الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار مع الفنّانة سناء عدنان الطّفيلي

تاريخ النشر : 2020-10-06
الفنّانة سناء عدنان الطّفيلي
ترسم شخصَيّتها من خلال إبداعاتها الفنّيّة

حوار الدكتور حسين أحمد سليم
باحث ومهندس فنان تشكيلي عربي من لبنان

الولوج إلى عالم الفنّ التّشكيلي يحمل الفرد على جناحٍ أثيريّ شفيف, تتماهى حوله الألوان في منظومة الأطياف, وتحيط به النّقاط والخطوط والأشكال, في مصطلحات ومختصرات وطلاسم في بعض الأحيان, تتطلّب التّفكّر العميق لسبر أغوار البعد الآخر للوحة فنّيّة تشكيليّة ما, نتاج فنّان يعيش الفنّ بكلّ ما للكلمة من معنى...

سناء عدنان الطّفيلي القادمة من قرية بقاعيّة بعلبكيّة لبنانيّة عريقة , أنثى وقفت مقاومة في وجه العادات والتقاليد الموروثة والتي أكل الدهر عليها وشرب, وشاءت في مكنونها الدّاخلي كأنثى, أن تمتطي صهوة الإبحار في عالم الفنون التّشكيليّة, تمتشق الرّيشة تداعبها بيد حانية الأنامل, وتمسّد الألوان بأنامل يد أخرى ناعمة الملامس, لتنمنم لوحاتها الضّاجّة بالثّورة والرّفض, تتماهى فيها الألوان المشتعلة بالأحمر ومشتقّاته, إلى جانب اللون الأسود الحزين الذي يعكس في بعده الرّفض أيضا والثّورة على الواقع الأليم...

حملنا أنفسنا نرود عالم الفنانة التشكيلية سناء عدنان الطفيلي الفنّي, لترفل أبصارنا ونحن نكحّلها بالجماليات التي نمنمتها أنامل هذه الفنّانة الشّابّة, نحاول سبر الأبعاد التي طلسمتها بمصطلحاتٍ تتطلب التّفكّر بعمق, لفك قيود الأبواب الفنّيّة وريادة كنه اللوحة وقراءة ما يجول ويعتلج في أحاسيس ومشاعر هذه الفنانة الشّابّة سناء عدنان الطفيلي...

في مشغلها الفنّي المليء باللوحات الجميلة الصّارخة باللون الأحمر, وبين العديد من الفراشي المغمّسة بالألوان, والأنابيب الملقاة هنا وهناك تنزف بالألوان في عمليّة ثورة أخرى, قبل أن تنتقل إلى أمكنتها في اللوحة التي تتماهى بعناصرها, وأنامل الفنانة سناء عدنان الطفيلي تعزف ألحانها الفنّيّة, بواسطة شعيرات الرّيشة على أطياف الألوان...

مع الفنّانة الصّاعدة, الثّائرة الرّافضة بألوانها وخطوطها, كان لنا هذا الحوار الفني التشكيلي التالي...

* قناعة فنّيّة ذاتيّة, كيف تسمين تعريفك للآخرين؟

ولدتُ من رحم النّقطة الفنّيّة, كينونة أخرى رحمة ومودّة من الباري, تحمل في كنهها معالم مشهديّات فنّيّة, تعتلج في خفاياي الدّفينة, فإذا الرّيشة تهتزّ بين أناملي النّحيلة, تعزف لحنا آخر على أطياف الألوان, فكانت صيرورتي حالة تتمحور متسامتة بين اللون والنّقطة والشّكل, لأخوض غمار التّشكيل في لوحات تحكي سيرتي, وتسمني بالطّابع الفنّي في هذا الوجود.

* لزمن ما تمارسين اللعبة الفنّيّة, ماذا تراءى لكِ من خلال هذه الممارسة؟

منذ حلمتُ برؤى الخواطر الفنّيّة في البعد الخيالي, ولجت مبحرة في كنه الألوان, أخلطُ وأمزج في عمليّة خلق لون جديد يعبّر عمّا يعتلجُ في دواخلي, ويحاكيني تخاطرا في البعد بفلسفة خاصّة, فأجسّد على القماشة البيضاء رؤى حلمي المرتجى, الذي يحاكيني وأحاكيه في البعد.

* ردحا زمنيّا مضى على ولوجوك عالم الرّسم, هل تبلورت شخصيّتكِ في هذا العالم ؟

عالم الفنّ عالم واسع ويتّسع يوما بعد يوم, عالم فنّي فلسفي يستطيع المرء أن يبدع في أرجائه, من خلال التّزاوج بين الألوان والخطوط والأشكال, فيجسّد شخصيّته في هذه المحاكاة, لهذا فقد وجدتُ شخصيّتي في عالم الفنّ, فأبحرتُ في هذا العالم أخوض في عبابه, أغامر في متاهاته.

* التّشكيل خليط من المدارس والإتّجاهات, ما هي رؤيتكِ لهذه المنظومة؟
المدارس الفنّيّة كثيرة ولكلّ منهاجها ومقوّماتها, إطّلعتُ على هذه المدارس جميعا, وقمت بالعديد من التّجارب وفق متطلّبتها, ولكنّني وجدتُ نفسي في المدرسة الإنطباعية, فحزمتُ أمري وولجتُ عالم الفن الواقعي من منطلق قناعتي الخاصة, ورحتُ أتفكّر بكنه الأشياء في هذه الكينونة, وأحاول تجسيد ما أتفكّر به وفق مصطلحاتي الخاصّة.

* بين التّقليد والتّجديد أين تتلمّسين وجوديّتك الفنّيّة؟

التّقليد لا بدّ منه بداية كمرحلة أولى في تجارب الفنّان, ولكن لا بدّ من الإنتقال لاحقا إلى مرحلة الخلق والإبداع, لترسيخ شخصيّة الفنّان في مدرسة خاصّة تسمه وتعرّف عنه الآخرين.

* بوحكِ الفنّي عناصر من الطّلاسم تتربّع في مشهديّة اللوحة, هل هي لغة خاصّة بكِ تحمل أسراركِ الدّفينة؟

العناصر الطّلسميّة التي تتراءى في مشهديّات لوحاتي, هي حروفيّات لغتي الفنّيّة التي ترتكز في قوامها على إبداع الخالق لهذا الوجود, الذي يشغل العمود الفقري بينها, أبوح من خلالها بما يراودني وأشعر به كإنسانة مخلوقة أولا, وكأنثى أعتبر نفسي نصف هذه الحياة, ولي الدّور الأبرز في إستمراريتها كوني أحلم بالأمومة.

* ألوانكِ ذات طّابع ناري ولوحتكِ تشتعل بالأحمر ومشتقّاته, هل تمارسين ثورة الرّفض على واقع لم يفهمكِ حقيقة؟

اللون الأحمر هو جزء من شخصيّتي الرّافضة لكلّ شيء من حولي, وألواني الصّاخبة هي التّعبير الأصدق عمّا يجول في خواطري, ويضجّ في أعماقي ويتفاعل في نفسيّتي, وحتّى اللون الأسود الحزين هو جزء لا يتجزّأ من كينونتي الفنّيّة, وإلتصاقي بالألوان هذه هو نتاج التّجارب التي مررت بها عبر الأيّام, والتي أراها في عيون شريحة واسعة من أفراد المجتمع في مختلف البيئات.

* بين البدايات والحاضر مسارات حقب مليئة بالتّجارب, كيف تنظرين للأمس في يومكِ وماذا للغد؟

لكلّ لوحة من أعمالي حكاية تروي تجربتي في هذه الحياة, وما زلت في كلّ لوحة أحكي جزءا من حياتي بين الماضي والحاضر والمستقبل, فالتّجارب لا تنتهي ما دمنا على قيد الحياة, وسوف يكون لي العديد من المشهديّات التي تحكي تجاربي, عبر العديد من المدارس الفنّيّة, تمهيدا لإرساء شراعي الفنّي عند مدرستي الخاصّة.

* الأنوثة سمة طاغية في بعض أعمالكِ, هل هي تعبير فنّي عمّا يعتلج في أعماقكِ ومتنفّس للبوح بجماليّات الجسد؟

أعتمد المرأة مصطلحا في العديد من لوحاتي كونها أمّ الحياة, ولأنّها هي التي تحمل وتنجب الرّجال, وكونها جزءا كبيرا من العواطف التي تصنع شخصيّتها المجبولة بالحنين, وهو ما ينعكس غالبا في مظاهر ضعف أمام الرّجل, ورؤيتي لتفاصيل عناصر جسد المرأة, تنطلق من الجماليّات التي أسبغها الخالق على هذا الجسد, والذي هو الشّغل الشّاغل للرّجل على مرّ الأيّام, لذلك فعنصر المرأة في لوحاتي هو الأساس في تكوين اللوحة, وهذا ليس إنتقاصا من قيمة الرّجل أبدا بل توكيدا له من خلال المرأة التي تشغل أهم معالم العلاقات, الأم والأخت والزّوجة والصّديقة والحبيبة ...

* تشكيلات ترميزيّة تتراءى في مشهديّاتكِ, هل تحاولين خلق منظومة جديدة تدلّ عليكِ؟

جميع الأساليب التي إتّبعتها في نمنمة أعمالي الفنّيّة, ورغم تعدّديّتها ليست الأسلوب النّهائي لنتاجاتي, وما هي إلاّ محاولات متلاحقة للتّجريب وصولا للأسلوب الأفضل, فهناك طبعا أسلوبا خاصّا لي سوف أعتمده مجرّد صقل موهبتي ونضجها بالشّكل النّهائي, وسوف تتكرّر منظومة مصطلحاتي الخاصّة والتي أعتمد فيها على جسديّ الرّجل والمرأة, كون هذين العنصرين أساسيّين في أعمالي الفنّيّة.

* ما قبل أوغل الكثير في متاهات الفلسفة الفنّيّة تجريدا وتكعيبا وسورياليّة, ماذا يراودكِ في هذه الأبعاد والمتاهات؟

أنا أقوم بتجاربي من خلال العديد من المدارس الفنّيّة, وغالبا ما أمزج في عملي الواحد بين عدّة مدارس فلسفيّة, تعتمد التّجريد والتّكعيب والسّورياليّة القديمة والحديثة, ولكنّ ميولي منذ بداياتي هي للتّجريد بلا منازع, وكلّ أعمالي مهما تنوعّت مدارسها تصبّ في المحصّلة النّهائيّة في فلسفة التّجريد.

* اللوحة تعبير عن الذّات, هل تحقّقين المصداقيّة الشّفيفة بترجمة أحاسيسكِ الدّفينة في خطوطكِ وألوانكِ؟

منذ ولجت عالم الفنّ التّشكيلي رسما إعتمدتُ ترجمة أحاسيسي بمصداقيّة شفيفيّة, لأنّ الفنّان تكمن مصداقيّته في مدى مصداقيّة بوحه من خلال مصطلحاته الفنّيّة, كونه شفيف المشاعر يتأثّر بكلّ شيء وإلاّ لا يكون فنّانا, وكوني فنّانة فأنا أجسّد ما أشعر به من خلال نتاجاتي الفنّيّة, وأرسم ما أتحسّس به في دواخلي وأترجم مشاعري من خلال منظومة الألوان والنقط والأشكال التي أصنع منها إبداعاتي الفنّيّة.
* الإبداع حالة التّخاطر مع البعد الآخر, كيف تتم المحاكاة بين الرّؤى المرتجاة وخواطركِ الفنّيّة؟

الحالة الفنّيّة هي حالة تواصليّة بيني وبين النّاس, ترمز لي حقيقة واضحة أسعى في ركابها, طامحة بأن يفهمها المشاهد والمتابع لأعمالي, وذلك فور رؤيته لها في صالات العرض, ويكمن السّرّ في لوحاتي في تلك العناصر الطلسميّة, والتي أترك للمشاهد فكّ رموزها عند لقائه بها عبر مشهديّاتي الفنّيّة.

* يتأرجح الفنّان بين الكمّ والنّوع في حركة المعارض, كيف تتعاملين مع هذا الصّراع إثباتا لقناعاتكِ؟

طبعا ما يعنيني هو النّوع وإن كنتُ مقلّة في الكمّ, وغالبا ما أتريّث في ترجمة أحاسيسي في لوحة, رغم كلّ السّيل الجارف الذي يتناهى لي من البعد عبر الخيال, أترجم مشاعري وأعيد النّظر مرارا وتكرارا فيما أترجم, حتّى تأتي ترجماتي للبوح متكاملة إلى حدّ ما, وليس التّقييم النّاجح للفنّان في الكمّ بل في النّوع, فكم من كمّ أفشل الفنّان وكم عمل أحاديّ رفع الفنان إلى عالم الإبداع وأشهره بين النّاس.

* رؤى الفنّان أحلام عذاب تراود خيالاته, كيف توفقين بين المرتجى والواقع من خلال التّكوين الفنّي؟

رؤاي هي ما يحاكي خيالاتي, والفنّ عندي هو رسالة تكليفيّة وليست تشريفيّة فقط, والفنّ هو رسالة تربويّة لأفراد المجتمع, وعلى الفنّان التّعامل مع الفنّ بدراية ودقّة, لأن اللوحة الفنّيّة هي صورة تعبّر أفضل تعبير عن المضمون والهدف, في الوقت الذي لا يمكن للكلمة التّعبير بنفس العمق.

* التّقنيّة الفنّيّة والثّقافة الفنّيّة جناحا الفنّان يحلّق بهما أكثر, كيف تفسّرين هذه المقولة؟

من التّقنيّة ينطلق الفنّان إلى عالم الإبداع والتّشكيل الفنّي, وتزداد التّقنيّة إبداعا كلّما إزدادت ثقافة الفنّان, فإذا ما تفاعلت التّقنيّة مع الثّقافة في نفسيّة الفنان تسنّم ذرى النّجاح وبرز في المجتمع.

* فعل الإبداع نتيجة إضطراب أو معاناة, هل حقّا يولد الإبداع من أتونات الإضطرابات وكيف؟

دائما الإبداع يتفتّق من قلب المعاناة, وكم من أفراد توفّرت لهم كلّ الإمكانيات ولكنّهم لم يبدعو, وكم من أفراد لم تتوفر لهم إمكانياتهم المطلوبة ولكنّهم أبدعوا بكلّ ما للكلمة من معنى.

* شيء ما يراود الفنّان بعيدا عن الأضواء, ماذا يراودكِ في البعد الفنّي؟

الإستمرار في الحياة من خلال أعمالي, التي أريد لها أن تدخل عقول النّاس من خلال بصرهم إلى بصيرتهم, لتبقى ترفل لها الأبصار والبصائر, وتبقى ذكرى تحكي سيرتي بعد موت جسدي الفاني.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف