الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل انحرف شبابنا؟ بقلم:فضل سليمان

تاريخ النشر : 2020-10-01
هل انحرف شبابنا ؟

جرائم متعددة، طوش وحرق بيوت، اعتداءات متكررة، قتل، هجوم عنيف من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، رفض صارخ لأي اختلاف بسيط....وغيره الكثير ، ما الذي يجرى ؟ وما الذي جرى؟ هل بدأت بنية مجتمعنا بالانهيار؟ هل فعلا وصل شبابنا الى مراحل بعيدة في الانحراف ولا مجال لاستعادة السلم الأهلي والمحبة والتكافل المطلوب؟

ما هي الأسباب لكل ما يجري؟ بداية علينا ان نحدد ماذا نعني بالانحراف السلوكي.

الانحراف لغة هو  "كل ابتعاد عن الخط المستقيم".. إلا أننا عندما نتحدث عن السلوك الاجتماعي النفسي لا يمكننا أن نطبق هذا التعريف بحذافيره نظرا لصعوبة تحديد ما يمكن أن نصطلح عليه بالخط المستقيم.

فمظاهر الانحرافات السلوكية تتعدد وتختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى نتيجة اختلاف المعايير والقوانين والثقافات ، فما قد يُعتبر انحرافا في أحد المجتمعات قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر.

إلا أن هناك مجموعة من السلوكيات التي لا يختلف مجتمع عن الآخر ولا تشريع عن غيره في اعتبارها انحرافا، على سبيل المثال لا الحصر السرقة والجريمة والإدمان والشذوذ الجنسي وما شابه ذلك من مظاهر.

ونحن نشهد ارتفاعا في معدلات السرقة والقتل والجرائم والادمان كاشكال من الانحرافات في فلسطين.. اليس كذلك؟

 ولكن ما هي أسباب الانحرافات السلوكية : بعض المدارس تقول ان الفرد يتعلم الانحراف كما يتعلم آخر السلوك الصحيح الذي يرتضيه المجتمع. ويستند اعتقاد هذه المدرسة على الفكرة القائلة بأن "مستوى الجرائم الحاصلة في مكان ما تبقى لسنوات عديدة مستقرة ضمن نسبتها المئوية".

أي أن الانحراف إذا ظهر في بيئة اجتماعية معينة فلابد له من الاستمرار في تلك البيئة، حيث يتعمق ذلك الانحراف في التركيبة الثقافية والاجتماعية لذلك المكان وينتقل الطابع الإنحرافي من فرد لآخر ثم من جيل لأخر دون أن يتغير الدافع الذي يؤدي إلى ارتكاب الجريمة لدى هؤلاء الأفراد، اذا لم يكن هناك تدخلا من المجتمع ومؤسساته لتقويم هذا الانحراف.

وبموجب هذه النظرية فإن هذا الطابع الإجرامي لمجموعة من الأفراد المنحرفين يساهم في اتساع دائرة الانحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد.

(( القهر والتسلط )) وترى مدرسة أخرى أن "الانحراف هو ظاهرة اجتماعية ناتجة عن القهر والتسلط الاجتماعي والنفسي الذي يمارسه بعض الأفراد تجاه البعض الآخر"، فالفقر مرتع خصب للجريمة، والفقراء يولدون ضغطا ضد التركيبة الاجتماعية للنظام مما يؤدي إلى انحراف الأفراد. بمعنى أن الفقر باعتباره انعكاسا صارخا لانعدام العدالة الاجتماعية بين الطبقات، يولد رفضا للقيم والأخلاق الاجتماعية التي تؤمن بها الشريحة الكبرى من المجتمع.  فإذا ما اختل توازن القيم الاجتماعية سادت حالة الفوضى والاضطراب وبرزت مظاهر الانحرافات السلوكية.... وللأسف تنظر النسبة الأكبر من أفراد مجتمعنا الفلسطيني الى ان مؤسساتنا تفتقر للعدالة الاجتماعية في إدارتها لشؤون الحياة والأفراد.

والانحراف هنا يعزى إلى عدم التوازن بين الهدف الذي يبتغيه الفرد في حياته والوسيلة التي يستخدمها لتحقيق ذلك الهدف في النظام الاجتماعي، فإذا كان الفارق بين الأهداف الطموحة والوسائل المشروعة التي يستخدمها الأفراد كبيرا، أصبح الاختلال الأخلاقي لسلوك الفرد أمرا واضحا، وقد جاءت جائحة كورونا لتعمق الفجوة بين الهدف والوسيلة، وتزيد الحياة صعوبة على الشباب.

((السيطرة وغياب العدالة)) آخرون يقولون ان "الانحراف عبارة عن ظاهرة ناتجة عن فشل السيطرة الاجتماعية على الأفراد"، حيث تطرح هذا السؤال: كيف لا ينحرف أفراد المجتمع وأمامهم كل هذه المغريات؟

وأن أصل سلوك الأفراد المعتدل في النظام الاجتماعي إنما ينشأ من سيطرة المجتمع عن طريق القانون والعقاب للمنحرفين، ولو ألغي القانون الهادف إلى تنظيم حياة الناس لما حصل هذا الاعتدال الاجتماعي في السلوك، ولانحرف أفراد المجتمع بسبب الرغبات والشهوات الشخصية.

والمقصود هنا ان غياب التطبيق الحقيقي العادل للقانون ، والسعي العادل لعقاب كل من تجاوز التشريعات والقوانين، يشجع الآخرين على الدخول في تجربة الانحراف والاعتماد على الفهلوة والقوة الشخصية والحلول الخاصة لحل ما يواجهونه من مشكلات وتعديات. وللأسف مرة أخرى ففي واقعنا نرى بأم أعيننا التهاون في الردع ، والإفلات من العقاب ، والتمييز في تطبيق القوانين التي تطال الفئات الهشة أكثر من الفئات الأكثر حظا.

(( الوصمة)) هناك مدارس أخرى ومحللين اجتماعيين ونفسيين يروا أن "الانحراف الاجتماعي ناتج عن نجاح مجموعة من الأفراد في الإشارة إلى أفراد آخرين بأنهم منحرفون"، كما ألصقت الطبقة الرأسمالية المسيطرة في أوربا مثلا فكرة (التخلف) بالأفارقة، وكرروها في وسائلهم الإعلامية أصبح الأفارقة متخلفين في المرآة الاجتماعية الأوربية. كما ينطبق على الصورة النمطية التي الصقها الأميركي الأبيض على الأمريكي من أصل إفريقي.

فعندما يتهم فرد بالانحراف علنيا، يتبدل الوضع النفسي والاجتماعي للمتهم تبدلا جذريا. فإذا ألصقت تهمة السرقة بشخص ما شعر بالإهانة والذل لأن الآثار المترتبة على انحرافه تعني إنزال العقوبات التي أقرها النظام الاجتماعي به، و افتضاح أمره أمام الناس،  انعكاس ذلك الافتضاح على معاملة بقية الأفراد له.

لذلك فإن هذه الصفات القاسية التي يستخدمها النظام ضد الفرد كصفة السرقة والزندقة والاحتيال وغيرها إنما وضعها في الواقع النظام الاجتماعي والسياسي وألصقها بهؤلاء الأفراد كوصمة. وعلى هذا الأساس يتصرف الفرد بقبوله التعريف الاجتماعي فيكون منحرفا، ولولا أن المجتمع لم يعترف بهذا الإلصاق لما أصبح المنحرف منحرفا.

((مقترحات لابد منها ))  من هنا ومن اجل التخفيف من تزايد انتشار الظواهر التي تدمينا وتخيفنا ، ومن اجل التخفيف من حالات الانحرافات السلوكية لدى شبابنا لابد من إجراء مجموعة من الخطوات أهمها:

تصحيح الأوضاع المعيشية ورفع مستوى دخل الأسرة. ومزيد من تدابير الاهتمام بالبيئات الفقيرة. واستعادة قيم العدالة الاجتماعية والسياسية والصحية والتعليمية و... والمساواة في التعامل الاجتماعي والاقتصادي والمدني من قبل الجهات التي تدير الشؤون العامة والمال العام.

تطبيق وإسقاط العقوبات بلا أي شكل من أشكال التمييز على متجاوزي التشريعات والقوانين . وإيجاد المراكز المتخصصة لإعادة تأهيل المنحرفين.

إعادة النظر في المناهج التربية والتنشئة التي يتبناها المربون سواء كانوا أبوين أو معلمين او غيره، ومحاولة التخلص من الأساليب القهرية.  وتعزيز دور الإرشاد النفسي والاجتماعي والمهني في المجتمع.

تعزيز الدوافع الأخلاقية والوعي الثقافي من خلال تكثيف الحملات الإعلامية سواء الرسمية أو الأهلية لمواجهة أخطار الانحراف.  وظجذب الشباب للعمل التطوعي لما له من آثار إيجابية في مجابهة الانحراف.

ربما في ظروفنا التي نعيش من الصعب المطالبة بتقليص حجم البطالة (رغم أهميته) ولكننا نستطيع المطالبة في الإنصاف بتوزيع الفرص والموارد المحدودة .

أخيرا يجب التأكيد على أهمية إدماج من دخلوا في خط الانحراف وقرروا الرجوع عن هذا الخط، بشكل سليم في المجتمع، وعدم التعامل معهم على أساس غير إنساني ( الوصمة).

وأخيرا كانت هذه جملة مقترحات ومحاولات اولية للإجابة على السؤال ( هل انحرف شبابنا؟)  لكنه باب يجب أن يفتح للنقاش وإبداء الآراء. .

فضل سليمان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف