواقع والتعاطي معها، مقابل مكسب ما، حتى ولو كان صغيراً.
السؤال الأكبر هو ماذا يقدم هذا التقارب الإسرائيلي العربي للشعوب العربية تحديداً باسم الريال بولتيك؟ السلام؟ أي سلام والمنطقة كلها تقف على برميل من البارود المدمر. هل خفف من عدوانية إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، الحجر الأساس لأي سلام؟ فقد اتضح مثلاً أن إسرائيل كانت هي المشرف على عسكرة منطقة سيناء، والإشراف على تدريب التيارات المتطرفة لإضعاف الدولة. ولا يخفي الكيان الصهيوني أطماعه بالنسبة للأردن في قضية الضفة الغربية وغور الأردن، التي تعتبر إسرائيل السيطرة عليها أمراً ضرورياً لمنع قيام دولة فلسطينية في المستقبل، وتدمير كل البنى التحتية في غزة وتحويلها إلى ميدان حي لتجاربه الأسلحة الفوسفورية المتطورة، واحتلال المزيد من الأراضي، وتدمير المساكن على أصحابها بالجرافات، والانقضاض على القدس وتحويطها بآلاف السكنات في إطار القدس الكبرى التي تغير المعادلة السكانية نهائياً، وضم هضبة الجولان نهائياً، وتجويع الشعب الفلسطيني، والمزيد من المستوطنات، والبدء في ضم أجزاء كبيرة من القدس دون الحديث عن الاستيلاء على منابع المياه في المنطقة العربية (نهر الأردن، مزارع شبعا، بحيرة طبريا…).
لم تحترم إسرائيل حتى ما وقعت هي عليه في اتفاقيات أوسلو التي كانت وبالاً على المقاومة الفلسطينية؟ أي سلام؟ الأخطر من ذلك كله، هو إضعاف العرب وتقسيمهم، للتمكن من الإجهاز عليهم… تسميم العلاقات العربية-العربية، وقتل كل مبادرات السلام الممكنة بما فيها مبادرة السلام العربية التي تم الإعلان عنها في قمة بيروت 2002، أطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل، وقد نالت وفاقاً عربياً عاماً. للأسف، حتى هذه المبادرة، على علاتها، تخلى عنها العرب قبل غيرهم. وكيفما كان تفسيرنا للوقائع التاريخية، فقد أصبح العرب اليوم بعيدين جداً عن يد عرفات التي امتدت لإسحاق رابين ولشمعون بيرس المتردد في مد يده (وهي ذات دلالة رمزية تظهر أنه يقبل بذلك على مضض). أصبحنا اليوم بعيدين أكثر عن تلك الصورة التي جعلت إيهود باراك يتخلف ليفسح المجال لياسر عرفات للدخول، ثم يتناوشان حول من هو الأكثر لباقة، كما يحدث عادة بين صديقين؟ حتى حل الدولتين لم يعد وارداً لا بالنسبة لإسرائيل ولا بالنسبة لأمريكا، ولا حتى بالنسبة للعرب. قبل الفلسطيني بشبه دولة صغيرة وبكل التمزقات ليمنح لشعبه أمل السلام، ولكن الوهم كان كبيراً في ظل كيان متغطرس لا يؤمن إلا بالقوة. قوة الانتفاضة هي التي جعلته يقبل التحاور، والضعف العربي اليوم هو الذي جعله ينقض على الفلسطينيين وما تبقى من الضفة الغربية.
ما الذي حدث طوال هذه المدة التي جعلت إسرائيل تزداد ضراوة؟ فقد تم تحطيم كل التوازنات العسكرية ليخلو لها الجو نهائياً، فقد تم تدمير العراق كدولة، وكقوة عسكرية، وانتهب حربا الخليج المرتبة ترتيباً أمريكياً إسرائيلياً بمحو العراق كقوة توازن، لتلحق بها سوريا التي كان الدور العربي فيها حاسماً في ربح معركة تفكيك سوريا وتمزيق أوصالها. كسر العرب أنفسهم بأنفسهم بتمويل الحروب التي لم تطلق إسرائيل فيها رصاصة واحدة. وأغرقت مصر في حروب سيناء البينية، والإخوان، لدرجة الانهاك. وليس سد النهضة إلا الفصل الصغير من مخطط جهنمي قادم يجعل التبعية لإسرائيل مسألة حيوية. ويجري الآن العمل على الحد من دور قناة السويس تجارياً وفتح قنوات أخرى تكون هي البديل. هناك خرائط جديدة يتم ترسيمها بمساعدة اليد العربية نفسها.
ماذا بقي اليوم في المنطقة ما يجعل الحروب متكافئة؟ لا شيء تقريباً. العامل البشري (300 مليون مقابل 09 ملايين) لا قيمة له، الحاسم في هذه الحروب هو العامل التكنولوجي والطيران الاستهدافي الذي استباح السماء العربية في ظل غياب أي ردة فعل. وبهذه الاتفاقيات السرية أو المعلنة، تمّ تعرية فلسطين من أي سند عربي، وأصبح بإمكان الكيان الصهيوني أن يتقدم خطوة أخرى إلى الأمام لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، حلم اليمين الديني المتطرف، والليكود الصهيوني: استعادة القدس، كل القدس، وإنهاء فكرتي الشرقية الغربية، لأنها رمزياً تعني الكثير للعرب وللمسلمين الصامتين أمام مشهدية درامية يراد من خلالها إدخال الفلسطيني في حالة اليأس الكلي والقبول بأي حل. لكن الذي تتناساه إسرائيل هو أن اليأس يمكن أن تتولد عنه حلول أخرى، أقلها الصراع المسلح، وعودة المقاومة والانتفاضات، على الرغم من أن كل شيء يبدو اليوم مغلقاً، لكن سيأتي جيل له وجهة نظره في مستقبل الوطن المسروق. تخطئ إسرائيل إذ تظن أن شعبها سيعيش في أمان، في ظل آلة القهر والموت ضد الفلسطيني المعني الأول والأخير بقضية السلام. لن تعيش الأجيال القادمة أي سلام، في ظل وضع شديد الخطورة مثلما هو عليه اليوم، حيث التوازنات الدولية، على الرغم من اختلالها القطبي، عادت من جديد إلى إفراز تحالفات غير مسبوقة، قد تكون مؤثرة بشكل كبير على الوقائع والأحداث والخرائط. إسرائيل التي تعاني من أزمات بنيوية وهيكلية واقتصادية، ترى في المال العربي حلاً لبعض معضلاتها.
السؤال البراغماتي الذي انطلقنا منه وننتهي إليه: ماذا استفاد العرب من هذه التقاربات المعلنة والمضمرة؟ لا شيء. مع أنه يمكن للعرب، في حالة مثل هذه، ولو من باب المناورة، التوجه نحو الصين، أو روسيا، أو الهند، لكن ذلك كله مسألة أخرى أكثر تعقيداً.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف